شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
رواية

رواية "شمدين": مأساة الشعب اليزيدي وسبايا داعش

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الخميس 3 أغسطس 201711:50 ص
برزت في السنتين الأخيرتين عدة روايات تناولت تنظيم "داعش" الإرهابي روائياً، كان من بينها رواية "حبيبي داعشي" لهاجر عبد الصمد، و"على مائدة داعش" لزهراء عبد الله، و"أيام داعش" لمصطفى محمود عواض. كما برزت عدة روايات تناولت بالتحديد مأساة اليزيديين في العراق وما تعرضوا له من أهوال بعد دخول "داعش" إلى قراهم، كرواية "عذراء سنجار" للكاتب وارد بدر السالم، ورواية "شظايا فيروز" لنوزت شمدين، و"بنات خودا" لسمير فرحات. في روايته الأخيرة "شمدين" يتطرق العراقي "راسم قاسم" إلى الموضوع نفسه، فيحكي عن دخول داعش إلى قرى اليزيديين، واقتيادهم لخمسة آلاف امرأة شابة ضمّهم التنظيم إلى قوافل سباياه، واختطافهم لأكثر من عشرين ألف رجل لم يُعرف مصيرهم بعد. ستكون "شمدين" بطلة الرواية واحدة من تلك الشابات اللواتي تعرضن للسبي، وتمّ إرغامهن على ترك دينهن والدخول في دين الإسلام، ومن رفضت ذلك تمّت معاملتها كسبية فتعرضت للاغتصاب والبيع كالجواري. "دخل أمير الجماعة بوجهه الشاحب قائلاً: أيتها النسوة، لقد سبق أن تكلمت معكن عن مصيركن معنا فأنتن تتبعن ديانة الشرك بالله، لذلك نحن نخيّركن بين الزواج بالمجاهدين بعد إعلان إسلامكن لتكنّ زوجات صالحات مؤمنات، تؤدين الصلاة والصيام وتساعدن المجاهدين في قتالهم من خلال خدمتهم، ومع رفضكن لذلك فلقد اخترتن طريقاً آخر وهو أن تكنّ سبيات كما شرّع فقه دولة الخلافة وستقسمن على المجاهدين كجوارٍ وسرائر وملك يمين، يفعلون بكن ما يشاؤون دون أن تكون لكنّ أي حقوق". تصوّر الرواية أجواء الحياة في تلك القرى الوادعة التي يعيش فيها اليزيديون في منطقة جبل سنجار، وتضيء على معتقدات هذه الطائفة وطقوسها الدينية، فهم يقدسون "طاووس ملك" كبير الملائكة الذي اصطفاه الله لخدمته، وليس لديهم نبي إذ يعتقدون أن الله معروف دون وساطة، ولا يلعنون أي مخلوق خلقه الله حتى لو كان الشيطان لأن الله وحده له القدرة على اللعن.
"لقد اغتصبت مرات ومرات، باعوني في سوق الجواري مرات ومرات. أنا شمدين بنت زركار"
من سبية لدى داعش إلى امرأة منبوذة من محيطها، فمجتمعاتنا لا تغفر للمرأة فقدان عفتها حتى لو حصل ذلك بالقوة
هذه المعتقدات التي يؤمنون بها ستتحول وبالاً عليهم بعد اقتحام التنظيم الإرهابي لقراهم، إذ سيعتبرونهم كفاراً يعبدون الشيطان ولا يؤمنون بالأنبياء، ولن تجدي محاولات أحدٍ منهم تقريب أفكارهم التي يؤمنون بها لأفراد التنظيم، فيتعرضون لأسوأ أنواع الذل والقهر والهوان، وهم القوم البسطاء المسالمون الذين لم يؤذوا أحداً في حياتهم. تدور أحداث الرواية وفق خطين زمنيين مختلفين، الأول يحدث بعد عودة أهالي القرية إليها فيجدون "شمدين" جالسة قرب ركام بيتها، وهي في حالة صعبة، لا تتكلم ولا تبدي أي ردة فعل على أي شيء، وأما الخط الثاني فهو يروي ما حدث لـ"شمدين" ولغيرها من الفتيات منذ لحظة اقتيادهم سبايا وحتى اللحظة التي عادت فيها إلى قريتها وحيدة، فاقدة للنطق. "حاولت شمدين أن تستعيد بعضاً من أشيائها المفقودة أو بعض الرؤى التي كانت تختزنها في ذاكرتها عن هذا المكان الذي تجلس فيه الآن، لكنها فشلت لأنها لم تكن تمتلك أي ذاكرة أو رؤى تستطيع بها ترتيب أفكارها. كل الصور كانت ضبابية، وطنين مستمر لأجراس بعيدة مصحوبة بصراخ بعيد لا تميّز مصدره، فتلجأ إلى النوم، فهو الوسيلة الآمنة لطمس الآلام التي تتراءى لها باستمرار، ولا تريد العودة لبدء الأحداث ومجرياتها التي استمرت لأكثر من عامين". تناقش الرواية موضوعاً في غاية الأهمية، وهو موضوع لطالما اقتربت منه الرواية العربية: الشرف وارتباطه في المجتمعات الذكورية بجسد المرأة، فالمجتمع لا يغفر للمرأة أن تفقد عفتها حتى لو حصل ذلك بالقوة والإجبار، وستصبح منبوذة لا يمكن قبولها من قبل أفراد عائلتها. هكذا، تعاني المرأة من ظلم مضاعف، فهي إن نجت من براثن الغزاة ستعود لتعيش في مجتمع يرفضها وينظر إليها بطريقة مختلفة، ولن تجد من يقبل بها كزوجة. يجري الكاتب في أكثر من موضع من الرواية انتقالات زمنية في التاريخ، يشير فيها إلى أن المرأة دفعت ثمن الصراعات والحروب دوماً، وكانت هي الضحية الأولى في كل ما يحدث. ترد على ذهن "شمدين" بعد أن تسبى ذكريات من أزمنة سحيقة، ترى فيها نفسها تغتصب وتباع كالجواري، وأن ما يحدث معها الآن قد حدث من قبل آلاف المرات، "نعم هذه أيام مكررة في تاريخنا ولكننا لا نرى من البحر إلا سطحه الهادئ الوديع. إن تاريخنا وكل حروبنا ما هي إلا مثل هذه الأيام. كنت دائماً أنا الضحية، لقد اغتصبت مرات ومرات، باعوني في سوق الجواري مرات ومرات. أنا شمدين بنت زركار". راسم قاسم، كاتب وروائي عراقي. فاز بجائزة الطيب صالح عام 2015 عن مجموعته القصصية "دويّ على إيقاع متزن". وبجائزة المسابقة الإبداعية لدار الشؤون الثقافية العامة في بغداد 2013 عن روايته "آخر النهايات". الناشر: دار الساقي/ بيروت عدد الصفحات: 304 الطبعة الأولى: 2017 يمكن شراء الرواية من موقع الفرات.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image