شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
هل عاد القتل لأصحاب الشعر الطويل في العراق؟​

هل عاد القتل لأصحاب الشعر الطويل في العراق؟​

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 7 يوليو 201707:24 م

بعد يومين على اختفاء الشاب كرار نوشي، ابن الـ27 عاماً، في العاصمة العراقية بغداد، وُجِدت جثة لشخصٍ بشعر أشقر طويل في منطقة شارع فلسطين شرقي العاصمة بغداد، وكانت تظهر عليها آثار تعذيب وحشي.

كرار نوشي، صار هذا الإسم المرفق بصورة الجثة الهامدة، موضوعاً رئيسياً في حسابات العراقيين على مواقع التواصل الاجتماعي.

عُثر على جثة كرار وسط مكب نفايات في بغداد. أهله لم يعرفوا بخبر مقتله إلا بعد أن انتشرت صوره في مواقع التواصل الاجتماعي.

"من قتل إبني؟ ولدي ليس لديه أي عداء مع أحد"، تقول أم كرار وهي تضرب خدها أثناء لقائها مجموعة من الصحافيين.

يعمل نوشي ممثلاً مسرحياً، لكنه لم يحصل على شهادة في الفنون الجميلة، ولم يدرسها بالأساس. ينحدر من منطقة الحسينية شمالي العاصمة العراقية بغداد. كان له كاركتير مختلف عن بقية الناس، شعر طويل، واهتمام كبير بالأزياء، ما شجع الكثيرين على اعتبار أنه مثلي الجنس، وهي "التهمة" التي لاحقته ويُعتقد أنها شكلت ذريعة لقتله.

15972458_424337661230760_3012478183928812484_o15972458_424337661230760_3012478183928812484_o

جذور المشكلة

شهد العراق في سنوات سابقة حملات ممنهجة ضد المثليين، قادتها عصابات مُسلحة مستخدمةً أساليب قتل وحشية، كوضع رأس الضحية على الأرض وإسقاط صخرة كبيرة عليها، أو استخدام الصمغ ذات الجودة العالية في سد فتحة شرج من يعتقد أنه مثلي.

وفي عام 2012، بدأت ظاهرة ملاحقة شباب الإيمو. تعرض هؤلاء الشباب المتمردين في مظهرهم وسلوكهم لهجمة كبيرة وقُتل العشرات منهم على يد عصابات وجماعات مُسلحة. واعتبرت وزارة الداخلية العراقية حينها أن ظاهرة الإيمو تؤثر على المجتمع، ودعت الشباب إلى مراعاة الآداب العامة.

يتعرض الشباب المختلفون بمظهرهم عن السائد لحملات تشويه مختلفة، ويوصفون بأنهم "متشبهون بالغرب أو النساء". وقد راجت موجة الكراهية وخطاب العُنف ضد هؤلاء، حتى بدأت تضيق دائرة مشاركتهم في الفعاليات والنشاطات المجتمعية.

أحد أسباب مقتل نوشي يعود لعمليات الترويج التي لاحقته بأنه مرشح لإحدى مسابقات الجمال، ورغم نفيه ذلك في مقطع فيديو نشر على صفحته على فيسبوك، إلا أن هناك من أصر على إلصاق هذا الخبر به.

المعروف أن مسابقات ملك الجمال في العراق قد تُعرض القائمين عليها أو المرشحين إليها للخطر.

يقول علاء أبو داني، وهو مخرج مسرحي ومُدرب نوشي منذ عام 2012، لرصيف22 إن "كرار تعرض لتهديدات من جهات عدة، لكن الجهة التي تسببت بمقتله ظلت تلاحقه وأرسلت له الكثير من التهديدات".

يُضيف أبو داني: "عندما تلقى التهديدات، لم يكترث للأمر في بدايته، فهو اعتاد مثل هذه الرسائل. كانت الرسائل تُكتب له بنفس الصياغة ونفس الأسلوب، ولكنه لم يتمكن من معرفة الجهة التي كانت تهدده".

ينفي زميل ومُدرب كرار ترشح الأخير لمسابقات الجمال، ويقول: "في بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي تبحث عن الشهرة عبر التشهير بالآخرين، انتشر خبر أن كرار قد رُشح وشارك في مسابقات ملك جمال العراق وملك أناقة بغداد، إلا أنه كان ينبذ هذه المسابقات".

جريمة قتل كرار نوشي بسبب مظهره ليست حادثة منعزلة، تاريخ من التكفير والقتل بسبب الاختلاف يعود إلى الواجهة
بسبب شعره الذهبي الطويل واختلافه عن الآخرين تحول لجثة مشوهة مرمية في مكب للنفايات...

من يتحمل المسؤولية؟

قال المُتحدث باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن بالقول في تصريح مُقتضب لرصيف22 إن "وزير الداخلية قاسم الأعرجي أمر بفتح تحقيق خاص بقضية مقتل نوشي، والتحقيقات تجري بغية كشف ملابسات الحادثة".

يرى الباحث الاجتماعي سعيد كريم أن "هناك حركات وجماعات مُتطرفة تُحاول فرض قناعاتها وعقائدها على المجتمع العراقي بالقوة، فهم يرون في المُختلف عنهم كافراً أو زنديقاً أو ذا ميول جنسية مختلفة، ويحاولون البحث عن مخرج لما يُفكرون به لتنفيذ الحُكم".

ويقول لرصيف22: "في ظل انتشار السلاح في العراق وعدم وجود ضبط حقيقي، وفي ظل تفاقم خطاب الكراهية وازدياد الجماعات المُسلحة التي تتبنى أفكاراً مُتطرفة، يُمكننا القول إن الفترات المقبلة قد تشهد حوادث مشابهة لجريمة قتل كرار نوشي". مضيفاً: "ما حدث ليس غريباً على المُجتمع العراقي، فقبل سنوات ليست بالطويلة قُتل العشرات بسبب ميولهم الجنسية، واليوم بمُجرد اعتقاد أحدهم بأن كرار مثلي الجنس، عذبوه وقتلوه".

ينتقد بعض رجال الدين في خُطبهم الشباب الذين يصفونهم بالـ"متشبهين بالغرب". يقول رجل الدين علي الطالقاني مثلاً في مقطع فيديو: "لماذا يتشبه الشباب بالغرب”. ويوجه لهم الحديث قائلاً: “أنت إما معنا أو معهم. تسريحتك مثلهم، ولبسك مثلهم، في وقت هناك شبان يُقاتلون ضد الإرهاب".

ربط الطالقاني حرية الشباب بالملبس والاعتقاد، بـ"عدم إعجابهم بالله"، وهو خطاب قد يدفع الآلاف إلى تكفير كرار ومن يشببه بمظهره الخارجي.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image