40 شخصاً أعدمتهم إيران منذ بداية عامنا الحالي، 33 خلال أسبوع واحد فقط، وفق تقريرٍ لمنظمة العفو الدولية صدر منذ بضعة أيام. عمليات الإعدام في بلاد فارس تتصاعد بشكل ملحوظ ومقلق يجعل إيران تحتل المراتب الأولى في ممارسة هذه العقوبة التي ترفضها دول عدة حول العالم.
لربما تحاول السلطات الإيرانية اليوم إظهار وجهها الثاني الأكثر ديبلوماسية وعقلانية، ولكن عمليات الإعدام المتكاثرة في كواليسها تثبّتها في مكانتها التي لطالما احتلتها في منظور المجتمع الدولي.
تنظر منظمة العفو الدولية للأمر على أنه خطر يهدد الشعب الإيراني، معتبرةً أن على السلطات الإيرانية أن تبادر وبسرعة لاتخاذ إجراءات جدية لإلغاء عقوبة الإعدام. تتكتّم السلطات الإيرانية، بحسب المنظمة، على نصف عمليات الإعدام التي تقوم بها، إذ كانت قد اعترفت بـ21 عملية إعدام منذ بداية العام 2014، بينما أكدت مصادر موثوقة أن العدد الحقيقي يفوق ذلك الرقم بـ19 عملية إضافية، وأن أسبوع 9 يناير الحالي وحده حقّق رقماً يضاهي شهر يناير 2013 بأكمله.
تلك المشانق التفّت معظمها حول رقاب أشخاص أدينوا بتهم تتعلق بالمخدرات، وهي تهم لا تنظر لها المعايير الدولية على أنها أشد الجرائم خطورة، ولا يمكن مواجهتها بالتالي بالإعدام. لا تتماشى هذه الإعدامات مع التزامات إيران الدولية بأن تكفل لكل من يدان بتهمة جنائية الحق في استئناف الحكم الصادر بحقه. محاكم إيرانية تمنع المتهمين من الاتصال بمحاميهم في وقت تفرض عليهم حكم الإعدام، وبأغلب الأحيان دون إعلام عائلاتهم.
بحسب المنظمة، يتم في المرحلة الأولى إلقاء القبض على المشتبه به، ثم يجبر في المرحلة الثانية على القيام باعترافات متلفزة، ثم يتم إعدامه دون سابق إنذار. هذه هي الاستراتيجية التي غالباً ما تطبقها السلطات الإيرانية لمعاقبة المتهمين بعقوبات قصوى. في بادئ الأمر، يتعرض المتهمون للاعتقال لفترات طويلة قبل المحاكمة، وهو أمرٌ يخالف القوانين الإيرانية المعتمدة نفسها، ويأتي كبرهان على وجود تجاوزات تمارسها السلطات الإيرانية بحق شعبها.
الاعترافات المتلفزة إجراء شائع في إيران، إذ يرغم المشتبه به قبل بدء محاكمته، على الظهور على شاشة التلفزيون الوطني او المحلي للاعتراف بارتكابه جرائم قد تكون مزعومة، ثمّ تستخدم هذه الإعترافات كأدلة في المحكمة. تراجع العديد من المتهمين لاحقاً عن الإعترافات التي أجبروا على الإدلاء بها. يأتي ذلك بالإضافة إلى التعذيب الذي يلحق بالمتهمين في مرحلة التحقيق، بشكل سري بالتأكيد، لتتحول المحكمة بحد ذاتها، إلى أداة جريمة.
في تقرير منظمة العفو الدولية المتعلق بإحصاءات عقوبة الإعدام في العالم عام 2012، أتت إيران في المرتبة الثانية من ضمن أكبر منفذي الإعدام في العالم بعد الصين. عام من الإعدامات اعترفت خلاله السلطات بما لا يقل عن 314 حالة إعدام، بينما وصل العدد الحقيقي إلى 514 حالة. شهد العام 2013 أكثر من 470 حكم إعدام، وقسم كبير منها نُفذ بعد انتخاب الرئيس حسن روحاني في شهر يونيو. وهي مرحلة أشارت خلالها منظمة هيومن رايتس ووتش Human Rights Watch إلى حصول عمليات إعدام ذات دوافع سياسية تم تنفيذها بعد محاكمات معيبة، ودون سابق إنذار. مثال على ذلك، القرار بإعدام 16 شخصاً “مرتبطين بجماعات مناهضة للحكومة” في شهر أكتوبر الماضي انتقاماً لمقتل 14 فرداً من حرس الحدود بين إيران وباكستان في هجومٍ مسلح.
خلال 3 أعوام، نفذت إيران كذلك حكم الإعدام بحق 17 طفلاً دون سن الثامنة عشر، أي ثمانية أضعاف أية دولة أخرى في العالم. المنظمات الدولية كافة تحاول عاماً بعد عام ملاحقة تلك القضية الحساسة، مطالبةً دون جدوى السلطات بوقف تلك الأحكام.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...