"غلوتين فري من فضلكم"، بات طلباً ملحاً يتردد كثيراً أينما ذهبنا.
وقد يندهش السائلون إذا لم يلبي المطعم أو القهوة طلبهم، بل ويستهجنون خلو قائمة الطعام من خيارات لا تتضمن عدوّهم اللدود، الغلوتين، والذي يتعامل البعض معه على أنه السم بعينه، وأن من يتعاطونه يقبعون على ضفة "المتخلفين" غذائياً.
"يمكن القول إن تناول طعام خالٍ من الغلوتين تحول من ضرورة طبية إلى هوس سواء في الغرب أو في عالمنا العربي"، يقول بثقة شديدة طبيب التغذية طارق رضا لرصيف22.
وهو يرى أن الأمر تحول إلى تجارة، الهدف منها الكسب على حساب صحة الإنسان، عدا أن العديد من المحال والشركات صارت تروج للأطعمة الخالية من الغلوتين باعتبار أنها أفضل وسيلة لإنقاص الوزن.
"وطبعاً هذا كلام غير سليم"، يقول رضا لرصيف22.
ويؤكد تقرير حديث نشر في نيويورك تايمز أنه "خلافاً لما يعتقده الكثيرون، فإن اتباع الشخص نظاماً غذائياً خالياً من الغلوتين لا يعني بالضرورة أنه يسير على نظام صحي".
السيلاك: حساسية من الغلوتين
"يتكون الغلوتين من نوعين من البروتين، ويوجد في بذور الحبوب ما عدا الذرة والأرز، ولا يذوب في الماء"، يقول رضا. ويضيف أن لدى بعض الناس حساسية من الغلوتين، ويعود ذلك لمشكلة معقدة مرتبطة بالهضم، يطلق عليها مرض السيلياك، وتؤدي لعرقلة الهضم وبسببها تحدث صعوبة في امتصاص الجسم للمواد الغذائية. وتظهر دراسات عدة أن هناك شخصاً من كل مئة يعاني مرض السيلياك وهو مرض يصيب الرجال والنساء من كل الأعمار والأعراق. ويعد النظام الغذائي الخالي من الغلوتين العلاج الأمثل لمن يعانون من مرض السيلياك، وإلا فسيتعرضون لأعراض عدة منها الإسهال والانتفاخ والألم في البطن. وفي العام 2011 ظهر كتاب يحمل عنوان Wheat Belly من تأليف الطبيب الأمريكي وليام ديفيز، زعم فيه أن مادة الغلوتين غير صحية بصفة عامة، وهي سبب رئيس للإصابة بالبدانة. ورأى أن النظام الخالي من الغلوتين صحي ومفيد لأي شخص عادي. وقد حقق الكتاب نجاحاً كبيراً وتصدر قوائم المبيعات في الولايات المتحدة.هوس الطعام الخالي من الغلوتين: ضرورة صحية أم "فزلكة" وموضة العصر؟
الطعام الخالي من الغلوتين ليس مفيداً لمن لا يعانون من مرض السيلياك بل قد يؤدي لخطر الإصابة بأمراض القلب
ليس مفيداً للصحة
وتظهر دراسة حديثة نشرت على "بريتيش ميديكال جورنال" أن النظام الغذائي الخالي من الغلوتين ليس مفيداً للصحة لمن لا يعانون من مرض السيلياك كما تزعم الكتب والشركات، بل على العكس قد يؤدي على المدى الطويل لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. يعلق رضا أن بعض مؤلفي الكتب والشركات التي تنتج أطعمة خالية من الغلوتين يروجون لأفكار غير حقيقية حتى يحققوا مكاسب على حساب صحة الإنسان والعلم. ويضيف أن الحالة الوحيدة للتخلي عن الغلوتين في الغذاء هو وجود تشخيص طبي لمرض السيلياك، وبخلاف ذلك قد تكون هناك مخاطر طبية. وبحسب تقرير للنيويورك تايمز فإن الاعتماد على نظام غذائي خالٍ من الغلوتين قد يؤدي لزيادة مستوى الزرنيخ والزئبق في الدم. علماً أن التقرير اعتمد على دراسة نشرتها مجلة علم الأوبئة، وهو يؤكد أن تجنب الغلوتين من دون ضرورة طبية يعرض صاحبه لمضاعفات صحية، لأن دقيق الأرز يدخل بكثرة في الأطعمة الخالية من الغلوتين، وبه زرنيخ وزئبق ومعادن سامة أخرى بمعدلات عالية. "وبالنسبة لمرضى السيلياك، فإن الالتزام بنظام خالٍ من الغلوتين يحقق لهم عدة فوائد، منها تقليل كل من اضطرابات المعدة والإسهال والغازات والانتفاخ" يختم طارق رضا.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...