بعد ارتفاع وتيرة الصراع بين الأحزاب المدنية وبعض الشخصيات السياسية والرئيس الأسبق محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، ظهرت حركة تمرد التي لعبت دوراً رئيسياً في حشد الجماهير في 30 يونيو 2013 ضد جماعة الإخوان المسلمين والمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، ونجحت الحركة في إزاحة مرسي وجماعته عن الحكم.
ولكن مع عزل مرسي في 3 يوليو، قررت السلطة أخذ الحيطة والحذر لعدم تكرار المشهد نفسه معها، وارتأت استئصال المعارضة تدريجياً.
عمرو بدر... اتهامات بقلب نظام الحكم
ترأس عمرو بدر تحرير الموقع الإلكتروني لحركة تمرد منذ التأسيس في مايو 2013، وطالب بتطبيق أهداف ثورة 25 يناير في الموجة الثورية الثانية. لكن الآن يرى أن 30 يونيو تحوّلت إلى تعديل مسار ثورة 25 يناير إلى ثورة مضادة، وإعادة كل رموز نظام مبارك. يقول عضو مجلس نقابة الصحافيين المصريين ورئيس تحرير بوابة يناير الإخبارية لرصيف22 إن ما حدث بعد 30 يونيو ما هو إلا عودة إلى 24 يناير 2011 ومحو ثورة 25 يناير من التاريخ وارتداداً على مبادئها ورموزها. ويصف بدر ما حدث بعد ذلك مع الشخصيات السياسية بأنه ثورة مضادة محت النماذج التي ساندت الثورة، ويقول: "قدمت السلطة الفلول، أما كل مَن شارك في 30 يونيو وتمسك بأهداف ثورة 25 يناير التي تلخصت في هتاف (عيش، حرية، عدالة اجتماعية) فقد نكل بهم". أخيراً حجبت السلطة الموقع الذي يترأسه بدر "بوابة يناير الإخبارية" بعدما صنف كموقع مناهض لنظام الحكم. "كل الذين استفادوا من 30 يونيو هم مَن وافقوا على الثورة المضادة والردة على ثورة يناير، بما في ذلك الضحايا والشهداء الذين قدموا أرواحهم لها"، قال عمرو. كان لبدر مواقف معترضة على بعض ممارسات السلطة الحالية، ويعتقد أنه دفع ثمن هذه المعارضة. "أنا دفعت ثمن مواقفي التي أؤمن بها، وأهمها ما حدث في قضية الأرض (تظاهرة يوم 16 أبريل 2016 للاعتراض على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية) بعدما دعيت الناس لرفض الاتفاقية، ولهذا وجهت إلي تهمة محاولة قلب وتغيير دستور الدولة ونظامها الجمهوري والإضرار بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعى، وإذاعة أخبار وبيانات وشائعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام"، قال.
طارق الخولي... من المعارضة إلى البرلمان
شارك طارق الخولي في تأسيس حركة 6 أبريل-الجبهة الديمقراطية بعد الانشقاق عن الحركة الأم في أبريل 2011، وخاض الانتخابات البرلمانية عام 2012 لكن لم ينجح، وخلال هذه الفترة كان معارضاً لسلطة الإخوان وشارك بشكل مباشر في الحشد لتظاهرات 30 يونيو 2013.
بعد ذلك، شغل منصب مسؤول الشباب في الحملة الرسمية للرئيس عبد الفتاح السيسي إبان الانتخابات الرئاسية عام 2014، وترشح مرة أخرى في انتخابات البرلمان 2014 ونجح، ويشغل حالياً منصب أمين سر لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان.
يعتقد الخولي أن كيانات كثيرة من الرموز المشاركة في 30 يونيو 2013 لها دور فعال في الحياة السياسية الآن باختلاف التوجهات، ويقول لرصيف22: "جبهة الإنقاذ التي ساهمت في سقوط الإخوان تأسست في حزب الوفد، الذي له مقاعد في البرلمان الآن ويعارض، إضافة إلى حزب المصريين الأحرار".
"الأزمة الحقيقية منذ 25 يناير هي أن جميع الكيانات والرموز السياسية تتجمع خلال الفعل الثوري بسهولة، لكن تنقسم بعد ذلك، ويبتعد الكثيرون عن المشهد، وكل فرد أو كيان يكون له طريقة تناول مخالفة لرفيقه"، قال الخولي.
ولا يعتبر الخولي أن تفريق القوى السياسية والأشخاص وإبعادهم عن المشاركة السياسية أو المعارضة سببه تدخل النظام. برأيه "سلطة الحكم الحالية لا تستطيع أن تفرق مجموعة سياسية لديها إرادة أن تتحد، الجماعة السياسية في مصر انقسمت بعضها على بعض، دائماً متفرقة، والآفة الكبرى تجمعهم عند الفعل الثوري، والتفرق عند أول اختبار سياسي أو تدرج للحالة الثورية".
خلال السنوات الثلاث التي تلت سقوط الإخوان تعاملت السلطة الحاكمة بطريقة قمعية مع حركة تمرد و6 أبريل والتحالف الشعبي وغيرها من الكيانات الحاشدة لتظاهرات 30 يونيو. وكانت البداية بحظر نشاط حركة 6 أبريل ومن ثم القبض على قائدها أحمد ماهر، واستمر المشهد هكذا في إسقاط القوى الثورية واحدة تلو الأخرى.
ويرجع الخولي ذلك إلى أن تطور الأحداث السياسية جعل السلطة تتعامل بحسب المواقف الآنية مع كل شخص بحسب موقفه السياسي.
يمتلك الخولي رؤية للمشهد الحالي تختلف كثيراً عن رؤية كثيرين ممن شاركوا في 25 يناير و30 يونيو. "لا يمكننا تعميم الأوضاع في مصر، بالقول إن مَن هم مع السلطة يعيشون في النعيم ومَن يعارضونها يعيشون في الجحيم. الوضع ليس كذلك"، يقول ويتابع: "كل شخص له وضع خاص لدى الدولة".
عمرو بدر، إسراء عبد الفتاح، طارق الخولي وغيرهم... أين هم اليوم بعد 4 سنوات على #30_يونيو
"خدعنا واضحك علينا"... هذا ما يقوله أحد صانعي #30_يونيو
إسراء عبد الفتاح... سجن دون أسوار
بسبب ضغوط وجهت إلى إسراء عبد الفتاح في الفترة التي تلت 30 يونيو، اضطرت إلى تقديم استقالتها من منصب نائب رئيس مجلس إدارة المعهد المصري الديمقراطي، في يونيو 2014، واعتزلت العمل المجتمعي مؤقتاً. كما مُنعت إسراء من السفر إلى خارج البلاد منذ ديسمبر 2014 حتى الآن بعد إدراج اسمها في قضية عرفت إعلامياً بالتمويل الأجنبي، وهو ما اعتبرته "انتقاماً" بسبب مواقفها السياسية بداية والعمل في التوعية السياسية. تقول إسراء عبد الفتاح لرصيف22: "النظام ينتقم مني ومن كل الشخصيات المؤثرة منذ ثورة 25 يناير. السلطة لا تقدر على حبسنا فتلجأ إلى سبُل أُخرى، مثل المنع من السفر أو التشويه في الإعلام ليلاً ونهاراً، واتهام البعض بالخيانة، وحجب المواقع الصحافية". تعتبر عبد الفتاح أن الدولة تسعى بكل الأدوات التي تملكها إلى التخلص من مؤسسي 30 يونيو، وتقول: "الانتقام الذي وجه إلي يعتبر الأقل مقارنة بالحبس والتنكيل برموز المعارضة، مثلما حدث مع أحمد ماهر وعلاء عبد الفتاح". برأيها، يسعى مركز القوى في الدولة إلى تفريغ الساحة من رموز المعارضة حتى لا يكون إلا هو في المشهد أمام الشعب، وتقول: "النظام يرفض سماع أي صوت ناقم عليه، يرفض وصول أفكار المعارضة إلى البسطاء والعامة حتى لا تزيد دائرة الوعي أكثر فأكثر، وتكبر دائرة معارضيه. يسعى إلى جعل مصر دولة الصوت الواحد".
محمد حامد... السجن بسبب منشور إلكتروني
ظهر بعد 30 يونيو تحالف باسم "تحالف 30 يونيو" يجمع كل الأحزاب والشخصيات المدنية لنشر أفكار وأهداف 25 يناير و30 يونيو بين الناس، بداية من حمدين صباحي وحزب الكرامة، مروراً بحزب الدستور والتحالف الاشتراكي وحزب المصري الديمقراطي. شارك محمد حامد المسؤول الإعلامي السابق بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي بالإسكندرية بصورة واضحة في الحشد لتظاهرات 30 يونيو، وكانت الأجواء كافة ممهدة للتواصل مع الشارع. يقول حامد لرصيف22: "المناخ السياسي حينها كان مفتوحاً لممارسة أي عمل سياسي بسبب عدم تدخل الجهات الأمنية بين النشطاء والمواطنين". خلال التجهيز لتظاهرات 30 يونيو كان حامد يسعى جاهداً لحث المواطنين وباقي الرموز على تأييد حركة تمرد في الانتفاضة الثورية ضد الإخوان. ويقول: "30 يونيو كانت حلماً بوطن يتمتع بالحرية والعدل والمساواة ولكنه تحول إلى كابوس بعدما شاهدنا دور أجهزة الأمن في مطاردة الأحزاب والنشطاء كافة". مصير حامد اختلف بعد 2014، وجهت له تهمة إساءة استخدام شبكة الإنترنت، بعد الانتقادات التي دونها على صفحته الشخصية على فيسبوك، وحكم عليه بالسجن لمدة عام واحد مع الشغل بالإضافة إلى غرامة مالية.
حازم عبد العظيم... من التأييد إلى التخوين
الدكتور حازم عبد العظيم الأستاذ المساعد في جامعة القاهرة كان مرشحاً عدة مرات لمناصب مهمة في الدولة، خاصةً بعد 30 يونيو 2013 وعمله في حشد الشعب عبر منصات التواصل الاجتماعي، وظهر هذا جلياً بعد انضمامه إلى حملة عبد الفتاح السيسي الرئاسية في 2014. لكن الوضع تغير عندما انتقد بعض قرارات وسياسات النظام. يقول حازم عبد العظيم لرصيف22 أن مركز الحكم يتعامل مع الجميع من منطلق "يجب أن تؤيد كل قرارات السلطة لتفادي التنكيل والتشويه، أما إذا فكرت في أن يكون لك رأي مخالف فستسجن أو تخوّن". عبد العظيم ممنوع من الظهور الإعلامي على الفضائيات المصرية بصورة غير رسمية لانتقاده للسلطة بشكل واضح على حسابه الرسمي على تويتر. يقول: "الإعلام أداة السلطة في التصفية المعنوية لبعض الشخصيات المعارضة أو التي تتمسك بمبادئ وأهداف الثورة". لا يرى عبد العظيم أن هناك حياة سياسية في ظل اضطهاد المعارضة، فـ"قيادات الأحزاب بيتقبض عليها والشباب في السجن، مصر لا يوجد بها حياة سياسية". "دفعت مقابل آرائي الكاشفة لعورات السلطة معنوياً ومادياً وعملياً. تم استبعادي من إحدى الشركات الكبرى، ومعنوياً حدث تشويه لمواقفي من جانب إعلاميين ولجان إلكترونية تشن حملات تحريض ضدي"، قال عبد العظيم مضيفاً أنه كان موعوداً بتولي لجنة الشباب في البرلمان عام 2015 قبل أن يقرر الانسحاب من الانتخابات. ويعتقد أن ما حدث بعد 30 يونيو يعد "خداعاً من جانب السلطة العسكرية"، ويقول: "خدعنا واضحك علينا".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين