شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
رواية

رواية "دحّان": حكاية موريتانية عن علاقة العرب بأمريكا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الخميس 29 يونيو 201702:25 م
يقدّم الكاتب الموريتاني محمد ولد محمد سالم في روايته الأخيرة "دحّان" صورة عن المجتمع الموريتاني والعادات والتقاليد التي تحكمه، وطبيعة العلاقات الاجتماعية التي تنشأ فيه، من خلال حكاية شاب يعاني ما يعانيه مجايلوه من مشاكل تتعلق بالفقر والبطالة والفساد. فالبطل عبد الرحمن الملقّب بـ"دحّان" ينتمي إلى طبقة فقيرة من المجتمع، يحلم بالدراسة في الخارج، ولذا فإنه يتفوق في دراسته الجامعية، طامحاً بالحصول على منحة، غير أن الفساد يقف في وجه طموحاته وأحلامه، إذ يفاجأ بعد صدور النتائج النهائية بأن اثنين من زملائه حصلا على المراتب الأولى بسبب قرابتهما من أحد الأساتذة الواصلين في الجامعة. "أصابه الغمّ، ودارت به الأرض.. كان مستوى هذين الطالبين متواضعاً في السنوات الثلاث السابقة، لكنهما منذ بداية تلك السنة أخذا يحصدان نقاطاً مرتفعة، ولم يكن خافياً على الطلاب أن أستاذ النظم وراء ذلك الصعود، فهو قريبهما، وكانت تلك أول سنة يدرّس فيها ذلك الأستاذ فصل عبد الرحمن، وعادة ما تكون الرتبتان الأولى والثانية محل منافسة شديدة في السنة الأخيرة، لأن الوزارة تمنح صاحبيهما منحة إلى الخارج لمتابعة الدراسة العليا، ولم يتوانَ لذلك الأستاذ على أن يرفع قريبيه إلى رأس اللائحة، مستعيناً ببعض أصدقائه من أساتذة المواد الأخرى". هكذا، يصاب دحّان بأولى إحباطاته التي ستتوالى بعد أن يدخل معترك الحياة، فالحصول على عمل ليس سهلاً في بلدٍ يعاني من البطالة، وحتى إن وجد عملاً فإن الفساد المستشري في جميع مفاصل المؤسسات والشركات يجعله غير قادر على الاستمرار، ورفضه لأي تزوير أو غش يجعله يفقد أي عملٍ يتوظّف فيه. ترصد الرواية بشكلٍ خاص المجتمع الموريتانيّ الفقير، الذي يعيش في بيوت على أطراف العاصمة "نواكشوط"، والمعاناة التي يعانيها هؤلاء الناس المهمّشين، والعادات والتقاليد التي يؤمنون بها بسبب الثقافة التقليدية التي حصلوا عليها، والتي ساهمت في تكوينهم، وفي رسم ملامح الكبرياء الذي يتمتعون به، رغم كل الانكسارات والأحلام المجهضة. يقارب الكاتب موضوع العلاقة الشائكة بين "شعوب العالم الثالث" والشعوب المتقدمة، فيناقش موضوعات الصراع بين الشرق والغرب، والاستعمار، والإمبريالية، وغيرها من الأفكار التي تجول في ذهن بطله دحمان بعد أن يلتحق بدورة لتعلّم اللغة الإنكليزية.
وعدته هيلين بمنحة دراسية في أمريكا وأرسلت الأوراق اللازمة لذلك. كان قريباً جداً من الحصول عليها ولكن...
يقع دحمان في علاقة مربكة مع المدرسة هيلين، فهي تمثل له رمز أمريكا بكل جبروتها، ولكنه يقع في غرامها
يقع دحمان في علاقة مربكة وغير مفهومة مع المدرّسة هيلين، فهي من جهة تمثّل له رمز أمريكا التي بينها وبين الدول العربية تاريخ طويل من المشكلات، ومن جهة أخرى فإنه يقع في غرامها ويفسر تصرفاتها على أنها تحبه (دون أن نعرف بالمقابل حقيقة ذلك، فالسرد كله على لسان دحّان). "هل تدرك هيلين ما يفعله قومها بقومك؟ كأن بينهم وبينكم ثأراً تليداً، وأنتم لم تعرفوا عنهم شيئاً قبل أن يأتوا إليكم ويحكموا مياهكم وأجواءكم، ويرهبوا حكّامكم، ويتدخلوا في سياساتكم. لم يكن العرش الذي حاربه جورج واشنطن عرشاً عربياً ولا إسلامياً، فلماذا يحاربكم قومها؟ هل تريدك أن تغضب منها مرة أخرى وتترك الدورة إلى غير رجعة؟ هي بالتأكيد لا تريد ذلك ولا أنت تريده، ولكن ماذا تغيّر إرادتك أو إرادتها من جبروت سلطانهم ومذلة حكامكم؟". ترصد الرواية أحداث الحادي عشر من سبتمبر في أمريكا، وكيف كانت أصداؤها في البلاد العربية، والإشاعات والأقاويل التي انتشرت بعدها، وكيف انعكست تأثيرات هذه الأحداث على سكان هذه المنطقة، ومنهم دحمان الذي وعدته هيلين بمنحة دراسية في أمريكا، وأرسلت الأوراق اللازمة لذلك، وكان قريباً جداً من الحصول عليها، غير أن ما حصل جعل الحكومة الأمريكية تطلب من مواطنيها مغادرة البلدان العربية، كما أن طلبه للمنحة أصبح مهملاً، فقد التصقت صفة الإرهاب بالعرب عموماً. يستخدم ولد سالم لغة سلسة في روايته، معتمداً على رصد انفعالات بطله وعلاقته مع محيطه، ويطعّم سرده ببعض المرويات الحكائية من التراث الشفاهي الموريتاني، لنقرأ في النهاية رواية تقرّبنا من أجواء العيش في موريتانيا خلال العقدين الأخيرين. محمد ولد محمد سالم، روائي موريتاني من مواليد 1969. حاصل على شهادة الإجازة في اللغة العربية وآدابها من جامعة نواكشوط. وهو محرر صحفي في جريدة الخليج الإماراتية، ورئيس اللجنة الثقافية في النادي الثقافي العربي في الشارقة. صدرت له أربع روايات: "أشياء من عالم قديم"، "ذاكرة الرمل"، "دروب عبد البركة"، و"دحّان". الناشر: دار روايات/ الشارقة عدد الصفحات: 260 الطبعة الأولى: 2016
يمكن شراء الرواية من موقع النيل والفرات.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image