هل يمكنكم أن تحصوا شركاءكم الجنسيين؟ هل تتذكرون عددهم وأسماءهم؟ أو أنتم ممن يضعون رقماً معيّناً يرفضون تخطّيه؟ شأن من شؤون حياتنا الجنسية، هو الأشخاص الذين نأتي بهم إلى سريرنا. يعتبر الكثيرون أنه كلما كان عدد شركائنا الجنسيين مرتفعاً، قلت فرصتنا في الثبات في علاقة متوازنة ومستقرّة.
بل أكثر، ربما أصبحنا مدعاة شك وعدم ثقة لدى الحبيب الراغب بالزواج بنا. لذلك نلجأ في معظم الأحيان إلى طمس الحقيقة وإخفاء علاقاتنا الجنسية السابقة، إما خجلاً لكثرتها أو خوفاً من حكم الآخرين. بين الخجل والفخر والإخفاء، ما هي مقاييس العلاقات الجنسية السليمة؟
هل من عدد معيّن يجب التوقف عنده؟ أم أن للجسد حق التعبير عن رغبات القلب من دون أي رادع؟
معايير الثقة
"لا أثق بأي رجل بعد اليوم، فكل علاقاتي انتهت بالفشل لأنني أشعر بأن هدف الرجال الوحيد هو الجنس. وبالجنس أبقيهم"، تقول رنا (32 عاماً)، وتضيف: "9 شركاء جنسيين".
تعتبر رنا أن الرجال خذلوها، فهي مقابل الجنس كانت تطلب الاهتمام والحنان اللذين لم تجدهما حتى اليوم رغم تعدد علاقاتها الجنسية. بالنسبة لها، فإن الجنس سلاح يجذب الرجل ويورّطه في العلاقة، ولكن ما تريده فعلاً هو علاقة مستقرة لم تجدها بعد.
ويقول وليد (27 عاماً): "لا أؤمن أن امرأة واحدة تستطيع إشباع رغباتي كلها. لذلك أفتخر بتجاربي الجنسية المتعددة وليس لدي أي مانع من البوح بها لزوجتي في المستقبل". ولوليد 14 شريكة جنسية.
via GIPHY
لا يجد وليد في التعدد عيباً، بل على العكس يعتبر نفسه "خبيراً" في النساء وقادراً على إشباع رغباتهن. يقول: "معظم شريكاتي ناجحات ومتحررات ولا أحب المرأة السلبية". أما وائل (34 عاماً) فيقول: "أبحث عن شركائي عبر تطبيق غرايندر، فذلك أسهل لأنني لا أرغب في التورط في علاقة جدية من أجل الجنس. أصدقائي يقولون إني مدمن على الجنس، لكنني لا أرى في الأمر مشكلة. أنا مرتاح كذلك". لديه أكثر من 30 شريكاً. بالنسبة لأصدقائه الذين يعرفون الكثير عن مغامراته، فهو غير قادر على إنشاء علاقة مع رجل واحد، وإن عرف أي رجل بماضيه لن يتمكن من إقامة علاقة جدية معه.
وتقول إيناس (29 عاماً): "علاقاتي لا تتعدى حدود الإعجاب. أحتفظ بعذرتي لزوجي. هذه الأسس التي تربيت عليها"، لذلك ليس لديها علاقات جنسية. تعتقد إيناس أنها قادرة على السيطرة على رغباتها الجنسية وتحويل تركيزها إلى مكان آخر، وهي تؤمن أن أي رجل محترم لن يقبل بها إن كانت فاقدة العذرية، أو أنه سيستعمل ذلك سلاحاً ضدها في ما بعد. لذلك اختارت أن تبقى عذراء وأن تكتشف جسدها لاحقاً عندما تلتقي شريك حياتها. ليس هناك مقياس علمي واحد لمدى سلامة الحياة الجنسية للشخص من حيث عدد الشركاء الجنسيين، في حين يتساءل بعض الأشخاص عمّا إذا كانوا مدمني جنس أو معدومي الرغبة، يبقى المعيار مرتبطاً بعوامل شخصية وخاصة.
هذا ما اعتبره روبيرت وييس، الكاتب والمعالج النفسي الجنسي في بحث تحدّث فيه عن خصوصية السلوك الجنسي، مشيراً إلى أن العوامل الاجتماعية والدينية والجندرية والتربوية، هي التي تحدّد نظرة الشخص لمسألة الشريك الجنسي. فأن تسمعوا شخصاً يقول: "أقمت علاقات جنسية مع 10 شركاء مختلفين" ليس له الصدى نفسه لدى الأشخاص كافة. فالحكم عليه يبقى نسبياً ومرتبطاً في معظم الأحيان بالمفاهيم التي نشأ عليها كل من هؤلاء الأشخاص. قسّم شبنسر تعامل الأشخاص مع جسدهم ورغبتهم الجنسية إلى 3 مجموعات، مشدداً على أن السلوك الجنسي ليس سوى جزء من شخصية الإنسان وأسلوب تعامله مع رغباته الجنسية وغير الجنسية:
- الارتباط الجيني- الاجتماعي السلبي، فالشخص يتأثر كلّياً بتربية الأهل والمجتمع في ما خص النظرة إلى الجنس، ولا يتجرأ على تخطي المفاهيم التي نشأ عليها، وإن لجأ إلى الكبت وعدم المبادرة في الحياة عامة.
- الارتباط الجيني- الاجتماعي المتطوّر، حين يتأثر الشخص بالتربية الاجتماعية إلى حدّ كبير، لكنه يرفض الخضوع كلّياً، فيبقي حياته الجنسية سرّية، ويظهر نفسه للمجتمع بصورة مغايرة لكي لا يفقد ثقة الآخرين به.
- الارتباط الجيني- الاجتماعي الفاعل، تشمل الأشخاص الذين يختارون مفاهيمهم الخاصة في مسألة تعدد الشركاء الجنسيين أو عدمه ولا يتأثرون بما تربّوا عليه.
لا يكون الشركاء الجنسيون أكثر من اللازم إذاً، إلّا إذا شعر الشخص نفسه بذلك، وسبب له التعدد قلقاً، أو إذا أراد أن يسيطر على سلوكه الجنسي ولم يستطع. والعكس أيضاً صحيح. فكبت الرغبة الجنسية والامتناع عن إقامة علاقة جنسية يعبّر فيها الشخص عن مشاعره بصدق، فقط لمراعاة مفاهيم اجتماعية أو خوفاً من قصاص الدين أو الأهل، يمكن أن يكون له تداعيات سلبية على الصعيدين النفسي والاجتماعي. إن لم يعوّض ذلك الشخص نقصه بطريقة ما، خصوصاً في المجتمع العربي الذي ما زال يمارس ازدواجية المعايير بين الرجل والمرأة في موضوع الجنس. فتجد المرأة نفسها مضطرة أحياناً للجوء إلى عمليات ترميم غشاء البكارة، لإيهام الرجل والمجتمع أنها أهلّ للزواج.
في تعدد الشركاء الجنسيين: الرجل "فحل" والمرأة "ساقطة"
كثيراً ما نسمع الرجال في عالمنا العربي يتباهون بتعدد شركائهم الجنسيين، سواء كانوا في إطار علاقة عاطفية أو فقط للمتعة الجنسية. نراهم يفخرون بذلك ويعتبرونه انتصاراً لرجولتهم، بينما تلجأ المرأة إلى تدوير الأرقام وتقليلها في غالبية الأحيان لمراعاة المجتمع الذي قد يعتبرها منحرفة وغير أهل للزواج.لا أرقام محددة حول عدد الشركاء الجنسيين التقريبي في المنطقة العربية، لغياب الإحصاءات ربما لكونه موضوعاً "تابو". لكن ذلك لا يمنع من وجود واقع يشوبه خلل كبير بين إرادة النساء عيش حياة جنسية حرّة، وخوفهن من أحكام المجتمع والأهل. فنسمع عن حوادث إجهاض سرّي غير آمن راحت ضحيته نساء في المغرب وتونس ومصر، وعن عيادات سريّة تلجأ إليها المرأة العربية قبل بضعة أسابيع من الزواج لاسترجاع عذريّتها، فتبدأ حياتها بكذبة تشتري بها احترام الزوج والمجتمع. هل تعود للمرأة العربية ملكيّة جسدها وحرّية التصرف به أم أنها ستظل خاضعة لمفاهيم خاطئة تحرّم عليها ما هو حلال على الرجل؟ في بحث عن نظرة المجتمع العربي للمرأة المتعددة العلاقات، مقالات كثيرة تتحدّث عن كونها فاقدة الثقة بنفسها أو عرضة للإصابة بمرض السرطان ونظريات أخرى لا تمت للعلم بصلة. المقالات نفسها تجد المبررات والأسباب للرجل المتعدد العلاقات، فيكون كثير الخبرة والقدرة على إشباع رغبات أي امرأة يعاشرها. تصبح المرأة وحدها ضحية تلك المفاهيم، فإمّا أن تخفي الأمر أو تُرشق بالحجارة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون