الحياة ليست عادلة. هذه حقيقة نتذكرها في كلّ مرة نعرف فيها أن شخصاً نشكّك في مؤهلاته نال ترقية لا يستحقها فعلاً.
ولكن لا بد أن ندرك أيضاً، أننا قد لا نملك فعلاً المؤهلات الكافية للفوز بترقية نستحقّها أو لا نستحقها، ولكننا طالما حلمنا بها.
في عالم الأعمال الفج، إذا ما وضعنا المبادئ والمؤهلات جانباً، هناك بعض المهارات التي يعتمدها الكثيرون لتسهيل تطورهم في الشركة، وهي للأسف، كثيراً ما تكون صاحبة الغلبة، فينال الترقية من لا يستحقها، بينما يراوح الذين يملكون مقومات التفوق مكانهم.
انتبهوا جيداً لهذه المهارات، وإن ترددتم في استخدامها.
via GIPHY
المهارة الأولى: التصرف كـ”الحرباء” التي تتلوّن كل يوم باللون الذي يحبّه المدير
فإن كان لدى المدير أي فكرة صغيرة تتعلق بمنتج ما، تقومون بتجهيز العروض التقديمية وبتجميع الأفكار التي تثبت له أنّكم مهتمون جداً بفكرته وتساندونه، هذا حتى وإن كنتم في الحقيقة مؤمنين بفشلها وضعفها. هذه المهارة لا يتقنها الكثيرون كما يجب. ولا ينبغي أن تعتقدوا أن القيام بها أمرٌ سهل، لأن الوجوه تفضح النيات. لا بد للنجاح فيها من التدرب على أمور متعدّدة، أهمها التوقف عن إبداء الرأي السيىء بالآخرين وإن كان صواباً (إلا في حال طلب منكم المدير فعل ذلك). والتدرّب على إظهار الاحترام للشخص المسؤول وإن كان لا يستحقه. (بالتأكيد، هذه المهارة ليست ذات قيمة في حال كان المدير شخصاً حكيماً يقدّر العمل الجيد، وذكياً يعرف التمييز بين العنصر الجيد والعنصر السيئ). بعد الحصول على الترقية، يمكنكم أن تواظبوا على العمل في الشركة نفسها لفترة زمنية لا تتجاوز في معظم الأحيان ثلاث سنوات، ولكنكم ستكونون قادرين على أخذ عرض لوظيفة أفضل لاحقاً. via GIPHYالمهارة الثانية: إتقان فنّ التعامل مع الآخرين وفهم حاجاتهم في مكان العمل
وهذا الأمر يتطلّب أموراً تتجاوز مهارات الإغواء، أو الاهتمام بإبراز المفاتن والتلاعب بعقول الآخرين، إلى إدراك كيف يمكن أن يصبح الموظف عنصراً أساسياً في ترتيب العلاقات في محيط العمل. يحتاج المديرون رجالاً كانوا أو نساءً إلى أن يشعروا بالاهتمام، وكذلك أي شخص آخر أساسي في محيط العمل. لا تستغربوا لدى حصول إحداهنّ على ترقية بعد شهور من مراسلاتها الإلكترونية اليومية مع مديرها أو خروجها معه لتشكو له سوء معاملة خطيبها، لا سيما إن كان يمر بأزمة عاطفية. هذه المهارة، تتطلّب معرفة أصول إثارة اهتمام الآخرين عبر تحديد نقاط ضعفهم، وامتلاك مجموعة من الأدوات لتعزيز الحضور الشخصي.التصرف كـ"الحرباء" التي تتلوّن كل يوم باللون الذي يحبه المدير، محطة أساسية للراغبين بترقية لا يستحقونها
كم مرة نال أشخاص تشكّكون في مؤهلاتهم ترقية لا يستحقونها فعلاً؟ إليكم أسباب نجاحهمvia GIPHY
المهارة الثالثة: استثمار مجهود كبير في توظيف المؤهلات
أكانت المؤهلات المتعلقة بشهادة الجامعة المرموقة، أو الانتماء العائلي أو شبكة العلاقات الاجتماعية أو حتى الخبرات السابقة في شركات ذات علامة تجارية قويّة. امتلاك أي من هذه الأمور لا يعني القدرة على تقديم الفائدة لمكان العمل، ولا يعني أنّ الشخص يستحق الترقية. بل يعني في كثير من الأحيان أن هؤلاء الأشخاص لم يتمكنوا من الاستمرار في أماكن عمل أخرى. ولكن على الرغم من هذا كلّه، فهم يملكون أوراقاً يمكنهم اللعب بها وعليها للحصول على ترقية. via GIPHYالمهارة الرابعة: المواظبة على مجموعة من العادات وعدم كسرها
- من أهم هذه العادات، الحرص على الحضور المبكر للعمل، لا سيّما عند العلم بموعد حضور المدير. لا بد أن تكونوا في استقباله، أما عندما يكون في إجازة، فيمكنكم أن تتأخروا أو تتغّيبوا بدون ذنب يذكر.
- التركيز على بناء شبكة علاقات قوية في مكان العمل، وعلى كسب ولاء مؤيدين لكم ممن يمكنهم مساعدتكم في تلميع صورتكم أمام المدير. ولا تنسوا أن الكثيرين يعتمدون على إشعال الخلافات بين المؤيدين من حينٍ لآخر، وينشرون الإشاعات ويؤججون الفتن ليساعدوا لاحقاً في حلّها. نعم، الطريق للترقية قد تكون مخجلة للكثيرين.
- القدرة على القفز. إتقان هذه العادة يفرض عليكم إتقان فنّ استخدام نجاحات الآخرين والقفز إلى مراكب المشاريع الناجحة في مكان العمل، وإن لم يكن لكم دورٌ فيها. إيّاكم ثم إيّاكم أن تبادروا بمشروع من الصفر أو أن تتبنوا فكرة جديدة لستم متأكدين من نجاحها لاحقاً.
- إدارك أهمية الظهور في مكان العمل، ولا بأس بالكثير من المبالغة في هذا الأمر. يجب أن لا تفوتكم الصور الجماعية الرسمية مع فريق عمل الشركة، ولا الصور أثناء المؤتمرات الصحفية، أو مباغتة المدير بسيلفي سريع تضعونه على صفحات التواصل الاجتماعي مع عبارات مديح وقلوب حب.
المهارة الخامسة: أن تتحكموا برغبتكم العارمة في التفوّق بعملكم وإتمام واجباتكم على أفضل وجه
هذه الرغبة ستدفعكم للهاث وراء أداء المهمات واستغراق الوقت الطويل في الإنجاز بدون التركيز على الهدف الأساسي وهو الترقية. وكثيراً ما يردّد المواظبون عبارة "أنا أعمل جيداً لأرضي ضميري". أمر نبيل ولكن له ثمن، إذ لا ينالون ترقيات سريعة وقد تنتهي سنوات عملهم الطويلة دون الحصول على أي ترقية. البحث عن الكمال في أداء العمل سيمنحكم شعوراً داخلياً بأنّ أوان ترقيتكم لم يحن بعد، لأنكم بحاجة لخبرة أكبر (وهو أمر سليم جداً)، ولكن قد تُفاجأون لاحقاً بترقية زميلٍ لكم يرتكب الكثير من الأخطاء في أداء عمله، وتخيلوا خيبة الأمل التي ستعيشونها حينها. أما السبب الأهم الذي يدفعكم للتعاطي بحكمة مع مسألة التفوّق في العمل، فهو إدراككم أن المسؤولين في الشركة يشعرون بالتهديد من الموظفين المتفوّقين، وهذا ما قد يجعل أمر ترقيتكم صعباً... فمن يحتاج إلى ترقية أعداء مستقبليين؟ هذا دليل فج وصريح إلى واقع عالم العمل اليوم، برغم كل ما يتضمنه من سلبيات.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...