كثيراً ما تندثر العادات والتقاليد في بلاد الغربة بسبب الابتعاد عن الأهل، ويُجبر الناس على الالتزام بعادات البلد المضيف، لكن هذا على عكس ما حصل مع اللاجئين السوريين في إسطنبول.
لم يفقد شهر رمضان لدى السوريين في تركيا الكثير من نكهته المميَّزة لأنهم استطاعوا نقل عاداتهم وتقاليدهم معهم بترحيبٍ من الشعب التركي الذي أُعجِب بها وشاركهم فيها وأضاف إليها شيئاً من تقاليده أيضاً.
حوّل بعض السوريين جزءاً من شوارع إسطنبول إلى أحياء سورية الطابع فافتتحوا المطاعم وأفران المعجنات والمحلات التجارية المخصصة لبيع المنتجات السورية .
أجواء رمضانية سورية ممتعة وتجهيزات المحلات والمطاعم مشابهة تماماً للأماكن في سوريا.
حفلاتُ إنشادٍ وفرق للمولوية ومدائح نبوية وابتهالات تشبه صدح مئذنة الجامع الأموي .
في المطاعم والبيوت
تجود الأيادي السورية بما لذَّ وطاب... فالعادات والتقاليد لها وقع خاص، بعضُها تلاشى وجاءت بدلاً عنها عادات جديدة اكتسبها الناس من الحياة العصرية، وبعضها لا يزال قائماً. قديمًاَ كان قدوم شهر رمضان مناسبةً يتبادل الناس فيها الزيارات ليبارك بعضهم بعضاً. ولكن بسبب اختلاف الزمان والمكان وانشغال الغالبية وتفرق العوائل بسبب الحروب أصبحت المباركات تنحصر باتصال على الهاتف أو رسالة واتسآب . أما عن العادات التي ما زالت متداولةً، مثلاً عادة الخيام الرمضانية التي يجتمع فيها الناس على الإفطار مع أنها اختلفت اليوم وأصبحت تضج بالموسيقى الصاخبة والحفلات والرقص .المأكولات والمشروبات الرمضانية
داوم السوريون على عاداتهم ليبدأوا فطورهم بشرب السوائل كالعرق سوس والتمر هندي وقمر الدين وتناول التمور، وتكاد لا تخلو مائدة من صحون الفتوش والتبولة والفول المدمس وفتة الحمص. وبالنسبة للطبخ تتصدر الموائد أنواع الكبب والمحاشي واللحوم وغيرها من الطبخات الطيبة وتتزين الطاولة بأنواع المعجنات الكثيرة كالفطائر بالجبن والمحمرة الشهيرة والبيتزا اللذيذة ومناقيش الصعتر التي تفوح منها رائحة تفتح الشهية . ويختتم السوريون طعام فطورهم بتناول الحلويات وخاصة القطايف التي تتفوق على منافساتها من الكنافة النابلسية والكنافة المدلوقة والغريبة بقشطة متلذذين بطعم السمن العربي والفستق الحلبي وماء الورد . تقتصر الدعوات إلى موائد الإفطار بين العوائل إن وجدت، ويكثر تناول وجبات الفطور في المطاعم للشباب الذين يعيشون بمفردهم لتعوض المطاعم لهم شعور العائلة ولقاء الأهل، وبالرغم من كونهم وحيدين فلن يشعروا بذلك وسط الأجواء المميزة والعائلية. فترى الناس يتبادلون الحديث ويتعارفون ويكوِّنون صداقاتٍ تحِلُّ محل من غابوا عنهم أو افتقدوهم . يسكن إسطنبول ما يقارب المليون سوري واستطاع عدد كبير منهم أن يتعايش مع الأوضاع وأن يتعلم اللغة التركية ويندمج في هذا المجتمع، مع العلم أن الشعب التركي رحب بالسوريين واستضافهم أحسن الضيافة. رمضان سوري بامتياز وسط إسطنبول يخبر الجميع بأن السوريين أينما حلوا أصبح للمكان والجلسات لذة أخرى تشبه لذة بلادهم .رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...