بينما كنت أبحث في مقاطع الفيديو القصيرة التي تعرض في تطبيق إنستغرام عن أماكن لزيارتها في القاهرة القديمة، وصلتُ إلى مقطع تتحدّث فيه صاحبته عن سوق للأنتيكا يسمّى سوق "ديانا"، حيث تُعرض المقتنيات القديمة، التحف، الآثار المقلّدة والخردوات، وقد سمّي بهذا الاسم لوقوعه في الشارع الذي فيه "سينما ديانا بلازا"، وهي واحدة من دور السينما القديمة التي ما زال مبناها في المكان يحمل بوسترات لبعض عروض الأفلام من مطلع الألفية الثانية.
أجزاء من عمري
يقام السوق على امتداد الشوارع المحيطة بتلك البناية، وبحسب ما كتبت صاحبة الحساب في التعريف: يستقبل المهتمين يوم السبت من كل أسبوع، ويقع في منطقة وسط البلد.
بصفتي فاقدةً بيتي بسبب الحرب الأخيرة على غزّة، بكل ما فيه من ذكريات مادية ومقتنيات تحمل قيمةً لا تهمّ أحداً سواي، ولكنّها كانت أجزاء من عمري بما فيها من صور لطفولتي سرقتها من ألبومات أبي وهدايا والكثير من التذكارات التي جلبتها حين سافرت أو أوصيت المسافرين بجلبها، وكنتُ أحتفظ بها داخل خزانة بواجهة زجاجية خصّصتها لها، كذلك فاقدةً عدداً كبيراً من الأوراق والمذكرات التي كنت حريصةً على تزويدها بخلاصات أيامي وتحمل مسودات كتابة لن أتمكّن من استعادتها أبداً، وكنتُ قد علّقتُ على الجدران لوحات رسمتها بعد شهور من التدريب، ولطالما عددتُها معرضي الشخصيّ دائم الانعقاد.
أحببت فكرة السوق، لأنني من هواة الأشياء القديمة، وورثت سلوك الاحتفاظ والحنين منذ رأيت جدّتي تحتفظ بساعة جدّي وسبحته وزجاجة الكولونيا نصف الفارغة الخاصّة به، وتعلّق مفتاح بيتها الذي هُجّرت منه حول رقبتها
وكلاجئة في مصر العزيزة، لا أستطيع العودة بسبب استمرار إغلاق المعبر، وتالياً لا أعرف إن تبقّى شيء من الشقة التي ربما صارت مسحوقاً من رماد، وبالطبع ما زلتُ لا أملك رفاهية الوصول والبحث عمّا يمكن أن يكون قد نجا منها، فكّرت في الذهاب إلى السوق، والاقتراب من ذكريات الآخرين، فقد أثارت انتباهي المقتنيات القديمة التي جعلتني أعيد المقطع مرّات عدة وأبحث عن سواه لأحاول استيعاب المعروضات التي تمرّر كل مرّة في مدة قصيرة لا تتجاوز الثلاثين ثانية.
لم يشبعني ذلك التمرير السريع للزمن، مما دفعني إلى اتخاذ قرار بزيارة هذا المكان السحريّ والمقتطع من حقب قديمة.
أحببت فكرة السوق، لأنني من هواة الأشياء القديمة، ولأنني ورثت سلوك الاحتفاظ والحنين منذ رأيت جدّتي تحتفظ بساعة جدي وسبحته وزجاجة الكولونيا نصف الفارغة الخاصّة به، وتعلّق مفتاح بيتها الذي هُجّرت منه حول رقبتها، جدّتي التي لم تكن تتوقف عن تذكّر بيتها وأشجارها في حقول إسدود، والتي ظلّت تحلم بالعودة إليها حتى يوم وفاتها.
رحلة عبر التاريخ
باستخدام أحد تطبيقات المواصلات التي تعمل بتقنية تحديد المواقع، وصلتُ إلى السّوق. كنتُ أخطو إليه وأطالبه برحلة عبر تاريخ عشوائيّ فوق بسطات وطاولات وفي ممرات لا تقلّ عشوائيةً. بدأتُ بالاقتراب وانتبهت إلى أنّ السوق معدٌّ للإقفال قبل غروب الشمس، وذلك يحدث غالباً لأنه غير مجهّز بالإضاءة المناسبة وربما خوفاً من عمليات سرقة نظراً إلى أنه معروض في الهواء الطلق.
اقتربت من البسطة الأولى حيث كانت تُعرض طوابع بريد، عملات قديمة وبوسترات أفلام وكذلك بطاقات بريدية مرسلة من مجهولين إلى مجهولين، اخترتُ بطاقتين واحدة مرسلة من سويسرا تحمل صورةً لبحيرة "لوسيرين" وجبلَي "ستانسيرون" و"بيلاتوس"، كُتب على ظهرها: "والدي، والدتي وإخوتي، تحياتي لكم، أنا الآن في بداية جولتي في أوروبا، أكتب لكم من قمة جبل بيلاتوس على ارتفاع 7،000 قدم عن سطح البحر، مع أطيب تمنياتي... عمرو".
أما البطاقة الثانية، فهي من جزيرة "بورس" في اليونان، وتحمل صورة فتاة يونانية بالزيّ التقليدي القديم وبتسريحة شعر تقليدية وصندل من الجلد ملفوف حول ساقيها على الطريقة القديمة، وتعزف على آلة الفلوت، وما كُتب خلف البطاقة بخطٍ طفولي صغير كان التالي: "عزيزتي طنط ملك، من جزيرة بورس باليونان، أهديكم قبلاتي وأشواقي، ابنتك دعاء".
غالباً هذا ما اعتاد الناس كتابته فوق السطور القليلة المتاحة على ظهور البطاقات البريدية: كلمات بسيطة تعني للآخر أنّك تذكره وأنت على بعد آلاف الأميال.
اشتريت البطاقتين بخمسين جنيهاً لكل واحدة، ثمّ غادرتُ وفي داخلي شعورٌ غريبٌ ممزوج بالبرودة والعجب. لم أكن سعيدةً تماماً بما رأيته هنا، ولا بما اشتريته أيضاً. ولكن لماذا فعلت ذلك؟ هل كنت أنقذ البطاقتين من هذا الانكشاف؟ هل حاولت منحهما شيئاً من الخصوصية المنتهكة في هذا العرض الكبير؟
كلّ ما حدث أنني انتقلت إلى طاولة أخرى، وكانت دهشتي تكبر. ما لفت انتباهي كان وجود عدد كبير من الصور الفوتوغرافية موضوع في إحدى علب الحلويات الفارغة. تسمّرت أمام العلبة وبدأت أتأمل الأزياء والوجوه الخالدة هناك على الورق، غالباً مات أصحاب تلك الوجوه. غابوا وبقيت لحظات من حياتهم مطبوعةً فوق بطاقات بيضاء، مطفأة أو لامعة، يقلّبها غرباء بين أيديهم، وعندها، شعرتُ برهبةٍ وكأنني أتلصّص عليهم.
تساءلتُ ماذا سآخذ هذه المرة؟ خمسون جنيهاً أيضاً كانت ثمن تلك اللحظات المحنّطة.
وجدت سيّدةً تضحك داخل صورة مربعة، يغلب على ظني أنّها صورة فورية من التي شاعت في أواخر سبعينيات القرن الماضي. الصورة تحمل حميميةً ودفئاً برغم الألوان الباهتة. لم أتبيّن مكان الصورة، ولا في أيّ البلاد تمّ التقاطها، لكنّني وقعت في حبّ رفوف الكتب هناك. إضاءة القراءة الجانبية، وجهاز الراديو المربع الخشبي الشهير الذي شاع في أربعينيات القرن الماضي وحتى أواخر سبعينياته، وحين دقّقتُ جيداً لأعرف موضوع اللوحة الواقعة خلف السيدة، اكتشفت أنها تعود لراقصات باليه. كانت السيدة تجلس فوق طاولة عليها مفرش أبيض وباقة زهور وردية اللون، وتميلُ ضاحكةً بجسدها إلى اليسار الفارغ الذي كان يجلسُ فيه على ما يبدو من قام من مكانه تاركاً كأسه نصف الفارغة ليلتقط تلك الصورة التي لم يكن يتخيّل أنها ستباع وتشترى ذات يوم.
الصورة الأخرى التي قررتُ إنقاذها كانت بالأبيض والأسود لسيدة أنيقة ترتدي قبعةً ذات حافةٍ عريضة من تلك التي شاعت في أواخر القرن العشرين. أرجّح أنها التُقطت في حقبة السبعينيات. لم تكن السيدة تبتسم، لكنني قررت أخذ ذلك الوجه الرقيق معي.
كل الطرق التي قادتني إلى سوق "ديانا" لم تكن بحثاً عن أغراض الآخرين، بل كانت محاولةً لإعادة بناء ما انهار في داخلي.
اشتريت الصورتين ثمّ أضفت صورةً ثالثةً لبطاقة بريدية منشورة عن الهيئة العامة للاستعلامات، يظهر فيها منبر خشبي وقد طُبع على ظهرها ما يلي: "رواق القبلة بجامع المؤيد ويظهر المحراب الرخاميّ والمنبر1414م"، وهي صورة من أحد المساجد الأثرية الشهيرة ويوصف بأنه فخر مساجد العصر المملوكي، وقد بدأ بناؤه بأمر من السلطان المؤيد أبي النصر سيف الدين الظاهريّ، أحد حكام الدولة المملوكية خلال عصر المماليك الجراكسة.
متحف الغرائب
ألقيت نظرةً أخرى على علبة الصور التي تحتاج إلى ساعات من التقليب والتأمّل، لكنني ما زلتُ في بداية الاستكشاف وأردتُ استثمار وقتي جيداً مع متحف الغرائب، المعروض في الهواء الطلق.
مررتُ بأكوام تُعرض فيها ألعاب أطفال مستعملة، على أغلبها آثار تعذيبٍ واضحة. كلُّ شيء كان يجاور كلَّ شيء: أدوات كهربائية معطّلة، أشرطة كاسيت أو مجرد علب أشرطة فارغة، تحمل صوراً لمطربين من حقبة التسعينيات، بوسترات بأحجام مختلفة للألبومات ونجوم الفن من الحقبة نفسها، أشرطة فيديو وأجهزة تشغيل كلها متنوّعة الأحجام والإصدارات، طرز قديمة من كلّ شيء، هواتف من ذوات السماعة أو القرص المتحرّك، وحتى النسخ الأحدث منها والتي شاع استخدامها في منتصف التسعينيات وبدايات الألفية الثانية.
لاحظت أكواماً من ساعات اليد والحائط والعملات المعدنية والورقية، أحجاراً ملوّنةً، أكسسوارات نسائيةً براقةً محفوظةً في علب مخملية، أعمدةً من الكتب القديمة والمجلات والصّحف، تحفاً مصريةً ويونانيةً وكذلك أقنعةً إفريقيةً من الخشب، غراموفونات نحاسية إلى جوارها الأسطوانات الخاصّة بها، كاميرات مختلفةً الأحجام والأنواع متراصّةً على الطاولات أو على الأرض فوق قطع من القماش.
كلها تصطفّ هناك للتذكير بسنوات مجدها الغابرة، قبل غزو الحداثة، كلّها منحت استقالة جماعية لتصبح في المكبّات أو المستودعات المنسيّة أو تجد طريقها إلى مثل هذا السوق.
كلّها بدأت رحلتها مع التوارث والانتقال عاماً بعد عام، ومن يدٍ ليد، تمرّر الوقت من دون أن تملك فرصةً للموت والخلاص من عذابها، وهي تعيش استبدالها كأقسى ما يكون وتصبح فرجةً للعابرين، مكتسبةً أهميتها لا من شيء سوى كونها صارت عاطلةً عن العمل.
وصلتُ إلى آخر أحد الممرات ويقع في الجهة اليسرى من مبنى السينما لأجد عدداً كبيراً من العملات الحقيقية والمزيّفة بأحجام وألوان عدة، فهناك الفضي والبرونزي والذهبي وكلها قاتمة لتعطي انطباعاً بالقدم. هذا النوع من العملات المزيفة يعني وجود صناعة قائمة على صكّها ونقشها ومن ثمّ بيعها لهواة جمع التذكارات. أعجبني ذلك، فهذا يعني أنها ستكون متوافرةً باستمرار للباحثين عنها، وأنها توفر مصدر دخل للعاملين عليها.
أخذت أربع قطع مزيّفة بأحجام مختلفة يحمل بعضها وجوهاً يونانيةً قديمةً وواحدة حملت وجه الملك فاروق. انتبهت إلى وجود عدد من التماثيل إلى يساري. كانت متعددة الأحجام والخامات، وبالقرب منها قرفصت سائحة يابانية لتصوّر التماثيل باهتمام. سائح آخر كان يقلّب بين يديه مجسّماً خشبياً للكاتب الفرعوني الشهير الذي يجلس متربعاً منذ الأبد.
مشيت وتوقفت ثمّ أطلت الوقوف أمام مكان عرض متخصّص في بوسترات السينما لديه تذاكر قديمة وصور لممثلين بالأبيض والأسود، مثل شادية ورشدي أباظة، وصور لجمال عبد الناصر والسادات. مرّرتُ عيني بسرعة كي أتأكّد أنني رأيتُ كلّ شيء، ولكن مهمة صعبة أن ترى كلّ شيء مع كل هذا التنوّع وكل تلك التفاصيل التي هي بحاجة إلى الاقتراب والتمحيص.
كان آخر مكان وأكثر مكان توقفتُ فيه هو ما بدا لي ميراثاً لأحد الميتين حديثاً. وجدت جوازات سفر للشخص نفسه وقد تمّ تجديدها بين فترة وأخرى، ثمّ وقعت عيني على نوتة برتقالية متشقّقة الغلاف، كُتب عليها بالعربية والإنكليزية ألبوم طوابع بريد. فتحت النوتة لأجدها ممتلئةً عن آخرها بطوابع بريد تتساقط منها لضعف المسارات الشفافة أو لكثرتها. قررتُ أن آخذها بدون تردّد وأن أهديها لوالدي حين يسمح لي بالعودة إلى غزّة، فهو يحتفظ بعدد كبير من طوابع بريد وأحببت أن أسعده بها.
اشتريت النوتة بعد مفاصلة البائع، بـ450 جنيهاً، ومن البسطة نفسها أخذت بعض مظاريف الرسائل التي تحتوي على عدد من رسائل أرسلها غرباء إلى عوائلهم، ولا تسألوني لماذا فعلتُ ذلك. لقد بدت لي رحلات سرّية لا تُفوّت بعد العودة إلى البيت وامتداداً لا يُنسى لرحلة السوق هذه.
أدركتُ أنّ الذاكرة التي اشتريتها، تملك قدرةً غريبةً على إعادة تشكيل الأفكار والعاطفة، وأنّ الأشياء التي نلتقطها من حياةٍ ليست حياتنا تُصبح، بطريقة ما، حياة موازيةً تمنحنا عزاءً لا نستطيع تفسيره
كانت الخطابات قادمةً من لندن، ألمانيا، والسودان، بحسب العناوين والطوابع المرفقة، وهي مفتوحة من الجانب بأناقة، ما بدا لي أنه تمرّس في التعامل مع الخطابات في ذلك الزمن.
شحنات عاطفية
عدتُ إلى البيت وأنا حائرة في تفسير الشحنات العاطفية التي امتلأت بها.
كم بدت حياة الناس بلا قيمة وهي تُتداول على أرصفة البيع والشراء.
كم بدت الذكريات والمشاعر مثيرةً للحزن، وكم بدت الحروب قاسيةً حين تُشنّ لتستعجل محوكَ.
تخيّلت أنني لم أملك مع كثير من الفلسطينيين هذا الترف بأن تُنسى الأشياء بكرامة، أو أن تجد لها مكاناً آمناً في المتاحف.
وفي تلك الليلة، حين فتحتُ إحدى الرسائل المرسَلة في عام 1973، والتي بدأت بـ"أمي الحبيبة"، شعرت وأنا أقرأ كلمات إنسان مجهول ممتلئةً بالشوق والحنين، أنّ كل الطرق التي قادتني إلى سوق ديانا لم تكن بحثاً عن أغراض الآخرين، بل كانت محاولة لإعادة بناء ما انهار في داخلي.
كنتُ واثقةً أنني لو لم أفقد بيتي لاخترت بعض المعروضات الجميلة لإضافتها إلى متحفي الصغير، ولكنني أدركتُ أيضاً أنّ الذاكرة التي اشتريتها، حتى لو كانت متوارثةً، مشتراةً أو منثورةً فوق رصيف، تملك قدرةً غريبةً على إعادة تشكيل الأفكار والعاطفة، وأنّ الأشياء التي نلتقطها من حياةٍ ليست حياتنا، تُصبح بطريقة ما، حياةً موازيةً تمنحنا عزاءً لا نستطيع تفسيره، وهي تقلّل قيمة الأشياء التي تبقى أشياء سيملكها آخرون ذات يوم، وتبيّن لي أنه في كلّ ذلك المزيج العاصف داخلي، حظيت بدعوة مفتوحة في الهواء الطّلق لإعادة فهم الروح.
أطفأتُ الضوء، ووضعتُ الصور والبطاقات والرسائل فوق الطاولة كما لو أنني أرتّب بقايا يومٍ آخر نجوتُ منه وخُيّل إليّ أنني أضع أساساً لبيتٍ جديد في قلبي، بيت لا يمكن هدمه لأنّني بنيته من قناعة جديدة.
أدركتُ أنّ الذاكرة، مثل تلك الأشياء المتناثرة في السوق، لا تموت حقاً. إنها فقط تنتقل من يدٍ إلى يد، ومن قلبٍ إلى قلب، لتقول لنا في النهاية إن ما نملكه وما نفقده لا يعني شيئاً إلّا إذا كنا أحياء لنعيشه وندرك قيمته، وأنّه من دون أصحابه يصبح جزءاً من حكاية أخرى، وحياةٍ أخرى، تنتظر من يلتقطها وينقذها قبل أن تُنسى في متحف القسوة الكبير الذي نعيش فيه في ظلّ استمرار الحروب، وأدركتُ أن النجاة حتى مع فقد البيت قد تكون أمراً محتملاً حين تمنحك الحياة فرصةً لتبدأ ببناء نفسك قبل بيتك، من جديد.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



