حزب الله يحشد لدعم طهران… التصعيد الإسرائيلي الإيراني على صفيح ساخن رقمياً

حزب الله يحشد لدعم طهران… التصعيد الإسرائيلي الإيراني على صفيح ساخن رقمياً

سياسة نحن والتنوّع

الخميس 19 يونيو 20257 دقائق للقراءة

*أعدّ هذا التقرير شربل الخوري من مجتمع التحقق العربي.

عقب الهجوم الذي شنّته إسرائيل على إيران، مساء الخميس 12 حزيران/ يونيو 2025، انطلقت حملات منسقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي العربية، بعضها يدعم إيران، والبعض الآخر يشمت فيها، وذلك عن طريق نشر خطاب طائفي.

يرصد هذا التقرير حملةً منسّقةً أطلقها حزب الله اللبناني دعماً لإيران، في حين دشّنت حسابات سعودية حملةً موازيةً تتبنّى موقفاً شامتاً بالأخيرة ولا سيّما عقب اغتيال إسرائيل عدداً كبيراً من القادة العسكريين رفيعي المستوى هناك.

حزب الله يحشد إلكترونياً

بعد ثلاثة أيام من بدء الهجوم الإسرائيلي على إيران، دخل حزب الله على خط المواجهة، لكن إلكترونياً، وذلك عبر تدشين وسمَي: "#إيران_صوت_الحق" و"#سحر_إمامي".

حزب الله يدخل على خط التصعيد الإسرائيلي الإيراني، لكن إلكترونياً، لدعم إيران عبر وسمَين نشط العديد من ناشطيه وإعلامييه ومنصاته في ترويجهما. في هذا التقرير، يرصد مجتمع التحقّق العربي التفاعل عبر الوسمَين وأبرز المشاركين فيهما

ودعا الحزب عبر قنواته على واتساب وتلغرام، إلى التدوين على الوسمَين بعد قصف إسرائيل مبنى التلفزيون الإيراني الرسمي، قائلاً: "أراد الإسرائيلي بقصفه أحد مباني التلفزيون الإيراني تقديم مشهد الإرهاب الذي يريد، لكن مذيعة التلفزيون سحر إمامي، بموقفها الزينبيّ، انتزعت المشهد وفرضت قوة الموقف الإيراني. دعماً لجمهورية الإسلام، حاضنة الشعوب المستضعفة، ورافعة لواء الحق، لنشارك في حملة التغريد ضمن الوسمين: #إيران_صوت_الحق و#سحر_إمامي بدءاً من الآن على شبكات التواصل الاجتماعي".

انتشار الوسمَين

وحقّق وسم "#سحر_إمامي"، الذي يحمل اسم الإعلامية الإيرانية التي ظهرت خلال لحظة قصف التلفزيون، انتشاراً أوسع من الوسم الآخر الذي طالب الحزب بالتفاعل عبره، الساعة 8:13 مساءً بتوقيت بيروت يوم 16 حزيران/ يونيو الجاري. واستُخدم هذا الوسم في أكثر من 3،300 منشور، حاصداً أكثر من 19 ألف تفاعل. في حين، لم يتجاوز التدوين على الوسم الثاني 2،000 منشور، محققاً نحو 12،800 تفاعل، في يوم واحد.

أبرز المشاركين في الوسمَين

وشارك في الترويج لهذين الوسمَين عدد من أبرز إعلاميي حزب الله وناشطيه ومنصاته؛ ومن بينها منصة "بلاغ" التابعة للحزب مباشرةً، والصحافية بثينة عليق من إذاعة النور، والصحافي جمال شعيب، والصحافي علي ملي، والإعلامي محمد قازان المعروف بمشاركته المنتظمة في حملات حزب الله الإلكترونية، الرسمية منها وغير الرسمية، بجانب الإعلامية حوراء ياسين، التي تُعدّ من الوجوه الدائمة في الحملات الإعلامية الداعمة للحزب ومحوره.

بالإضافة إلى هذه الأسماء المعروفة، شاركت في الحملة أيضاً العديد من الحسابات المؤيدة لحزب الله، والتي لا تكشف عن هويتها الحقيقية؛ مثل: @bonitabzai، و@amenahaydar0، و@MouhamadAl81334، بالإضافة إلى عدد كبير من الحسابات الأخرى.

وتركزت المنشورات المتداولة عبر الوسمَين على تمجيد "صمود وشجاعة" سحر إمامي، ولا سيّما حركة إصبعها التي جرى تشبيهها بحركة إصبع الأمين العام الأسبق لحزب الله، حسن نصرالله، الذي اغتالته إسرائيل في أيلول/ سبتمبر 2024. كما جرى تداول مقاطع فيديو وصور مولّدة بالذكاء الاصطناعي تُصوّر مواجهةً رمزيّةً بين سحر إمامي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. 

فضلاً عن ذلك، أشارت بعض المنشورات إلى "صمود إيران" في وجه ما وصفه المغرّدون على الوسمَين بـ"التوحّش الإسرائيلي"، مع تأكيدهم على ثقتهم بـ"قدرة إيران على الصمود والرد"، واعتبارهم استهداف الإعلام الرسمي الإيراني "محاولةً من إسرائيل لإسكات صوت الحقيقة". ورُصدت بعض المنشورات التي تخلّلها خطاب طائفي، وتتحدّث عن قوة الشيعة وصمودهم.

وجاءت غالبية التدوينات على وسم #إيران_صوت_الحق، من لبنان، ثم من السعودية واليمن.

حسابات سعودية وخليجية تُظهر الشماتة بإيران، وتذكّر بمواقفها الداعمة لجماعة الحوثي في وجه التحالف العربي الذي قادته الرياض ضد الجماعة، وسوريون ينتهزون الفرصة للتذكير بدعمها نظام بشار الأسد وجرائم ميليشياتها في بلادهم

اللافت، أنه على الرغم من أنّ غالبية المنشورات على وسم "#سحر_إمامي"، جاءت من السعودية، إلا أنّ خطابها صُبغ بالسلبية، ما يعكس تفاعل مستخدمين سعوديين بشكل مختلف مع أحداث المواجهة بين إيران وإسرائيل.

السعودية والخليج يشاهدان المواجهة

إلى ذلك، ومنذ الساعات الأولى لبدء المواجهة بين إيران وإسرائيل، ظهر وسم "#الحرب_الإسرائيلية_الإيرانية"، محققاً 22،800 منشور في أربعة أيام، وتفاعلات ناهزت الـ90 ألف تفاعل. 

وبرغم أنّ الوسم جذب مدوّنين من شتّى التوجّهات السياسية، ومستخدمين عاديين، إلا أنه شهد نشاطاً من حسابات مؤيدة لمواقف القيادة السعودية؛ مثل حسابات@abw56166 و@Shasholiqa؛ وهما من الأكثر نشراً عبر هذا الوسم. نشر الحسابان منشورات تحتفي بالهجوم الإسرائيلي على إيران، مهاجمين موقف الأخيرة من القضية الفلسطينية.

كذلك، استغلّت حسابات سعودية أخرى الوسم لغرض مهاجمة إيران، تحديداً بسبب دعمها جماعة الحوثي اليمنية، وذلك في مواجهة قوات التحالف العربي التي قادتها السعودية في إطار حملة "عاصفة الحزم" العسكرية.

تصدّرت السعودية قائمة الدول التي صدرت منها تفاعلات على الوسم، بعدد 5،500 تفاعل، ثلاثة آلاف منها كانت تفاعلات سلبيةً. كما شارك في النشر مستخدمون آخرون من الكويت والإمارات وسوريا.

"اضرب الظالمين بالظالمين"، كان هذا الشعار بمثابة خلاصة مضمون معظم المنشورات الخليجية المتصلة بالتصعيد الإسرائيلي الإيراني، مع ميل واضح إلى إدانة إيران أو الوقوف ضدها أكثر من انتقاد إسرائيل


السردية السائدة

"اضرب الظالمين بالظالمين"، كان هذا الشعار بمثابة خلاصة لمضمون معظم المنشورات الخليجية التي نُشرت تحت هذا الوسم، "#الحرب_الإسرائيلية_الإيرانية"، مع ميل واضح إلى إدانة إيران أو الوقوف ضدها أكثر من انتقاد إسرائيل. أما الاستمتاع بمشهد تدمير الطرفين بعضهما بعضاً، فقد تجلّى في بعض الصور المولّدة بالذكاء الاصطناعي، والتي نشرتها حسابات سعودية، كما يظهر في الصورة أدناه.

في المقابل، نشر الناشط السوري أنس النجار، المؤيد للسلطة الانتقالية الجديدة في سوريا التي يرأسها أحمد الشرع، مقارنةً بين ما وصفها بـ"جرائم إيران" و"جرائم إسرائيل"، في محاولة واضحة لإبراز انتهاكات إيران وتقديمها باعتبارها "أشدّ وطأةً"، وذلك على خلفية دعم إيران النظام السوري بقيادة بشار الأسد، في قمعه الثورة السورية التي اندلعت في آذار/ مارس 2011.

كما نشر البعض عبر وسم "#الحرب_الإسرائيلية_الإيرانية"، خريطةً للمنطقة تتضمّن عبارات طائفيةً تعكس الخلاف بين المذهبين السنّي والشيعي. 

وتعدّ هذه الخريطة امتداداً لما احتوت عليه منشورات عديدة أُطلقت على الوسم من طائفية وظّفها البعض للتعبير عن ارتياحهم للصدام بين إسرائيل وإيران.



رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

تنوّع منطقتنا مُدهش

لا ريب في أنّ التعددية الدينية والإثنية والجغرافية في منطقتنا العربية، والغرائب التي تكتنفها، قد أضفت عليها رومانسيةً مغريةً، مع ما يصاحبها من موجات "الاستشراق" والافتتان الغربي.

للأسف، قد سلبنا التطرف الديني والشقاق الأهلي رويداً رويداً، هذه الميزة، وأمسى تعدّدنا نقمةً. لكنّنا في رصيف22، نأمل أن نكون منبراً لكلّ المختلفين/ ات والخارجين/ ات عن القواعد السائدة.

Website by WhiteBeard
Popup Image