بعد خسارة مانشستر سيتي أمام ليفربول، في أنفيلد رود، بهدفين نظيفين، انتشرت إحصائية طريفة تقول إن بيب غوارديولا أصبح أول مدرب أصلع يخسر أربع مباريات متتالية في الدوري الإنكليزي.
بيب غوارديولا، هو المدرب الأصلع الأشهر في تاريخ الكرة، وقد شكّلت صلعته مادةً دسمةً لصفحات كرة القدم خاصةً الساخرة منها، إذ يحكّ المدرب الإسباني مقدمة رأسه باستمرار خلال المباريات وفي أثناء المؤتمرات الصحافية، فيُقال من باب التندّر إنه يستخرج الأفكار والخطط الغريبة من صلعته بهذه الطريقة.
عندما كان مدرباً لبايرن ميونيخ الألماني، وردّاً على سؤال حول تسريحات الشعر الغريبة لمدافع الفريق جيروم بواتينغ، قال غوارديولا، ممازحاً إنه محظوظ بسبب فقدانه شعره منذ سنوات طويلة، فهذا يعني أنه لن يهدر وقته في تصفيفه ولن يفكر أبداً في الحصول على تسريحة كتسريحة بواتينغ.
في الواقع، يشتهر بعض نجوم الكرة بتسريحات شعرهم التي يقلّدها ملايين المعجبين حول العالم، ومع ذلك فإنّ الصلَع كان سبباً في رفع شعبية بعض اللاعبين أو المدربين وحتى الحكام وأعطاههم ميزةً خاصّةً. نتعرّف في هذا التقرير على أبرز هؤلاء قبل العودة إلى غوارديولا.
صلعة بارتيز تجلب الحظ لفرنسا
لدى البحث عن أكثر الصور شهرةً من مونديال 1998 في فرنسا، سيُظهر لكم/ نّ محرّك البحث صورةً لقائد المنتخب الفرنسي يومها لوران بلان وهو يقبّل صلعة حارس الفريق فابيان بارتيز.
يقول لوران بلان، الذي درّب منتخب فرنسا أيضاً بين عامي 2010 و2012، إنه قبّل صلعة بارتيز قُبيل انطلاق إحدى مباريات الدور الأول للمونديال الذي استضافته فرنسا، وبعد الفوز بالمباراة قرر مع بارتيز أن هذه القبلة هي "فأل حظ" على الفرنسيين، واستمرّا في تكرار الأمر طوال المونديال.
يحكّ المدرب الإسباني غوارديولا مقدمة رأسه باستمرار خلال المباريات وفي أثناء المؤتمرات الصحافية، فيُقال من باب التندّر إنه يستخرج الأفكار والخطط الغريبة من صلعته بهذه الطريقة
غاب بلان عن المباراة النهائية لمونديال فرنسا 98، لكنه دخل إلى الملعب قبل انطلاقة اللقاء وقبّل صلعة بارتيز، وحينها انتهت المباراة بفوز فرنسا على البرازيل بثلاثية نظيفة، وتُوّجت بلقبها العالمي الأول. كرّر اللاعبان الأمر في يورو 2000، الذي فازت فيه فرنسا أيضاً.
اعتزل لوران بلان، اللعب الدولي بعدها، واستمر بارتيز مع المنتخب، والمفارقة أن حارس مانشستر يونايتد السابق كشف أن لاعبين كثراً طلبوا لاحقاً تقبيل صلعته قبل المباريات مع النوادي والمنتخب، لكنه كان يرفض على اعتبار أن هذه الحركة هي بينه وبين لوران بلان فحسب.
الحكم الأصلع الذي يخشاه الجميع
اشتهر الإيطالي بيير لويجي كولينا، الذي يعدّه كثيرون الحكم الأفضل في تاريخ الكرة، بشعره الحليق وعينيه ذات النظرات الثاقبة وصرامته الكبيرة داخل الملعب إلى درجة أن لاعبين كثراً اعترفوا بأنهم كانوا يخشونه ويتجنّبون الاعتراض على قراراته.
بالإضافة إلى حزمه الكبير في الملعب، تميّز كولينا بمواقفه المحترمة والإنسانية وأخلاقه العالية، وفاز بجائزة أفضل حكم في العالم ست مرات متتالية، وعُرف بلقب الحكم الأصلع الذي يخشاه ويحبه الجميع في آن معاً.
اشتهر الإيطالي بيير لويجي كولينا، الذي يعدّه كثيرون الحكم الأفضل في تاريخ الكرة، بشعره الحليق وعينيه ذات النظرات الثاقبة وصرامته الكبيرة داخل الملعب إلى درجة أن لاعبين كثراً اعترفوا بأنهم كانوا يخشونه ويتجنّبون الاعتراض على قراراته
في مطلع الألفية وخلال برنامج حواري تلفزيوني، حاول أحد المقدّمين ممازحته وعرض عليه هديةً هي عبارة عن كريم مثبّت للشعر، فردّ كولينا عليه بشكل حازم، وقال إن هذه الدعابة قد تشكل حرجاً للّذين فقدوا شعرهم بسبب المرض.
يُذكر أن كولينا فقد شعره بشكل كلي عندما كان في سن الـ24، بسبب مرض يسمّى ألوبيسيا ويؤدي إلى تساقط الشعر.
صلعة الظاهرة تُلهم الملايين
في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، برزت إلى الواجهة ظاهرة كروية حقيقة: "رونالدو نازاريو داليما"؛ جسد قوي، سرعة فائقة ومهارات استثنائية مع رأس بلا شعر، وتحوّل بسرعة قياسية ليصبح "معبود الجماهير"، وبات الأطفال يقلّدون حركاته واللافت أن الكثير من أبناء تلك الحقبة عشقوا الكرة بسبب رونالدو.
في مونديال 2002، وقبل مباراة نصف النهائي بين البرازيل وتركيا، ظهر رونالدو أمام زملائه بقصة شعر غريبة: القليل من الشعر عند مقدّمة رأسه، مع ترك بقية الرأس بلا شعر.
وعندها، تحولّت تسريحة رونالدو إلى ظاهرة حقيقية، حيث قلّدها ملايين الأطفال والفتية حول العالم، وكانوا يطلبون من الحلّاق ببساطة "قصّة رونالدو".
زيزو يسحر الخصوم بصلعته
يُعدّ الفرنسي ذو الأصول الجزائرية زين الدين زيدان، واحداً من أفضل لاعبي الوسط في تاريخ الكرة، ومن أساطير نادي ريال مدريد حيث حقق المجد مع الفريق لاعباً ومدرباً.
انتشرت دعابة تقول إن ريال مدريد كان يفوز بسبب "برَكة زيدان"، وإن السرّ يكمن تحديداً في صلعته، فكانت تظهر صور على الصفحات الساخرة تبيّن خطوط نار تخرج من صلعة زيدان فتربك الخصم وتخيف لاعبيه، وتجعلهم يقعون في الأخطاء ويخسرون المباريات
في فترته التدريبية الأولى مع الفريق، حقق ريال مدريد لقب دوري أبطال أوروبا ثلاث مرّات متتالية، وهو أمر لم يفعله أي مدرب آخر في النظام الجديد للبطولة، ويرى كثيرون أن زيدان استفاد من بعض الحظ لتحقيق هذا الإنجاز، حيث كان لاعبو الفرق المنافسة يتعرّضون للإصابات قبل المباريات ضد الميرنغي وخلالها، لتنتشر دعابة تقول إن ريال مدريد كان يفوز بسبب "برَكة زيدان"، وإن السرّ يكمن تحديداً في صلعته، فكانت تظهر صور على الصفحات الساخرة تبيّن خطوط نار تخرج من صلعة زيدان فتربك الخصم وتخيف لاعبيه، وتجعلهم يقعون في الأخطاء ويخسرون المباريات، ومن بينها خطأ ارتكبه حارس بايرن ميونيخ أولريتش في نصف نهائي نسخة 2018، وخطآن اثنان من حارس ليفربول كاريوس في نهائي النسخة نفسها، بالإضافة إلى إصابة محمد صلاح نجم ليفربول يومها ومغادرته المباراة في وقت مبكر.
واللافت أنه في المواسم الـ25 من دوري الأبطال التي لُعبت في القرن الحالي، كان الفوز فيها عشر مرات لفرق يقودها مدربون صُلع.
مورينيو يسخر من صلعة غوارديولا
"لو كان يستمتع بما يقوم به كمدرب لما كان خسر شعره"؛ بهذه الكلمات هاجم جوزيه مورينيو خصمه اللدود بيب غوارديولا.
تواجه المدربان في مناسبات كثيرة ومع فرق مختلفة، وبالأخص في كلاسيكو الكرة الإسبانية بين ريال مدريد وبرشلونة، وامتاز كلّ منهما بتوجيه السهام إلى الآخر في المؤتمرات الصحافية فانقسمت جماهير الكرة بينهما.
تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي دراسات حول تفضيل النساء الرجال الصلع، وبغض النظر عما إذا كانت هذه الدراسات صحيحةً، فلا شكّ أن بيب غوارديولا يتمتع بشعبية كبيرة في أوساط النساء بسبب وسامته وأناقته والكاريزما التي يمتلكها.
في هذا السياق، نشر موقع Pulse Sport، إحصاءً حول أكثر عشرة مدربين جاذبيةً بالنسبة للنساء، وحلّ المدرب الإسباني غوارديولا في المركز الأول، وقد ضمّت اللائحة أسماء بارزةً مثل البرتغالي جوزيه مورينيو والإسباني ميكيل أرتيتا.
إلى ذلك، اشتهر غوارديولا بالأناقة أيضاً واختاره موقع Planet football في العام 2023 ضمن لائحة أكثر المدربين في العالم أناقةً، ويعود الفضل في ذلك إلى زوجته كريستينا سيرّا التي تعمل في مجال الأزياء والألبسة والتي تختار ملابسه بنفسها، وقد اعترف هو بأن ذوقه في الملابس كان كارثياً قبل أن يتعرّف إليها.
البقاء للأصلع
أُطلقت على بيب غوارديولا ألقاب عدة كلها مرتبطة بالصلع في الصحافة العربية والعالمية، فهو المدرب الأصلع والفيلسوف الأصلع والمدرب صاحب الصلعة الأشهر، وبعد الخسارة والخروج برفقة مانشستر سيتي أمام ليفربول في دوري أبطال نسخة 2018، أطلق صحافيون إنكليز على بيب لقب "الأصلع المحتال"، وقالوا إنه لن يستطيع الفوز بدوري الأبطال دون مساعدة ليونيل ميسي. واللافت أنه لو كتبتم/ نّ bald fraud على محرّكات البحث في تلك الفترة، لوجدتم/ نّ أكثر من 4،700 خبر مرتبط ببيب غوارديولا.
تغيّرت الأمور مع الوقت، وفاز غوارديولا بالدوري الإنكليزي ست مرات في سبع سنوات، وهو أمر لم يفعله أي مدرب آخر، كما أنه أهدى الفريق الأزرق السماوي لقبه الأول تاريخياً في دوري الأبطال، وعدّ البعض أن "الأصلع ليس محتالاً"، كما يُقال.
أُطلقت على بيب غوارديولا ألقاب عدة كلها مرتبطة بالصلع في الصحافة العربية والعالمية، فهو المدرب الأصلع والفيلسوف الأصلع والمدرب صاحب الصلعة الأشهر
بعد سيطرة بيب على الدوري الإنكليزي، تحوّل مسار الدعابات وأصبح لصالحه؛ تعاقد مانشستر يونايتد مع إيريك تين هاغ (أقيل لاحقاً)، وتشيلسي مع إنزو ماريسكا، وليفربول مع آرني سلوت، والمشترك بين الرجال الثلاثة هو الصلع. الدعابة في الصحافة الإنكليزية أصبحت كالتالي: "لكي تنافس المدرب الأصلع على لقب الدوري الإنكليزي عليك الاستعانة بمدرب أصلع".
من جهته، حاول مدرب تشيلسي ماريسكا، إبعاد الضغوط عن نفسه، وتجنّب الوقوع في مقارنة مع بيب غوارديولا، فقال ممازحاً: "صحيح أنني أصلع مع لحية مثله، لكنني لست بيب غوارديولا ولديّ أسلوبي الخاص".
الجدير بالذكر أنه منذ أن تسلّم بيب غوارديولا تدريب مانشستر سيتي قبل ثماني سنوات، أقالت أو غيّرت كل فرق النخبة في إنكلترا مدرّبيها مرةً واحدةً على الأقل، في حين أن غوارديولا لا يزال على رأس عمله ويغادره فقط عندما يقرر ذلك بنفسه. وعليه، البقاء للأصلع!
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 21 ساعةكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 4 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...