شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"لا أعرف المصير الذي ينتظرني"... ذوو الإعاقة عالقون في الحرب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والحقوق الأساسية

الخميس 10 أكتوبر 202412:57 م

مشاعر العزلة والتهميش هي ما تعيشه الفئات المهمشة في لبنان. وتزداد هذه المشاعر حدّةً لدى الأشخاص ذوي الإعاقة في ظل غياب الاهتمام الحكومي والمدني.

هذه الفئة مغيّبة عن الخطط والتدابير الأمنية والوقائية في أوقات السلم، فما بالنا بأوضاعها خلال الحرب التي يشهدها لبنان حالياً، والتي تفاقم أزماتها وصعوبة حمايتها وتأمين الموارد الأساسية التي تحتاجها؟

بالإضافة إلى ذلك، تتفاقم معاناة ذوي الإعاقة النفسية وتزداد مشاعر الخوف والقلق لديهم.

"ليست لدينا حقوق"

اضطرت ربيعة، إلى النزوح من مكان سكنها في الضاحية الجنوبية لبيروت إلى مدينة زحلة في البقاع.

عن تجربتها، هي التي تعمل في تعبئة خطوط الهاتف، تقول لرصيف22: "أعاني من شلل الأطفال منذ الصغر، وأعيش مع والدتي بمفردنا ولا معيل لنا، ومع ذلك، ليست لدينا أي حقوق. لم تقم الدولة بأي مبادرة أو أي اتصال بنا حتى الآن أو جمع البيانات وإحصاء الحالات لمساعدتنا، وحتى الجمعيات المختصة بشؤون الإعاقة لم تتواصل معي حتى اللحظة".

وتكمل ربيعة: "أنا اليوم لا أعرف ما هو المصير الذي ينتظرني، ولا أتوقع أن تهتم بنا الدولة بشكل إنساني أو أن أضمن الاهتمام بي وبأمّي".

"أعاني من شلل الأطفال منذ الصغر، وأعيش مع والدتي بمفردنا ولا معيل لنا، ومع ذلك، ليست لدينا أي حقوق. لم تقم الدولة بأي مبادرة أو أي اتصال بنا حتى الآن أو جمع البيانات وإحصاء الحالات لمساعدتنا، وحتى الجمعيات المختصة بشؤون الإعاقة لم تتواصل معي حتى اللحظة"

يؤكد الدكتور إبراهيم عبد الله، الخبير في شؤون الإعاقة، لرصيف22: "الأمور ما زالت غير واضحة بالنسبة لنا. ما استطعنا فعله هو تنظيم مجموعات عبر الهاتف كمحاولة لوضع خطة مساعدة للأشخاص ذوي الإعاقة، لكن كل هذه المحاولات تنقصها موارد، حتى الآن لم تضع الدولة أي خطة طوارئ أو مساعدات أو أماكن لحماية هؤلاء الأشخاص، هناك بعض الجمعيات تتابع مع المعنيين للقيام بخطة مستعجلة خلال هذه الحرب".

وينعكس تأخر الحكومة اللبنانية أيضاً على كمال، الذي يعاني من إعاقة بصرية ونزح من الجنوب اللبناني مع عائلته إلى شمال لبنان.

يقول كمال، البالغ من العمر 45 عاماً، لرصيف22: "بعد القصف الذي حصل على النبطية، اضطررت إلى أن أخرج منها. بدأت معاناة النزوح من الطريق إذ بقينا خمسة عشر ساعةً حتى وصلنا إلى بيروت ولا مكان للإقامة لنا فيها، إلى أن انتقلنا إلى شمال لبنان وطبعاً ظروف العيش مختلفة حيث نقيم في منزل غير مجهّز لظروفي الصحية".

أما عن متابعة الدولة، فيقول: "لم نتلقَّ أي اتصال من أي جهة رسمية أو غير رسمية، وما يقلقني حقاً هو أن تطول هذه الحرب وتتسبب لي في أزمة اقتصادية مع الوقت، إذ تركت بيتي الخاص وعملي هناك وليست لدي أي موارد حالياً خاصةً مع حالة الفوضى التي نعيشها الآن وتقاعس الدولة عن الاهتمام بنا".

تعليقاً على هذه النقطة، تؤكد الدكتورة عتاب شعيب، وهي باحثة وأخصائية في التصميم الجامع، أنه يتعيّن على الدولة القيام بخطة طوارئ خلال الحرب من خلال إخلاء الأشخاص ذوي الإعاقة المضطرين إلى النزوح إلى أماكن آمنة ومجهزة ومكيّفة مع احتياجاتهم.

وتضيف لرصيف22: "دائماً ما ننصح بأن تكون أماكن الإيواء في الطابق الأرضي حتى في ظل وجود مصعد، لتجنب المشكلات في حال انقطاع التيار الكهربائي أو حصول أي طارئ، كما يجب تجهيز حمّامات خاصة لتتناسب مع الأشخاص الذين يستخدمون الكرسي المتحرك، وأخذ الذين لديهم إعاقات ذهنية في الحسبان، بالإضافة إلى ذلك يجب تجهيز أسرّة خاصة وسهلة الحركة للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية إذ لا يستطيعون استخدام الفرشات الأرضية".

وتتابع عتاب: "في المرحلة الأخيرة بعد وجودهم في أماكن آمنة، يجب المتابعة الصحية وتأمين الأدوية وتخزينها والأمور التيسيرية كالعصا البيضاء والسماعات، والنظارات الخاصة".

وتختم شعيب: "يجب على الدولة تأمين خطة متكاملة، وإحصاء الأشخاص لمساعدتهم في حالات الطوارئ وتأمين احتياجتهم في أماكن نزوحهم. نحن الآن جهّزنا كتيّباً حول حماية الأشخاص ذوي الإعاقة وكيفية دمجهم في المجتمع والاستجابة لحالات الطوارئ ومساعدتهم على التعافي".

"عالقة في بيتي"

تعاني رنا (25 عاماً)، من إعاقة بصرية، وهي اليوم عالقة في منزلها ضمن مدينة صيدا، وفق ما تخبر رصيف22: "نزحت إلى خارج منطقة صيدا في المرحلة الأولى من التصعيد وذهبت إلى منطقة حريصا، ثم عدت إلى منزلي بعد تداول أخبار عن عدم قيام حرب، لكن الآن مع الأحداث المستجدة لا نعرف أنا وأهلي ما علينا القيام به، وذلك لعدم توافر أماكن نزوح مناسبة لي وإذا توافرت فهي بأسعار خيالية".

وتضيف رنا: "لم يتواصل أي مصدر رسمي معنا أو جمعيات لتأمين مأوى أو أي احتياجات، أنا اليوم عالقة في بيتي لا أعرف ما قد يحصل في أي لحظة، وما يقلقني أنني أقطن في الطابق الخامس، وفي حال حصول أي حدث لا أستطيع استخدام المصعد للهرب خاصةً في حال انقطاع الكهرباء، الوضع سيئ جداً من ناحية الأمان ومن الناحية النفسية".

"ما يقلقني حقاً هو أن تطول هذه الحرب وتتسبب لي في أزمة اقتصادية مع الوقت، إذ تركت بيتي الخاص وعملي هناك وليست لدي أي موارد حالياً خاصةً مع حالة الفوضى التي نعيشها الآن وتقاعس الدولة عن الاهتمام بنا"

بدوره، يقول نبيه (26 عاماً)، لرصيف22، وهو يعاني من إعاقة بصرية جزئية: "أنا حالياً أسكن خارج بيروت إذ تُعدّ هذه المنطقة آمنةً حتى الساعة، ولكن هذا لا يجعلني أشعر بأنني في موقع آمن لأنني لا أعرف متى يتغير مسار الحرب، كما تولدت لدي مشاعر الذنب تجاه الآخرين القاطنين في مناطق غير آمنة، وتتقصد الدولة الانتقاص من كرامة الإنسان عبر التقصير في تأمين الحد الأدنى من حقوقنا في أوقات السلم أو الحرب".

ويتابع نبيه، الذي يعمل في مجال حقوق الإنسان والفن: "أما بالنسبة إلى حالة الطوارئ، فليست لدي خطة لترك منزلي، لكن في حال اشتدت الحرب سأضطر إلى السفر لأنني لا أريد أن أصل إلى مرحلة لا أعرف فيها إلى أين يجب أن أتوجه"، مشدداً على أن السفر لا يُعدّ اليوم رفاهيةً بل وسيلةً للنجاة فحسب: "هل ما نضعه في حقيبة سفرنا سيؤمّن كرامتنا والعيش الكريم لنا؟ وكأن هذه الحقيبة تصبح هي كل ما نملك للنجاة بحياتنا، وهذا كله ضمن الهواجس والأفكار التي تدور في رأسي وتشعرني بالعجز لعدم قدرتي على إيجاد حلول".

في النهاية، يعكس الواقع المرير معاناة الأشخاص ذوي الإعاقة، في حالات السلم أو الحرب دون أي حلول سريعة، وتظلّ مطالبهم مؤجلةً في ظل غياب خطة شاملة من الدولة اللبنانية أو المؤسسات المحلية دون أي بصيص أمل في تحسين أوضاعهم.  


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image