شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
تطلّعاً إلى كعكة الثروات... هل يحدد يهود ليبيا وإسرائيل مصير دولة ما بعد القذافي؟

تطلّعاً إلى كعكة الثروات... هل يحدد يهود ليبيا وإسرائيل مصير دولة ما بعد القذافي؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتاريخ

الجمعة 8 نوفمبر 202407:49 ص

في مقطع فيديو على منصة تيك توك، نقلت من خلاله حفل زفاف ابنة رئيس "اتحاد يهود ليبيا"، روفائيل لوزون، أعادت الأمازيغية سفيرة ليبيا لدى المكسيك سناء المنصوري، جدلاً في أوساط ليبية وعربية حول طبيعة العلاقات بين حكومات ليبيا واليهود ذوي الأصول الليبية، ومدى ارتباط تلك العلاقات بقنوات اتصال ليبية-إسرائيلية غير معلنة (أحياناً)، قبل ثورة 15 شباط/ فبراير 2011، وبعدها.

قبل عام تقريباً من واقعة المنصوري، عقدت وزيرة الخارجية السابقة في حكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش، لقاءً في روما مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين. وبرغم استبعاد روفائيل لوزون، إمكانية عقد اللقاء من دون تلقّي ضوء أخضر من رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، آثر الأخير إقالة الوزيرة هرباً من صخب الشارع الليبي، خاصةً بعد تسريب الخارجية الإسرائيلية أنباء اللقاء، وقال معلّقاً: "ما حدث في روما أمر جلل حتى وإن كان اللقاء بين المنقوش ونظيرها الإسرائيلي هامشياً".

حساسية الملفات غير المعلنة بين طرابلس وتل أبيب

وبين لقاء المنقوش نظيرها كوهين، سرّاً في روما، ونقل المنصوري حفل زفاف ابنة لوزون، لم يغب حضور رئيس "اتحاد يهود ليبيا" عن الكواليس؛ وفيما رأى بصفته عرَّاب العلاقات السرّية بين ليبيا وإسرائيل، أن توقيت عقد لقاء روما لم يكن مناسباً، أقرّ بالتزامه دور همزة الوصل، والخروج بعدها من الصورة، وهو ما يشي بحساسية القضايا ذات الصلة بالجانبين.

بمنظور المصالح الاقتصادية، ربما توهَّج جموح إسرائيل للانفتاح على كعكة ليبيا، وغدت تستثمر "اتحاد يهود ليبيا"، ورئيسه روفائيل لوزون، في توسيع قنوات التواصل. وبرغم انتماء الأخير إلى معسكر اليمين المتطرف في إسرائيل، إلا أنه يرى حتمية الاستعانة بيهود الدول العربية في انضمام دول شرق أوسطية جديدة إلى طابور التطبيع مع إسرائيل

الباحث الإسرائيلي اليهودي ذو الأصول الليبية، مدير معهد دراسات وأبحاث يهود ليبيا، يعقوب حجاجي ليلوف، يتفق مع لوزون حول حساسية الملفات غير المعلنة بين طرابلس وتل أبيب؛ ونقلت عنه صحيفة "ماكوريشون" الإسرائيلية ما نسبه إلى المنقوش، حول دواعي تطبيع العلاقات مع إسرائيل: "إسرائيل تطالب ليبيا بتسديد تعويضات بقيمة 200 مليار دولار لصالح اليهود الذين غادروا عام 1967، لكنها تعهَّدت بالتنازل عن التعويضات مقابل تطبيع علاقات رسمية مع طرابلس، وعدّت تنازلها مجرد نقطة بداية".

وفي محاولة لترسيخ ما يوصف بحقوق يهود ليبيا في التعويضات، عاد ليلوف إلى وصول معمر القذافي إلى رأس السلطة عام 1970: "حينها اتخذ قراراً بوضع أموال اليهود الليبيين تحت الوصاية لمدة 15 عاماً. بعد انتهاء المدة، ناشده اليهود بالإفراج عن الأموال". ويضيف الباحث الإسرائيلي: "التقيت بثالث أقوى شخصية في نظام القذافي، من أجل وضع حلّ للمسألة، وتلت اللقاء اجتماعات أخرى، لكنها لم تسفر عن نتائج على الأرض".

ولم يستنكف ليلوف، في المقابل اعترافاً باهتمام القذافي البالغ باليهود ذوي الأصول الليبية، فعكف على التواصل الدائم معهم، وابتكر حلّ الدولة الواحدة إسرائيل وفلسطين، وفقاً لسياسة "الكتاب الأخضر". وفي إطار اجتماعات القذافي مع صديقه اليهودي المقرّب روفائيل لوزون، أمدّه ليلوف بكتاب من تأليفه عن يهود ليبيا، وأعرب في الإهداء عن حلمه بالعودة إلى ليبيا في منصب أول سفير إسرائيلي لدى طرابلس.

تورط نتنياهو في صفقات غير مشروعة مع القذافي

تلقّى ليلوف، من القذافي، دعوةً لإلقاء محاضرة أمام طلاب جامعة طرابلس، لكنه لم يمتلك في حينه جواز سفر بجنسية غير الإسرائيلية لتتسنى له تلبية الدعوة، ومن ثم إلقاء المحاضرة. ويضيف لصحيفة "ماكوريشون": "حرص القذافي على توعية الطلاب بدور اليهود الليبيين، تماماً مثل حرصه خلال إحدى زياراته للعاصمة روما على لقاء اليهود الليبيين الذين استقرّوا في إيطاليا بعد مغادرة ليبيا".

وإذا اعتمدت إسرائيل في التقارب مع ليبيا على إحراز مكاسب اقتصادية، فلا ينبغي القفز على واقعة استفادة بنيامين نتنياهو، بشكل شخصي، من ثمار تعاون غير شرعي مع ليبيا القذافي، تحدّى به الطرفان حينذاك العقوبات الأمريكية المفروضة على ليبيا، إذ تورط نتنياهو في فضيحة كبيرة حول علاقته بشركة Seadrift Coke، وهي شركة إسرائيلية تتخذ من ولاية تكساس مقرّاً لها، وكان يملكها في السابق ابن عم رئيس الوزراء الإسرائيلي ناثان ميليكوفسكي.

حقق نتنياهو عائداً يزيد على 700% من أسهم الشركة التي اشتراها عام 2007، وباعها في 2010؛ وبحسب تقرير لموقع "هافينغتون بوست"، اتهمت وزارة التجارة الأمريكية شركةً أخرى مملوكة لميلكوفسكي، C/G Electrodes، ببيع أقطاب غرافيت (موصلات كهرباء) لليبيا في عهد معمر القذافي، خلال العامين 2007 و2008، وعدّت واشنطن الخطوة انتهاكاً للوائح حظر الانتشار النووي. خلال تلك الفترة، كانت Seadrift Coke، المورّد الرئيسي للمواد الخام لشركة C/G Electrodes، ما يعني أن نتنياهو استفاد من صفقات مبيعات الشركة لليبيا.

لولا النفط لما اهتمّ أي شخص في العالم بدولة ليبيا

حتى بعد ثورة 15 شباط/ فبراير 2011، لم يغب بصيص علاقات الظلّ وعوائدها بين ليبيا وإسرائيل، وحضر أيضاً دور يهود ليبيا في ترتيب لقاءات بين دوائر الجانبين. وتفيد وثائق تحصَّلت عليها صحيفة "كلكاليست" الإسرائيلية، بأن شركتي AMES (الشركة الشقيقة لـNexa في دبي)، وIntelexa، اللتين يديرهما قادة سابقون في هيئة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، عرضتا من خلال يهود ليبيين في شباط/ فبراير 2019، تقنيات لتعقب أجهزة الهواتف الخليويَّة على نظام المشير خليفة حفتر، في بنغازي، إلا أنه بعد مداولات طويلة اقتصر توقيع الصفقة على تقنيات تنصُّت على المكالمات الهاتفية، واعتراض شبكات الإرسال الخليوي.

وبينما يقرّ رئيس "اتحاد يهود ليبيا" روفائيل لوزون، بأنه "لولا النفط لما اهتمّ أي شخص في العالم بليبيا"، بحسب حواره مع قناة "أخبار 14" الإسرائيلية، لم تخرج ثروات ليبيا من جدول طموحات إسرائيل، لا سيما صندوق الاستثمار الحكومي السرِّي، الذي تصفه الكاتبة الإسرائيلية دفنا ماؤور، بـ"مفتاح إعادة بناء ليبيا بعد انتهاء القتال، وكلمة السرّ في تنمية مستقبل الاقتصاد الليبي". وفي تقريرها في صحيفة "ذي ماركر" الإسرائيلية، أشارت ماؤور، إلى أن أصول الصندوق الليبي تبلغ 70 مليار دولار، بما في ذلك ممتلكات مربحة للغاية في شركات غربية.

إذا اعتمدت إسرائيل في التقارب مع ليبيا على إحراز مكاسب اقتصادية، فلا ينبغي القفز على واقعة استفادة بنيامين نتنياهو، بشكل شخصي، من ثمار تعاون غير شرعي مع ليبيا القذافي، تحدّى به الطرفان حينذاك العقوبات الأمريكية المفروضة على ليبيا

ووفقاً لصندوق النقد الدولي، تمتلك ليبيا أصولاً أجنبيةً في البنك المركزي وهيئة الاستثمار بقيمة 152 مليار دولار، اعتباراً من نهاية عام 2010، وهو مبلغ يمثل 160% من ناتجها المحلي الإجمالي، ويمتلك أصولاً تصل إلى 70 مليار دولار، وهو ما يعادل 75% من حجم الاقتصاد بأكمله. كما يمتلك الصندوق استثمارات في مجموعة من الشركات الأوروبية الكبرى، من بينها بنك "يونيكريديت" الإيطالي، ودار النشر البريطانية شركة "بيرسون" (مالكة صحيفة "فايننشال تايمز").

وفيما لا ينشر الصندوق، الذي يبلغ حجمه نفس حجم صندوق الثروة السيادي القطري، أي معلومات تقريباً، نظراً إلى أن موقعه الإلكتروني لا يزال قيد الإنشاء، أظهر تقرير سنويّ نادر صدر عام 2009، سيولة الصندوق الذي يحتفظ بأكثر من 78% من "الأدوات المالية قصيرة الأجل في الخارج"، ويستثمر 8 مليارات دولار فقط في استثمارات طويلة الأجل في شمال أفريقيا وآسيا وأوروبا.

استثمارات هائلة في البنوك والطيران والدفاع والإعلام والنفط

اهتمام إسرائيل بصندوق الثروة الليبي، عكسته بيانات الصحيفة الإسرائيلية، التي أكدت أن هيئة الاستثمار الليبية تستثمر 1.5 مليارات دولار في الشركات المتداولة في البورصات، خاصةً في البنوك وشركات الطيران والدفاع والإعلام والنفط في أوروبا. وقد حقق الصندوق أرباحاً بلغت 2.37 مليار دولار، في الفترة ما بين 2006 إلى أوائل 2009، أي ما يقرب من 6% من أصول بقيمة 40 مليار دولار. ويُعدّ هذا العائد جيداً مقارنةً بعائد صندوق الثروة السيادية في النرويج، على سبيل المثال، الذي خسر 2.9 مليارات دولار عام 2007، وأكثر من 23% في عام 2008، عندما ضربت أزمة الائتمان الأسواق المالية.

حتى بعد ثورة 15 شباط/ فبراير 2011، لم يغب بصيص علاقات الظلّ وعوائدها بين ليبيا وإسرائيل، وحضر أيضاً دور يهود ليبيا في ترتيب لقاءات بين دوائر الجانبين.

وتنقل "ذي ماركر" عن ريتشارد فوكس، أحد كبار المديرين في وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، أنه من غير المتوقع أن تبيع ليبيا حيازاتها من الأسهم، وحتى لو فعلت ذلك، فالتأثير سيكون ضئيلاً. وأضاف: "من حيث احتياطيات النقد الأجنبي، فإن ليبيا غنية بشكل مثير للدهشة. ومن حيث نصيب الفرد من الاحتياطيات، فهي أكثر من أي دولة أخرى تقريباً".

أما غابرييل ستيرن، الخبير الاقتصادي في شركة الوساطة المالية "إكزوتيك"، فيقول هو الآخر: "لديهم أموال لا تنضب حتى إذا احترقت"، مؤكداً أن هيئة الاستثمار الليبية تتمتع بعضوية في المنتدى الدولي لصناديق الاستثمار الحكومية (IFSWF)، الذي يضمّ عشرات صناديق الاستثمار الحكومية في العالم، بما في ذلك هيئة أبو ظبي للاستثمار، ويدير أصولاً بقيمة 3 تريليونات دولار.

بمنظور المصالح الاقتصادية، ربما توهَّج جموح إسرائيل للانفتاح على كعكة ليبيا، وغدت تستثمر "اتحاد يهود ليبيا"، ورئيسه روفائيل لوزون، في توسيع قنوات التواصل. وبرغم انتماء الأخير إلى معسكر اليمين المتطرف في إسرائيل، إلا أنه يرى حتمية الاستعانة بيهود الدول العربية في انضمام دول شرق أوسطية جديدة إلى طابور التطبيع مع إسرائيل، وعزا ذلك إلى أن تلك الشريحة من اليهود عاشت في الدول العربية وتعرفها جيداً من الداخل.

لوزون: صدام حفتر دخل البنك المركزي وخرج بـ6 ملايين يورو

وفي حواره المطول مع قناة "أخبار 14" الإسرائيلية، يقول روفائيل لوزون: "في إطار اتفاقيات أبراهام مع المغرب، رأينا رئيس جهاز الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شابات، مغربي الأصل، وهو يساهم بشكل كبير في توقيع الاتفاقات مع حكومة الرباط". ويضيف لوزون، إلى قائمة اليهود المقربين من دوائر صنع القرار العربي، أندريه أزولاي، الذي يُعدّ من كبار مستشاري ملك المغرب، وساهم كثيراً في نجاح اتفاقات أبراهام بين المملكة المغربية وإسرائيل.

نظراً إلى تمرُّسه في قضايا الداخل والخارج الليبيبن، حافظ لوزون على وضعية الضلوع في حلحلة العديد من الخلافات بين الفرقاء والخصوم الليبيين، وبدا في تحليله لواقع المشهد الليبي قبل ثورة 15 شباط/ فبراير 2011، وبعدها، خبيراً مخضرماً؛ فبينما يعوِّل الليبيون على الخروج من دائرة الفوضى والجهوية عبر إجراء الانتخابات، يستبعد لوزون إمكانية إحراز الخطوة السياسية في المستقبل المنظور، مشيراً إلى هيمنة الأتراك والإماراتيين والفرنسيين على المشهد الداخلي بما في ذلك السيطرة على مرشحي الرئاسة، فضلاً عن انقسام البلاد بين الشرق والغرب (بنغازي وطرابلس)، ومن المقرر أن يواجه معظم الليبيين صعوبةً في قبول زعيم من بنغازي. تضاف إلى هذا التعقيد حقيقة أن ليبيا تتكون من نحو 140 قبيلةً مختلفةً، ولكل قبيلة مصالح مختلفة أيضاً.

وفيما جنح إلى موقف الولايات المتحدة، الذي لا تستملح اقتناص خليفة حفتر منصب الرئاسة، عقد لوزون مقارنةً بين المشير حفتر والعقيد والقذافي: "أعتقد أن القذافي كان ذكياً. لقد قدّم نفسه دائماً على أنه المنقذ، أما حفتر فيقدّم نفسه كقائد للجيش، وهذا يثبط عزيمة الشعب. بالإضافة إلى حفتر، هناك ابنه صدام الذي تتجاوز سلوكياته حدود العقل. اقتحم ذات مرة البنك المركزي، وغادره بستة ملايين يورو"، يقول لوزان في حواره مع موقع القناة الإسرائيلية.

سرّية المصالح المتبادلة واعتماد خارجية إسرائيل على "ماعوز"

"التطبيع مع إسرائيل يضمن استقرار ليبيا، هذه فرصة لن تتكرر"؛ خلال لقاء وسط حاشيتها، تسرَّبت عبارة نجلاء المنقوش، قبل قرار إقالتها في 28 آب/ أغسطس 2023، لتجسّد سرّية المصالح المتبادلة بين ليبيا وإسرائيل، واستفادة كل طرف منها لتحقيق مآرب سياسية واقتصادية، حسب صحيفة "ماكوريشون".

ربما استقت المنقوش، انطباعها حينذاك من لقاء الوفد الإسرائيلي السرّي في العاصمة الإيطالية؛ فبينما خرج لوزون من الصورة بعد ترتيب اللقاء، بحسب موقع "والا" العبري، تولّى رونين ليفي، مدير عام الخارجية الإسرائيلية، مهمة التقارب مع ممثلة حكومة الوحدة الوطنية. ولم يخرج رونين من رحم الدوائر الرمادية في تل أبيب إلا قبل أيام من لقاء روما، إذ كان معروفاً باسمه الكودي "ماعوز"، وتكفَّل من قبل مجلس الأمن القومي الإسرائيلي بإدارة ملفات التطبيع مع الدول الإفريقية. وانطلاقاً من دوره في تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسودان من جهة، والأولى وتشاد والمغرب من جهة أخرى، وضع رونين ليفي، حزمة محفزَّات على طاولة الوزيرة الليبية، كانت باعثاً لاعتقادها بأن التطبيع مع إسرائيل فرصة لن تتكرر، كما نقلت عنها "ماكوريشون".

لم يغب عن حقول السياسة الليبية الاعتقاد بنفوذ تل أبيب لدى حكومات الدول الغربية وفي طليعتها الإدارة الأمريكية؛ فبينما يبحث المتنافسان البارزان على مقعد الرئاسة الليبية (خليفة حفتر، وسيف الإسلام القذافي)، عن ظهير دولي يعزز ترشحهما للمنصب، اعتمدا على شركتي استشارات إسرائيلية في تسويق ودعم حملتيهما الانتخابية

لم يغب عن حقول السياسة الليبية الاعتقاد بنفوذ تل أبيب لدى حكومات الدول الغربية وفي طليعتها الإدارة الأمريكية؛ فبينما يبحث المتنافسان البارزان على مقعد الرئاسة الليبية (خليفة حفتر، وسيف الإسلام القذافي)، عن ظهير دولي يعزز ترشحهما للمنصب، اعتمدا على شركتي استشارات إسرائيلية في تسويق ودعم حملتيهما الانتخابية.

شركة حملة نتنياهو الانتخابية تدير حملتَي حفتر وسيف الإسلام

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "يسرائيل هايوم"، المقرّبة من المستوى الرسمي في تل أبيب، وقَّع بلقاسم حفتر (أحد أبناء المشير)، عقد الاستعانة بخدمات شركة اتصالات إستراتيجية إسرائيلية كبيرة في مدينة دبي. وعزا الكاتب الإسرائيلي دانيال سيريوتي، اختيار الشركة الإسرائيلية إلى إدارة مالكها حملات انتخابيةً ناجحةً لمرشحي رئاسة في عدد كبير من دول العالم، فضلاً عن تولّي الشركة ذاتها حملة انتخابات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو!

ووفقاً للصحيفة الإسرائيلية، بعد توقيع العقد مع المرشح خليفة حفتر، تلقّت الشركة الاستشارية نفسها طلباً من مرشح الرئاسة الليبية سيف الإسلام القذافي، ولعبت عارضة أزياء إسرائيلية سابقة تقيم في مدينة دبي دور الوساطة بين القذافي الابن وشركة الاستشارات الإسرائيلية.

ونقلت "يسرائيل هايوم"، عن مصادر وصفتها بالمسؤولة في الخليج العربي، أن "مباحثات نجل القذافي مع ممثلي الشركة الإسرائيلية كانت ناجحةً للغاية، إلى درجة أنه من أجل مساعدة كلا المتنافسين الليبيين، تم تسجيل شركة جديدة في الإمارات المتحدة، وجرى توقيع عقد استشاري جديد معها، إلا أنه كان في هذه المرة من نصيب سيف الإسلام القذافي". وقُدّرت قيمة هذا العقد بعشرات ملايين الدولارات، وتكفَّل رجال أعمال من عُمان والإمارات المتحدة بعملية التمويل، حتى أنهم قدّموا ضمانات شخصيةً لتمويل حملة القذافي الابن، لتصبح شركة الاستشارات الإسرائيلية هي "الرابح الأكبر في انتخابات الرئاسة الليبية"، بحسب تعبير الصحيفة الإسرائيلية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

‎من يكتب تاريخنا؟

من يسيطر على ماضيه، هو الذي يقود الحاضر ويشكّل المستقبل. لبرهةٍ زمنيّة تمتد كتثاؤبٍ طويل، لم نكن نكتب تاريخنا بأيدينا، بل تمّت كتابته على يد من تغلّب علينا. تاريخٌ مُشوّه، حيك على قياس الحكّام والسّلطة.

وهنا يأتي دور رصيف22، لعكس الضرر الجسيم الذي أُلحق بثقافاتنا وذاكرتنا الجماعية، واسترجاع حقّنا المشروع في كتابة مستقبلنا ومستقبل منطقتنا العربية جمعاء.

Website by WhiteBeard
Popup Image