لا توجد مدينة مثل بودابست. ربما غرابتها سرّ جمالها. وحتى اليوم لم أفهم لماذا هي غريبة إلى هذا الحد؟
لأكثر من عامين كانت بودابست على قائمتي. حلمت بالسير طويلاً على جسورها، خاصةً "جسر الحرية". كانت خطّتي أن أذهب إليها وألقي كل همومي في نهر الدانوب، وأعود هادئةً لأبدأ من جديد. كنت أحتاج إلى وقت للاسترخاء، فاخترت بودابست!
كنتُ قادمةً من رحلة طويلة في وسط أوروبا، زُرت خلالها براغ وفيينا ووصلت إلى بودابست وأنا "مشبعة" من المدن والقلاع. تكسرت رجلاي من المشي على الجسور، وامتلأت زهواً من فخامة القصور. سألت نفسي عند وصولي إلى بودابست: ما الذي سأجده أكثر من ذلك؟ ما الذي سيبهرني هنا؟ وملأت نفسي بالفخر، فتاريخ رحلاتي يضمّ قرابة 40 مدينةً في العالم. ما الجديد الذي سأجده في بوادبست؟ ثم ذكّرت نفسي بأن هناك جديداً دائماً. دائماً هناك شيء مثيراً في الأماكن التي لا تعرفها! شيء سأكتشفه لاحقاً!
المدينة تستقبلني
وصلت إلى بودابست مرهقةً، وخرجت لاكتشاف المدينة في جولة سريعة. كانت خطتي أن أقضي يومين بمفردي في هدوء واستجمام، قبل أن يصل أصدقائي الإيطاليون لنبدأ معاً جولتنا السياحية التقليدية بين الجسور والقلاع والمتاحف.
حلمت بالسير طويلاً على جسورها، خاصةً "جسر الحرية". كانت خطّتي أن أذهب إليها وألقي كل همومي في نهر الدانوب، وأعود هادئةً لأبدأ من جديد
في أولى جولاتي للاكتشاف، وجدتها مدينةً جميلةً. استمتعت على طول شوارعها بالهندسة المعمارية، وشكل الميادين، وأصوات أجراس الترام القديم. رأيت بناياتها العريقة، وشوارعها الواسعة والضيّقة، وشعرت للحظة بأنها نسخة غير مطوّرة من فيينا، وأقلّ تقدماً لكن أكثر حياةً! وهذا له ما يبرّره؛ إذ كانتا ذات يوم امبراطوريةً واحدةً، وعندما انقسمتا أصبحت النمسا دولةً غنيةً والمجر تعاني!
انطباعي الأول كان أنها مدينة تعرف كيف تتعامل مع السيّاح، لكنها في الوقت نفسه مدينة لسكانها، فلم يجتحها السيّاح مثل باريس وبرشلونة، ووجدت لافتةً مكتوباً عليها: "everything best in Budapest"، ثم عدت إلى الفندق نحو الساعة العاشرة مساءً، فضحكت موظفة الاستقبال وقالت لي: لماذا عُدتِ مبكراً، اليوم قد يبدأ للتو؟ قُلت لها: اليوم الخميس، ليس عطلة نهاية الاسبوع، والساعة تجاوزت العاشرة مساءً، والمحال مغلقة. ما الذي سيحدث في الخارج؟ ضحكت بخفة، وقالت لي: "أشياء كثيرة" everything is best in Budapest. تكررت العبارة مرتين في ساعتين. عددتها إشارةً وخرجت من الفندق مرةً أخرى. لا تبِع كل شيء "best"، يمكن أن أجده.
كان فندقي في منطقة صاخبة، بجوار الحي اليهودي القديم، والمعروف بأنه مركز للمطاعم والملاهي والحانات. فقررت أن أبدأ من هناك، وشعرت بالحماسة فجأةً، ونسيت الإرهاق!
بارات الخراب
الشوارع التي كانت هادئةً عند الغروب تبدلت في المساء. الأضواء تتلألأ من بعيد، وشباب مراهقون يرسمون "التاتو" على أجزاء متفرقة من أجسادهم يندفعون في اتجاه واحد، ويضحكون بصوت عالٍ، ويرتدون ملابس غريبةً، ويلوّنون شعورهم بألوان فاقعة. للحظة شعرت بأنها مثل كولومبيا في إحدى أشهر مناطق تجارة المخدرات!
الحقيقة أنهم لم يكونوا مجرّيين. سألت النادل في مقهى: ماذا يجري؟ أجاب بابتسام: هؤلاء سيّاحنا. أصبحنا وجهةً للمراهقين. لا تخافي. لن يتعرض لك أحد. بودابست آمنة. هؤلاء ذكّروني بالمراهقين الذي يندفعون في الشوارع في مصر في الأعياد، ويتساءل حينها المصريون: من أين جاء هؤلاء؟
أكملت طريقي إلى الحيّ اليهودي في المنطقة السابعة، ووجدت الحانات القديمة على يميني ويساري، والشباب الجامح يندفع من كل اتجاه، شعرت للحظة بالغربة! لكن تاريخ الحانات الذي كنت قرأت عنه للتوّ حمّسني على الاستمرار!
عرفت أن تلك الحانات التي تُسمّى "بارات الخراب"، كانت مجرد ومضة حزينة في تاريخ المدينة. ولكن خلال السنوات الـ15 الماضية، تطورت حانات بودابست القديمة، وأصبحت عامل جذب يحظى بشعبية، توازي شعبية قلعة بودا ومبنى البرلمان المجري.
تلك الحانات كانت عبارةً عن مبانٍ مهجورة في السابق، وهي الآن جزء لا يتجزأ من الحياة الليلية في بودابست. ظهرت لأول مرة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما بدأ المبدعون الشباب الذين يبحثون عن أماكن جديدة وبأسعار معقولة للسيّاح للتسكع، وبدأوا بتطوير حانات مثل الكهوف داخل المباني المتهدمة التي كانت خلال العصر النازي "غيتو" يهودياً، والتي يقال إن اليهود اختبأوا فيها في أثناء هجمات النازيين!
برغم الصخب، شعرت بأن منطقة حانات الخراب تحمل تاريخاً حزيناً ومؤلماً، فالحي اليهودي التاريخي أصبح متهالكاً في العقود التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، بعد ترحيل 10،000 يهودي منه، وبعد أن أصبح منطقةً شبه مهجورة عاد للسكن فيها إلى حد كبير أعضاء الأقلية الرومانية المجرية، ثم ظلّت متهالكةً في ظل الشيوعية، وكانت بطيئةً في تطوّرها حتى بعد سقوط الستار الحديدي.
اليوم أصبحت حيّاً يجمع المتاجر الصغيرة والواجهات المتواضعة التي تخفي المعابد اليهودية المزخرفة والواسعة التي لا يزال يستخدمها مجتمع بودابست اليهودي الصغير، وفي الوقت نفسه، الحانات التي بدأت كحانة تجريبية مع مشروبات بأسعار معقولة وأجواء بوهيمية، تطورت بسرعة وأصبحت جزءاً من الحياة الليلية لبودابست.
دخلت إحدى "حانات الخراب". بمجرد اجتيازي البوابة شعرت بشيء غريب، وسألت نفسي: "كيف يمكن للدمار أن يتآلف مع المتعة، والحرب مع الحب في مكان واحد؟".
المباني كأنها تتحلل، وكأنها توشك أن تسقط بي في لحظة ما، والديكورات الغريبة أخذتني إلى أجواء بوهيمية غير تقليدية، والأثاث معلّق في السقف، لم أرَ مثله في أي مكان. كنت أتسلق السلم وأنا ممسكة بالدرج بخوف بينما يجري الشبان والفتيات خلفي بسرعة ومن دون اكتراث!
سألت "جورج" الشاب الذي يعمل في "بار الخراب"، عن الآثاث الغريب، فقال: الأثاث من سوق السلع المستعملة، وأضاف ضاحكاً: هنالك توجد كراسٍ متطابقة، إنه فوضوي بشكل ممتع، ومصمم ليكون غير مصمم، ثم قال: ابحثي عن كرسي قبل الزحام. تعجبت فقد كان المكان ممتلئاً على آخره. أي زحام سيكون أكثر من ذلك؟!
بعد نحو نصف ساعة، خفتت الأضواء أكثر، والموسيقى أصبحت أكثر صخباً، وصراخ المراهقين أصبح أعلى، لكن رأيت شاشةً كبيرةً في نهاية الحانة، تعرض وثائقياً عن المكان في أثناء هجوم النازيين، وكيف اختبأ فيه اليهود، وكان يجلس في المنضدة التي بجواري شاب لبناني عرفت أنه هاجر إلى بودابست قبل سنوات. قال لي إن تلك الحانات كانت مقاهي ثقافيةً لكنها تغيّرت مثلما يتغير كل شيء، لكنها لا تزال مكاناً للكتّاب والصحافيين والمثقفين في النهار، فضحكت! فقد قادتني قدماي إلى مكان للصحافيين من دون أن أعرف!
برغم الزحام والصخب، تجولت في الحانة كلها لاكتشافها. في إحدى الغرف، يرقص الراقصون على إيقاعات الميتال، ويخلعون ملابسهم بطريقة غريبة، وفي الغرفة التالية، تنبعث موسيقى الجاز الحيّة، وفي الغرفة المجاورة، تجد اثنين يتبادلان القبلات. بعد منتصف الليل بدأ الجميع بالصراخ والرقص.
الحنين إلى الشيوعية
برغم الشعور بالغربة والخراب والتيه، شعرت بأنني بدأت أحب تلك المدينة، لخصائصها الفريدة وشخصيتها الثابتة، وأناقتها التي تشبه أناقة العالم القديم، وعصريتها وجموحها اللذين لا شبيه لهما في أي مكان آخر في أوروبا.
لن ترى أبداً حانةً قديمةً مثل تلك في شارع الشانزليزيه في باريس، ولهذا أصبحت بودابست واحدةً من أسهل الأماكن في المجر لخوض تجربة لا تُنسى؛ فالمجر اليوم تتمتع بروح مختلفة تماماً مقارنةً بالبلد الذي كان تحت الحكم الشيوعي، فهي اليوم جزء من الاتحاد الأوروبي، وعضو في حلف شمال الأطلسي، وتتجه نحو الغرب أكثر من أي وقت مضى.
لكن لا يزال شيء ما يمكن أن تلمسه في الدول التي كانت تابعةً سابقاً للاتحاد السوفياتي؛ فلمسات الشيوعية قد تراها في بعض الأمكنة، ليس فقط في شكل المباني ذات الشبابيك المربعة، ولكن في وجوه المجريين. هناك من أخبرني بأن سكان الدول السوفياتية السابقة لا يبتسمون للغرباء في الشوارع. نعم فالمجريون لا يبتسمون في الشوارع، وعندما سألت بائعةً في محل الوجبات السريعة، أجابت: لماذا يبتسم الناس في الشوارع من دون سبب؟ هذا ليس له معنى. عندما نعرف بعضنا البعض سنبتسم. لا معنى لثقافة الابتسام الأمريكية الغريبة تلك!
في حانات الخراب يمكن أن تلمس الشيوعية في الأركان، فهم يبيعون المشروبات الغازية "الشيوعية" التي تثير الحنين إلى الماضي بجانب الكوكتيلات المميزة.
سألت "جورج" النادل عن لمسات الشيوعية في البار، فقال: "الشباب هنا سواء الذين يعملون في البار أو روّاده لا يتذكرون سقوط جدار برلين، لكن كما يبدو أن نفسيتهم وفلسفتهم تأثرتا بهذا الحدث العظيم. برغم أن الحياة تسير في بوادبست لكن بعض الأشياء تبقى عالقةً في الماضي". كان من الواضح أن الروّاد والعاملين الشباب لم يتمكنوا من فهم تأثير الشيوعية على الدول، لكنهم لا يزالون يحملون ذكريات طيبةً عن الأوقات الطيبة، عندما كانت وتيرة الحياة أبطأ وكانت الأسر مترابطةً.
شرح لي "جورج" أن الحنين إلى الماضي هو رد فعل على ما حدث بعد سقوط جدار برلين. ففي عام 1989، ومع "الخصخصة العفوية للمجتمع"، كان الشيوعيون في السلطة على دراية بالأمور واستولوا على قدر كبير من الأسهم الاقتصادية في البلاد، ولكن الآن، انقلبت السلطة السياسية". لم أتذكر كيف انتهت تلك الليلة الغريبة، لكني عدت إلى الفندق ممتلئةً بالحماسة وأدركت أن فكرة الاسترخاء في بوادبست لم تكن في محلها!
حياة ليلية أكثر جموحاً
في اليوم التالي، قررت أن أتفادى الدهشة وتخبّط الصدمة الأولى، وقررت أن أتعامل بمزيد من الاحترافية، وقلت لنفسي: لقد فهمت الأجواء وبإمكاني التعامل معها، لن أرى أكثر مما رأيت، وليس بإمكان شيء أن يصدمني مرةً أخرى.
ذهبت إلى الحي نفسه، ولكني قررت تغيير "الحانة". وجدت لافتةً عليها تمثال مضاء لرجل، وباب خشبي بسلالم إلى الأسفل. طرقت الباب ودخلت، ونزلت على السلم إلى سرداب تحت الأرض، ووجدت آخر شيء كنت أتوقّعه في حياتي: كان نادي تعرٍّ للرجال!
استقبلني شاب وسيم مفتول العضلات، وهو يبتسم، ثم أتيت بمشروبي وجلست، وكنت أفكر: كيف سأحكي هذه التجربة لأصدقائي ومجتمعي لاحقاً؟ وكيف سأكتب عنها؟ كنت "سرحانةً وأفكر"، حتى قاطعني شاب قائلاً: ماذا تريدين؟ أجبته بخجل: لديّ مشروب بالفعل!
ضحك وقال ما الذي تريدينه من خدماتنا؟ وتابع دون أن أسأله: 40 يورو للساعة، ولدي شهاداتي الصحية، وفي موقع النادي يمكن رؤية الـREVIEWS عنّي. ذُهلت وقلت له: ما هذا؟ ثم استدركت وفهمت أنه ليس مجرد نادي تعرٍّ للرجال، ولكن يقدّم خدمات جنسيةً، وفهمت لحظتها لماذا كل الزبائن من السيدات في الخمسينيات من العمر، وفهمت أيضاً لماذا كان الجميع ينظر إليّ بدهشة. فقلت له: ما اسمك؟ قال ضاحكاً: إيمانويل. ثم شرحت له أنني جئت إلى هذا المكان عن طريق الخطأ. سألني عن جنسيتي، فقلت له: مصرية، فضحك قائلاً: الآن فهمت سبب دهشتك. تعاطف معي "إيمانويل" وأخذني في جولة في نادي التعرّي ليعلّمني أكثر عن تلك المهنة والمكان! وشرح لي كيف أنه يتعامل مع مهنته كأي مهنة، وكيف يشعر بسعادة عندما يجد المرأة التي يرافقها سعيدةً، وقال: لكل شخص منّا هدف، وأنا هدفي سامٍ؛ أحوّل النساء المحبطات إلى نساء سعيدات!
ذهبت أبحث عن الهدوء وسط ذكريات الإمبراطوريات المنهارة، والبنايات العتيقة الفخمة، والجسور، ونهر الدانوب، فمنحتني بودابست حياةً ليليةً صاخبةً وجامحةً
كانت ليلةً لا تُنسى. في طريقي إلى الفندق وجدت عاهرات يعلنن عن أنفسهنّ في الشارع، وعثرت بسهولة على تجّار المخدرات في الشارع نفسه، وفهمت أن تعاطيها غير قانوني في المجر برغم انتشارهم بكثافة، وفهمت أن بودابست هي الوجهة الأكثر شعبيةً لحفلات توديع العزوبية في أوروبا، وهي مليئة بالحانات التي تقدّم عروض التعرّي، والتي كنت ضيفةً على أحدها عن طريق الخطأ.
بلا خطة
المدينة التي قصدتها بغرض الهدوء منحتني كل شيء باستثناء الهدوء. الصخب في الليل لا يزال يتردد في أذني. تآلفت معه لكني لم أعتده. كنت أسأل نفسي: ما الذي جاء بي إلى هنا؟
برغم التعجب كنت سعيدةً بالأجواء التي تختلف عن حياتي في مصر والشرق الأوسط، والأهم أنها أشبعت رغبتي اللامحدودة في تجربة شيء جديد في مدينة جديدة!
فقد ذهبت أبحث عن الهدوء وسط ذكريات الإمبراطوريات المنهارة، والبنايات العتيقة الفخمة، والجسور، ونهر الدانوب، فمنحتني بودابست حياةً ليليةً صاخبةً وجامحةً. وتعلمت ألا أضع تصورات مسبقةً عن الرحلات، وأن أترك المدن تأخذني في طريقها، فأفضل خطة في السفر هي أن تكون بلا خطة! أنهيت رحلتي وذهبت إلى أثينا كمحطة أخيرة في رحلتي الطويلة.
في الطريق من أثينا إلى القاهرة جلس بجواري شاب يوناني. قُلت له إنني كنت في بودابست، فقال: ما الذي يمكن أن تجديه هناك؟ قلت له: كل شيء، Everything is best in Budapest. أجاب بأنه مهتم برؤية القلاع والجسور والحمامات الحرارية، ونصحته بأن يذهب إلى حانات الخراب، وتابعنا بعضنا على إنستغرام. بعد أشهر وجدت صورته في أحد بارات الخراب!
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.