شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
34% من السوريين خارج سوريا… هل يقدرون على العودة إن رغبوا؟

34% من السوريين خارج سوريا… هل يقدرون على العودة إن رغبوا؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والمشرّدون

الثلاثاء 13 أغسطس 202412:42 م

قصص علينا معرفتها

ثلاث عشرة سنةً من الحرب في سوريا، راح ضحيتها أكثر من نصف مليون شخص، دفعت بملايين السوريين إلى النزوح والهجرة. في هذه الحرب التي وُصفت بأنها أكثر الحروب مأساويةً بعد الحرب العالمية الثانية، تغيّرت ديموغرافيا السكان بشدّة، والآثار السلبية لهذا التغيير ستطبع مستقبل سوريا بلا شك. 12 مليون سوري، أي نحو نصف السكان قبل الحرب، هُجّروا "رسمياً" من مكان إقامتهم، وهربوا داخل البلاد أو إلى خارجها. فما تعداد السكان الذين بقوا في سوريا؟ وأين يعيشون؟ وما تعداد الذين نزحوا ولجأوا إلى بقاع العالم؟ وكيف هي أحوالهم فيها؟ وما أعداد الذين ماتوا واستشهدوا واختفوا خلال هذه الحرب؟

في 2011، قبل الحرب الأهلية، تجاوز عدد السكان السوريين، 21 مليون نسمة، مع معدل نمو بلغ 1.7% وفقاً لتقرير مركز "جسور للدراسات". أما تقدير عدد السكان بعد الحرب، فليس بالأمر السهل ودونه عقبات عديدة أبرزها:

  • تعطّل عمل الجهاز المركزي السوري للإحصاء منذ عام 2012، والذي كان يُعدّ الجهة الرسمية الوحيدة القادرة على رصد التحول الديموغرافي في سوريا.

  • تسارع حركة النزوح واللجوء وتعدّدها.

  • عدم تجانس الوضع القانوني للّاجئين السوريين في بلدان اللجوء.

  • الاختفاء والإخفاء القسريين وعمليات الاعتقال.

  • المواليد الجدد من عوائل مجنّسة الذين تصعب معرفة وضعهم في الإحصاءات الرسمية.

  • مشكلات الولادات الحديثة في مناطق النزوح واللجوء وفقدان الوثائق الرسمية.

لكن في المقابل، حصلت متغيّرات عدّة سهّلت تقدير أعداد السوريين منذ اندلاع الحرب، من بينها:

  • انتشار منظمات المجتمع المدني المتخصّصة في قضايا إنسانية متفرقة وممارسة أعمال ميدانية يومية.

  • دخول مؤسسات دولية إلى سوريا وإصدارها تقارير تقدير الاحتياجات ومتابعة حركة النزوح.

  • توزّع السوريين في دول الجوار ودول العالم، وتولّي الأجهزة والمؤسسات الإحصائية في هذه الدول مهام إحصائهم.

  • انتشار مؤسسات توثيق الحالة السورية، كتوثيق أسماء المعتقلين والمختفين والقتلى، وغيرها من المسائل.

  • محاولات مأسسة السجل المدني في تقدير أعداد السكان في مناطق الشمال السوري ومناطق أخرى.

  • المحاولات المستمرة للخبراء في تقدير أعداد السكان.

فكيف صارت أعداد السوريين في عام 2023(آخر إحصاء صدر حول توزعهم)؟ أين يعيشون؟ وماذا عن أوضاع اللاجئين في دول الجوار؟

12 مليون سوري، أي نحو نصف السكان قبل الحرب، هُجّروا "رسمياً" من مكان إقامتهم، وهربوا داخل البلاد أو إلى خارجها. فما تعداد السكان الذين بقوا في سوريا؟ وأين يعيشون؟ وما تعداد الذين نزحوا ولجأوا إلى بقاع العالم؟ وكيف هي أحوالهم فيها؟ وما أعداد الذين ماتوا واستشهدوا واختفوا خلال هذه الحرب؟

عدد السكان السوريين لعام 2023

استناداً إلى معلومات منظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الدولية في سوريا، ومفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، ومؤسسات حقوقية وإنسانية، وحكومات الدول المستضيفة للّاجئين السوريين، أصدر مركز "جسور للدراسات"، إحصائيات بعدد السوريين داخل البلاد وخارجها حتى نهاية الربع الأول من العام 2023، كما أخذت هذه الإحصائيات في الحسبان التحولات الديموغرافية الجديدة لعدد اللاجئين السوريين بعد الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا في شباط/ فبراير 2023.

في محصّلة الدراسة، بلغ إجمالي عدد السوريين لعام 2023، ما يقارب 26.7 ملايين نسمة، منهم 16.76 مليون سوري داخل سوريا، و9.12 مليون سوري خارجها، و897 ألف مفقود ومغيّب.

كما أظهرت الدراسة أيضاً توزّع السوريين حسب مناطق السيطرة في سوريا؛ النسبة الأعلى من إجمالي عدد السكان (58%)، تعيش في مناطق سيطرة النظام السوري، أي نحو 9.6 ملايين نسمة تقريباً، و26% تعيش في مناطق سيطرة المعارضة السورية في الشمال وفي منطقة الـ55، وعددهم يقارب 4.3 ملايين نسمة، و16% تعيش في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في شرق الفرات، أي نحو 2.6 ملايين نسمة.

توزّع السكان داخل سوريا مع نهاية الربع الأول من 2023

 اللجوء السوري من عام 2012 إلى عام 2023

في مطلع سنة 2011، وقبل اندلاع الحرب الأهلية، قُدّر عدد اللاجئين السوريين بنحو 8،000 لاجئ، ثم ارتفع العدد بشكل هائل مع اشتداد أوزار الحرب حتى بلغ 5.18 مليون لاجئ في الفترة ما بين 2012 و2023، بحسب الإحصاءات التي نشرتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

في سنة 2012، وصل عدد اللاجئين إلى 493 ألف لاجئ، ثم قفز العدد في السنة التالية إلى ما يقارب 2.5 ملايين لاجئ، واستمر في الارتفاع وصولاً إلى نحو 5.7 ملايين لاجئ في 2021. بعد ذلك، حصل بعض التراجع في عدد اللاجئين نتيجة زيادة الضغوط عليهم من قبل الدول المستقبلة لهم، ودفعهم للعودة إلى بلادهم في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية عموماً بسبب تداعيات جائحة كورونا والصراع العسكري الدائر بين روسيا وأوكرانيا، فسجّل عام 2023 نحو 5.1 مليون لاجئ.

أعداد اللاجئين السوريين بين عامي 2012 و2023

المصدر: المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

14.2% من إجمالي اللاجئين في العالم سوريون

وفقاً لأحدث بيانات للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لعام 2023، يبلغ العدد الإجمالي للّاجئين على الصعيد العالمي نحو 36.4 ملايين لاجئ، ضمنهم 5.18 مليون لاجئ سوري مسجّل رسمياً، ما يعني أن اللاجئين السوريين يشكلون نحو 14.2% من إجمالي اللّاجئين، وهي النسبة الأكبر على مستوى العالم، وهم يتوزعون على 130 دولةً.

يبلغ العدد الإجمالي للّاجئين على الصعيد العالمي نحو 36.4 ملايين لاجئ، ضمنهم 5.18 مليون لاجئ سوري مسجّل رسمياً، ما يعني أن اللاجئين السوريين يشكلون نحو 14.2% من إجمالي اللّاجئين، وهي النسبة الأكبر على مستوى العالم، وهم يتوزعون على 130 دولةً

توزّع اللاجئين السوريين في دول الجوار

اللاجئون السوريون يقيمون بغالبيتهم في دول الجوار الخمس؛ تركيا، لبنان، الأردن، مصر والعراق، حسب ما أظهرته دراسة مركز "جسور للدراسات" لعام 2023.

  • تركيا هي البلد الذي رحل إليه العدد الأكبر من اللاجئين السوريين، إذ يقدّر عددهم فيها بنحو 2.9 ملايين لاجئ، ما يعني أن 42% من اللاجئين السوريين يقيمون في تركيا. وتفيد أحدث إحصائية للمديرية العامة لرئاسة الهجرة التركية، أن معظم هؤلاء اللاجئين يعيشون في إسطنبول ومدن الولايات الجنوبية، هاتاي وغازي عنتاب وأورفا وكهرمان مرعش. وبالرغم من حصول أكثر من 193 ألف لاجئ سوري على الجنسية التركية حتى نهاية العام 2021، فإنهم لا يزالون يواجهون عقبات كثيرةً، أبرزها الأجور المنخفضة، ومشكلات الدمج الكامل للطلاب السوريين في نظام التعليم الحكومي.

  • لبنان يأتي ثانياً في قائمة الدول المجاورة المستضيفة للّاجئين السوريين، إذ يقدّر عددهم فيه بنحو 920 ألف لاجئ "مسجّل"، أي ما نسبته 13% من إجمالي عدد اللاجئين السوريين. كما قدّرت الحكومة اللبنانية وجود 500 ألف لاجئ إضافي يقيمون بصورة غير قانونية على أراضيها. أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان صعبة جداً، إذ يعيش أكثر من 90% من الأسر السورية في فقر مدقع بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي عصفت بلبنان منذ 2019.

  • الأردن يحلّ ثالثاً باستضافته نحو 610 آلاف لاجئ سوري مسجل، أي ما نسبته 9% من إجمالي عدد اللاجئين السوريين؛ 19.5% منهم يعيشون في المخيمات، وأبرزها الأزرق والزعتري، ويتوزع الباقون على محافظات عمان والمفرق وإربد. كذلك في الأردن، ظروف عيش اللاجئين صعبة للغاية، فـ80% منهم يعيشون تحت خط الفقر، و60% في فقر مدقع.

  • مصر، الدولة الرابعة المستضيفة للسوريين، ويقيم فيها 398 ألف لاجئ سوري، أي ما نسبته 6% من إجمالي عدد اللاجئين السوريين.

  • العراق يقيم فيه 320 ألف لاجئ سوري، يقيمون بغالبيتهم في إقليم كردستان ومعظمهم من السوريين الأكراد.

عدد اللاجئين السوريين وتوزيعهم الجغرافي في دول الجوار عام 2023

المصدر: مركز جسور للدراسات.

توزّع اللّاجئين السوريين في دول أوروبا وأمريكا

أكثر من مليون ونصف لاجئ سوري لجأوا إلى أوروبا، وكانت ألمانيا في طليعة الدول الأوروبية التي استقبلتهم، إذ لجأ إليها مليون لاجئ، أي ما يقارب 65% من إجمالي عدد اللاجئين السوريين في أوروبا5. السويد ثاني الدول الأوروبية لاستقبالها ما يقارب 150 ألف لاجئ، تليها هولندا والنمسا بـ120 ألف لاجئ، ثم فرنسا بـ50 ألف لاجئ. واستقبلت دول أوروبية أخرى لاجئين سوريين لكن بأعداد قليلة كسويسرا، وبلجيكا وإيطاليا، ورومانيا، وإسبانيا، وإيرلندا، وبولندا، ولوكسمبورغ. أما بالنسبة إلى كندا، فقد استقبلت 60 ألف لاجئ، والولايات المتحدة 15 ألف لاجئ.

توزّع اللاجئين السوريين تبعاً للفئة العمرية ونوع الجنس لسنة 2023

تشير الإحصاءات التي نشرتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لسنة 2023، إلى أن النسبة الأكبر من اللاجئين (49%)، هي الفئة العمرية 18-59 سنةً (26.2% ذكور و22.9% إناث)، تليها الفئة العمرية 5-11 سنة بنسبة 19% (9.8% ذكور و9.3% إناث)، ثم الفئة العمرية 0-4 سنوات ونسبتها 15% (7.6% ذكور و7.1% إناث)، وأخيراً فئة كبار السنّ الذين تزيد أعمارهم عن 60 سنةً بنسبة 3% (1.5% ذكور و1.7% إناث).

قراءة هذه البيانات تشير إلى خسارة سوريا جزءاً كبيراً من الفئة المنتجة والعاملة من سكانها، والتي تحمل على عاتقها النهوض بالبلاد واقتصادها.

توزّع اللاجئين السوريين تبعاً للفئة العمرية ونوع الجنس عام 2023

المصدر: المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

رغبة النازحين السوريين في العودة إلى بلادهم

بناءً على استطلاع أجرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في شباط/ فبراير 2023، في أربع دول عربية هي مصر ولبنان والأردن والعراق، حول رغبة النازحين السوريين في العودة إلى بلادهم، أظهرت النتائج أن 56.1% منهم يرغبون في العودة، مقابل 32.2% يجدون أن العودة لا تلائمهم بتاتاً، بينما 11.7% لا يعرفون إن كانوا راغبين في العودة أم لا أو لم يتخذوا قرارهم بشأنها بعد.

بطبيعة الحال، ترتبط رغبة النازحين في العودة إلى بلادهم بأوضاعهم المعيشية في بلد اللجوء، أو بظروفهم الشخصية في البلد الأم. إن وضعنا الحنين إلى الوطن جانباً، تصبح الأوضاع الاقتصادية للّاجئين، المحدّد الرئيسي للرغبة في العودة أو للبقاء في بلد اللجوء. فالراغبون في العودة يشكون من نقص الفرص الوظيفية، ومن صعوبة تلبية احتياجاتهم الأساسية في الدول المضيفة، حيث يعاني 71% منهم من ظروف سيئة، ويجد 88% منهم أن دخلهم غير كافٍ لتلبية احتياجاتهم واحتياجات عائلاتهم. أما الذين يجدون أن العودة غير ملائمة لهم، فيعزون قرارهم إلى الأوضاع الاقتصادية ونقص الفرص الوظيفية في المقدّمة، يليهما الوضع الأمني ونقص الخدمات الأساسية والبنية التحتية.

العديد من اللاجئين السوريين يفضّلون الهجرة إلى الدول الغربية، خاصةً الأوروبية، بدلاً من البقاء في دول الجوار بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة فيها. ويُظهر الواقع أن معظم اللاجئين السوريين الذين يعيشون في الاتحاد الأوروبي، لا يعتزمون العودة إلى بلادهم نظراً إلى المكتسبات التي توفرها لهم الدول الأوروبية من رعاية صحية وتعليم جيّد لهم ولأولادهم، بالإضافة إلى السكن الملائم والدعم المالي وفرص العمل، وبرامج لإعادة توحيد العائلات أو لمّ الشمل، والاستقرار الأمني والاجتماعي. تلك المزايا تجعل اللاجئين يفضلون الاستقرار في الدول الأوروبية بدلاً من العودة إلى بلادهم التي فقدوا فيها كل شي.

موقف السلطة الحاكمة من عودة السوريين إلى بلادهم

صرّح الرئيس بشار الأسد يوماً، بأن "العودة إلى الوطن متاحة في أي وقت، وليست هناك عقبات، السلطات تبذل وستبذل قصارى جهدها لتسهيل عودة اللاجئين داخل سوريا وخارجها". إلا أن ممارسات وقرارات السلطات تعكس واقعاً مغايراً كليًاً، لا تسهيلات فيه ولا تحفيز لعودة اللاجئين:

تأتي الأزمة الاقتصادية الخانقة في سوريا وقلّة فرص العمل، لتلعبا دوراً مفصلياً في عدم استعداد اللاجئين للعودة، لا سيما مع نقص المساعدات، وانعدام التنمية في البنى التحتية المدمرة. هل يمكن الاستنتاج بأن نظام بشار الأسد لا يرغب في عودة اللاجئين؟ على الأرجح نعم، لا سيما أن عودتهم لا تصبّ في مصلحة النظام على أكثر من صعيد
  • فرض النظام السوري الخدمة العسكرية الإلزامية أو الاحتياطية على الشباب، ما جعل معظم العائدين من فئة كبار السن والنساء والأطفال.

  • تغريم الأسر التي لم تستطع تسجيل الأطفال المولودين في أثناء الحرب، بسبب هجرة والدَيهم أو لجوئهم القسري.

  • تشريع قوانين تتعلق بالملكية العقارية، مثل القانون رقم 10 لعام 2018، الذي يؤدي إلى نزع ملكية الأراضي من أولئك الذين لا يمكنهم إثبات ملكيتهم في مهلة قصيرة. بالإضافة إلى ذلك، سيتم إلقاء الحجز التنفيذي على أملاك السوريين الذين يتخلفون عن أداء الخدمة الإلزامية، وأملاك زوجاتهم وأبنائهم، إذا بلغوا الـ43 عاماً ولم يلتزموا بدفع مبلغ 8 آلاف دولار. وأخيراً في عام 2019، تم ابتداع نظام جديد يتعلق بوضع الأراضي الزراعية العائدة ملكيتها للّاجئين والنازحين في مزادات بغرض تأجيرها في حال عدم وجود مالك الأرض الأساسي.

  • افتقار العودة إلى الضمانات الأمنية اللازمة، حيث يتم إدراج أسماء متمردين على قوائم النظام، ما يعرّض حياتهم وحياة عائلاتهم للخطر في حال عودتهم.

وفوق ذلك كله، تأتي الأزمة الاقتصادية الخانقة في سوريا وقلّة فرص العمل، لتلعبا دوراً مفصلياً في عدم استعداد اللاجئين للعودة، لا سيما مع نقص المساعدات، وانعدام التنمية في البنى التحتية المدمرة.

هل يمكن الاستنتاج بأن نظام بشار الأسد لا يرغب في عودة اللاجئين؟ على الأرجح نعم، لا سيما أن عودتهم لا تصبّ في مصلحة النظام على أكثر من صعيد:

  • الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها سوريا والنقص في فرص العمل وسوء البنى التحتية، تجعل من عودة اللاجئين أمراً ضاغطاً وغير مجدٍ في الوقت الحالي.

  • استفادة النظام من أموال اللاجئين المحوّلة إلى ذويهم في مناطق سيطرته من الخارج، والفروقات بين سعر الصرف الرسمي والسوق السوداء، تعزز خزينته المالية.

  • محاولة الوصول إلى تحقيق التوازن الديموغرافي بين المذاهب في سوريا، وهذا ما أشار إليه الأسد في خطابه عن "المجتمع المتجانس"، وتالياً رحيل ملايين اللاجئين من المذهب السنّي يصبّ في مصلحة الأقلية العلوية.

  • أخيراً، الهاجس الأمني مع احتمال قيام العائدين بتنفيذ عمليات إرهابية أو عودة المظاهرات إلى الشارع.

بناءً على كل ما تقدّم، يجدر بنا التساؤل: سوريا تنزف شبابها، فمن سيصنع مستقبلها؟


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel

لعلّ تعريفنا شعوباً ناطقةً بالعربية لم يعد يستقيم من دون الانتباه إلى أننا صرنا شعوباً متفلّتةً من الجغرافيا. الحروب الدائرة في منطقتنا والنزاعات الأهلية والقمع، حوّلتنا إلى مشردين، بين لاجئين ونازحين، وأي تفكير في مستقبلنا لم يعد ممكناً من دون متابعة تفاصيل حياة الجميع، أينما كانوا، وهو ما نحرص عليه في رصيف22. اكتبوا قصصكم. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا.

Website by WhiteBeard