أثار تقرير بعنوان "يجب على المواطنين الألمان الجدد الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود"، لصحيفة فايننشال تايمز، متعلق بدخول قانون تسهيل منح الجنسية الألمانية حيز التنفيذ، الحيرة، مع إعادة عدة وسائل إعلام عربية نشره نقلاً عن الصحيفة بريطانية دون تحقق.
في ألمانيا، لم يثر دخول القانون حيز التنفيذ أي نقاش في الأيام الماضية. لكن جدلاً كان قد صاحب وضع تفاصيله قبل أشهر، في التحالف الحاكم بين حزب الخضر والاشتراكي الديمقراطي والليبرالي، وفي الساحة السياسية عموماً، خلال ذروة الحرب الإسرائيلية على غزة.
ويتضمن قانون تسهيل منح الجنسية الجديدة، تعديلات عدة، منها إمكانية منحها للأجنبي بعد 5 سنوات، بعد أن كانت 8 سنوات، أو حتى اختصارها إلى 3 سنوات، عند توافر شروط "اندماج" مثالية لدى المتقدم/ة، إلى جانب تمكين حمل أكثر من جنسية.
خلال النقاش داخل الحكومة في تفاصيل قانون تسهيل منح الجنسية، طالب الليبراليون، وفق تصريح وزير العدل المنتمي للحزب ماركو بوشمان، بإضافة التزام المتقدم/ة بحق إسرائيل في الوجود، كشرط للحصول على الجنسية الألمانية
وشكك الحزب الليبرالي والاتحاد المسيحي المحافظ "المعارض" بمدى صحة اتخاذ هكذا قرار حينها، في وقت كان الحديث فيه متداولاً عن "معاداة سامية" مستوردة من الخارج يجلبها لاجئون/ات من الشرق الأوسط، وضرورة أن يأتي منح الجنسية في نهاية عملية "الاندماج" لا في بدايتها، وألا يتم التقليل من قيمة الجنسية الألمانية.
خلال النقاش داخل الحكومة في تفاصيل قانون تسهيل منح الجنسية، الوارد في اتفاق التحالف الحكومي، طالب الليبراليون، وفق تصريح وزير العدل المنتمي للحزب ماركو بوشمان، بإضافة التزام المتقدم/ة بحق إسرائيل في الوجود، كشرط للحصول على الجنسية الألمانية.
وكذلك طالب رئيس الاتحاد المسيحي (المعارض)، فيردريش ميرتز بمثل هكذا فقرة، معتبراً أن من لا يريد توقيع التزام بأمن إسرائيل، ليس له مكان في ألمانيا.
لكن النقاش الحكومي خلص إلى عدم إضافة هكذا إلزام، وتعديل التعهد الذي يجب على مقدم طلب الحصول على الجنسية توقيعه على أية حال، ليصبح الالتزام بـ: "النظام الأساسي الديمقراطي الحر وبالمسؤولية التاريخية الخاصة لألمانيا"، واعتبار محتواه كافياً.
النقاش الحكومي خلص إلى عدم إضافة إلزام بالاعتراف بدولة إسرائيل، للمتقدمين للحصول على الجنسية الألمانية.
وتنص الفقرة الآن كما نشرت وزارة الداخلية الاتحادية على موقعها، على قيم يجب على المتقدم/ة الالتزام بها، كتلك المتعلقة مثلاً بالالتزام بالمساواة بين الرجل والمرأة، و"الالتزام بالمسؤولية التاريخية لألمانيا والحكم الظالم للنظام النازي وتبعاته، خاصة فيما يخص حماية الحياة اليهودية، والتعايش السلمي للشعوب، على نحو خاص الالتزام بحظر تنفيذ حرب عدوانية".
في مادة عن القانون نشرتها الحكومة الألمانية في فبراير/شباط الماضي على موقعها، كتبت: "من خلال ذلك ينبغي أن يكون واضحاً للمتقدمين/ات للحصول على الجنسية، خصوصاً بالنظر إلى الهجوم الإرهابي لحماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والمظاهرات والصدامات المعادية للسامية والمعادية لإسرائيل في ألمانيا، ولكن أيضاً حرب روسيا العدوانية على أوكرانيا، أنه سيحصل على الجنسية فقط من يلتزم بقيم مجتمعنا الحر".
وأكدت الوزارة أول من أمس الأربعاء أن تقديم أي التزام غير صحيح، يستبعد مقدم/ة الطلب.
وتركت السلطات لنفسها الحق في استرجاع/انتزاع الجنسية خلال 10 سنوات إن تبين لها لاحقاً أن التعهدات التي قدمها مقدم الطلب لم تكن صحيحة، بل كانت مجرد كلمات فحسب.
واستعيض عن فقرة تقديم التزام بحق إسرائيل في الوجود، أو ذكر إسرائيل في النص، على "التوضيح بجلاء"، أن الأعمال المعادية للسامية والعنصرية وغيرها والتي تتحكم بها دوافع للحط من قدر الإنسان، لا تتوافق مع ضمان الكرامة الإنسانية التي يكفلها القانون الأساسي الألماني (الدستور).
اتفقت الأحزاب الحاكمة على استبعاد كل من ارتكب جريمة أو حتى جنحة، إن كان لها خلفية معادية للسامية أو عنصرية
تفصيلاً، اتفقت الأحزاب الحاكمة على استبعاد كل من ارتكب جريمة أو حتى جنحة، إن كان لها خلفية معادية للسامية أو عنصرية. أي حتى تلك التي تقل عقوبتها عن 3 أشهر سجن مع وقف التنفيذ، أو دفع غرامة، ما يقابل 90 يوم عمل.
هذا يعيدنا إلى كيفية تفسير الموظف/ة أو السلطات المكلفة بدراسة الطلب لتصرفات المتقدمين/ات، والحد غير الواضح تماماً بين انتقاد حكومة إسرائيل، وبين ما قد يعتبره المفسر (الموظف/ة) تجاوزاً "للخط الأحمر" نحو معاداة السامية.
وتتخذ الحكومة الألمانية والمؤسسات من تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى محرقة اليهود، المثير للجدل، حتى بين الباحثين/ات، دليلاً للتفسير.
وتتضمن الأمثلة، التي تجعل من أي شخص يتبعها، معادياً للسامية: "تطبيق معايير مزدوجة من خلال مطالبة إسرائيل بتصرفات غير متوقعة من أي دولة ديمقراطية أخرى"، أو "مساواة السياسة الإسرائيلية المعاصرة بالسياسات النازية".
هذا سيعرض من أدين قانوناً بـ "التحريض" لإطلاقه شعاراً أو حمله يافطة، خلال مشاركته في تظاهرة أو على وسائل التواصل الاجتماعي، لرفض طلب تجنيسه، إلى حين.
سيتعرض من أدين قانوناً بـ "التحريض على معاداة السامية" لإطلاقه شعاراً أو حمله يافطة، خلال مشاركته في تظاهرة أو على وسائل التواصل الاجتماعي، لرفض طلب تجنيسه
ونصت تفاصيل نشرتها الوزارة، في 25 حزيران/ يونيو الجاري، على إضافة عدد من الأسئلة على كتالوغ ما يسمى اختبار الجنسية، "كرد فعل على معاداة السامية المتزايدة في ألمانيا"، وتحديداً فيما يتصل بأسئلة متعلقة بمواضيع: "معاداة السامية وحق إسرائيل في الوجود، والحياة اليهودية في ألمانيا". ويضم الكتالوج عادة 310 سؤالاً عن الحياة والتاريخ الألماني. ويُطرح على المتقدم للامتحان 33 سؤالاً منها، يكفي للنجاح فيه أن تكون 17 من إجاباته/ا صحيحة. ما يعني أن الإجابة "خطأ" على السؤال (اختيار إجابة خاطئة من 4 مطروحة) أو عدم حل السؤال المرتبط بإسرائيل، لن يؤثر على سير الحصول على الجنسية قانونياً، وهو أمر من المهم للمتقدمين إلى الجنسية الألمانية إدراكه.
وتتضمن التعديلات الأخيرة أسئلة متعددة الإجابات، يجب على المتقدم أن يختار جواباً واحداً صحيحاً منها فقط، كمثال السؤال 111: ما هي التصرفات المتعلقة بدولة إسرائيل الممنوعة في ألمانيا؟
الخيارات هي: انتقاد سياسة إسرائيل علناً- تعليق علم إسرائيل في ملكية خاصة- فتح نقاش حول سياسة إسرائيل- الدعوة علناً لمحو إسرائيل*.
والسؤال 149: ما الذي يمثل من التالي تصرفاً معادياً للسامية: زيارة حفل يهودي- انتقاد حكومة إسرائيل- إنكار حدوث الهولوكوست*- لعب كرة القدم ضد اليهود.
والسؤال 184: ما هو الأساس القانوني لقيام دولة إسرائيل: قرار للأمم المتحدة*- قرار للكونغرس الصهيوني- اقتراح من الحكومة الألمانية- اقتراح للاتحاد السوفيتي.
والسؤال 288: كيف تبرر ألمانيا مسؤوليتها الخاصة حيال إسرائيل؟ (من بين الخيارات الأربعة هناك، جرائم النازية ضد اليهود).
وهذه الأسئلة الجديدة المضافة لا تتضمن أي فقرة تتحدث صراحة عن "الالتزام بتعهد متعلق بحق إسرائيل في الوجود" كما أشار تقرير فايننشال تايمز، والذي نقلته عدة وسائل إعلام، وبناء على ذلك فإن عدم حل السؤال المرتبط بإسرائيل، أو الإجابة الخاطئة عليه، لن تؤثر على سير الحصول على الجنسية قانونياً، وهذا يعني عدم إلزام المتقدمين إلى الجنسية بالاعتراف بدولة إسرائيل، حتى هذه اللحظة.
في المقابل، ورغم أن تعديل قانون منح الجنسية الألمانية يقع ضمن صلاحيات الحكومة الاتحادية وهي حكومة الدولة الألمانية الكاملة، لكن للحكومات المحلية حرية التفسير عند التنفيذ. هكذا أصدرت تامارا تزشناغ، وزيرة داخلية ولاية ساكسونيا أنهالت، المنتمية للاتحاد المسيحي المحافظ، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، مرسوماً يعكس تفسيرها للالتزام بـ"النظام الأساسي الديمقراطي الحر"، مطالبة عبره السلطات المعنية في الولاية، بإلزام المتقدمين/ات بطلب الحصول على الجنسية، بالتوقيع على إقرار بحق إسرائيل في الوجود. واقترح المرسوم أن يكون الالتزام على النحو التالي: "أقر بوضوح بالمسؤولية الألمانية الخاصة حيال دولة إسرائيل، وحق إسرائيل في الوجود وأدين أي مساع معادية للسامية. أنا لا أتبع ولم أتبع أي مساع ضد حق إسرائيل في الوجود".
ولم يثر تضمين حماية اليهود في ألمانيا في قانون الجنسية الجديد، الكثير من النقاشات، لكن المتخصصين في القانون الجنائي تجادلوا، كما ذكر موقع "ليغال تريبيون"، مطلع هذا العام، حول اقتراح الاتحاد المسيحي، الداعي لجعل إنكار حق إسرائيل في الوجود جريمة يعاقب عليها القانون.
وقد اعتبر قانونيون/ات، بمن فيهم خبير استعان به المحافظون، أن هناك مخاطرة بأن تراه المحكمة الدستورية حداً لحرية التعبير، كما تنص المادة الخامسة من الدستور، إذ لا يجوز من حيث المبدأ منع أفكار بعينها (باستثناء ما يتعلق بالنازية).
عند سؤال أعضاء من لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان، التي تضم أيضاً أعضاء من التحالف الحاكم، تفاوضوا لوضع التفاصيل، عن عدم تضمين: "الالتزام بحق إسرائيل في الوجود"، ذكر مدير كتلة الحزب الليبرالي شتيفان تومه حينها، أنهم أرادوا تفادي التناقضات، لأن أجزاء من اليهود المتزمتين دينياً يرفضون أيضاً دولة إسرائيل الحديثة.
بعيداً عن الحصول عن الجنسية، ولكن في شأن ذي صلة بـ"الأجانب"، تصدرت العناوين وأثارت الجدل في اليومين الماضيين، مسودة قرار جديد للحكومة الألمانية يقضي بتسهيل ترحيل سلطات الأجانب من "يمجد الأعمال الإرهابية"، حتى إن كان ذلك على شكل وضع إعجاب على منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، دون قرار قضائي، ذكرت الصحافة الألمانية أنه يرتبط بقتل أفغاني لشرطي ألماني في مدينة مانهايم مؤخراً، وأيضاً على ما ينشر منذ "هجوم حماس على إسرائيل".
تصدرت العناوين وأثارت الجدل في اليومين الماضيين، مسودة قرار جديد للحكومة الألمانية يقضي بتسهيل ترحيل سلطات الأجانب مَن: "يمجد الأعمال الإرهابية"، حتى إن كان ذلك على شكل وضع إعجاب على منشور على وسائل التواصل الاجتماعي
في المؤتمر الصحافي الاعتيادي، سألت مراسلة صحيفة نويه دوتشلاند، متحدثاً باسم وزارة الداخلية عن مثال عن "تعليق"، يمكن ترحيل المرء بسببه، فتحدث عن ارتباط الأمر بخطاب كراهية، وأن بوسع المرء الطعن في قرار الترحيل أمام المحاكم الإدارية، وضرب المثال بفيديوهات "تمجيد إرهاب حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر"، و"تعليقات مرحبة بطعن الشرطي في مانهايم"، وأن ذلك يندرج تحت ما يسمى "الموافقة" على ارتكاب جرائم، وأنهم يستهدفون في المقام الأول الإسلاميين، الذين نشطوا على نطاق واسع بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وعندما سألت المراسلة هل كان ذلك يتضمن المثلث الأحمر المرتبط بحماس، وبشعار:"من البحر للنهر"، الذي حظرته وزارة الداخلية الألمانية على أنه شعار خاص بحماس، مضى المتحدث يشرح الفروقات القانونية بينها بالنسبة إليهم، وكيف أنهم يعتبرون ما ذُكر أمراً يعاقب عليه القانون إذا ثبت ارتباط سياقه بحماس، أما فيما يتعلق بمسودة القانون الجديد المرتبطة بـ"تمجيد الجرائم"، يقول: "أن يذكر أحدهم جرائم القتل والاغتصاب في 7 أكتوبر/تشرين الأول، ويقول هذا ما ينبغي أن يحصل، نريد المزيد منها...".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...