تربيت في البيت على الدين وأنّ هناك إلهاً في السماء يراني ولا أراه، ولا أستطيع الاختباء عنه أو فعل أي شيءٍ دون علمه، وعلى كتفيّ يوجد ملكان يُسجلان كل حركة أقوم بها. لم يكن والدي يُجبرنا على الصلاة أو حضور المناسبات الدينية أو حتى قراءة القرآن، مجرّد تعليمات تخصّ الانتباه للأستاذ في المدرسة واحترامه والتزام الصمت أثناء الشرح. لم يحضر الدين في بيتنا سوى في المناسبات والشكليات، مجرّد انتماء بالهوية والاسم، يشبه في ذلك انتماءنا لحزب البعث، ندفع الاشتراكات وتوجد أسماؤنا في سجلات الحزب كنصراء (جمع نصير) ولكن لا نعرف عن الاجتماعات والعمل الحزبيّ شيئاً.
تغيير من الداخل
أعتقد أنني كنتُ أعاني القلق والاكتئاب في آخر سنوات المدرسة وبداية الجامعة، لذا لجأتُ إلى الدين وقراءة القرآن وتفسيره وكتب الإعجاز العلميّ في القرآن، أكسبتني قراءتها الكثير من الثقة والثبات والإحساس بالرضا، وربما بالفخر بالانتماء إلى دينٍ عظيمٍ كالإسلام، بغض النظر عن المذهب والطائفة، وأذكر أنني قرأتُ كتب "الردّ على الشبهات" قبل أن أعرف بوجود شبهات أصلاً، وكنتُ أدخل إلى غروبات فيسبوك التي تخصّ الملحدين وأردّ على الساخرين من الدين من خلال قراءة هذه الكتب.
أذكر مرةً أنّ أحدهم كان يتهم الإسلام بأنه همجيّ فهو يقضي بقتل المرتد عن دينه أو الملحد، حينها رددتُ عليه أن هذا الكلام غير صحيح وأنّ من يفعل ذلك إنما يخالف الإسلام نفسه، ويناقض الرسول الذي استعان في طريق هجرته من مكة إلى المدينة بعبدالله بن أريض، وقد كان كافراً، ولم يقتله بل أعطاه المال وأكرمه، وتوسعتُ أنّ في الأمر عبرةً وحكمةً إلهيةً في أن يكون شخص ملحد موجوداً في أبرز محطة في تاريخ الإسلام، وهي هجرة الرسول.
كنتُ أعاني القلق والاكتئاب في آخر سنوات المدرسة وبداية الجامعة، لذا لجأتُ إلى الدين وقراءة القرآن وتفسيره وكتب الإعجاز العلميّ في القرآن
يحمل هذا التفسير الكثير من التسامح، لكنّ هنالك عدداً أكبر بكثير من الآيات والأحاديث النبوية التي تفتي بكل وضوح بقتل الملحد أو الكافر أو المرتد، لكنني بعدها أدركتُ أنّ الدين الإسلامي يحتوي على الكثير من الأقوال والأحاديث والتفسيرات المُختلفة، وربما المتناقضة، لذلك يمكن للفرد أن يأخذ منه ما يريده وما يناسبه، وقد وصلتُ إلى قناعة أنّ أيّ دعوةٍ للتنوير والعلمانية ونهضة المجتمع، لابدّ أن تبدأ من داخل الدين الإسلامي نفسه، بحيث يكون التغيير اجتهادات وتفسيرات تُليّن بعض الأحكام القاسية والمبادئ التي لم تعد تُلائم روح العصر، وربما تكون نقطة الانطلاق بحديثٍ منقولٍ عن الرسول محمد "أنتم أعلمُ بشؤون دنياكم".
لأنّ التغيير لو بدأ من خارج الدين فلن يلقى أذناً صاغية لدى الأغلبية التي ستعتبره هجوماً على هويتها وعقيدتها.
تغيرتُ ولم أتغير
كنتُ أصلّي وأقرأ وأطبق على نفسي باتباع الأخلاق العامة ومساعدة الآخرين أملاً في أن تتحسّن ظروف حياتي، ولكن هيهات، فمن لا يعمل على نفسه وتطوير مهاراته وقدراته لن تُسعفه صلاة ولا صوم. ساءت الأمور المادية والنفسية ومن بعدها الصحية، حيث قضيتُ أربعة أيام في المستشفى أتلقى مميعات الدم وأتجنّب أي حركةٍ خوفاً من تحرّك الجلطة إلى مكان خطير، وفي هذه الأيام الأربعة بدأتُ أراجع علاقتي مع الله، ويبدو أنّ إسكات أسئلتك الداخلية وهروبك من شكوكك أمرٌ شبه مستحيل، واستنتجتُ أنّ الأوهام، وخاصةً الدينية منها، قد تحمل بعض الراحة المؤقتة في البداية، لكنّها لن تبني لك شيئاً، فالأوهام تنهار في أول لقاءٍ لها مع الحقيقة، ومع أهم الباحثين عنها "نبيل فياض".
شاءت الصدف بعدها أن تقع منشورات ولقاءات الباحث في الأمور الدينية نبيل فياض، بين يديّ. غرقتُ في مقالاته ومقابلاته وكتبه. بدا لي الرجل صريحاً ومنطقياً تارةً، محاولاً تحليل الآيات والأحاديث بطريقة عقلانية بعيداً عن التقديس والمحاباة، وتارةً أخرى انفعالياً وغاضباً، بموقف حاد من الدين، الأمر الذي جعلني أُعجب به أكثر، خصوصاً بعد إحساسي بأنه قد "ضُحِكَ عليّ" بعد أن تبينتُ من المغالطات العميقة الموجودة في كتب إعجاز القرآن، وأغلب التفسيرات تحاول الالتفاف على المعنى الواضح في الآية لإعطائها أكبر من حجمها، كان غضب فياض "بيفشّ الخلق" بالنسبة لي.
كان لبرنامجه "تابو" على شام إف إم بالغ الأثر على تفكيري وحياتي كلها، وقد أدمنتُ تلك الحلقات، وأذكر مضيّ أيام سيطر فيها القلق عليّ خلال متابعة حلقات تابو وبعدها، أيامٌ لا أنام فيها سوى ساعة أو ساعتين. إحساس عميق بالغبن وأنني كنت على مدار خمسٍ وعشرين عاماً أبني حياتي على أشياء غير موجودة وربما مفبركة، عملية انسلاخٍ مؤلمةٍ عن كل ما تربيتُ ونشأتُ عليه، تُشبه الولادة الجديدة.
وعندما أقابل صديقاً قديماً بعد سنواتٍ من البُعد، نتناقش قليلاً ليقول لي: "تغيّرتَ كثيراً"، لكنني لا أتفق كثيراً، وكما يقول هيو لوري، صاحب شخصية "دكتور هاوس" في مسلسله الدراميّ الطبيّ الشهير: "الناس لا تتغير"، وأنا في الحقيقة لم أتغير، إنما بلغتُ مرحلةً من النضج التي تخوّلني البحث عن الأفكار التي يرتاح عليها دماغي. أنا لم أتغير، فقط لم أعد أكبت ذاتي، لم أغير أفكاري إنما أزلتُ القيود والأغلال والمحرّمات عنها، هذا كل ما في الأمر.
اعتُقل نبيل فياض وعُذّب في أحد فروع المخابرات في دمشق، وما كان ليُطلق سراحه لولا أنّ صديقه آنذاك فيصل القاسم، نشر خبر اعتقاله على قناة الجزيرة، فاضطرت السلطات تحت الضغط الإعلامي لإطلاق سراحه
نبيل فياض في الساحل
وفي صيف 2020، نشر نبيل فياض على صفحته الشخصية أنه متواجدٌ في قرية "بصيرة" المعروفة بشاليهاتها على البحر الأبيض المتوسط. هرب من دمشق خوفاً من كورونا، خصوصاً أنه يعاني من سرطان في نقي العظام المعروف اختصاراً (MM). بعثتُ له رسالة على المسنجر أنني في مكانٍ قريب وأود زيارته. رحّب بي وكان لطيفاً وأرسل رقم هاتفه، فاتصلتُ به وأخبرته أنّ لي صديقاً اسمه عليّ سيأتي معي فردّ ممازحاً: "كلكم هون اسمكم علي، اليوم إجيت من زيارة لضيعة اسمها حمين، كلهم علي ويلي ما اسمو علي، اسمه حيدر". كان الصوت وطريقة الكلام مطابقةً لمقابلاته على التلفزيون.
ذهبنا على الدراجة النارية استغرقنا على الطريق حوالي الساعة، وصلنا إلى الشقة أو "الشاليه" الكائنة إلى جانب منتجع الشاطئ الزاهي، التي تعود ملكيتها لمرافقه الدائم جورج برشيني، أو أحد أقارب جورج.
كان الشاليه في الطابق الثاني، وضعنا الدراجة عند مدخل البناية. حذّرَنا جورج من احتمالية سرقتها، إذ سرقوا دراجة لضيوفهم من المكان نفسه منذ بضعة أيام، والمضحك المبكي في الأمر أنّ السارقين معروفون ولكن لا أحد يجرؤ. تغيّرت ديموغرافية القرية وأصبحت "بصيرة" تعجّ بالنازحين من مختلف المحافظات، ولا علاقة لذلك بالسرقة، إذ تنتشر سرقة الدراجات النارية منذ بداية الحرب بشكلٍ مرعبٍ في جميع قرى الساحل دون استثناء، حتى التي لا يقطنها أي نازحين، لكنّ تردي الحالة المعيشية يدفع البعض إلى السرقة وربما أكثر من ذلك، وأعرف شخصياً العديد من الأفراد الذين سُرقت دراجاتهم النارية ثلاث مرات، ويضطرون لشراء واحدةً بعد كلّ سرقة لأنها "إيدهم وإجرهم" كما يقولون، مع العلم أنّ سعر الواحدة يبلغ ملايين الليرات في هذه الأيام.
فياض... محبطاً ومتململاً
كان في استضافتنا إلى جانب فياض، جورج برشيني وشابٌ مهندسٌ من إحدى قرى القدموس اسمه رضوان، يرافق فياض في رحلات بين عيادات الأطباء في طرطوس وبعتني به في الشقة. أعدّ رضوان المتة، وكان فياض جالساً على كرسيه المتحرّك ولم يعد يقوى على القيام بمهامه الشخصية. كان يستخدم يداً في الإشارة وشرب المتة وأخرى أخبرنا أنها أصبحت معطوبة بعد خطأ طبي في عملية غير ضرورية. سرد لنا العديد من القصص، وكيف أنه اعتُقل وعُذب في أحد فروع المخابرات في دمشق، وما كان ليُطلق سراحه لولا أنّ صديقه آنذاك فيصل القاسم، نشر خبر اعتقاله على قناة الجزيرة، فاضطرت السلطات تحت الضغط الإعلامي لإطلاق سراحه مع تعويضه بمبلغٍ ماليّ لم يرضَ أخذه.
وتكلم أنه قدم دراسة موثقة بالصور لآصف شوكت عن معسكرات للتنظيمات الإرهابية في صحراء سوريا، وكان ردّ شوكت حسب فياض: "هدول كم صرصور بدوسن برجلي"، ورمى الدراسة جانباً رافضاً قراءتها.
بدا نبيل فياض في هذه الجلسة متململاً من الاتصالات المتكرّرة من أشخاص يريدونه أن "يُسفِّرهم" أي يُساعدهم في السفر إلى ألمانيا والخليج، وقد كان موتوراً من الإسلاميين الذين حاولوا اغتياله أكثر من مرة، ومستاءً ومحبطاً من عدم اهتمام الدولة به، وهو الباحث الذي كرّس حياته للكتب والبحث، سواء اختلفنا معه أم اتفقنا. تفاجأ بالوضع المزري والإهمال الشديد الذي تعيشه قرى الساحل، ووضع النفايات السيئ في قرية سياحية على شاطئ المتوسط مثل بصيرة، وقد حاول تركيب بوابة إنترنت في الشقة التي يقطن فيها لكنه لم يستطع، وطلب منه أحدهم الحديث مع أحد المسؤولين فرفض: "أنا أحارب الواسطة ولا يمكن أن أشجع عليها".
قال لي نبيل فياض إنه قدم دراسة موثقة بالصور لآصف شوكت عن معسكرات للتنظيمات الإرهابية في صحراء سوريا، وكان ردّ شوكت حسب فياض: "هدول كم صرصور بدوسن برجلي"، ورمى الدراسة جانباً رافضاً قراءتها
يُؤخذ على فياض
يُؤخذ على فياض الاصطفاف إلى جانب النظام، ورغم معارضته الواضحة لبعض السياسات، لكنه يعترف بصداقته مع أحد ضباط المخابرات، وربما كان الدافع وراء ذلك خوفه من انتصار الإسلاميين وسيطرتهم على الحكم، وبدأ ذلك في حديثنا حين استشهدتُ بقولٍ لأدونيس، فلم يُعجب فياض الذي أبدى استياءه من لقاءات أدونيس مع الوهابيين وإعجابه بهم، لكنّ ذلك لا يجب أن يقلّل من أهمية عمله البحثي.
كذلك القول بأنه كان مثلياً وربط كل نقده للدين ومؤلفاته بميوله الجنسيّ من باب تقليل قيمتها، لا يبدو منطقياً، فالموضوعان مُختلفان ولا يُبطل أحدهما الآخر، بالإضافة إلى وصمه بالاضطراب النفسيّ، الذي على كيديته لا أراه ينتقص من فياض، ثمّ من مِنا متوازن نفسياً في هذا العالم الذي يركض ليل نهار ويرقص بنا بكلّ جنون؟
ولو فرضنا جدلاً وجود اضطراب نفسيّ، أليس ذلك مُقابلاً للإبداع والعبقرية، فلا وجود لإبداع في حالة الإشباع. الإبداع يتطلب وجود النقص والجوع، حسبما قرأتُ للطبيب النفسي رفيف المهنا، فإن المبدعين والعباقرة مهيؤون أكثر للإصابة بأمراض نفسية متنوعة، فعندما يبرز العبقري في ناحية معينة فإنه سيفقد قدرة أخرى في مكان ما، وسيكون المرض النفسي الحاد هو النتيجة الطبيعية لانعدام التوازن.
ناهيك عن أنّ الكثير من المفكرين والأدباء قد وُصموا بالانحراف والجنون مثل ماركيز دي ساد ولوتريامون وأبولينير وفوكنر الذي كان يمشي حافياً في الشوارع، كان ما وُصموا به أحد أهم عناصر نجاح مسيرتهم الفكرية والأدبية، ولا يمكننا تجاهل ما قدموه، فقط لأنهم لم يلتزموا بمنظومة مجتمعاتهم الأخلاقية.
بالغ الأثر في تغيير حياتي
عموماً، كان لنبيل فياض بالغ الأثر في تغيير حياتي، لربما كانت الصدفة أنني قرأتُ أفكاره في توقيت كنت أشعر فيه بالقلق الوجوديّ والرغبة في التخلي عن كل العادات والتقاليد. تشرّبتُ أفكاره وشروحاته وتفسيراته، التي لا يمكنني القول إنها صحيحة بالمطلق أو أنني لا زلتُ مقتنعاً بها، وانتقلَ إليّ ما أعتقد اليوم أنه تطرفٌ في الأفكار، وأصبحتُ أعتبره معلماً ومثلاً أعلى وصاحب مشروع ثقافيّ تنويريّ، إلى أن قالت لي صديقتي: "نحن العرب، لا نُلحد وإنما نُبدّل آلهتنا"، وقد كان في كلامها الكثير من الصحة.
توفي نبيل فياض وشُيّع في طقوسٍ دينية إلى حدٍّ ما، وتقبل ذووه ومحبوه التعازي بجملٍ دينية وغيرها
لكنّ تعدّد قراءاتي مع مرور السنين، جعلني أقلّ تعصباً ضد الدين، وليّن نظرتي اتجاهه، إلى درجة أنني أصبحتُ أرى فيه طريقةً اخترعها الإنسان للتعامل مع الأشياء التي يعجز العلم عن حلها، فعلى سبيل المثال، يبقى الموت أمراً محتوماً لا يمكن للعلم منعه، لكنه يبقى فاجعةً على الأهل والمحبين، فماذا نفعل؟
كلنا نرتبك في التعامل مع الموت، لكنّ الدين يضعنا في بروتوكلاتٍ وطقوسٍ ميزتها أنها جاهزة لا تحتاج للتفكير والتخطيط والتمحيص واتخاذ القرار، لن تحل مشكلة الموت بكل تأكيد، لكنها تقدم بعض الراحة ومساراً تفريغياً للمشاعر السلبية، ولو لم يكن لها فائدة لنبذها قانون الطبيعة البشرية ونسيها مع الزمن.
توفي نبيل فياض وشُيّع في طقوسٍ دينية إلى حدٍّ ما، وتقبل ذووه ومحبوه التعازي بجملٍ دينية وغيرها، توفي وترك الكثير من الجدل أينما ذهب، استفزّ الجميع ولم يُعجبه كثرٌ ولم يُعجِب كثيرين، وقد تكون هذه هي مهمة المثقف والباحثين -أو إحدى صفاته- ألا يعجب أحداً ولا يعجبه أحد، فقد كان جان جينييه يقول: "كلما كبر ذنبي في عيونكم صارت حريتي أكبر".
وبرغم كل الاختلاف الدائر حوله، يبقى له أثر بالغ في حياتي، لربما لم يكن قديساً ولا نبياً، ولكن يكفي أنه أول من أشار لي أن هذه الآية يمكن أن تُفهم بطريقةٍ أخرى تختلف عن تلك الوحيدة التي كنتُ أعتقد أنه لا وجود لغيرها في الكون.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.