شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
نضوجك الذي تلتقين به لأوّل مرة بعد الأربعين...

نضوجك الذي تلتقين به لأوّل مرة بعد الأربعين...

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مدونة نحن والنساء

الأحد 2 يونيو 202412:48 م

أكتب اليوم لي أولاً، فالكتابة منذ الأزل هي فعل شخصي وحيد، نمارسه سراً ونختار نشره أحياناً. 
أكتب كي أتذكر، فذاكرتي تتلاعب بالماضي بشكل مضحك أحياناً، وترمي في طريقها كل الأحداث السابقة، دون تطبيق معيار مناسب لما يجب أن يمحى، وما يجب أن يبقى. 
وتتلاعب أيضاً بمشاعري، فأنسى إن كنت أريد أن أحب أو أن أكره، أو أن أكون حيادية. تقوم ذاكرتي بإتلاف كل ما لا يلزم اليوم، وتعيش ليومها فقط. 
لهذا، اخترت أن أدون شيئاً مما سأنساه قريباً، لشعوري بأنه سيكون في الواقع مفيداً لأحد ما في مكان ما، يقترب وتقترب من الأربعين بخطوات مترددة. 

التردد

هو خوفنا من المجهول، هو خوفنا من الخسارة، هو عبث القدر بخياراتنا، ورهاننا المستمر مع الحياة، في خيارات مصيرية، وأخرى بسيطة.

التردد هو جزء من الخوف الذي يعشش في داخلنا. 

تقوم ذاكرتي بإتلاف كل ما لا يلزم، وتعيش ليومها فقط. 
لهذا، اخترت أن أدون شيئاً مما سأنساه قريباً، لشعوري بأنه سيكون في الواقع مفيداً لأحد ما في مكان ما، يقترب وتقترب من الأربعين بخطوات مترددة.
إذا كنت أريد أن أمنح نفسي الصغيرة نصيحة واحدة، فسوف أقول لها، دعي التردد جانباً، دعي الخوف، فالخائفون غالباً ينسحبون من الحياة، من حياتهم هم أولاً، قبل أن ينسحبوا من حياة من يحبون. 

الحب

سأقول لك إن الحب يبدأ من ذاتك، وهو شيء يشبه البحث في داخلك عن الله، وعن دينك الخاص، ومذهبك في الحياة. عندما تجدين الحب الذي تبحثين عنه في داخلك، ستمهدين الطريق للحب القادم من حولك، رغم ذلك تذكري أن تهربي، من هؤلاء الذين لا يحبون ذواتهم، والذين لا يحبونك. ولو قالوا عكس ذلك. 
الحب، هو سكينة الوجود، وهو مصدر الحياة في روحك، وهو سبب النبض اليومي في قلبك، والحب يمكن أن يكون بأي شكل ومع أي أحد. 
تذكري أن الحب لا يقتصر على الشريك أو الحبيب، ولكنه أيضاً كل حب يحيط بك ويرى داخلك بعينين شفافتين، تذكري أن الحياة سوف تضعك دوماً أمام مفترقات طرق معقدة، وسوف تعرفين أي طريق تختارين إن تبعت حدس قلبك الداخلي. ذلك الذي يحبك أنت، ويعرف أنه سيقوم بإنقاذك في كل مرة تقعين فيها. 

الوقوع

هو قدرك الأحمق الذي لا مفر منه.

الهزيمة، الخذلان، كلها ستتعرضين لها، ستلمسينها شخصياً وفي كل مكان حولك، وسوف تفهمين أنها جزء من الرحلة. 

الرحلة

هي حياتك القصيرة، التي لن تدركي قصرها قبل أن تبلغي الأربعين. هنا فقط ستضعين أولى خطواتك في منتصف الطريق، سوف تنظرين إلى ما فات بعين الحكمة ربما، وبرهبة مما عرفت حتى اليوم، وما خبرتِ، وما مر بكِ، وسوف تتطلعين إلى ما سيأتي بهدوء أكبر، بفضول وخوف، تذكري أن الخوف رغم أنني حذرتك منه، سيكون صديقك عند الضرورة. دعي له مساحة طفيفة من الحماية، كوني صديقته ولا تكوني تحت سلطته. 

السلطة 

هي ما يحكم حياتك، ما تدورين في فلكه، ما تحاولين عبثاً أنت وغيرك التحرر منه، ستعلمك الحياة أن السلطة هي ما يهيمن على يومك، السلطة السياسية، السلطة الأبوية، السلطة المجتمعية، سلطة أرباب العمل، سلطة اللون، سلطة اللغة، سلطة العرق، وحتى سلطة الضرائب. 
لن أقول لك تهربي من السلطات، لكنني سأخبرك سراً ربما لن يكون مثالياً… عليك أن تملكي سلطات معينة في حياتك، دون أن تسيئي استخدامها، تذكري أن تضعي الخط الفاصل بين ما يمكنك أن تصنعيه بالسلطة، وكيف يمكن تنفيذ ذلك. 

الوقوع هو قدرك الأحمق الذي لا مفر منه. الهزيمة، الخذلان، كلها ستتعرضين لها، ستلمسينها شخصياً وفي كل مكان حولك، وسوف تفهمين أنها جزء من الرحلة

الأمومة

خياركِ الذي سوف يسمح للجميع بتقييمك بشكل مستمر، ووضعك في خانات مختلفة، من التفاني والعطاء، إلى الأنانية واللا اكتراث.

سوف يقوم الجميع بوضع أمومتك في الميزان العام، وتحت المجهر، فمنذ حملك الأول سوف يشعر الغرباء بأن لديهم من الشرعية، ما يجعلهم يلمسون بطنك! 
لكنك بينك وبين ملاءات السرير الأبيض، سوف تجدين أمومتك، في عينين نائمتين، وفي أسنان بيضاء صغيرة ترمينها من النوافذ، وفي خزعبلات السحر التي تروينها، عندما تقررين أن تخففي من وقع الحقيقة، وفي يوم المدرسة الأول، وعند توضيب حقيبة الرحلة الأولى، وفي تفاصيل البيت الصغيرة، التي تبنينها بحذر وتأن شديدين، كأنك في الحقيقة تبنين عشاً آمناً طيلة حياتك… 

لن تكوني أبداً كافية، وذلك هو جوهر الأمومة. 
أن تبذلي كل شيء فلا يكفي…
أمومتك سوف تخونك، وسوف تسرق منك راحة البال والقدرات البسيطة، كالقدرة على النوم ساعات متواصلة، وسوف تهديك قلقاً أبدياً، وحفرة عميقة من الشعور بالذنب…

لن تكوني أبداً كافية، وذلك هو جوهر الأمومة. 
أن تبذلي كل شيء فلا يكفي…
ولكنني أريدك أن تبحثي عن سكينتك في العناقات القصيرة، وفي معرض اللوحات التي سوف تُرسم لك بشكل مكثف بالأصابع الصغيرة، وفي حكايات الطفولة التي لا تنتهي. 
تذكري أن تستعيدي طفولتك عندما لايزال أبناءك صغاراً، فهناك سوف تلعبين مرة أخرى، وسوف تحلمين، وسوف تستعيدين خيالك من جديد…

الجديد 

سيكون هو مشاعرك المتضخمة، بالحزن وبالفرح، والجديد هو شعورك بعد الأمومة إثر كل خيبة بأنك لا ترغبين لأبنائك أن يمروا بمثلها، لا تريدين أن تنكسر قلوبهم، ولا تريدين أن يشعروا بالغربة، أو الظلم، أو الوحدة، أو المرض… تريدين أن تحميهم من كل شيء وأي شيء…

الرحلة...
هي حياتك القصيرة، التي لن تدركي قصرها قبل أن تبلغي الأربعين.

أوقفي نفسك، عندما تلاحظين أنك تعاملين أطفالك كالألعاب الزجاحية، فعندها فقط سوف تكسرهم أول ريح خفيفة.
لا تعبئي لرياح الحياة العاتية، ولا للخيبات التي مرت ولا إلى تلك القادمة. 

الذاكرة 

تذكري أنك في الأربعين، ما زلت تجدين سكينتك في المطر المنهمر من خلف الزجاج، وفي الشمس المتسللة عبر ستائر غرفة النوم، وفي قهوة مع صديقة تحبينها، وفي ذاكرة تحملينها بحذر، وتدركين أنها تتساقط كأوراق الخريف، منذرة بالفقد العميق. 
ذاكرتك هي ما تعرفين حتى اليوم، وما لا تعرفين أيضاً، ما نسيتِ وما خبأتِ. لا تقلقي لما سيأتي، ولا تتعقبي أثر من لا تحبين، فكلما تهتِ سوف تجدين ذاتك الضائعة في قلب من تحبين. 

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    0:00 -0:00
    Website by WhiteBeard