شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
ماذا أضاف

ماذا أضاف "غزو المؤلِّفات" إلى دراما رمضان؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي نحن والنساء نحن والتنوّع

الجمعة 5 أبريل 202407:35 ص

تبدأ الطبيبة الشابة المتدربة "ملك" - تجسدها ميران عبد الوارث - في مغازلة رب عملها جرّاح التجميل أحمد - يقوم بدوره شريف سلامة - تفعل ذلك بذكاء ولطف أنثوي، عبر الاهتمام بإقامة عيد ميلاده مع زملاء العيادة، وإبداء الشكر له – مع هديّة قيّمة – على تدريبه لها. وحين يرفض الجرّاح الذي يقترب من منتصف العمر أن تغني له المجموعة أغنية عيد الميلاد، لأنها "تناسب فقط من هم في سنّك" كما يقول للمتدربة الشابة، تجيبه بابتسامة جذابة ومستنكرة: "إنت مش كبير أصلاً". هي كلمات لطيفة تصلح لأن تحمل أكثر من معنى، مخصّصة لمن يستطيع أن يلتقطها وجاهزة للتنصّل منها عند الحاجة، باختصار هي الطريقة المناسبة تماماً لفتاة شابة تحاول مغازلة رجل متزوج، كما صاغتها المؤلفتان رنا أبو الريش ويسر طاهر، في الجزء الثاني من مسلسل "كامل العدد" الذي حقق نجاحاً لم يقل تقريباً عن نجاح جزئه الأول للمؤلفتين نفسيهما، فماذا لو أن ذلك المشهد كتبه رجلان؟

بعد النجاح الكبير للمسلسل الأمريكي The queen's gambit أو "مناورة الملكة"، انتشرت صورة من إحدى حلقاته، تظهر فيها بطلة العمل أنيا تايلور - في دور بيث هارمون - وهي تجلس في حالة انهيار على أريكة في منزلها، ومع الصورة تعليق يقول: "هكذا يكتب مؤلفان من الرجال مشهد امرأة في حالة حضيض نفسي"، في المشهد/ المسلسل الذي أخرجه سكوت فرانك وكتبه بالاشتراك مع ألان سكوت، ترتدي أنيا تايلور قميص نوم مكشوفاً، وتمسك بإحدى يديها سيجارة مشتعلة، وباليد الأخرى علبة من البيرة، وقد مددت ساقين عاريتين على الطاولة بجوار كأس نصف مليئة، لقد بدا بالفعل إلى حد كبير مشهداً من الخيال الجنسي لمؤلف رجل، أكثر منه مشهداً حقيقياً لامرأة مكتئبة.

يمكن تخيل مشهد الطبيبة الشابة التي تغازل الجراح المتزوج في مسلسل "كامل العدد"، لو أنه كُتب بأصابع وذهنية مؤلف رجل، أغلب الظن أننا كنا سنشهد بعضاً من "الإغراء"، ونظرات "وقحة"... لا يعني ذلك بطبيعة الحال أن الكتابة ينبغي أن تُقسّم حسب النوع، ولكنْ ثمة تحوّل يستحق "نظرة ما"، وهو التوازن الجندري الذي طالما افتقرت إليه صناعة الدراما المصرية على مستوى التأليف 

على النهج نفسه، يمكن تخيل مشهد الطبيبة الشابة التي تغازل الجراح المتزوج في "كامل العدد"، لو أنه كُتب بأصابع وذهنية مؤلف رجل، أغلب الظن أننا كنا سنشهد بعضاً من "الإغراء"، ونظرات "وقحة"، وجملاً حوارية مباشرة لا تتحمل العديد من المعانى، ولا يعني ذلك بطبيعة الحال أن الكتابة ينبغي أن تُقسّم حسب النوع، ولكنْ ثمة تحوّل يستحق "نظرة ما"، وهو التوازن الجندري الذي طالما افتقرت إليه صناعة الدراما المصرية على مستوى التأليف.
كما في معظم عناصر الإخراج المختلفة – باستثناء التمثيل بطبيعة الحال – غابت المبدعات الإناث إلا باستثناءات معدودة، منها أمينة الصاوي مؤلفة المسلسل الديني "لا إله إلا الله" في ثمانينيات القرن الماضي، والنجمة إسعاد يونس في عدة محاولات للتأليف أشهرها "بكيزة وزغلول" الفيلم والمسلسل، وفتحية العسال الكاتبة المسرحية والمناضلة السياسية، في الأعمال التي كتبتها أو اقتبست عن أعمالها، وآخرها كان "سجن النسا" إنتاج عام 2014 وإخراج كاملة أبو ذكري، وسيناريو وحوار مريم نعوم، والأخيرة مع ورشتها للكتابة "سرد"، شكّلت إحدى أبرز المساهمات النسائية في عالم الدراما في العقد الأخير، تأليفاً واقتباساً وتدريباً لمبدعات واعدات.
وإذ تغيب نعوم وورشتها عن رمضان هذا العام، بعد نجاح حققه مسلسلها "الهرشة السابعة" في العام الماضي، يحضر، بالإضافة إلى رنا أبو الريش ويسر طاهر في "كامل العدد"، عدد بارز من المؤلفات الشابات في دراما رمضان 2024، ويشكّلن بحضورهن أعمالاً جمع معظمها النجاحين الفني والجماهيري، بل يحضر بعضهن في أكثر من عمل في الموسم نفسه، على غرار المؤلفة سمر طاهر، السيناريست والروائية وأديبة الأطفال، التي كتبت المسلسل الناجح والمثير للجدل "أعلى نسبة مشاهدة" - من إخراج ياسمين كامل - عن "فتيات التيك توك" ومخاطر الكسب المالي عبر مشاهدات تطبيقات التواصل الاجتماعي، قدمت فيه رسماً بارعاً للشخصيتين الشعبيتين شيماء - تجسدها سلمى أبو ضيف - و"نسمة الكاريزما" - تؤديها ليلى زاهر.
شاركت سمر أيضاً في كتابة أحد أفضل مسلسلات النصف الثاني في رمضان، وهو "بدون سابق إنذار" للمخرج هاني خليفة، كتبت سمر الحلقات الثلاث الأولى من المسلسل، وقدمت الحبكة الأساسية وبذور الصراع، دون نسيان أن فكرة المسلسل والمعالجة الدرامية هي لكاتبة أخرى - السورية ألما كفارنة.
وللموسم الثاني على التوالي، بعد مشاركتها في كتابة أفضل أعمال رمضان الماضي "تحت الوصاية"، تشارك شيرين دياب شقيقها خالد دياب كتابة مسلسل – كوميدي هذه المرة - هو "أشغال شقة" من بطولة هشام ماجد وأسماء جلال، والذي عُدّ من قبل معظم المتابعين، الأفضل كوميدياً هذا الموسم، بعد وقوع "الكبير" لأحمد مكي في جزئه الثامن في فخ التكرار والرتابة، وتعثر قصة "خالد نور وولده نور خالد" لـ شيكو وكريم محمود عبد العزيز في مشكلة عدم تطور الأحداث بعد مرور معظم حلقات المسلسل.

في مشهد من مسلسل الأمريكي The queen's gambit، ترتدي أنيا تايلور قميص نوم مكشوفاً، وتمسك بإحدى يديها سيجارة مشتعلة، وباليد الأخرى علبة من البيرة، وقد مددت ساقين عاريتين على الطاولة بجوار كأس نصف مليئة. بدا ذلك أقرب لمشهد من الخيال الجنسي لمؤلف رجل، أكثر منه مشهداً حقيقياً لامرأة مكتئبة
وعلى الرغم من ملاحظات نقدية وسياسية طالت مسلسلها الأول كمؤلفة منفردة، فإنه يُحسب للكاتبة رشا عزت النجار أن مسلسلها "مليحة" هو الوحيد الذي تناول القضية الفلسطينية في ظل حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة، بدأت المؤلفة كتابة المسلسل بعد اندلاع الحرب، وربما ساهمت الفترة الزمنية المحدودة في القدرة على ابتكار مشاهد وصيغ حوارية بعيدة عن الكليشيه، إلا أنه يبقى عملاً ذا أثر حتى لو اقتصر ذلك الأثر على المقدمة التاريخية التي تسبق بدء كل حلقة حول تاريخ قضية فلسطين، أضف أن العمل أحدث صدى في بعض وسائل الإعلام الإسرائيلي.
لا يزال عدد الكاتبات بلا شك أقل بكثير من عدد المؤلفين في الدراما، لكنهن صرن رقماً مهماً، والأهم، صار لهن وجود "طبيعي" وأثر تأخر تحققه في الصناعة التلفزيونية، وجزء من تلك "الطبيعية" أن وجود المؤلفة لم يعد قريناً بالمخرجة الأنثى أو البطولات النسائية كما كان الحال في تعاونات سابقة بين مريم نعوم وكاملة أبو ذكري، أو هالة خليل ووسام سليمان، فالأسماء النسائية في رمضان الحالي كتبت أعمالها لمخرجين من الرجال - باستثناء أعلى نسبة مشاهدة - بينما عملت المخرجات السيدات – باستثناء ياسمين كامل – مع مؤلفين، كما في مسلسل نادين خان "مسار إجباري"، من تأليف باهر دويدار وأمين جمال، ومسلسل شيرين عادل "محارب" الذي كتبه محمد سيد بشير.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard
Popup Image