لكل من الكتب الجنسية في الشرق والغرب تاريخٌ فريد، كان هدفها جميعاً تعليم طريقة ممارسة الجنس وتقديم المتعة الجسدية لجمهورها من الخواص والعوام. أول كتاب جنسي في تاريخ إيران هو كتاب "الألفية والشلفية"، وهو كتاب مصوّر عن الجماع، ألّفه الشاعر والحكيم الإيراني أبو بكر الأزرقي في القرن الحادي عشر، وقدّمه لملك نيشابور طغان شاه، وهو ابن ألبْ أرسلان السّلجوقي وحفيد طُغرُل بِك السّلجوقي.
هذا الكتاب الإيراني المثير مكتوب بأسلوب كتاب "الكاماسوترا"، هو أقدم وأشهر كتاب في هذا المجال، وخُصص لتعليم العلاقات الجنسية بين الجنسين، و"الكاماسوترا" هي أطروحة باللغة السنسكريتية يتم فيها وصف الحياة الجنسية للإنسان بشكل كامل، وقد حاول مؤلفها تقديم التوجيه نحو حياة جنسية سعيدة لقرّائه، وأُلّف هذا الكتاب في الفترة ما بين 400 إلى 200 عام قبل الميلاد، أي قبل ألفَي سنة تقريباً.
أما تاريخ النثر والأدب الجنسيَين في الغرب فليس قديماً جداً، فرواية "مذكرات امرأةِ متعة" المعروفة بـ"فاني هيل"، للروائي الإنكليزي جون كليلاند، هي الرواية الأولى والمؤلف الأول ضمن هذا المجال، ونُشرت لأول مرة في لندن عام 1748، أي بعد 1500 عام على الأقل من رواية "الكاماسوترا"، و700 عام من "الألفية والشلفية".
أول كتاب جنسي في تاريخ إيران هو كتاب "الألفية والشلفية"، وهو كتاب مصوّر عن الجماع، ألّفه الشاعر والحكيم الإيراني أبو بكر الأزرقي في القرن الحادي عشر، وقدّمه لملك نيشابور طغان شاه، وهو ابن ألبْ أرسَلان السّلجوقي وحفيد طُغرُل بك السّلجوقي
وكتاب كليلاند هذا، برغم سرده الإباحي، إلا أنه لا يتضمن أي كلمات خادشة للحياء أو مصطلحات علمية صريحة للأعضاء الجنسية، بل يصف الأعضاء التناسلية بلغة أدبية ومجازية، فعلى سبيل المثال، يسمّي المهبل أحياناً بـ"الفم التحتي".
"الألفية والشلفية"
كتب الأزرقي، "الألفية والشلفية"، قد أُلّف بهدف تنشيط وتقوية الضعف الجنسي لطغان شاه. وعن عنوان هذا الكتاب يقال إن "الألفية" هي قضيب الذّكر، و"الشلفية" تعني فرج الأنثى، كما عَدّت جماعة أخرى أن "الألفية والشلفية" اسمان لبنتَيْ هوى، وشلفية كانت أم ألفية. لم يبقَ من هذا الكتاب سوى 55 صفحةً محفوظةً في متحف سان بطرسبورغ في روسيا، وهو مزوّد برسوم توضيحية، تحتوي على 34 صورةً ملونةً على شكل منمنمات تظهر الوضعيات المختلفة للجماع.
شرف الزمان أبو المحاسن زين الدين أبو بكر جعفر بن إسماعيل وراق، المعروف بالأزرقي، هو شاعر فارسي وإيراني من القرن الخامس الهجري، عاش في بلاط السلاجقة في مسقط رأسه مدينة هرات، وصُحِّح ديوان قصائده على يد سعيد نفيسي، وصدر في إيران في آب/أغسطس 1957. يحتوي هذا الديوان على 67 قصيدةً و9 مقطوعات و108 رباعيات، وتعود شهرة الأزرقي في إيران إلى كتابه الجنسي، وليس إلى قصائده التي كانت ستُنسى إذا لم تكن في ذلك الكتاب.
كتب الأزرقي هذا الكتاب لحاكم خُراسان، طغان شاه السّلجوقي، وهو ابن ألب أرسلان، أعظم ملوك السلاجقة. ويشيد الأزرقي بهذا الأمير في قصائده. ألب أرسلان، والد طغان شاه، كان السلطان الثاني للإمبراطورية السلجوقية، حكم من 1063 إلى 1072. وبانتصاره على الإمبراطورية البيزنطية في معركة ملازجرد، قام ألب أرسلان بتوسيع أراضي إمبراطوريته من خلال غزو جورجيا وأرمينيا والأناضول، وبذلك شيّد واحدةً من أكبر الإمبراطوريات في التاريخ. وألب أرسلان لقب تُركي يعني "الأسد الشجاع".
أول كتاب جنسي في الغرب
"مذكرات امرأةِ متعة" الذي يُعرف بين البريطانيين باسم "فاني هيل"، هو أول رواية جنسية في الغرب، ألّفها الروائي الإنكليزي جون كليلاند، أثناء تواجده في السجن، ونُشرت لأول مرة في لندن عام 1748، بينما كان كليلاند مسجوناً في سجن المدينين الماليين. تعرض هذا الكتاب للحظر أكثر من أي كتاب آخر في تاريخ الغرب.
وكانت النسخة الأصلية من الرواية تفتقر إلى الرسوم التوضيحية، لكن العديد من الإصدارات اللاحقة من الكتاب ضمت رسوماً مثيرةً تتيح للقراء الصور الجنسية للرواية. بعد ذلك سُجن كلّ من كان يعمل في توزيع هذه الرواية ونشرها، لبيعهم "كتاباً وقِحاً وخادشاً للحياء العام".
تتكون هذه الرواية من فصلين طويلين، يشكلان المجلد الأول والثاني من الرواية على التوالي، وتروي الرواية قصة امرأة إنكليزية تُدعى فرانسيس فاني هيل، في منتصف عمرها. فاني هيل الثرية تعيش حياةً مُرضية مع زوجها المحبّ تشارلز وأولادهما. وفي القصة ترسل فرانسيس الرسائل إلى إحدى معارفها المجهولات، والتي لا يعرفها الجمهور إلا بكلمة "مدام"، وتكشف لها من خلال هذه الرسائل قصة حياتها.
"مذكرات امرأة متعة" التي يعرفها البريطانيون بعنوان "فاني هيل"، هي أول رواية جنسية في الغرب، ألّفها الروائي الإنكليزي جون كليلاند، أثناء تواجده في السجن، ونُشرت لأول مرة في لندن عام 1748
تبدأ الرسالة الأولى بوصف موجز لطفولتها الصعبة في إحدى القرى البريطانية، ومن ثم تفقد المدعوة فرانسيس والديها في سن الرابعة عشرة، إثر مرض الجدري الذي تفشى في القرية، وبعد ذلك تنتقل إلى لندن للبحث عن عمل كخادمة، حيث ينتهي بها الأمر بالعمل في بيت هوى هناك. تتضمن الرسالة الثانية، في معظمها، أوصافها وتحليلها للأوضاع الاجتماعية لعاملات الجنس والمثليين جنسياً وغيرهم من الناس وطبقات المجتمع، وفي نهاية المجلد الثاني من الرواية تعتزل الراوية وبطلة الرواية العمل في الجنس، وتقع في حبّ رجل ثري عمره 60 عاماً. وبعد سنوات من الحياة الجيدة مع هذا الرجل، يفارق زوجها الحياة وترث عنه ثروةً كبيرةً.
أول كتاب جنسي في الشرق
"الكاماسوترا"، هو كتاب يتم فيه شرح الحياة الجنسية للإنسان المثالي بشكل كامل، كما أنه لا يشرح الأوضاع الجنسية فحسب، بل يحتوي على أوصاف دقيقة عن الحياة الأسَرية والطبيعة ومبدأ الحبّ عند البشر، بالإضافة إلى الجانب الأسري والاجتماعي. وفي الديانة الهندوسية، كغيرها من الديانات، توضع أهداف وغايات لكل شخص خلال حياته، ولكل هدف من هذه الأهداف يتم وضع إرشادات وقواعد حتى يتمكن الإنسان من العيش بسعادة وبروح صحيحة وجسمٍ سليم في هذا العالم الذي يسمّى في هذه الديانة "مايا" (maya) أو "الخيال".
بشكل عام، هناك أربعة أهداف محددة في الفلسفة الهندوسية للحياة، وهي "دارما" (Dharma)، أي طريقة العيش بالتقوى، و"أرثا" (Artha) وهي السبيل إلى تحقيق النجاح والازدهار في الحياة الدنيوية، و"كاما" (Kama) التي تتحدث عن إشباع الرغبات الروحية والجسدية والحسية في الحياة، وأخيراً "موكشا" (moksha) وهي الطريق إلى الخلاص في الحياة الآخرة.
ويوحي عنوان كتاب "الكاماسوترا" بالمحتوى الديني، بما أنه يعمل على تعليم طريقة الكاما، أي طريقة تحقيق الرغبات والأماني الجسدية والحسية في الحياة الدنيوية، ويُعدّ هذا الكتاب أشهر كتاب في العالم في مجال تعليم المغازلة وطرق ممارسة الحب والجنس، وهو من تأليف الفيلسوف الهندوسي فاتسيايانا. وهذا الكتاب كنظيره الإيراني "الألفية والشلفية"، فيه صور تعليمية من البداية، كما يتناول الغرائز الإنسانية والسلوك الصحيح والمبدئي في العلاقة مع الزوج.
ربما تمت كتابة "الكاماسوترا" قبل عصر إمبراطورية جوبتا في شمال الهند، إذ تحتوي مجموعة معابد خاجوراهو وكونارك في الهند على منحوتات تتعلق بهذا الكتاب، مما يعني أن هذا الكتاب كان ذا أهمية كبيرة في بلاط الإمبراطورية الهندية، على الأقل في تلك البرهة، وهذا الكتاب هو في الواقع فلسفة هندية قديمة موضوعها الرئيسي المحبة والمغازلة بالطرق الصحيحة.
وكسائر الاحتياجات والرغبات الجسدية، يكون الجنس وممارسته من أهم الاحتياجات الجسدية، حيث على كل شخص ممارسته بأي شكل من الأشكال. وهذه الحاجة لا تعرف امرأةً أو رجلاً ولا عبداً أو ملكاً ولا عالماً أو أُميّاً، عندما تأتي على الإنسان عليه تلبيتها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...