شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!

"حرق بيت الزهراء وكسر ضلعها"... قراءة في الروايات السنّية والشيعية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والنساء نحن والتاريخ

الأربعاء 31 يناير 202401:13 م

تُعدّ السيدة فاطمة الزهراء، بنت النبي محمد، واحدةً من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في حقبة الإسلام المبكر. لا تتوافر الكثير من المعلومات عن الزهراء في المصادر التاريخية الإسلامية، كما أن سيرتها مُحاطة بهالة من الغموض والتشويش في أغلب الأحيان.

أثارت الروايات التي تحدثت عن وفاة الزهراء، القدر الأكبر من الجدل والنقاش بين المعسكرين السنّي والشيعي. بحسب السردية الشيعية التقليدية، فإن الزهراء أصيبت في حادثة مداهمة دار علي بن أبي طالب، من قِبل كبار الصحابة عقب وفاة النبي. على الجانب الآخر، ترفض السردية السنّية هذا الطرح، وتؤكد على العلاقات الودّية التي انعقدت بين ابنة النبي وكبار الصحابة.

السردية الشيعية

تتفق السردية الشيعية الجمعية على القول بتعرّض السيدة فاطمة الزهراء، لنوع من أنواع المظلومية بعد وفاة النبي. تذكر بعض المصادر أن النبي عرف بوقوع تلك المظلومية قبل أن تولد فاطمة. يتحدث ابن قولويه القمي، المتوفى سنة 368 هـ، في كتابه "كامل الزيارات"، عن أن خبر ظلم الزهراء نُقل إلى النبي في أثناء رحلة الإسراء والمعراج، وأنه -أي النبي- عرف الأمر من ملائكة السماء. يقول ابن قولويه: "لمّا أسري بالنبي إلى السماء قيل له: إن الله تبارك وتعالى يختبرك في ثلاث لينظر كيف صبرك، قال: أسلم لأمرك يا رب ولا قوة لي على الصبر إلا بك، فما هن؟ قيل له: أولهنّ الجوع والأثرة على نفسك وعلى أهلك لأهل الحاجة... وأما الثانية فالتكذيب والخوف الشديد وبذلك مهجتك في محاربة أهل الكفر بمالك ونفسك... وأما الثالثة فما يلقى أهل بيتك من بعدك من القتل، أما أخوك علي فيلقى من أمّتك الشتم والتعنيف والتوبيخ والحرمان والجحد والظلم وآخر ذلك القتل، فقال: يا رب قبلت ورضيت ومنك التوفيق والصبر، وأما ابنتك فتُظلم وتُحرم ويؤخذ حقها غصباً الذي تجعله لها، وتضرب وهي حامل، ويُدخل عليها وعلى حريمها ومنزلها بغير إذن، ثم يمسّها هوان وذل ثم لا تجد مانعاً، وتطرح ما في بطنها من الضرب وتموت من ذلك الضرب".

أثارت الروايات التي تحدثت عن وفاة الزهراء، القدر الأكبر من الجدل والنقاش بين المعسكرين السنّي والشيعي. بحسب السردية الشيعية التقليدية، فإن الزهراء أصيبت في حادثة مداهمة دار علي بن أبي طالب، من قِبل كبار الصحابة عقب وفاة النبي. على الجانب الآخر، ترفض السردية السنّية هذا الطرح

تؤكد المصادر الشيعية أن تلك النبوءة السماوية تحققت على أرض الواقع في العام الحادي عشر من الهجرة عقب وفاة النبي. يذكر المؤرخون الشيعة أن أبا بكر الصدّيق بويع بالخلافة في سقيفة بني ساعدة، وأن علياً بن أبي طالب اعترض على ذلك الأمر ورفض أن يبايع الصدّيق.

يوضح المؤرخون أن أبا بكر وعمر بن الخطاب أصرّا على الحصول على البيعة من علي، وأنهما جمعا بعضاً من الصحابة المؤيدين لهما وداهموا بيت الزهراء. يصف رجل الدين الشيعي عباس القمي، تلك الأحداث في كتابه "بيت الأحزان"، فيقول: "...فهجموا عليه -يقصد بيت الزهراء- وأحرقوا بابه واستخرجوه -يقصد علي بن أبي طالب- منه كرهاً وضغطوا سيدة النساء بالباب حتى أسقطت محسناً -الجنين الذي كانت حاملاً به- وأخذوه بالبيعة فامتنع وقال: لا أفعل، فقالوا: نقتلك، فقال إن تقتلوني فإني عبد الله وأخو رسوله وبسطوا يده فقبضها وعسر عليهم فتحها، فمسحوا عليها وهي مضمومة".

سلّطت بعض المصادر الشيعية القديمة الضوء على ما تعرضت له الزهراء في هذا اليوم. ورد في كتاب سليم بن قيس الهلالي، المتوفى سنة 76 هـ -وهو من أقدم كتب الحديث والتاريخ عند الشيعة- أن قنفذاً العدوي -وهو واحد من أتباع عمر بن الخطاب- اعتدى على فاطمة وضربها بمنتهى القسوة. يقول الهلالي واصفاً تلك المأساة: "كان قنفذ قد ضرب فاطمة عليها السلام بالسوط -حين حالت بينه وبين زوجها وأرسل إليه عمر: 'إن حالت بينك وبينه فاطمة فاضربها'- فألجأها قنفذ لعنه الله إلى عضادة باب بيتها ودفعها فكسر ضلعها من جنبها، فألقت جنيناً من بطنها. فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت من ذلك شهيدةً".

تتسق تلك الصورة مع الكثير من الروايات المعتبرة في الوسط الشيعي. وردت الإشارة إلى فاطمة في تلك الروايات على أنها "صدّيقة شهيدة"، وذلك بحسب ما يذكر محمد بن يعقوب الكليني المتوفى سنة 329 هـ، في كتابه "الكافي". توافقت تلك الصورة أيضاً مع ما ذكره محمد باقر المجلسي المتوفى سنة 1111 هـ، في كتابه "بحار الأنوار"، في النص الوارد بخصوص زيارة الزهراء، والذي جاء فيه: "اللهم صلّ على محمد وأهل بيته وصلّ على البتول الطاهرة الصدّيقة المعصومة التقية النقية الرضية المرضية الزكية الرشيدة المظلومة المقهورة المغصوبة حقها الممنوعة إرثها المكسور ضلعها المظلوم بعلها المقتول ولدها...".

بقي مشهد اقتحام بيت الزهراء حاضراً في الوجدان الشيعي الجمعي. وحُمّل عمر بن الخطاب -تحديداً- المسؤولية عما جرى في ذاك اليوم الحزين. اعتاد الشيعة أن يحتفلوا في التاسع من ربيع الأول، بما عُرف باسم "عيد فرحة الزهراء". وعدّوا أن هذا اليوم صادف ذكرى اغتيال عمر، على يد أبي لؤلؤة. وروّجوا لكون هذا العيد قد شهد الرد على ظلامة الزهراء وكسر ضلعها وقتل جنينها.

يذهب أغلبية رجال الدين الشيعة المعاصرين للتأكيد على مظلومية الزهراء. يذكر رجل الدين الإيراني آية الله صادق الشيرازي، على سبيل المثال: "في القضايا التاريخية يرجع إلى ما ذكره المؤرخون. والهجوم على بيت السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها، والاعتداء عليها بالركل والضرب والشتم، قد ذكرته كتب التاريخ من الفريقين -يقصد الشيعة والسنّة-". يؤكد أيضاً "لا ريب في مظلوميّة السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء، وكسر ضلعها هو أمر مسلّم لا يخفى على كل من يراجع الأحاديث الشريفة والتاريخ الصحيح".

على الجهة المقابلة، رفض بعض فقهاء الشيعة التأكيد على تلك الأحداث. شكك الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء المتوفى سنة 1954 م، في كتابه "جنة المأوى" في صدق الروايات التي تحدثت عن ضرب الزهراء. يقول كاشف الغطاء في ذلك المعنى: "...ولكن قضية ضرب الزهراء ولطم خدّها مما لا يكاد يقبله وجداني ويتقبله عقلي، وتقتنع به مشاعري، لا لأن القوم يتحرجون ويتورعون من هذه الجرأة العظيمة، بل لأن السجايا العربية والتقاليد الجاهلية التي ركزتها الشريعة الإسلامية وزادتها تأييداً وتأكيداً تمنع بشدة أن تضرب المرأة أو تمد إليها يد سوء، حتى أن في بعض كلمات أمير المؤمنين ما معناه أن الرجل كان في الجاهلية إذا ضرب المرأة يبقى ذلك عاراً في أعقابه ونسله". ذهب المرجع الديني الشيعي اللبناني المعاصر محمد حسين فضل الله، المتوفى سنة 2010 م، في بعض محاضراته إلى الأمر نفسه. يقول فضل الله: "...وهناك بعض الحوادث التي تعرضت لها مما لم تتأكد لنا بشكل قاطع وجازم كما في مسألة حرق الدار فعلاً، وكسر الضلع، وإسقاط الجنين، ولطم خدّها وضربها ... ونحو ذلك مما نقل إلينا من خلال روايات يمكن طرح بعض علامات الاستفهام حولها، إما من ناحية المتن وإما من ناحية السند وشأنها شأن الكثير من الروايات التاريخية، ولذا فقد أثرنا بعض الاستفهامات كما أثارها بعض علمائنا السابقين...".

بقي مشهد اقتحام بيت الزهراء حاضراً في الوجدان الشيعي الجمعي. وحُمّل عمر بن الخطاب -تحديداً- المسؤولية عما جرى في ذاك اليوم الحزين. اعتاد الشيعة أن يحتفلوا في التاسع من ربيع الأول، بما عُرف باسم "عيد فرحة الزهراء". وعدّوا أن هذا اليوم صادف ذكرى اغتيال عمر، على يد أبي لؤلؤة. وروّجوا لكون هذا العيد قد شهد الرد على ظلامة الزهراء وكسر ضلعها وقتل جنينها

السردية السنّية

يرفض أهل السنّة والجماعة، التصديق بالروايات التي تحدثت عن اقتحام بيت الزهراء رفضاً مطلقاً. يبني علماء السنّة رأيهم على مجموعة من الأسس والمقدمات. تأتي المقدمة الأولى من واقع النظرة السنّية العامة إلى الصحابة. يقول الخطيب البغدادي المتوفى سنة 463 هـ، على سبيل المثال في كتابه "الكفاية في علم الرواية"، بعد أن يورد بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي يفهم منها عدالة وخيرية الصحابة: "...والأخبار في هذا المعنى تتّسع، وكلها مطابقة لما ورد في نص القرآن، وجميع ذلك يقتضي طهارة الصحابة والقطع على تعديلهم ونزاهتهم، فلا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله تعالى لهم، والمطلع على بواطنهم، إلى تعديل أحد من الخلق له". تأتي المقدمة الثانية اعتماداً على ما نُسب إلى العديد من الفقهاء والصالحين -من أمثال عمر بن عبد العزيز وعبد الله بن المبارك- من قولهم بخصوص التعامل مع ما شجر بين الصحابة من مشكلات وفتن: "تلك فتنة عصم الله منها سيوفنا فلنعصم منها ألسنتنا"، بمعنى أنه لا يجوز الخوض في الروايات التي تذكر ما شجر بين الصحابة.

يكذّب أهل السنّة ما قيل بخصوص اقتحام عمر بن الخطاب، بيت فاطمة، ويستشهدون على ذلك بأن علياً بن أبي طالب لم يرفض بيعة أبي بكر، فلم تكن هناك حاجة إلى اقتحام منزل فاطمة ولا لإجبار زوجها على البيعة. ينقل ابن جرير الطبري المتوفى سنة 310 هـ، في كتابه "تاريخ الرسل والملوك"، عن سيف بن عمر التميمي، روايةً مهمةً في هذا المعنى، جاء فيها: "كان عليّ في بيته إذ أتى فقيل له: قد جلس أبو بكر للبيعة، فخرج -يقصد علي بن أبي طالب- في قميص ما عليه إزار ولا رداء، عجلاً، كراهية أن يبطئ عنها، حتى بايعه. ثم جلس إليه وبعث إلى ثوبه فأتاه فتجلله، ولزم مجلسه".

وردت أيضاً الكثير من الروايات المنقولة على لسان علي بن أبي طالب، والتي يظهر منها اعترافه بأفضلية كلّ من أبي بكر وعمر. من تلك الروايات أن محمداً بن الحنفية -وهو ابن علي بن أبي طالب، ولكنه اشتهر بنسبته إلى أمه التي ترجع أصولها إلى بني حنيفة- لمّا سأل علياً من أفضل الناس بعد النبي، فإنه رد عليه وأجاب: أبو بكر وعمر. ومنها ما نُقل عن علي أنه لما زار عمر بن الخطاب وهو يحتضر، فإنه ترحم على عمر وقال: "ما خلفت أحداً أحب إليّ أن ألقى الله بمثل عمله منك وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك وحسبت أني كنت كثيراً أسمع النبي يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر".

يستشهد السنّة أيضاً بأن علياً بن أبي طالب زوّج ابنته أم كلثوم من عمر بن الخطاب، وأنه سمّى بعض أبنائه بأسماء أبي بكر وعمر. فكيف يستقيم إذاً أن نجمع بين كل ذلك وبين الروايات التي تذكر اقتحام عمر لمنزل الزهراء؟

وضح ابن تيمية الحراني المتوفى سنة 728 هـ، موقف أهل السنّة من روايات اقتحام منزل الزهراء في كتابه "منهاج السنّة النبوية في الرد على الشيعة القدرية"، فقال مكذباً لها: "وأمثال هذه الأكاذيب التي يعلم من له أدنى علم ومعرفة أنها كذب، فهم -أي الشيعة- دائماً يعمدون إلى الأمور المعلومة المتواترة ينكرونها، وإلى الأمور المعدومة التي لا حقيقة لها يثبتونها، فلهم أوفر نصيب من قوله تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ)، فهم يفترون الكذب، ويكذبون بالحق، وهذا حال المرتدّين...".

تؤكد مراجعة المصادر التاريخية السنّية، على أن واقعة اقتحام بيت الزهراء -أو على الأقل الخلاف بين أبي بكر وعلي- لها بعض الشواهد والقرائن، وأنها لم تكن برمتها مجرد أكاذيب لا أصل لها.

ورد في صحيح البخاري -وهو أهم كتب الحديث عند أهل السنّة والجماعة- ما يُفهم منه أن نوعاً من الخصام دبّ بين فاطمة وأبي بكر. يقول البخاري بعد ذكره ما وقع بين الصدّيق والزهراء من خلاف حول إرث النبي: "...فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت. وعاشت بعد النبي ستة أشهر. فلمّا توفيت دفنها زوجها علي ليلاً ولم يؤذن بها أبا بكر...".

ورد في صحيح البخاري -وهو أهم كتب الحديث عند أهل السنّة والجماعة- ما يُفهم منه أن نوعاً من الخصام دبّ بين فاطمة وأبي بكر. يقول البخاري بعد ذكره ما وقع بين الصدّيق والزهراء من خلاف حول إرث النبي: "...فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت. وعاشت بعد النبي ستة أشهر. فلمّا توفيت دفنها زوجها علي ليلاً ولم يؤذن بها أبا بكر..."

يظهر هذا الخلاف بشكل أكثر وضوحاً -بما يقربه للسردية الشيعية- في عدد من الروايات المذكورة في المصادر السنّية. من ذلك ما ورد في تاريخ الطبري: "أتى عمر بن الخطاب منزل علي وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين فقال: والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن إلى البيعة فخرج عليه الزبير مصلتاً السيف فعثر فسقط السيف من يده فوثبوا عليه فأخذوه". ورد في السياق نفسه في كتاب "الإمامة والسياسة"، المنسوب إلى ابن قتيبة الدينوري المتوفى سنة 276 هـ، "أن أبا بكر تفقد قوماً تخلّفوا عن بيعته عند علي، فبعث إليهم عمر، فجاء فناداهم وهم في دار علي، فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده، لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها، فقيل له يا أبا حفص، إن فيها فاطمة؟ فقال وإن، فخرجوا فبايعوا إلا علياً...". يذكر الأديب الأندلسي ابن عبد ربه المتوفى سنة 328 هـ، القصة نفسها في سياق حديثه عمن تخلّف عن بيعة أبي بكر. يقول ابن عبد ربه: "... فأما عليّ والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجوا من بيت فاطمة، وقال له: إن أبوا فقاتلهم. فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة فقالت: يا ابن الخطاب، أجئت لتحرق دارنا؟ قال: نعم، أو تدخلوا في ما دخلت فيه الأمة!". ذكر الطبراني المتوفى سنة 360 هـ، أيضاً في كتابه "المعجم الكبير"، قول أبي بكر عند وفاته: "... وددت أني لم أكشف بيت فاطمة عن شيء وإن كانوا قد غلقوه على الحرب". حاول ابن تيمية أن يجد تبريراً معقولاً لتلك الرواية، فقال: "وَغَايَةُ مَا يُقَالُ: إِنَّهُ كَبَسَ الْبَيْتَ لِيَنْظُرَ هَلْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي يُقَسِّمُهُ، وَأَنْ يُعْطِيَهُ لِمُسْتَحِقِّهِ، ثُمَّ رَأَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ لَهُمْ لَجَازَ; فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنْ مَالِ الْفَيْءِ"!

ذهب بعض الأعلام المعاصرين من أهل السنّة والجماعة، إلى الاعتراف بمظلومية الزهراء. ظهر ذلك الاعتراف بشكل مستتر نوعاً ما. أشار الشاعر المصري حافظ إبراهيم في قصيدته المسماة بالقصيدة العمرية، إلى ما وقع في بيت الزهراء، بقوله:

"وقــــولــة لعـــلي قالــــها عـمــــر... أكـــرم بســـامعها أعظــم بملقيها
إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها... حرقـــــت دارك لا أبقي عليك بها
ما كان غير أبي حفــص يفوه بها... أمــام فــارس عدنــان وحــاميـــها".

في السياق نفسه، أشار الباحث السعودي حسن بن فرحان المالكي، في كتابه "قراءة في كتب العقائد... المذهب الحنبلي نموذجاً"، إلى ما وقع في بيت الزهراء، فقال: "... فكانت لهذه الخصومة والمداهمة -وهي ثابتة بأسانيد صحيحة- ذكرى مؤلمة لا يحبّون تكرارها".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ماضينا كما يُقدَّم لنا ليس أحداثاً وَقَعَت في زمنٍ انقضى، بل هو مجموعة عناصر تجمّعت من أزمنة فائتة ولا تزال حيّةًً وتتحكم بحاضرنا وتعيقنا أحياناً عن التطلّع إلى مستقبل مختلف. نسعى باستمرار، كأكبر مؤسسة إعلامية مستقلة في المنطقة، إلى كسر حلقة هيمنة الأسلاف وتقديم تاريخنا وتراثنا بعين لا تخاف من نقد ما اختُلِق من روايات و"وقائع". لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا مسيرتنا/ رحلتنا في إحداث الفرق. ساعدونا. اكتبوا قصصكم. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا.

Website by WhiteBeard