شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
بين آمال خائبة وتصفيق حاد... كيف اختتم مؤتمر المناخ كوب28؟

بين آمال خائبة وتصفيق حاد... كيف اختتم مؤتمر المناخ كوب28؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

بيئة ومناخ نحن والبيئة

الخميس 14 ديسمبر 202303:27 م

انتهت أعمال مؤتمر المناخ كوب28 في دبي، الأربعاء 13 كانون الأول/ ديسمبر، بتمديد يوم واحد عن الجدول المقرر، وذلك لاحتدام النقاشات حول واحدة من أهم النتائج المتوقعة منه، والتي تتعلق بكيفية التعامل مع موضوع الوقود الأحفوري خلال العقود المقبلة.

خلال الأيام الأخيرة من المؤتمر، شهدت غرف المفاوضات نقاشات محتدمة تمحورت حول اللغة التي ستستخدم في النص النهائي، وما إذا كانت ستشير إلى تخفيف استخدام الوقود الأحفوري، أو التخلص منه نهائياً، وما هي الإجراءات التي ستتخذ بهذا الصدد، والمهلة الزمنية المتوقعة، وهل نتحدث هنا عن جميع أنواع الوقود بما فيها النفط والغاز أو فقط الفحم الحجري؟

لا يمكننا أن نوقع على شهادات وفاتنا، ونص لا يتضمن التزامات قوية بشأن التخلص من الوقود الأحفوري.

وأشار العديد من المفاوضين إلى أن منظمة أوبك بقيادة المملكة العربية السعودية، سعت لعرقلة التوصل لاتفاق عالمي لإنهاء الوقود، قائلة إنه يمكن خفض الانبعاثات دون تجنب أنواع معينة من الوقود. في حين أن بعض الدول النامية والمتوسطة الدخل كانت تشعر بقلق إزاء التخلص من الوقود، إذ إنها تحتاج إيراداته لدفع تكاليف التحول نحو الطاقة المتجددة، وتطالب بألا تكون ملزمة بنفس الجدول الزمني للدول الغنية، وبأن تساعدها الأخيرة على تمويل مشاريع الطاقة البديلة.

وفي النهاية، وبعد يوم إضافي كما حدث في معظم المؤتمرات السابقة، خرج نص يدعو إلى "الانتقال بعيداً" عن الوقود الأحفوري خاصة بمجال إنتاج الطاقة بطريقة عادلة ومنصفة ومنظّمة، دون أن يكون ذلك ملزماً لمجالات أخرى مثل الزراعة والنقل، "لتحقيق صافي صفر انبعاثات بحلول عام 2050 بما يتماشى مع العلم".

وتضمن النص أيضاً بنوداً حول الالتزام بمضاعفة الطاقات المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030، إلى جانب مطالبة البلدان بتقديم خطط أقوى لخفض انبعاثات الكربون بعد عامين من الآن، أي 2025، والحاجة لتمويل أكثر للدول الفقيرة للابتعاد عن الوقود والاستعداد لتداعيات تغير المناخ، والعمل على تسريع تقنيات مثل احتجاز الكربون وهي ما زالت مثار جدل بسبب ارتفاع تكلفتها وعدم ثبات فعاليتها على نطاق واسع.

بين آمال خائبة وتصفيق حاد... كيف اختتم مؤتمر المناخ كوب28؟

واعتبر البعض أن ذكر الوقود في النص النهائي للمؤتمر هو بمثابة انتصار وسابقة لم تحدث من قبل، ووصفه رئيس المؤتمر سلطان الجابر بكونه "حزمة تاريخية تقدم خطة قوية للحفاظ على هدف 1.5 درجة، لكن نجاحها الحقيقي سيكون في تنفيذها". وقال الأمين التنفيذي للأمم المتحدة المعني بتغير المناخ: "على الرغم من أننا لم نطوي صفحة عصر الوقود الأحفوري في دبي، إلا أن هذه النتيجة هي بداية النهاية".

لكن آخرين شعروا بالإحباط لكون الصيغة النهائية "ضعيفة وفيها الكثير من الثغرات"، ولم تشر سوى عدد محدود من المرات إلى الوقود الأحفوري، المسبب الأساسي للتغير المناخي، ضمن نص يتألف من أكثر من 11 ألف كلمة. وقال ممثل من تحالف الدول الجزرية المتأثرة بشكل هائل بالعواصف وارتفاع منسوب المياه: "لا يمكننا أن نوقع على شهادات وفاتنا، ونص لا يتضمن التزامات قوية بشأن التخلص من الوقود".

اعتبر البعض أن ذكر الوقود في النص النهائي للمؤتمر هو بمثابة انتصار وسابقة لم تحدث من قبل، لكن آخرين شعروا بالإحباط لكون الصيغة النهائية "ضعيفة وفيها الكثير من الثغرات"، وقالت منظمة أوكسفام إن نتائج مؤتمر المناخ مخيّبة للغاية وتضل طريقها لتحقيق العدالة

وقالت منظمة أوكسفام في بيان صحافي: "نتائج مؤتمر المناخ كوب28 مخيّبة للغاية وتضل طريقها لتحقيق عدالة بالنسبة لغالبية العالم. كل من يكافح ضد أزمة المناخ العالمية ليس لديه الكثير ليحتفل به من المؤتمر... فنتيجته النهائية غير مرضية على الإطلاق. لقد فاز النفط والفحم والغاز مرة أخرى... وكان المؤتمر مخيباً للآمال بشكل مضاعف لأنه لم يخصص أموالاً لمساعدة البلدان النامية على التحول إلى الطاقات المتجددة، وتراجعت الدول الغنية مرة أخرى عن التزاماتها بمساعدة المتضررين من أسوأ آثار الانهيار المناخي. كوب28 يبعد أميالاً عن النتيجة التاريخية والطموحة التي وعدوا بها".

1.5 درجة

يبقى هدف 1.5 درجة الذي أقر في اتفاقية باريس للمناخ، والذي يسعى لئلا ترتفع حرارة الأرض أكثر من درجة ونصف عن عصر ما قبل الثورة الصناعية، محوراً أساسياً لمؤتمرات المناخ، لتجنب تداعيات أكثر كارثية ناتجة عن ارتفاع درجة الحرارة، مثل الحرائق والفيضانات وذوبان الثلوج وغيرها.

لكن وكالة الطاقة الدولية تستمر بالتحذير من أن الجهود المبذولة والتعهدات الناتجة عن هذه المؤتمرات حتى اليوم ما زالت غير كافية لتحقيق هذا الهدف، وأنها لن تغلق سوى ثلث فجوة الانبعاثات التي ينبغي التخلص منها لهذا الغرض. وتشير الوكالة إلى أن "الوعود الطوعية لن تفي بالغرض، ولا بد من اختفاء الوقود الأحفوري تماماً".

أوبك ومنكرو التغير المناخي

لأول مرة في تاريخ مؤتمرات المناخ، شاركت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" بجناح خاص بها، عرضت فيه إنجازات الدول الأعضاء بمجال خفض الانبعاثات الناجمة عن صناعة النفط.

وعقدت المنظمة على هامش المؤتمر فعالية لإقناع الشباب بدعم الوقود الأحفوري، وبهدف إيصال رسالة بأن النمو السكاني السريع يعني زيادة الطلب على النفط حتماً، في حين أن الطاقات المتجددة ما تزال مكلفة ومحدودة.

بين آمال خائبة وتصفيق حاد... كيف اختتم مؤتمر المناخ كوب28؟

ومن جهة أخرى، كشفت صحيفة الغارديان عن أن مجموعات تجارية وصناعية مؤثرة، ومراكز أبحاث ووكالات علاقات عامة لها سجل حافل بإنكار التغير المناخي وتضليل الجمهور والضغط لعرقلة تمرير تشريعات محلية للحد من استخدام الوقود، كانت موجودة في محادثات كوب28، وتمتعت بحضور وتأثير لا يقل عن منظمات غير حكومية ومدنية تسعى للضغط بشأن تحقيق الأهداف المناخية المنشودة. وفي تقرير آخر أشارت ذات الصحيفة إلى أن ما لا يقل عن ربع المليارديرات المسجلين كمندوبين في المؤتمر، جمعوا ثرواتهم من الصناعات شديدة التلويث للبيئة مثل التعدين والبتروكيماويات.

كما كشفت تقارير عن آلاف الحسابات على مواقع التواصل والتي استخدمت للترويج للمؤتمر والتسويق له ولرئاسته، باستخدام استراتيجية "الغسل الأخضر"، والتي تتضمن تضليلاً للمتابعين لإعطاء انطباع عن كون نشاط أو منتج ما صديق للبيئة.

لأول مرة في تاريخ مؤتمرات المناخ، شاركت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" بجناح خاص بها، عرضت فيه إنجازات الدول الأعضاء بمجال خفض الانبعاثات الناجمة عن صناعة النفط، وعقدت المنظمة على هامش المؤتمر فعالية لإقناع الشباب بدعم الوقود الأحفوري

تمويلات غير كافية

مع الإعلان عنه منذ اليوم الأول للمؤتمر، لم يجمع صندوق الخسائر والأضرار الذي يفترض أن يساعد الدول الفقيرة على تجاوز التداعيات السلبية للتغير المناخي، أكثر من 700 مليون دولار، وهو رقم قليل جداً مقارنة باحتياجات تلك الدول المتضررة بشكل كبير من العواصف والجفاف والفيضانات وغيرها من الكوارث الطبيعية المرتبطة بالتغير المناخي.

واستمرت الانتقادات لتمويل الصندوق حتى اليوم الأخير من المؤتمر، مع آمال كانت مبنية على ضخ المزيد من الأموال فيه، وهو أمر لم يحدث بالشكل المرجو. قارن تحالف صندوق الخسائر والأضرار والمكون من أكثر من 200 ناشط وباحث حول العالم، تمويل الصندوق بأرباح لاعبي كرة القدم حول العالم، وتبين بأنه يقارب ما جناه اللاعبون الثلاثة الأعلى دخلاً عام 2023.

إلى جانب ذلك، جمع المؤتمر تمويلات بمليارات الدولارات لأهداف مناخية مختلفة، منها دعم المزارعين وتخفيف البصمة الكربونية للزراعة، ومساعدة المجتمعات الضعيفة، ومكافحة الأمراض الناتجة عن التغيرات المناخية، وأمن المياه، وغيرها من القضايا البيئية، لكن تقارير تشير إلى أن حجم هذه التمويلات ما زال منخفضاً للغاية وغير كاف للتعامل مع كل المشكلات والآثار التي يسببها التغير المناخي.

التمويل الأهم الذي كان مرجوّاً من المؤتمر هو المتعلق بالتكيف، أي الإجراءات التي تساعد البلدان على التكيف مع تداعيات التغير المناخي. وكان يفترض أن يصل هذا التمويل إلى 300 مليون دولار لكن لم يجمع منها سوى 169 مليوناً.

بين آمال خائبة وتصفيق حاد... كيف اختتم مؤتمر المناخ كوب28؟

استمرار التحركات لأجل فلسطين

خلال الأسبوع الثاني من كوب28، استمرت التحركات الداعمة لفلسطين والمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة، وبتحقيق العدالة المناخية. كان أكبر هذه التحركات يوم السبت التاسع من كانون الأول/ ديسمبر، حين اجتمع المئات من مختلف البلدان في المنطقة الزرقاء الخاضعة لإدارة الأمم المتحدة داخل أروقة المؤتمر، ورفعوا لافتات وشعارات تطالب بإنهاء الاحتلال ووقف فوري لإطلاق النار.

حصلت البرازيل التي ستسضيف كوب30 على جائزة "(أسوأ مساهم) في الوقود الأحفوري" ضمن المؤتمر الحالي.

إلى جانب ذلك، ألغى المتظاهرون تحت الضغط فعالية كان من المقرر تنظيمها من قبل إسرائيل لمناقشة "الأمن الغذائي وإنقاذ الغذاء".

ورغم ذلك، تحدث ناشطون ومشاركون في هذه التحركات عن قيود حاولت الأمم المتحدة فرضها عليهم، ومنع لبعض المظاهرات وتغيير لأماكنها، وحتى "تصرفات عدوانية" من عناصر الأمن التابعين للمنظمة تجاه بعض الناشطين.

المؤتمرات القادمة

سينعقد كوب29 في أذربيجان وهي من منتجي النفط الأساسيين في العالم، وكوب30 في البرازيل، ويعتقد "المتفائلون" بأن هذين المؤتمرين سيكونان استمراراً "لتصحيح المسار العالمي بشأن الوقود الأحفوري".

لكن تقارير تشير إلى أن البرازيل تسعى لزيادة إنتاجها من النفط والغاز بعد كوب28 مباشرة، كما أنها حصلت على جائزة "(أسوأ مساهم) في الوقود الأحفوري" ضمن المؤتمر الحالي، وهي فعالية رمزية تنظمها شبكة العمل المناخي وتهدف لتسليط الضوء على البلدان الأكثر مساهمة في إنتاج الوقود وانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ثورتنا على الموروث القديم

الإعلام التقليديّ محكومٌ بالعادات الرثّة والأعراف الاجتماعيّة القامعة للحريّات، لكنّ اطمئنّ/ ي، فنحن في رصيف22 نقف مع كلّ إنسانٍ حتى يتمتع بحقوقه كاملةً.

Website by WhiteBeard
Popup Image