شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"الأكواد"... رموز تهدد مصير اللاجئين السوريين في تركيا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والمشرّدون

السبت 9 ديسمبر 202303:44 م
Read in English:

Codes threatening the fate of Syrian refugees in Turkey

رفض الدكتور محمد حاج بكري الذهاب بسيارته الخاصة نحو مدينة مرسين دون استخراج إذن سفر نظامي للرحلة على الرغم من أن الرحلة قصيرة، لكنه دائماً يسعى لأن يكون قانونياً ويلتزم بالقوانين التي تفرضها الحكومة التركية على اللاجئين.

توجه نحو إدارة الهجرة في منطقة نارلجا بالقرب من مدينة أنطاكيا لإتمام الأمر، لكن سرعان ما تم اعتقاله بعد توجيه عدة تهم له وإخباره بأنه يوجد على اسمه أحد "الأكواد"، أي الرموز التي كان قد أعلِن عنها سابقاً، وكل رمز يدل على أمر معين. منها كود الإرهاب وآخر ترحيل وغيرهما. لم يستطع حاج بكري أن ينجو من تهمة "الكود" فتم اعتقاله وتحويله نحو مدينة أضنة التركية ولا يزال هناك منذ أكثر من شهر . 

توجه الدكتور محمد حاج بكري نحو إدارة الهجرة في منطقته لإتمام أوراق رسمية، فتم اعتقاله بعد إخباره بأنه يوجد على اسمه أحد "الأكواد"

الغريب في الأمر هو عدم استصدار أي قرار رسمي باعتقاله أو رفع أي دعوى ضده. وظل الموضوع حتى قام هو بزيارة دائرة الهجرة وهذا ما يتكرر مع عدد كبير من اللاجئين الذين لا يعرفون أن هناك شيئاً ضدهم، فيذهبون بشكل طبيعي لتحديث بياناتهم أو إجراء أي معاملة بسيطة في دوائر الدولة لتكون النتيجة هي الاعتقال وفي أغلب الحالات الترحيل.

"كود" للاعتقال وآخر للترحيل 

هذا الوضع ترك حالة قلق وخوف لدى آلاف اللاجئين المقيمين في الأراضي التركية وبات التعامل مع الأمر أشبه بالمستحيل، وسط استغلال كبير من قبل بعض المحامين الذين يطلبون مبالغ مالية تفوق قدرة اللاجئ بهدف إزالة هذا الكود أو منع ترحيله وإيقاف قيده.

تختلف قصة عمر عن قصة الدكتور محمد، لكنها متشابهة بالمصير، فالشاب عمر يقيم منذ سنوات في مدينة أنقرة، ويملك أوراقاً نظامية من عنوان إلى بطاقة حماية صادرة عن الولاية ذاتها. أوقفته إحدى الدوريات مع التأكيد على وجود "كود" ترحيل على اسمه. استطاعت زوجته التي تحدثت لموقع رصيف22 من إيقاف قرار الترحيل بعد التأكد من عدم وجود أي مشكلة ضده، وما يستدعي وجود مثل هذا الكود، وأخذت قراراً من المحكمة بوقف ذلك. لكنه حتى الآن لا يزال قيد الاعتقال ولم يحصل على قرار بإخلاء السبيل، مشيرة إلى أنها لا تعرف مصيره بعد خروجه في حال سيكون هناك مشكلة حول بطاقة الحماية المؤقتة الخاصة به. تخبرنا أيضاً بأنها دفعت للمحامي ألف وخمسمئة دولار، وعانت كثيراً خلال الزيارات والذهاب والعودة بهدف زيارته خصوصاً أنها تتحمل وحدها مسؤولية أطفال وأسرة.

يبلغ عدد الأجانب في تركيا بحسب آخر إحصائية صادرة عن إدارة الهجرة التركية 4.9 مليون شخص، يبلغ عدد السوريين منهم والذين يقيمون في البلاد تحت الحماية المؤقتة 3.3 مليون، يتوزعون في معظم الولايات، وذكرت الاحصائيات ذاتها أن 554.1 ألف سوري عادوا إلى بلادهم بطريقة آمنة وطوعية.

وجود قضايا سابقة ومحاكم لأسباب مختلفة على أسماء اللاجئين، تؤدي مستقبلاً إلى وضع هذه الأكواد، فأي شخص عليه دعوى سابقة يجب أن يتوقع وجود كود على اسمه.

المحامية والعاملة كمستشارة قانونية في مركز أمل للمناصرة والتعافي، والمطلعة على قضايا اللاجئين السوريين في تركيا الأستاذة نجلاء حمال، تتحدث لرصيف22 عن وضع اللاجئين في تركيا وأسباب وضع الأكواد عليهم بحسب القانون التركي، الذي نظم وضع اللاجئين السوريين من خلال قوانين خاصة تحت بطاقة الحماية المؤقتة. وتوضح أن هذا يعود إلى وجود قضايا سابقة عليهم ومحاكم لأسباب مختلفة ربما تكون بسيطة لكنها تؤدي مستقبلاً إلى وضع هذه الأكواد، مضيفة أن أي شخص عليه دعوى سابقة يجب أن يتوقع وجود كود على اسمه، والطريقة الصحيحة للتأكد من وجود كود هو مراجعة إدارة الهجرة .

وتؤكد حمال على أنها هي والمعنيون يعملون بعدة طرق لتقديم الفائدة للاجئين في تركيا من خلال شرح القوانين التركية وعقد جلسات توعية، لافتة إلى أنها قبل عدة أسابيع قدمت جلسة كاملة لمدة ساعتين، شرحت فيها موضوع الأكواد وكل كود ماذا يعني، وبينت أن الكود المتعلق بالإرهاب وأمن الدولة لا يعودان إلى قضايا سابقة، وللدولة التركية الصلاحية الكاملة في وضعهما على الأشخاص المرتكبين للانتهاكات التي تمس أمن الدولة واستقرارها.

وأضافت حمال أن هناك كوداً متعلقاً بالترحيل وآخر بالعودة الطوعية والتزوير وآخر خاصاً بالعناوين، ومنع دخول وخروج إضافة إلى الأكواد الأمنية. ووضع كود على اسم اللاجئ يؤدي إلى إيقاف بطاقة الحماية المؤقتة الخاصة به، وإلغاء قيده من السيستم التركي، مشيرة إلى أنه لا يوجد حل واضح لمشكلة الأكواد هذه. لكن هناك آليات يمكن اتباعها ربما تساعد في إزالته، فهي من خلال تجربتها القانونية مرت بعدة حالات وقدمت لهم الاستشارات اللازمة، ونجحت بإحدى القضايا من خلال توجيه الشخص، فقد وضع على اسمه كود ترحيل بسبب مشكلة بسيطة.

مكاتب نصب وتزوير لحل "الأكواد"

تعتبر مشكلة وضع الأكواد على أسماء اللاجئين واحدة من أبرز المشكلات التي يعانون منها، والتي ازدادت في السنوات الأخيرة، وهي إجراء اتبعته الحكومة في ظل الضغط الكبير الذي تعيشه مع ارتفاع أعداد اللاجئين وضرورة وضع قوانين صارمة لمحاسبة مرتكبي المخالفات والجرائم.

يبقى اللاجئون السوريون في هذا الوضع عرضة للنصب والتزوير من قبل السماسرة والمكاتب الخدمية، التي تدعي أنها قادرة على حل مشكلة الأكواد وإعادة أوراق اللاجئ في حال توقفها

يبقى اللاجئون السوريون في هذا الوضع عرضة للنصب والتزوير من قبل السماسرة والمكاتب الخدمية، التي تدعي أنها قادرة على حل مشكلة الأكواد وإعادة أوراق اللاجئ في حال توقفها. ويدفعون مقابل هذا الأمر مبالغ مالية كبيرة لكنهم يتعرضون للنصب في كثير من المرات، وتساهم في سوء أوضاعهم عوامل كثيرة أبرزها عدم إتقان الكثير منهم للغة التركية، وعدم معرفتهم بالقوانين التركية وكيفية رفع دعوى بمفردهم فلا يعرفون أن من المتاح لهم توكيل محامٍ بشكل مجاني من قبل الدولة.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard