بعد سنوات من الهروب والإبتعاد عن أروقة الأزهر الشريف ومعاهده ومناهجه التي كانت توصف بـ" التعجيزية"، تبدل الحال خلال السنوات القليلة الماضية، وبات التعليم الأزهري ملاذاً للطلاب وأولياء الأمور، فقد شهد قطاع المعاهد الأزهرية في مصر إقبالاً كثيفاً لوحظ بداية من العام الدراسي 2021/2022.
فمع ارتفاع الرسوم المتعددة الت
شهد نظام التعليم في مصر خلال السنوات الثلاث الماضية انقلاباً مفاجئاً، بعدما ارتفعت معدلات الإقبال على التعليم الأزهري على حساب التعليم العام، سواء فيما يتعلق بمرحلة رياض الأطفال والمرحلة الإبتدائية، أو طلبات التحويل من التربية والتعليم للأزهر
زيادة نسبة الملتحقين بالتعليم الأزهري
شهد نظام التعليم في مصر خلال السنوات الثلاث الماضية انقلاباً مفاجئاً، بعدما ارتفعت معدلات الإقبال على التعليم الأزهري على حساب التعليم العام، سواء فيما يتعلق بمرحلة رياض الأطفال والمرحلة الإبتدائية، أو طلبات التحويل من التربية والتعليم للأزهر، وذلك وفق الإحصاءات الرسمية الصادرة عن قطاع المعاهد الأزهرية والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، التي تشير لإرتفاع ملحوظ في نسب لإقبال على التعليم الأزهري.
فعند المقارنة بين نسب الطلاب في التعليم العام والأزهري، خلال عامين دراسيين 2018-2019 و2019-2020: نجد أن إجمالي عدد تلاميذ التعليم العام زادوا من 20529123 إلى 21513555 بنسبة 4.8%، والمقيدين في التعليم قبل الابتدائي زادوا من 1369942 إلى 1458909 بنسبة 6.5%.
"عانى التعليم الأزهري من صورة سيئة ترسخت عنه" فيما يتصل بصعوبة المناهج وكثرتها مقارنة بالتعليم الرسمي، وكذلك ما يسميه "شائعات قلة الاهتمام" بالطلاب الملتحقين ما كان ينتج عنه قلة اعداد الطلاب في الفصول الدراسية بحسب مشاهداته، لكن الوضع الآن تغير كثيراً
وفي المقابل زاد عدد التلاميذ في التعليم الأزهري من 1747150 إلى 1777755 بنسبة زيادة 1.75%، والمقيدين في التعليم قبل الابتدائي زادوا من 90314 إلى 110562 ؛أي بنسبة 22%.
وعند المقارنة بين عامي 2019-2020 و2020-2021:
نجد أن إجمالي عدد الطلاب بالتعليم العام زاد من 21513555 إلى 22271327 بنسبة 3.52% بنقص في الزيادة بنسبة 1.28%، بينما تراجع عدد المقيدين في التعليم قبل الابتدائي من 1458909 إلى 1260643 بنسبة نقصان (– 13.6%).
وفي المقابل زاد إجمالي عدد طلاب التعليم الأزهري من 1777755 إلى 1901986 بنسبة 7% وارتفعت الزيادة في الأعداد بنسبة 5.25%، وارتفع إجمالي المقيدين في التعليم قبل الابتدائي من 110562 إلى 132738 بنسبة 20%.( هذة النسب وفقاً لأخر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء السنوي عن التعليم قبل الابتدائي في مصر ).
إقبال غير مسبوق
الزيادة ملحوظة بالنسبة للعاملين بالمعاهد الأزهرية* في مختلف محافظات الجمهورية المصرية، يقول محمود خليفة المعلم بالمعهد الأزهري البحري في كفر الشيخ لرصيف22: "الفصل الذي كان يحتوي على 5 طلاب فقط، أصبح به أكثر من 30 طالب".
ما يعتقده خليفة، هو أن هناك تغيراً واضحاً في نظرة أولياء الامور إلى التعليم الأزهري، فبحسبه "عانى التعليم الازهري من صورة سيئة ترسخت عنه" فيما يتصل بصعوبة المناهج وكثرتها مقارنة بالتعليم الرسمي، وكذلك ما يسميه "شائعات قلة الاهتمام" بالطلاب الملتحقين ما كان ينتج عنه قلة اعداد الطلاب في الفصول الدراسية بحسب مشاهداته، لكن الوضع الآن تغير كثيراً.
يتفق معه الشيخ محمد عبدالوهاب، مدير معهد إطواب الأزهري بمحافظة بني سويف، فيؤكد لرصيف22 أن الإقبال على المعهد الذي يديره ارتفع خلال العام الدراسي الحالي بنسبة 70% عن العام الماضي، موضحاً أن أكثر من 100 طالب قاموا بتحويل أوراقهم من المرحلة الابتدائية في التربية والتعليم للمرحلة الإعدادية في المعهد الأزهري بقرية إطواب فقط.
خلال السنوات الثماني الماضية، شهد قطاع التعليم العام في مصر تغيراً كبيراً في نظام المناهج وطرق التدريس، بعد قرار وزير التعليم المصري السابق الدكتور طارق شوقي، بالتحول نحو التعليم الرقمي الإبداعي، ضمن خطة مصر التنموية 2030
وفي نفس السياق، أكد الشيخ أحمد عبدالكريم، مدير معهد باجة الشيخ (مركز العياط في الجيزة) الابتدائي، أن نسبة التقديم في المراحل التمهيدية الأولى في القرية زادت بنسبة كبيرة هذا العام، إضافة إلى زيادة نسب التحويلات من المدارس الرسمية التابعة لوزارة التربية والتعليم إلى المعهد.
وزيادة نسبة الإقبال على التعليم الأزهري لم تقتصر فقط على المعاهد الأزهرية العادية، فأيضاً ارتفع حجم الإقبال على المعاهد النموذجية (تضيف مادة المستوى الرفيع للغة الإنجليزية)، وهذا ما أكده الشيخ أحمد الشرقاوي، مدير معهد القطوري النموذجي بمدينة العياط بالجيزة، خلال تصريحاته لرصيف22.
أوضح الشرقاوي أن نسبة الإقبال على المعهد الأزهري النموذجي ارتفعت بشكل كبير هذا العام، ولم يستطع المعهد استقبال جميع الطلبات المقدمة بسبب عدم توافر الأماكن ونقص أعداد المدرسين.
الفرصة الأخيرة لكليات القمة
ما شهدته عمليات التحويل من مدارس التربية والتعليم للمعاهد الأزهرية في السنوات الأخيرة، يعكس ميلاد ثقة من جانب أولياء الأمور في نظام التعليم الأزهري، بعدما شهد قطاع التعليم العام تغيراً جذرياً بعد التحول للنظام الإلكتروني وتغير المناهج الدراسية وطبيعة الامتحانات.
فخلال السنوات الثماني الماضية، شهد قطاع التعليم العام في مصر تغيراً كبيراً في نظام المناهج وطرق التدريس، بعد قرار وزير التعليم المصري السابق الدكتور طارق شوقي، بالتحول نحو التعليم الرقمي الإبداعي، ضمن خطة مصر التنموية 2030.
التغير الشامل في نظام التعليم العام، خاصة في المرحلة الثانوية، لم يلق ترحيباً في مصر من أولياء الأمور، وواجهته كثير من العقبات التقنية والمالية، مما دفع الأهالي لسرعة التحول نحو التعليم الأزهري لكونه الأكثر ثباتاً في الوقت الحالي.
زدات المصروفات المدرسية في وزارة التربية والتعليم بنسبة كبيرة خلال آخر 3 سنوات دراسية، إذ ارتفعت قيمة المصروفات لمرحلة رياض الأطفال من 70جنيه 312 جنيه في المدرسة الحكومي، بينما زادت المصروفات للمرحلة الابتدائية من 90 جنيه لـ312 جنية
أيمن عبدالله، مدرس اللغة العربية في وزارة التربية والتعليم المصرية، يفسر لرصيف22 قراره بتحويل ملف ابنه الدراسي من المدرسة الرسمية إلى المعهد الأزهري قائلاً: "قمت بتحويل أوراق ابني من التربية والتعليم للأزهر بناءً على رغبته في دراسة العلوم الشرعية، كما أن نظام الثانوية العامة الجديد لايعطي للطالب المتفوق حقه".
واستكمل: "لاحظت لكوني مدرساً في التربية والتعليم، أن الطلاب في الوقت الحالي غير مؤهلين للنظام الإلكتروني الجديد، كما أن نظام التنسيق في الثانوية العامة فيه ظلم كبير للطالب المتفوق الذي يرغب في دخول كليات القمة؛ وبالتالي عندما طلب ابني التحويل المعهد الأزهري وافقت، لأن نظام الثانوي العامة الأزهري أفضل بكثير، لكونه معتمد حتى الآن على أن الطالب المجتهد الذي سيبذل جهداً سيحصل على درجات ترضي طموحه".
وبحسب ما سمعه من أولياء الامور الراغبين في تحويل ملفات أبنائهم الدراسية إلى معهده في قرية إطواب، يقول مدير المعهد إن سبب توجه الكثير من أولياء الأمور نحو التعليم الأزهري، هو نظام الثانوية العامة، فقد "أصبحت الإمتحانات صعبة للغاية… اللي كان حاطط لابنه إنه يدخل كلية طب، بيلحق زراعة بالعافية". مؤكداً أن نظام الثانوية العامة في الأزهر الشريف "به عدالة مطلقة بسبب نظام الامتحانات" إذ لا يزال يعتمد على الامتحان الورقي التقليدي القائم على التحصيل.
أين ذهبت مجانية التعليم؟
الأبناء هم رأس مال الوالدين، والحصول على فرصة جيدة للتعليم هو طموح كل ولي أمر، ولكن مع تزايد الأزمة الاقتصادية في مصر في السنوات الأخيرة، زاد حجم التحديات.
زدات المصروفات المدرسية في وزارة التربية والتعليم بنسبة كبيرة خلال آخر 3 سنوات دراسية، إذ ارتفعت قيمة المصروفات لمرحلة رياض الأطفال من 70جنيه 312 جنيه في المدرسة الحكومي، بينما زادت المصروفات للمرحلة الابتدائية من 90 جنيه لـ312 جنية، تلك الزيادة التي اعتبرها البعض كبيرة في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها المواطن المصري اليوم.
يقول لرصيف22 الدكتور محمد المفتي، الخبير التربوي، على ارتفاع حجم الإقبال على التعليم الأزهري خلال السنوات الماضية: "المصروفات في الأزهر الشريف أقل بكثير من التربية والتعليم ولذلك يوجد عليه إقبال أكثر في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة".
وهذا ما أكده الشيخ أحمد عبد الكريم، مدير معهد باجة الشيخ لرصيف22: "مجانية التعليم في الأزهر هي أحد أسباب إقبال أولياء الأمور عليه، فالمصروفات في المعهد الأزهري قليلة مقارنة بالمدرسة الحكومي".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ يومالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يومينوالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت