شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
هذا العالم كله ذئبٌ يا غزّة*

هذا العالم كله ذئبٌ يا غزّة*

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مجاز نحن والحقوق الأساسية

السبت 28 أكتوبر 202303:59 م



الأحد

قلبي خائفٌ

يظن أنه لا يصلح لرؤية الموت

ولكنني رغم عجزه

فتحته بكلتا يدي

ووضعت داخل جرحه صورهم

وضعتها بالطول وبالعرض

لأنني أردت أن يظل الجرح مفتوحاً.


الاثنين

بدأت أتنفّس بطريقة خاطئة

لأنني لم أعرف كيف أبكي!

جربت أموراً غريبة لأتعلم البكاء

تركت غرفةً مليئة بأحبتي الموتى للأبد

لم أبكِ

أخذت نفسي إلى آخر يوم في حياتي

دون أن أقول وداعاً

لم أبكِ

فعلت أموراً مخجلة حتى أبكي

ولمّا بكيت... كان بكاءً مملاً

فبكيت من جديد لأنني لا أعرف كيف أبكي.

لم أبكِ. فعلت أموراً مخجلة حتى أبكي، ولمّا بكيت... كان بكاءً مملاً، فبكيت من جديد لأنني لا أعرف كيف أبكي... مجاز

الثلاثاء

عاد لي بكائي

فتعلقت بهاتفي لأراهم جميعاً

رأيتهم واحداً واحداً

وفاءً لبكائي

بكيتهم واحداً واحداً

وفاءً لموتهم

بكيتهم وكأنني إذا بكيت موتهم بما يكفي

سيعودون

ظننت أنني إذا عبأت رأسي بصورهم يضحكون

سيعودون

ولكنهم لم يعودوا.

 

الأربعاء

نسيت طفلتي

وجلست بجانبهم

أردت أن أحرس نومهم

ولكنني كلما سمعت صوتها يقترب

أسرع بأغلاق عينيها عن موتهم

وبينما أنا أزيح جثثهم من حياتها

بكيت أمومتي اللئيمة

بكيت أطفالاً نائمين

كانوا أصدقاء طفلتي المحتملين.


الخميس

رأيت أباً يحمل جثث أبناءه في كيس

عرفت الكيس

أنا بنت البلاد التي تكثر فيها هذه الأكياس

سوداء وزرقاء وبيضاء

تذكرت ملمسه بين أصابعي

وبفمٍ مليء بالدم

وعيون مزروعة بالدموع

بصقت طعامي

وبصقت نفسي.

نسيت طفلتي، وجلست بجانبهم، أردت أن أحرس نومهم. وبينما أزيح جثثهم من حياتها، بكيت أمومتي اللئيمة، بكيت أطفالاً نائمين كانوا أصدقاء طفلتي المحتملين... مجاز

الجمعة

ظل أبناؤه معي منذ الأمس

أما اليوم فرأيتهم يفتحون له الباب

وبعجلة الأطفال ولهفتهم

ينقلون الأكياس إلى المطبخ

يتفقدونها بلهفة

أسمع صوتهم وصوت الكيس

هو نفس الكيس!


السبت

نمت ورأيت الكيس يمشي فوقي

أخبرني أنه جاء ليعلّمني معنى الزمان

وطريقة حساب عمر الإنسان

تركته واختبأت

في غرفة ضيقة رطبة

وجدت فيها أطفالاً موتى يضحكون

قالوا: لا ترموا أكياسكم نحن نحتاجها.

 

الأحد

أرسلت رسائل حب للكثير من الغرباء

شكرتهم بالإنجليزية

لأنهم رغم أنهم لا يجيدون العربية

قرأوا قصتنا وصدقوها

"أحبكم"، قلت لهم: "كلنا نحبكم "

أضفت العَلَم رغم أنني أمقت الجغرافيا

شكرتهم وأنا حزينة لأنهم قالوا إن قتل الأطفال جريمة

شكرتهم وأنا سعيدة لأنني وجدت من أشكره.


الاثنين

بحثت في محرك البحث جوجل

كيف تتبني طفلاً أكلت الحرب قلبه؟

تشوشت الشاشة

ورأيت فيها عيوناً لا أعرفها تبكي

أمُ ميتة تراقب تسوقي يُتم طفلها

صوتها واسعٌ

بعيدٌ

ومليءٌ بالموت:

"أتبحثين عن أبني؟".

 أرسلت رسائل حب للكثير من الغرباء، شكرتهم بالإنجليزية لأنهم، رغم أنهم لا يجيدون العربية، قرأوا قصتنا وصدقوها. شكرتهم وأنا حزينة لأنهم قالوا إن قتل الأطفال جريمة، شكرتهم وأنا سعيدة لأنني وجدت من أشكره... مجاز

الثلاثاء

جفّ قلبي وهو يسأل:

من سيفتح لهم باب البيت؟

عندما تنهي الحرب

ستعود الطيور والأزهار ورائحة الخبز

ولكن من سيفتح لهم باب البيت؟

عندما يعودون من المدرسة إلى البيت

من سيفتح لهم باب البيت؟

 

الأربعاء

شتمت اللون الرمادي

لأنني رأيت بوضوح لعبته الدنيئة في الحياد

كان الأطفال النائمون رماديين

بسبب القصف

وكانت السماء رماديةً

بسبب تشرين

أين العدل أيتها السماء الرمادية؟

أين العدل؟


الخميس

رددت ذات السؤال السخيف

وبمزيد من السخافة انتظرت الإجابة

ومثلما نقول في الأعياد:

"كل عام وأنتم بخير"

ومثلما نقول كل صباح:

"صباح الخير"

نصرخ: "أين العدل؟"

كلما جلس أطفالنا على أرجوحة الموت

جائعين خائفين ملطخين بالدم

تتمسك أيديهم الرقيقة بحبال دموعنا

تتأرجح أرجلهم الصغيرة لتلمس هواتفنا

نراقبها بينما ترفعها أرجوحة الموت بعيداً.

أيها الموتى، سامحونا إن قمنا من نومنا ولم تقوموا. إن غسلنا وجوهنا وأكلنا طعامنا ولعبنا مع أطفالنا. ولا تسامحونا إن نسينا نصيبكم من كل هذا... مجاز

الجمعة

للحزن اليوم عيونٌ ثقيلة

مليئةٌ بالأسئلة

كيف يلون الطفل وردةً حمراء بعد الحرب؟

يلونها كما كانت تقول له ماما:

"داخل خطوط الوردة.. ألوّن وكأنني أنا الوردة"

الوردة جاهزة

ولكنه لا يعرف بأي اتجاه يركض ليعطيها لـ ماما.


السبت

أيها الموتى

أكتب لكم الآن، ولكنني بعد قليل سأعود لحياتي

وستشغلني عنكم أمورٌ بسيطة

بيننا الآن نافذة الحياة

زجاجها رديء صدقوني

فأنا أراكم بوضوح

وأتمنى منكم أن تروني

أحبكم جداً ولو كان بإمكاني أن أكسر الزجاج الذي بيننا لفعلت

فكل ما أريده هو أن أعطيكم طبقاً من الطعام

وحفنة من الدموع، لنغسل معاً الدم عن وجوهكم.

نحن لسنا ذئاباً، لسنا مثلهم يا غزة، نحن أشجار الغابة. نخاف عليك ونحاول أن نُظلل نجاتك، وفي كل مرة ننتظر الحطاب لينقذك، وكأننا نسينا أننا مخلوقون من الحجارة. نحن حجارة بيت الجدة يا غزة، نحن الحجارة... مجاز

الأحد  

أيها الموتى

سامحونا إن قمنا من نومنا ولم تقوموا

إن غسلنا وجوهنا وأكلنا طعامنا ولعبنا مع أطفالنا

سامحونا

ولا تسامحونا إن نسينا نصيبكم من كل هذا

نصيبكم معنا نخبئه لكم في أوراق نباتاتنا المنزلية

في علب السكر وأكياس الشاي

وفي أعياد ميلاد أطفالنا سنتذكركم

لكم نصيب من الكعكة ومن الضحكة ومن الحب.


الاثنين

نحن لسنا ذئاباً

لسنا مثلهم يا غزة

نحن أشجار الغابة

نخاف عليك ونحاول أن نُظلل نجاتك

نحاول أن نكون متاهة للذئب حتى لا يجدك

ولكننا لا نعرف كيف نتحرك باتجاهك أولاً

يسبقنا الذئب دائماً إليك

وكأننا لم نقرأ القصة من قبل

وفي كل مرة ننتظر الحطاب لينقذك

وكأننا نسينا أننا مخلوقون من الحجارة

نحن حجارة بيت الجدة يا غزة

نحن الحجارة.


*ملاحظة: العنوان مستوحى من لوحة للفنان هاني عباس بعنوان "هذا العالم كله ذئب يا ليلى" 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard