شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"أعيش تحت شجرة زيتون"...هل تخلت المفوضية الأوروبية عن المهاجرين في تونس؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والفئات المهمشة

الأربعاء 18 أكتوبر 202302:41 م
Read in English:

“I live under an olive tree”.. Has the European Commission abandoned migrants in Tunisia?

منتصف شهر سبتمبر/أيلول الماضي، دخل أيوب عبد الله، سوداني الجنسية، إلى الأراضي التونسية هارباً من جحيم الحرب الدائرة في بلاده وكله أمل بالعثور على ملجأ آمن وحياة إنسانية كريمة.

لم يتوقع أيوب (25 عاماً)، أن يكون مصيره المبيت في العراء بين أشجار الزيتون في محافظة صفاقس التونسية رفقة عشرات المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، في وقت تتهم فيه منظمات حقوقية المفوضية الأوروبية بتجاهل الانتهاكات التي يتعرض إليها المهاجرون.

ومنذ شهر يوليو/تموز الماضي، شرعت السلطات التونسية في نقل عشرات المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء نحو المناطق الحدودية مع ليبيا والجزائر، كما قامت الوحدات الأمنية نهاية شهر سبتمبر/أيلول 2023 بنقل حوالي 500 مهاجر نحو مناطق ريفية تابعة لمحافظة صفاقس التونسية.

مهاجرون تحت أشجار الزيتون

يعيش أيوب عبد الله، المتحدّر من مدينة الجنينة في ولاية غرب دارفور، تحت شجرة زيتون في منطقة العامرة الواقعة في محافظة صفاقس رفقة حوالي عشرين مهاجراً في وضعية إنسانية وصحية صعبة، وفق ما أكده لرصيف22.

يضيف أيوب في حديثه مع رصيف22، «تركت عائلتي في تشاد وخُضت رحلة محفوفة بالمخاطر لأهرب من بلدي الذي أنهكته الحرب للبحث عن ملاذ آمن. فور وصولي إلى تونس تفاجأت بوضعية المهاجرين واللّاجئين ولم أجد فعلاً ما أبحث عنه».

يواصل حديثه قائلاً «لم أكن أتوقع ما حصل معي فأنا أعيش منذ نحو شهرٍ تحت شجرة زيتون وأشرب مياهً ملوثة ومالحة وعلى الرغم من أنني قادم من بلدٍ يعاني من الحرب إلا أنني لم أتمكن من الحصول على حقي في اللجوء كما تفرضه القوانين والمواثيق الدولية».

ومع اقتراب حلول فصل الشتاء تزداد مخاوف أيوب ومئات المهاجرين من مصيرهم المجهول، خصوصا وأن المفوضية الأوروبية لشؤون المهاجرين لم تقم  إلى اليوم بتوفير خيام لهم تأويهم من الليالي الباردة ومن شمس النهار الحارقة.

أعيش منذ نحو شهرٍ تحت شجرة زيتون وأشرب مياهً ملوثة ومالحة وعلى الرغم من أنني قادم من بلدٍ يعاني من الحرب إلا أنني لم أتمكن من الحصول على حقي في اللجوء

ويسعى أيوب رفقة مئات المهاجرين إلى الهجرة نحو أوروبا إذ يقول لرصيف22، «لا أفكر أبدا في الاستقرار في تونس وأسعى جاهداً للخروج منها والهجرة نحو أوروبا علّني أجد حياة مستقرة وملجأ آمناً».

منذ وصولهم إلى تونس، يحاول أيوب عبد الله رفقة حوالي عشرين لاجئاً من السودان الحصول على الدعم المادي والنفسي من المفوضية الأوروبية باعتبار أنهم هربوا من بلد فيه حرب، إلا أنهم لم يحصلوا حتى اليوم على دعم أو اعتراف أو حتى لقاء.

مذكرة تفاهم بين تونس والإتحاد الأوروبي

وفي يوليو/تموز الفائت، وقع الاتحاد الأوروبي وتونس مذكرة تفاهم من أجل «شراكة استراتيجية شاملة»، يقدّم بمقتضاها الاتحاد الأوروبي مساعدة مالية لتونس مقابل تعزيز عملها ضد الهجرة غير النظامية عبر البحر الأبيض المتوسط.

وتتمسك المفوضية الأوروبية بضرورة تنفيذ هذه المذكرة التي تنص على «مساعدة بقيمة 105 ملايين يورو لمكافحة الهجرة غير النظامية، فضلاً عن مساعدة مالية مباشرة بقيمة 150 مليون يورو للبلد الذي يواجه صعوبات اقتصادية».

مع اقتراب حلول فصل الشتاء تزداد مخاوف أيوب ومئات المهاجرين من مصيرهم المجهول

وأشار الاتحاد الأوروبي إلى أنه وقّع عقدين في إطار مذكرة التفاهم يهدفان إلى ضمان حماية المهاجرين في تونس وكذلك زيادة "العودة الطوعية" للمهاجرين إلى بلدانهم.

ووُقّع العقد الأول مع المنظمة الدولية للهجرة بقيمة 13 مليون يورو، بينما تُقدّر قيمة العقد الثاني مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين بقيمة 8 ملايين يورو.

اتفاقيات تهدد حقوق المهاجرين

وتنتقد منظمات حقوقية هذه الاتفاقية وترى أن «تونس ماضية في توقيع اتفاقيات ظالمة تهدّد حقوق المهاجرين غير النظاميين مقابل حصولها على دعم مالي من الاتحاد الأوروبي.

وفي حديثه مع رصيف22 وصف عماد السلطاني، رئيس جمعية الأرض للجميع، هذه الاتفاقية بـ «الظالمة»، معتبراً أنّ المفوضية الأوروبية تخلت رسمياً عن دورها في حماية المهاجرين غير النظاميين.

وقال السلطاني «في الوقت الذي يعيش فيه مئات المهاجرين غير النظاميين بينهم نساء وأطفال في ظروف إنسانية صعبة لم تتحرك المفوضية الأوروبية لنجدتهم وتوفير الخيام والأدوية والمؤونة لهم».

ويضيف «لديهم تمويلات ضخمة لرعاية المهاجرين ومع ذلك تخلوا عنهم وأصبحوا طرفاً في مذكرة التفاهم وهو ما يعني تخليهم بشكل واضح عن المهاجرين واللاجئين وتركهم يواجهون مصيرهم بمفردهم دون دعم أو مساعدة».

يتعرض المهاجرون إلى  معاملة لاإنسانية ومهينة ومحاولات للطرد الجماعي الذي يحظره القانون الدولي

في المقابل، يتحدث السلطاني عن ملفات طلبات اللجوء حيث يقول إنها «تبقى قيد الدرس لمدة زمنية طويلة قد تصل إلى خمس سنوات بينما يواجه طالبو اللجوء مصيرهم المجهول على أرض غير أرضهم»، على حدّ قوله.

من جهته، دعا المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، المفوضية الأوروبية والحكومة الإيطالية بالتوقف فوراً عن تنفيذ مذكرة التفاهم وصرف أي تمويل يهدف إلى تعزيز سلطات مراقبة الحدود.

كما طالب المنتدى الحكومة التونسية بتعليق النقل القسري للمهاجرين إلى المناطق الحدودية مع ليبيا والجزائر، معتبراً أن النقل القسري يعرضهم لـ«معاملة لاإنسانية ومهينة وأن محاولات للطرد الجماعي الذي يحظره القانون الدولي»

في السياق ذاته، دعا المنتدى «المنظمات الدولية وعلى رأسها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة، تعليق كافة أشكال التعاون مع الحكومة التونسية الرامية إلى تنظيم الهجرة واتخاذ موقف علني من المذكرة».

المفوضية الأوروبية تتجاهل المهاجرين

في وقت سابق، دعت منظمة «هيومن رايتس ووتش» المفوضية الأوروبية بالتوقف عن تجاهل انتهاكات تونس ضد المهاجرين، مشيرة إلى أن «الأفارقة السود في تونس واجهوا العنف والاحتجاز التعسفي والإخلاء القصري بسبب خطاب الكراهية العنصري الذي ألقاه الرئيس التونسي، قيس سعيّد في فبراير/شباط الفائت".

وقالت المنظمة في بيان لها، «في خطوة تُنذر بالشؤم لحقوق الإنسان، أعلنت "المفوضية الأوروبية" أنها ستُباشر بتنفيذ الاتفاق المثير للجدل الذي أبرِم في يوليو/تموز بشأن مراقبة الهجرة، وذلك بمنح تونس 67 مليون يورو، رغم غياب أي ضمانات حقوقية للمهاجرين وطالبي اللجوء».

هيومن رايتس ووتش: هوس الاتحاد الأوروبي بإغلاق حدوده على حساب إنقاذ الأرواح يتيح لشركائه مثل تونس عدم التعرّض للمساءلة على الانتهاكات

وعلى الرغم من أن تونس رفضت لاحقاً هذا المبلغ بعلّة أنها لا تقبل «صدقة» من الاتحاد الأوروبي، فإن المفوضية الأوروبية عبرت عن رغبتها في استمرار المناقشات مع السلطات التونسية بشأن تنفيذ مذكرة التفاهم.

وأكّدت المنظمة أن «سرعة الاتحاد الأوروبي في إرسال الأموال إلى تونس جاء بعد ارتفاع كبير في عدد القوارب المغادرة من تونس نحو أوروبا، مضيفة أن هذا «يُوضّح هوس الاتحاد الأوروبي بإغلاق حدوده على حساب إنقاذ الأرواح ما يتيح لشركائه مثل تونس عدم التعرّض للمساءلة على الانتهاكات التي يرتكبونها».

وتابعت المنظمة مفسرة «عمليات الإنقاذ البحري أمر حيوي لكن الاتحاد الأوروبي يُريد بشكل أساسي من الحرس البحري التونسي اعتراض القوارب المغادرة وإعادتها قسراً».

واتهمت «هيومن رايتس ووتش» الحرس البحري التونسي بـ «ارتكاب انتهاكات أثناء وبعد عمليات الاعتراض منها الضرب وسرقة ممتلكات الناس وتركهم هائمين في البحر إضافة إلى قيامهم بمناورات خطيرة قد تسبب في قلب القوارب»، وفق نصّ البيان.

ودعت المنظمة «الاتحاد الأوروبي إلى ضمان استيفاء تونس للمعايير الحقوقية الأساسية قبل إرسال التمويلات المطلوبة، مشيرة إلى أن عدم قيامه بذلك يعني «تورّط الاتحاد الأوروبي في الانتهاكات الجسيمة التي تطال المهاجرين الأفارقة».

ولم تنجح مذكرة التفاهم الممضاة بين تونس والاتحاد الأوروبي في الحدّ من ظاهرة الهجرة غير النظامية، حيث وصل إلى السواحل الإيطالية بين شهر يوليو/ تموز وسبتمبر/ أيلول 2023 حوالي 10 آلاف مهاجر غير نظامي، من ذوي الجنسية التونسية.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ثورتنا على الموروث القديم

الإعلام التقليديّ محكومٌ بالعادات الرثّة والأعراف الاجتماعيّة القامعة للحريّات، لكنّ اطمئنّ/ ي، فنحن في رصيف22 نقف مع كلّ إنسانٍ حتى يتمتع بحقوقه كاملةً.

Website by WhiteBeard
Popup Image