قبل أن ينقضي الأسبوع الأول من سبتمبر/ أيلول الجاري، انتشر بين العاملين بصناعة السينما (فنيين وكتاب ومخرجين وممثلين) لائحة منسوبة لـشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التي تسيطر على الإنتاج الدرامي والسينمائي في السوق المصرية منذ إنشائها في العام 2016.
أثارت "اللائحة المسربة" كما وصفها السينمائيون موجة من الغضب بين العاملين بحقل صناعة السينما والدراما التلفزيونية في مصر، فيما نفت الشركة صحة اللائحة على لسان نائب رئيس مجلس إدارتها الذي وصف اللائحة بـ"الفنكوش"، إلا أن التصريحات نفسها لم تنف أو تؤكد نية الشركة إصدار لائحة لأجور العاملين بالصناعة، ما خلق ردة فعل بين العاملين بالصناعة الذين رأوا في "التسريب" إضراراً بحقوقهم، فضلاً عن "التمييز" بين فئات العاملين. إذ قسمت اللائحة الفنانين والمخرجين وكتاب السيناريو إلى فئات أ، ب، ج، تقسَّم على أساسها الأجور. كما ظهر في اللائحة وجود فجوة في الأجور بين النساء والرجال، من الفنيين والفنانين.
أثارت "اللائحة المسربة" كما وصفها السينمائيون موجة من الغضب بين العاملين بحقل صناعة السينما والدراما التلفزيونية في مصر، فيما نفت "المتحدة" صحة اللائحة على لسان نائب رئيس مجلس إدارتها الذي وصف اللائحة بـ"الفنكوش"، إلا أن التصريحات نفسها لم تنف أو تؤكد نية الشركة إصدار لائحة لأجور العاملين بالصناعة
"من رحم الأزمة يولد الإبداع"، تصدرت هذه العبارة البيان الصادر عن شعبة الإخراج في نقابة المهن السينمائية التي تضم كافة العاملين في صناعة السينما من مخرجين ومصورين ومصممي ديكور ومونتيرين وغيرهم، لتتوالى بعدها سلسلة البيانات الصادرة عن الشعب السينمائية المختلفة رداً على لائحة الأجور المُسربة، في وقت امتنعت نقابة المهن التمثيلية واعضاؤها، كما امتنع مجلس نقابة المهن السينمائية عن التعليق سواء على اللائحة المسربة أو البيانات الصادرة من الشعب المختلفة داخل النقابة للرد عليها.
البيانات المتتالية من الشعب واللجان السينمائية بدت واضحة في أنها تهدف لحفظ حقوق المنتجين والعاملين بالصناعة، من خلال تحديد ساعات العمل وحد أدنى للأجور في ظل التضخم الحاد والأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
وجد العاملون بصناعة السينما والدراما أن اللائحة "تنطوي على إهانة لمن يشتغل مهنة إبداعية مثل السينما والدراما"، وأنها "تأتي في ظل مناخ وواقع سيء تعيشه صناعة السينما والدراما بالفعل بسبب الأزمة الاقتصادية في مصر"
ووجد العاملون بالسينما والدراما ممن اهتموا بإصدار البيانات من كُتاب/ات ومخرجين/ات ومونتيرين/ات ومهندسين/ات صوت، أن هذه اللائحة "تنطوي على إهانة لمن يشتغل مهنة إبداعية مثل السينما والدراما"، وأنها "تأتي في ظل مناخ وواقع سيء تعيشه صناعة السينما والدراما بالفعل بسبب الأزمة الاقتصادية في مصر، وكذلك التعاقد مع أسماء بعينها بعقود سنوية، في حين يعاني معظم العاملين في المهنة من عدم وجود فرص للعمل ومن تدني في الأجور" وهي بنود اتفقت عليها معظم البيانات الصادرة عن الشعب واللجان السينمائية.
مهندسو الصوت يرفعون صيحة البداية
بداية التحرك كان من شعبة الهندسة الصوتية، التي أصدرت بياناً لتحديد مطالبها بعدد ساعات عمل لا تتعدى 12 ساعة يومياً، ومنح مهندس الصوت نسخة من العقد لضمان حقه، حيث تمتنع شركات الانتاج عن تسليم نسخ من العقود. كما طالب البيان بإعلان إرجاء كل التعاقدات الجديدة لحين البت في هذه المطالب.
توالت بعد ذلك بيانات الشعب الأخرى الواقعة تحت مظلة نقابة المهن السينمائية مثل الديكور، والإخراج، والسيناريو والأزياء والمكياج التي أصدر كل منها بياناً مستقلاً يحددون فيه مطالبهم التي اجتمعت على ضرورة تطبيق حد أدني للأجور والتزام جهة الإنتاج بدفع القيمة المضافة، على أن يقوم العاملون بتوريدها لمصلحة الضرائب وتحديد ساعات العمل وأيام العمل.
مهندس ابراهيم عبد العزيز مقرر شعبة الصوت التي بدأت هذا الحراك يقول لرصيف22 إن الحركة "ليست إضراباً كما يقول البعض، فالأعمال التي بدأت بالفعل لم تتوقف ولم يُضرب مهندسو الصوت العاملون فيها، فنحن لا نريد الإضرار بالصناعة".
رئيس شعبة مهندسي الصوت: الأزمة تاريخها أبعد من لائحة الأجور، مهندسو الصوت يعانون لتحديث معداتهم في ظل أزمة الدولار والشركات غير متعاونة
بحسب عبد العزيز، الأزمة يعود تاريخها إلى 3 أعوام مضت: "معاناة العاملين في هندسة الصوت موجودة بالفعل منذ سنوات، وتكمن المشكلة في أن قسم هندسة الصوت يعاني بسبب الأجور، فقد جرت العادة أن الإنتاج يتعامل مع مهندس الصوت بأنه شخص يمتلك معدات، لكن الإنتاج لا يعبأ بالمعدات ذاتها كيف يحصل عليها مهندس الصوت في ظل الأزمة الاقتصادية، أو بالتطور التكنولوجي الموجود في العالم للحصول على جودة عالية، ومع بداية حدوث تحريك في سعر العملة، بدأت المعاناة لأن المعدات كلها تستورد من خارج مصر، وبدأ مهندسو الصوت في الاجتماع في النقابة، ومحاولة حل الأزمة مع شركات الإنتاج، لكن الأخيرة لم تطبق البروتوكول المتفق عليه".
بعد ذلك - والحديث لا يزال لرئيس الشعبة - بدأ الضغط يزيد كثيراً على مهندسي الصوت مع تكرار تحرك سعر الصرف وانخفاض قدرة المهندسين على تحديث معداتهم، وبدأت الأزمة في التصاعد، و"رغم محاولة التفاوض مع شركات الإنتاج لم نجد أي نتيجة إيجابية، فكان لا بد من اتخاذ موقف".
قرر مهندسو الصوت إيقاف التعاقدات الجديدة، وإعلان بيان "لتتم التعاقدات الجديدة بشكل آخر، وتصحيح المسار وضمان الحقوق المادية والأدبية كي تستقيم الأمور، بعدها حدثت صحوة في كل الشعب الأخرى وإعلان البيانات الخاصة بها لأنها تعاني هي الأخرى بسبب الأجور وعدد ساعات العمل، وبسبب عدم الحصول على نسخة من العقد بمخالفة لكل دساتير العالم" على حد قوله. ويتمنى عبد العزيز تجاوب شركة المتحدة مع مطالب شعبة الصوت الخاصة ومطالب بقية الشعب.
تعليقاً على توالي بيانات الشعب واللجان، كتب المخرج يسري نصر الله بياناً وصفه العاملون بالسينما بـ"التاريخي"، أضاف فيه مطالب جديدة لتحسين الغنتاج الفني والحفاظ على حقوق العاملين، منها ألا يبدا تصوير الاعمال وخاصة الدرامية منها إلا بعد الانتهاء من كتابة السيناريو بالكامل، وأحقية المخرج في الإطلاع والإشتراك في وضع ميزانية للعمل، وصياغة عقد موحد لكل الشعب والتخصصات الفنية، وإقرار حد أدنى للأجور يواكب نسبة التضخم المرتفعة ويحسن ظروف العمل، كما أوصت شعبة الإخراج بضرورة إيجاد آلية لتفعيل حق الآداء العلني للمخرجين والمؤلفين.
وانضم لاحقاً لهذا الحراك، أو هذه الحملة مصححو الألوان الذي أعلنوا تأسيس رابطة مصححي الألوان، وطالبوا بوجود كيان يمثل كل العاملين بمهنة تصحيح الألوان في مصر، وتحديد حد أدنى للأجور وإرجاء كل التعاقدات الخاصة بالمشاركين لمدة خمسة أيام.
محاولات احتواء
في محاولة لاحتواء الازمة التي تسارعت عجلتها، دعت المتحدة للخدمات الإعلامية اتحاد نقابات المهن السينمائية والتمثيلية، وأعضاء اتحاد المنتجين للاجتماع للاتفاق على ما أسمته "ما به الخير للصناعة" لكنها لم تحدد في بيانها رداً واضحاً على مطالب ربط الأجور بالتضخم وتحديد عدد ساعات وأيام العمل كما لم يجتمع مسؤولوها أو ممثلوهم مع العاملين بالصناعة حتى لحظة نشر هذا التقرير.
المخرج المسرحي أشرف زكي نقيب الممثلين، ذكر في تصريحات صحافية - بعد شكر شركة المتحدة- أن نقابته بالتعاون مع المتحدة "بصدد وضع دستور جديد للمهنة" وأن "المؤشرات جيدة"، لكنه رفض أن يذكر أياً من هذه المؤشرات، مبيناً أن الاتفاق يتضمن عدم الإدلاء بتصريحات صحفية، وأن كلاً من النقابة والشركة "بصدد إجراء عدة اجتماعات أخرى للحفاظ على الريادة المصرية".
الناقدة السينمائية علياء طلعت تقول لرصيف22 إنها ترى هذا الحراك من السينمائيين "خطوة شجاعة ولاتحدث كثيراً"، لكنها في الوقت عينه "غير متفائلة كثيراً بشأن نتائج هذه الوقفة".
تقارن طلعت بين موقف العاملين بصناعتي السينما والدراما في مصر، وإضراب الكتاب والعاملين بالصناعة نفسها المستمر في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أثناء إعداد ونشر هذا التقرير، وترى فارقاً جوهرياً بين الحالة المصرية والحالة الهوليودية لا تتصل بحجم الصناعة وإنما باتحاد العاملين واحترامهم للعمل النقابي "في هوليوود تكمن المعركة بين المنتجين وعناصر الصناعة، لكن في مصر فالنجوم فوق الجميع".
وعن مشاكل الصناعة تقول علياء إنها مشاكل متراكمة منذ سنوات فهناك فجوة كبيرة في الأجور لصالح بضعة نجوم تخصص لأجورهم وأعمالهم القطاعات الأكبر من ميزانيات الإنتاج "على الرغم من عدم امتلاكهم موهبة أو كاريزما، غير أن الجمهور قد ألف وجوههم، بالإضافة إلى قلة الأعمال المنتجة، ودخول فكرة المنصات وتردي الصناعة".
وتختلف معها الناقدة آية طنطاوي التي تقول لرصيف22: "حركة احتجاجات السينمائيين/ات والمشتغلين/ات بالصناعة، هي أهم فعل حدث في الوسط السينمائي في السنوات الأخيرة، فلم يعد أحد يحتج للمطالبة بحقوقه الشخصية، أو أي حقوق، وما حدث هو خطوة لوضع سقف منظم ومشرّع يحفظ الحقوق لأصحابها، وعمومًا فإن المطالبة بالحقوق في أي مجال تعني أن هناك خلل إداري وفساد كبير".
أين الممثلون؟
وعن اختفاء الممثلين والممثلات من الحراك تعلق طنطاوي أن ابتعادهم عن الحراك "لم يكن غريباً… فكل فنان بالطبع يخشى على نفسه، ويخشى عواقب اتخاذ أي موقف علني وذلك لاعتبارات كثيرة يحكمها الخوف لذا فالأفضل إيثار الصمت".
إلا أن مشاركة الممثلين والممثلات "كان من الممكن أن تثقل كفة المطالبين بحقوقهم، لكن الوضع الحالي معقد، خاصة بعد اللائحة المسربة بأجور الفنانين والمخرجين التي تهدف لجس النبض".
وتواصل الناقدة الشابة أن تحسين الأجور وإدارة الإنتاج من شأنها أن تنقذ الشركة المتحدة نفسها من خسائرها، مع تقلص وتراجع دورها خاصة في مجال الدراما خلال العامين الأخيرين. متسائلة "لماذا ترتفع أجور الممثلين/ات إلى هذا الحد من الملايين بينما العمال والمشتغلون في التصوير والمونتاج والأزياء وغيرهم تُخفض أجورهم بحجة الخسارة؟".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.