شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"كل فنٍ نصنعه له علاقة بالسياسة حتى الكوميديا"... عن حلطومة زهرة المهدي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن وحرية التعبير

السبت 19 أغسطس 202302:56 م

تُعرف عن نفسها بإنها تينكرير، أي الشخص الذي يستمتع بالسفر وبإصلاح الأشياء والتجريب ويهتم بالتفاصيل، أو بولي ماث، وهو شخص واسع المعرفة أو التعلم في مجالات متعددة.

زهرة المهدي، صانعة محتوى، صانعة أفلام، مصممة هويات بصرية، فنانة وكاتبة، تنتج موسيقى وكوميدية من الكويت، في تعرفيها عن نفسها تقول: "أنا قاصة ولكنني أستخدم العديد من الآليات والوسائل بحسب ما يخدم القصة".

ارتبطت طفولة المهدي باهتمامات والديها كالخيال العلمي والعروض الكوميدية وذلك من خلال التلفزيون في البداية ومن خلال الإنترنت في وقت لاحق، إلا أن دراستها الفلسفة والتفكير النقدي في الأدب والتاريخ وسّع من مداركها وجعلها تتحدى الروايات التاريخية المشتركة ودفعها لتطرح وجهات نظر متعددة عن طريق الصوت والصورة، عبر الأفلام أو الرسومات المتحركة، وذلك بأسلوب لا يخلو من السخرية والفكاهة السوداء.

في إنتاجاتها للمحتوى تنظر المهدي، أو كما تسمي نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي "زوز"، للتفاصيل في الحياة اليومية، وتربط بين الأفكار التي لا تجد بينها ربطاً واضح على أرض الواقع،  باستخدام كولاج من الرسومات بالحبر فوق الصور الفوتوغرافية والرسوم المتحركة، والفيديو بالإضافة للمعلومات التاريخية والثقافية وربطها بالسياسة والاقتصاد كما تبحث في موضوعات الخيال العلمي وما بعد الاستعمار وما بعد البنيوية.

أنا ما أعمله

تقول المهدي: "أنا عملي، ما أقوم به هو حياتي، أحب عملي ولا أرى حياة فيما عدا ما أقوم به من كتابة، وفن بصري، وإخراج أفلام، وصوت، بالإضافة للبحث والقراءة". وأضافت: "أعطتني دراسة الأدب والفلسفة، والتفكير النقدي، نظرة أكبر للإنتاج الإبداعي والثقافي، وقدرة للإنتاج بمرونة أكثر، باستخدام أدوات ووسائل مختلفة، كما أن لديّ القدرة على تعلم الأدوات التقنية الجديدة، فاستخدمها جميعاً لإيصال الفكرة".

"أحب عملي ولا أرى حياة فيما عدا ما أقوم به من كتابة، وفنون وبحث وقراءة". زهرة المهدي، الملقبة بِ زوز

"القراءة والاطلاع وكذلك قلة حياتي الاجتماعية منذ عمر صغير، جعلتني أرى الأمور بطريقة مختلفة، فعادة ما يرغب الأطفال أن يحسوا بالانتماء، لذلك ينشغلون بنظرة الناس للأشياء، ويتحول جزء كبير من تفكيرهم نحو هذا الهدف، لكن لم يكن هذا هو الوضع بالنسبة لي، فأنا ليست لدي الرغبة بأن أكون اجتماعية، فأنا شخص لا يمل، أسلي نفسي، وهناك الكثير الذي أود معرفته والتعرف عليه، لذلك من الجيد والسهل بالنسبة إلي أن يكون تواجدي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لأنني أرغب بحضور هادئ".

وتنظر "زوز" إلى التاريخ على أنه ليس ثابتاً، تقول: "عادة ما يعتبر البعض قراءة التاريخ وكأنها مسلمات، وهو أمر ليس بسيء، فإذا اختلقنا الواقع الذي نحن فيه، فنحن نستطيع أن نخلق غيره، وأنا أحاول أن أشارك نظرتي الخاصة للتاريخ مع الناس، فليس هناك شيء ثابت، كل شي فانٍ، كل الأشياء بالإمكان إعادة استخدامها بطرق مختلفة".

"ليس هناك شيء ثابت، كل شي فانٍ، وكل الأشياء بالإمكان إعادة استخدامها بطرق مختلفة". زهرة المهدي، الملقبة بِ زوز.

تعبر، زوز، عن امتنانها لإنها استطاعت تحقيق دخل من العمل الذي تقوم به: "وهو بالضبط ما أريد، فلا يقرر أي أحد آخر كيف يحدث، هو محتواي وأنا أتحكم فيه".

صناعة "الحلطومة"

وعن ما يحركها لصناعة محتوى أو "حلطومة" كما تسميها، وهي كلمة تستخدم في الخليج منشقة من "حلطمة" بمعنى تهكم، أوضحت المهدي: "بشكل عام لديّ اهتمام بالعمل على وجهة نظر أو معلومات أرى بأنها ناقصة في الدنيا، ولكن ليس لدي اهتمام بأن أرى الإنتاج النهائي، فمثلاً سلسلة "حلطومة" التي أعمل عليها حالياً، لا يوجد مثلها باللغة العربية، فما أعمله يشبه عمل أشخاص مثل زي فرانك  وبيل ناي، أقدم شيئاً أحب مشاهدته، فمثلاً عندما أصنع منتجاً للبيع، أعمل عليه لأنني سأشتريه لو كنت على الطرف الآخر".

أما عن الأفكار التي تجد طريقها لصناعة المحتوى فتقول: "أربط فكرة بأخرى دون أن أجد رابطاً سابقاً بينهما، وأتحدى نفسي، مثل الفيديو الذي عملت عليه مؤخراً عن فلسطين، كان التحدي هو أن أصنع محتوى عن فلسطين دون أن أذكر كلمة فلسطين، لكي لا تحجبه إحداثيات الإنستغرام، فبدأت بشيء آخر، كتبت الحلقة كاملة، ثم أزلت بعض الأسماء واستبدلتها برموز وبدأت العمل، كان عملاً ممتعا".

"كان التحدي هو أن أصنع محتوى عن فلسطين دون أن أذكر كلمة فلسطين، كي لا تحجبه إحداثيات الإنستغرام، كتبت الحلقة كاملة، ثم أزلت بعض الأسماء واستبدلتها برموز وبدأت العمل". زهرة المهدي، الملقبة بِ زوز

وتضيف: "يأتي المحتوى من الرغبة في تحويل الفكرة إلى سياق مرئي، كيف سأعمل على حل مشكلات أو إيجاد إجابات بطريقة تكون مرضية بالنسبة لي، فما أعمل عليه هو إيصال معلومات بطريقة تبقي المشاهد/ة لآخر الفيديو مستمتع/ة، وأقنعه/ا بأن الفكرة المعروضة هي فكرته/ا وأنه/ا موافق/ة على ما جاء في المحتوى".

يستغرق العمل على المحتوى الذي تقدمه المهدي، وقتاً طويلاً، فهو يبدأ بالبحث في الفكرة وربطها بالأفكار الثانية ثم اختيار الأدوات التي ستقدمها بها سواء كانت بالفيديو أو الرسم، أو تحريك الرسومات، وصناعة الصوت، والكوميديا، أو جميعها معاً، واختصارها دون التقليل من قدر الفكرة حسب تعبيرها، وتضيف: "اليوم استخدم كل قدراتي والأشياء التي تعلمتها لإخراج هذا المحتوى، بما فيها الكوميديا".

وعن الخوض في غِمار السياسة تقول زوز: "الشخصي سياسي، ليس هناك أي شيء نقوم به لا علاقة له بالسياسة، حتى الكوميديا"

إحداث التغيير

هل المحتوى الذي تقدمه زهرة المهدي يحدث تغييراً  في المجتمع، ترد: "لا أعتقد بأن أفكار الناس تتغير، وعبر المحتوى الذي أقدمه أنا أضيف أفكاراً جديدة لما لدى الناس من أفكار، فلا أقول للناس أن ما تفكرون به خاطئ ولكن هناك المزيد، هناك نظرة أوسع، هناك فكرة مختلفة، أو قد تكون فكرتك ناقصة، وألفت الانتباه إلى المختلف، وما يهمني أن يكون العمل شاملاً، لا يقصي أناساً معينين".

وتتابع: "المشكلة بأنني عندما أتلقى نقداً  من الأشخاص الذين لا أعرفهم خارج دوائري، فلا يكون نقدا بنّاءً، بل اعتراضاً على شكلي أو لباسي، وأنا ممتنة للنصائح أو الانتقادات البناءة أو النظرة المختلفة كلياً عن ما أقدمه وهو أمر مهم لتطوير المحتوى وتوسيع المدارك، إلا أن ذلك يحدث عادة من دوائري ومعارفي، أو أصدقائهم ومعارفهم".

وترى، زوز، بأن صناعة المحتوى على الإنترنت اليوم باتت: "الطريقة الوحيدة لإحداث أي تغيير في الخليج بشكل عام والكويت بالذات، نحن أناس نتبع رأي الأغلبية، وإذا استطعت أن أقنع فئة معينة من الناس برسالة معينة فهو نجاح"، مؤكدة إن إنتاج المحتوى يجب أن يعادل: "بين الاحترام والتفهم والسماح لبعض الأفكار بالتواجد، والتعايش وأن يكون المحتوى جازماً وأن تكون الأفكار مدعومة بأدلة ومعلومات".

صدفة الكوميديا

"لم أفكر أبداً في تقديم عرض كوميدي، يعتبرني أصدقائي وأهلي مضحكة ولكنني لا أرى نفسي ككوميدية، فمنذ طفولتي وأنا أتابع عروضاً  كوميدية عبر التلفاز والإنترنت، أعرف طريقة التحضير لعرض كوميدي، والمراحل التي يمر بها النص أو الفكرة قبل أن تصل إلى المسرح وتضحك الناس". تقول زوز.

"المشكلة بأنني عندما أتلقى نقداً  من الأشخاص الذين لا أعرفهم، فلا يكون نقداً بنّاءً، بل اعتراضاً على شكلي أو لباسي". زهرة المهدي، الملقبة بِ زوز

وجاءت الفرصة بعد أن انتجت "حلطومة"، فأصبحت الكوميديا الساخرة التي تقدمها معروضة للعامة: "فجأة ودون مقدمات دعتني صديقتي زينب، التي تنظم عروضاً كوميدية في الكويت، لأقدم كوميديين/ات من خارج الكويت في العام 2022، ومن هنا كانت البداية، كان المسرح كبيراً والعرض احترافياً، وهي فرصة لا يحصل عليها كثر حول العالم".

تقوم، زوز، بتقديم عروض كوميدية منذ ذلك الوقت، كما شاركت في برنامج ستاند أب يا عرب على  شبكة OSN، بالإضافة لعروض في دول عدة، ومنها ألمانيا.

عن الكوميديا الخليجية تقول زوز: "الشعب الخليجي لا يزال في مرحلة التعرف على العروض الكوميدية العربية، فالبعض لا يزال يرى الكوميدي/ة كمهرج/ة، ولكنها ممكن أن تتطور لتصبح صناعة واعدة".

المستقبل

تود "زوز" استكمال العمل على سلسلة "حلطومة" الذي تتناول فيه موضوعاً معيناً من زوايا متعددة تدمج فيها الفن بالثقافة بالتاريخ والسياسة والاقتصاد وأحياناً البيئة: "هذا المشروع باق إلى الأبد وليس للبيع". تقول زوز.

وتضيف: "أحب أن أتحدث وأقدم المحاضرات، وأن أصمم مواد دراسية، كما لدي فكرة برنامج تعليمي ترفيهي، لا شكل له حتى الآن ولكنه ما أريد العمل عليه مستقبلاً".

لزهرة المهدي عدة إنتاجات ثقافية أحدها الرواية المصورة بعنوان "نحن، المستعارون"، 2016، والرسومات لكتاب "مدينة بنصف قلب" للكاتبة بثينة العيسى، 2019، المسلسل الوثائقي الهزلي "بيرد واچ"، 2017، برنامج مرساة.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

نرفض تحويلنا إلى كائنات خائفة يسهل حكمها. لذلك كنّا وسنبقى موقعاً يرفع الصوت ضد كل قمع لحرية التعبير ويحتضن كل الأفكار "الممنوعة" و"المحرّمة". لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا مسيرتنا!/ رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا.

Website by WhiteBeard