شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
قانون

قانون "الجرائم الإلكترونيّة" يضع ملك الأردن على المحك

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن وحرية التعبير

السبت 29 يوليو 202311:01 ص

"حرية... حرية... لا للقبضة الأمنيّة"، و "شعبي نادي، أُردن وطني ديمقراطي"

هكذا هتف آلاف المتظاهرين الذين تجمعوا في وسط العاصمة الأردنيّة عمّان، أمس الجمعة، مُطالبين بسحب مشروع قانون الجرائم الإلكترونيّة الجديد، والذي تم إقراره من قِبل مجلس النواب الأردنيّ في جلسته الخميس الماضي. وقد طفا اسم الملك عبد الله الثاني فوق سطح المظاهرات، التي رأت أنه على المحك اليوم، فإما أن يُقّر هذا القانون الجائر على حد تعبيرهم، أو ينتصر لأقواله السابقة ولا يقرّه.


لا لحبس الكلام

في مطلع عام 2019، حكم القضاء الأردنيّ على الصحافي نضال سلامة، بالسجن مدة 3 أشهر على إثر نشره تحقيقاً في موقع "وكالة جراسا الإخبارية"، تحدث فيه عن موت طفلةٍ جرّاء إهمالٍ طبّي في أحد المستشفيات، لينتهي الأمر به في المحكمة مداناً بتهمة التشهير، ويصدر حكم بحبسه ثلاثة أشهر استناداً إلى نصّ قانون الجرائم الإلكترونيّة لسنة 2015، الذي يخوّل للمحكمة الحق في حبس وتغريم من ينشر خبراً ينطوي على ذمٍّ أو قدحٍ أو تحقيرٍ لأي شخص.

لكن قانون 2015، الذي حُبس البعض بناءً على بعض مواده، لا يُعدّ شيئاً إذا ما قورن بقانون الجرائم الإلكترونيّة الجديد الذي أقرّه البرلمان الأردني مؤخراً، والذي غلّظ العديد من العقوبات، فضلاً عن إضافته بنوداً جديدةً.

عزيزي المواطن الاردني، استخدام برامج الـVPN (لتخطّي الحجب) قد يقودك إلى السجن ودفع 35 ألف دولار 

بنود قانون "الجرائم الإلكترونيّة" الجديد

المعترضون على القانون الجديد يرونه مقيّداً للحريات، وخطوةً جديدةً نحو تكميم أفواه الأردنيين بما احتواه من مواد فضفاضة تتيح للسلطة البطش بمن تريد.

المحامي أحمد سواعي تحدث إلى رصيف22، موضحاً أهم تلك البنود:

- تتحمّل الصفحات مشكلات وتبعات التعليقات المنشورة عليها باستثناء صفحات المؤسسات الرسميّة والصفحات الشخصيّة.

- يتعيّن على شركات السوشاال ميديا، والتي لديها أكثر من 100 ألف متابع، أن تقوم بفتح مكتب في الأردن.

- للمدّعي العام الحق في طلب إزالة أو حظر أو اعتراض خط سير البيانات لأيٍّ من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.

- يُجرّم استخدام برامج الـVPN (برامج تخطّي الحجب)، وامتلاك أجهزة فكّ تشفير القنوات الرياضيّة، وتصل العقوبة إلى السجن وغرامة تبلغ 35 ألف دولار.

- يحق للنيابة العامة ملاحقة أي مواطن انتقد أداء موظفٍ عام، دون أن يحتاج الموظف إلى تقديم شكوى.

- غرامة اغتيال الشخصيّة (غير مفهوم على وجه التحديد ماذا يعني هذا)، تتراوح من 35 ألفاً إلى 71 ألف دولار.

ويرى سواعي، أن القانون هذا لا يعدو كونه يقسم المجتمع إلى طبقتين إحداهما محصنة لا يمكن مساسها، والأخرى هي المواطنون العاديون الذين تقع العقوبات عليهم. ويضيف أن استخدام مصطلحاتٍ فضفاضة يمكن استغلالها لقمع حريّة التعبير.

"الحكومة تريد أن تسيطر على الخطاب العام ومشاعر الناس"؛ هكذا يستهل المسؤول عن الجمعيّة الأردنيّة للمصدر المفتوح قصي صوان، حديثه إلى رصيف22، ويسترسل قائلاً إن نصوص المشروع بصيغتها الحاليّة تتناقض مع الدستور الأردني الذي كفّل للأردنيين حرية الرأي والتعبير.

على الجانب الآخر، يختلف رئيس اللجنة القانونية في البرلمان غازي الذنيبات، مع ذلك الطرح تماماً مؤكداً أن مشروع القانون لن يمس الحريات والحقوق الأساسية التي كفلها الدستور، ولا يضع قيداً على الباحثين عن الحقيقة.

الصحافة تتحسس أقلامها

أكثر من شعروا بأنهم مستهدفون من ذلك القانون هم الصحافيون. وقد كشف عن ذلك بوضوح عضو مجلس نقابة الصحافيين خالد القضاة، خلال حديثه إلى رصيف22، وقال: "هناك أجواء يمكن وصفها بالعدائيّة للصحافة والصحافيين من قِبل النواب، وقد سلّمت النقابة مُذكرةً لرئيس مجلس النواب تتضمن اعتراضات على المواد من 15 إلى 17، التي احتوت على مصطلحات فضفاضة مثل؛ الأخبار الكاذبة، والقدح والذم والتحقير، وخطاب الكراهيّة، واغتيال الشخصيّة، وتحتاج إلى الحذف، أو إلى تعريف المقصود منها بدقة.

لكن وزيرة الدولة للشؤون القانونية نانسي نمروقة، استغربت تلك المخاوف مشيرةً إلى أن مشروع القانون لا يخص الصحافيين بأي شكل من الأشكال، وقالت إنه لا يوجد أي ذكر لكلمة "صحافي" ضمن بنود المشروع، وإن الموضوع لا يعدو كونه محاولةً جادةً من قبل الدولة (على حد تعبير وزير الاتصال) لخلق بيئة رقمية آمنة.

وهو ما أكده رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، مشيراً إلى أنه ضمن أكثر خمس شخصيات في البلاد تعرضت للانتقاد، لكنه لم يرفع أي قضية ضد الصحافيين.

طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش، الحكومة الأردنية، بسحب مشروع القانون، واصفةً إيَّاه بأن من شأنه أن يقوّض وبشدة حرية التعبير على الإنترنت، ويهدد حق مستخدمي الإنترنت في إخفاء هويتهم.


طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش، الحكومة الأردنية، بسحب مشروع القانون الذي من شأنه أن يقوّض حرية التعبير على الإنترنت

مستمرون في النضال

في مسار مواجه لذلك القانون، يتعين على الشارع الأردني (إذا أراد) أن ينضمّ إلى تلك الأصوات الرافضة، ويعبّر عن نفسه. لذلك دعت حسابات سياسية مع حزب العمال وحزب جبهة العمل الإسلاميّ وآخرين، المواطنين للتظاهر يوم الجمعة، وهو ما حدث بالفعل.

أمينة حزب العمال الأردنيّ علا الحروب، تحدثت إلى رصيف22، قائلةً: "الشارع الأردنيّ فقد حيويّته، وأصبح منهكاً اقتصادياً، وبات أقرب إلى الميت الذي يُحرَّم الضرب فيه. لكن خروج الناس بالآلاف إلى الشارع سيسهم في إحداث تغيير". وتختم الحروب، حديثها بالقول: "أملي الوحيد الآن أن يتحرّك الملك".

فيما أشار أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي الأردني مراد العضايلة، إلى أنهم مستمرون في النضال حتى إسقاط ما أسماه قانون العار، وهو ما أكده أيضاً أمين عام حزب الوحدة الشعبيّة سعيد ذياب، قائلاً: "لقد ولّى زمن الاستبداد".

معارك أونلاين

على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، دارت معركة لا تقلّ ضراوةً عن معركة الحقوقيين والنظام، حيث انقسم المغردون ما بين مؤيد ومعارض. ففي حين هتف الرافضون لذلك القانون: "اسحبوا قانون الجرائم الإلكترونيّة"، و"دولة من سجن"،".



ليردّ عليهم داعمو القانون بهاشتاغَين مضادّين هما "المحترم لا يخشى القانون" و"قانون الجرائم حماية مجتمعيّة



يبدو أن الأردن قاب قوسين أو أدنى من السير خطوةً جديدةً نحو تكميم الأفواه والتضييق على الحريَّات في الوقت الذي تتوجه فيه خطابات الملك عبد الله الثاني، صوب دعم الشباب للمشاركة السياسيّة ورفع أصواتهم....... فهل يصمت الملك عن ذلك القانون أم يقف أمامه وينتصر للحريات؟

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard