بينما لم يصدر أي إعلان رسمي من الاتحاد الأوروبي عن إنهاء حظر الطيران المفروض على الشركات الليبية، تباهت حكومة الوحدة الليبية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، باستئناف الرحلات الجوية إلى العاصمة طرابلس بعد انقطاع دام نحو 10 سنوات.
وقال الدبيبة، في كلمة صحافية لدى وصوله إلى مطار معيتيقة، قادماً من العاصمة الإيطالية روما، إن الرحلة التجريبية بمثابة إعلان عملي عن رفع حظر الطيران المدني المفروض على المطارات الليبية في الأجواء الأوروبية، مؤكداً انطلاق الرحلات للمواطنين عبر الطيران التجاري نحو روما خلال شهر أيلول/ سبتمبر القادم.
ما هي قصة الطائرة الغامضة القادمة من إيطاليا إلى طرابلس؟
مزاعم حول تحايل
وطبقاً لما أكدته مصادر مطلعة لموقع الساعة 24 الإلكتروني، فإن مصلحة الطيران المدني الليبية لم تتحصل على أي خطاب رسمي بشأن رفع الحظر على الطيران للسفر إلى إيطاليا، وقالت إن ما تم إعلانه هو تدشين خط تابع لشركة ميد سكاي "المسجلة في مالطا"، والمملوكة لرجل الأعمال محمد الطاهر عيسى، المقرب من الدبيبة.
واستغربت المصادر إعلان الدبيبة، رفع الحظر على الطيران الليبي، برغم أن الحظر مفروض من "الاتحاد الأوروبي".
ونفت مصادر مقربة من السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب وقوات الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، وحكومة الاستقرار الموازية برئاسة أسامة حماد، تلقّيها إخطاراً رسمياً من السلطات الإيطالية بهذه الخطوة.
وقال مسؤول طلب عدم تعريفه لرصيف22، إن الشكوك تحول حول صحة إعلان الدبيبة، في ظل عدم صدور أي بيان رسمي، سواء من السلطات الإيطالية أو الاتحاد الأوروبي في الخصوص، مشيراً إلى أن الدبيبة منفرداً تولى الإعلان عن هذا التحرك دون أي تأكيد أوروبي أو إيطالي على المستوى الرسمي.
وبينما يرى أنصار الدبيبة ما حدث بمثابة خطوة مهمة ستسهّل عملية السفر إلى إيطاليا، وتعيد الطيران الأوروبي مجدداً إلى العاصمة طرابلس، تساور الشكوك البعض حول ما إذا كان الأمر مجرد خداع إعلامي لجأ إليه الدبيبة في إطار المماحكات المتعلقة بالصراع على السلطة ومحاولة إظهار نفسه كرئيس حكومة قادر على تحقيق الإنجازات على الأرض.
ورفض الناطق باسم حكومة الوحدة التعليق، بينما اكتفت السفارة الإيطالية بالإشارة إلى أنه بعد انقطاع دام سنوات عدة، هبطت في طرابلس أول رحلة مباشرة لشركة الخطوط الجوية الإيطالية، على متنها الدبيبة، وقالت إن ما وصفته بالنجاح الفائق تم التوصل إليه بالعمل المشترك.
بعد انقطاع دام لسنوات عدة، هبطت في طرابلس أول رحلة مباشرة لشركة @ITAAirways . على متنها رئيس الوزراء @Dabaibahamid.
— Italy in Libya (@ItalyinLibya) July 24, 2023
نجاح فائق تم التوصل اليه بالعمل المشترك ????? pic.twitter.com/CRRcZ5pZdm
في المقابل، كشف ناشطون أن الطائرة التي قامت برحلة إيطاليا يوم الإثنين الماضي، هي أصلاً طائرة ليبية ومسجلة رسمياً بتسجيل ليبي منذ 5 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2022، وأنها دخلت الخدمة فقط في ربيع العام الجاري.
#عاااجل
— جبين المجد الإخبارية (@Yrthjj2a13zVMd5) July 25, 2023
الطائرة MEDSKY التي قامت برحلة إيطاليا اليوم الاثنين :
الطائرة من نوع Airbus A320 رقم التسجيل 5A-MSB ، الطائرة تحمل علم ليبيا ومسجلة بتسجيل ليبي منذ 5 نوفمبر 2022 .
مشوها عاللي يصفقوا#ليبيا pic.twitter.com/8TuPW6KuWY
وكانت وسائل إعلام إيطالية، من بينها وكالة نوفا للأنباء، قد ذهبت إلى القول إنه ينبغي قبول إعلان الدبيبة بحذر، ولفتت إلى أنه في الواقع، لا يزال القانون الإيطالي لعام 2018 ساري المفعول، ويمنع التحليق في الأجواء الليبية والرحلات المباشرة بين إيطاليا وليبيا لأسباب تتعلق بالسلامة، والتي تقررها وزارة الداخلية، وتطبقها بالطريقة نفسها مع الدول الأوروبية والغربية الأخرى.
الحظر الأوروبي
ولفتت إلى مشكلة حظر الاتحاد الأوروبي الطيران على الهبوط والتحليقات الجوية من قبل الخطوط الجوية الليبية لأسباب تتعلق بالسلامة، الذي فُرض في عام 2014، وأعيد تأكيده العام الماضي من قبل السلطات الأوروبية.
وكان الاتحاد الأوروبي قد جدد في شهر نيسان/ أبريل من العام الماضي، حظر تحليق شركات الطيران الليبية في مجاله الجوي، بسبب "انعدام الأمن" في ليبيا، وتضمنت قائمة شركات الطيران المحظورة داخل المجال الجوي الأوروبي، نحو 90 شركةً معتمدةً في 15 دولةً، بما في ذلك 11 دولةً إفريقيةً، من بينها ليبيا.
وأضافت المفوضية الأوروبية المسؤولة عن تحديث القائمة الأوروبية لشركات الطيران الخاضعة لحظر تشغيلي أو قيود تشغيلية داخل الاتحاد الأوروبي (قائمة الاتحاد الأوروبي للسلامة الجوية)، جميع شركات الطيران من ليبيا، إلى هذه القائمة، وتم حظرها من العمل في المجال الجوي الأوروبي.
ورأت فيوليتا بولك، مفوضة الاتحاد الأوروبي للنقل في عام 2014، أن الأحداث الأخيرة في ليبيا أدت إلى وضع لم تعد فيه هيئة الطيران المدني قادرةً على الوفاء بالتزاماتها الدولية في ما يتعلق بسلامة قطاع الطيران الليبي، و"أولويتي في مجال الطيران هي سلامة الركاب، وهو أمر غير قابل للتفاوض، ونحن على استعداد لمساعدة قطاع الطيران الليبي بمجرد أن يسمح الوضع على الأرض بذلك".
في كل الأحوال، فقد عاد الدبيبة على متن الرحلة الجوية الأولى، من مطار ليوناردو دافنشي في فيوميتشينو في العاصمة روما، إلى مطار معيتيقة في طرابلس، في رحلة يُفترض أنها تابعة لشركة طيران إيتا، على أن يتم تشغيل الخط الجوي بشكل منتظم في المستقبل القريب.
وكان الدبيبة قد عدّ "استئناف الرحلات بين ليبيا وإيطاليا خطوةً تمهد لفتح المجال الجوي مع دول أخرى، لم يكشف عنها، وتعهد بالعمل على فتح خط جوي بين روما وبنغازي".
لماذا تغيّبت نجلاء المنقوش عن رحلة الدبيبة إلى روما على غير المعتاد؟
غياب المنقوش
لكن اللافت للانتباه أيضاً، تغيب نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية في حكومة الدبيبة، عن مرافقته في زيارته الرسمية إلى إيطاليا للمشاركة في المؤتمر الدولي للهجرة والتنمية الذي عُقد في روما، من دون تفسير رسمي.
واعتادت المنقوش مرافقة الدبيبة في كل زياراته الخارجية، لكن هذه المرة لم تسافر إلى روما، ورفض مكتبها التعليق على الأمر.
لكن المنقوش كتبت عبر تويتر، أن استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين روما وطرابلس، توّج جهوداً مستمرةً منذ عامين، أنجزت خلالهما وزارة المواصلات الاشتراطات الفنية اللازمة كافة.
وقالت: "دائماً ما كان افتتاح وجهات جديدة للطيران مع ليبيا، من أولويات نقاشاتها مع المسؤولين الإيطاليين وكافة الدول الصديقة، لتسهيل تنقل الليبيين بكل يُسر".
استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين روما وطرابلس،توج جهود مستمرة منذ عامين،أنجزت خلالها وزارة المواصلات كافة الاشتراطات الفنية اللازمة.
— Dr. Najla Elmangoush (@NajlaElmangoush) July 24, 2023
دائماً ما كان افتتاح وجهات جديدة للطيران مع ليبيا،من أولويات نقاشاتي مع المسؤولين الإيطاليين وكافة الدول الصديقة،لتسهيل تنقل الليبيين بكل يُسر. pic.twitter.com/RiZaruCjKs
الجديد بالذكر أن حظر دخول طائرات جميع شركات الطيران الليبية أجواء أي دولة أوروبية، بسبب مخاوف عدة، جاء على خلفية المعارك الطاحنة التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس، وأدت إلى تدمير مطارها الرئيسي، الذي ما زال مغلقاً، بعد مرور نحو عشر سنوات على تحوله إلى ساحة لمعركة عنيفة بين الميليشيات المسلحة التي تتصارع في ما بينها على مناطق النفوذ والسيطرة في البلاد.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...