شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
تجميل المهبل وتوريد حلمات الثدي… هاجس البحث عن الجسم

تجميل المهبل وتوريد حلمات الثدي… هاجس البحث عن الجسم "المثالي" في سرير الزوجية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والنساء

الخميس 27 يوليو 202301:13 م

حين كنت أتصفح موقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً فيسبوك، ظهر أمامي إعلان لأحد مراكز التجميل في مصر، يعلن عن عمليات تجميل للمنطقة الحساسة وتفتيح حلمات الثدي.

قمت بالضغط على رابط الإعلان، وبعدها قام فيسبوك باقتراح أكثر من صفحة للعديد من مراكز التجميل التي تتوافر فيها عمليات التجميل لتلك المناطق الحميمة. في البداية تخيّلت أنها عمليات بسيطة كتضييق المهبل أو مطابقة حجم حلمتين الثدي، ولكن أخذني الفضول أكثر فقمت بالاتصال بأحد المراكز وبدأت الحديث مع طبيبة فيه:

أنا: "لو سمحتِ عايزة أعرف تفاصيل عن عمليات البكيني وحلمات الثدي".

الطبيبة: حضرتك عايزة تعرفي عن أي نوع عملية؟

أنا باندهاش: هي أنواع! أنا كنت بظن أنها مقتصرة على السيدات أو البنات اللي حصل لهن أزمات في أجسامهنّ بسبب الختان أو نتيجة لأي شيء تاني.

الطبيبة: لا يا فندم... العملية لأي سيدة أو فتاة عايزة تجمّل شكل المنطقة الحساسة أو حلمات الثدي".

وبدأت الطبيبة تتحدث عن أنواع تلك العمليات التي تتنوع بين عمليات شدّ ترهلات الفرج لإظهار المنطقة أكثر حيويةً وشباباً، وتجميل الشفرات الداخلية والخارجية للفرج، وحقنها باللون الوردي، وحقن الفرج بالفيلر لإعطاء مظهر ممتلىء، إلى جانب تغيير شكل المهبل ولونه. أما بالنسبة إلى تجميل حلمات الثدي، فهي عبارة عن تدوير الحلمات غير الدائرية، تكبير أو تصغير الحلمات وإضفاء لون وردي عليها، وحقن الحلمات بالفيلر لمحاربة الخطوط الدقيقة.

وحين سألتها عن أسعار تلك العمليات، قالت: "بنحدد السعر بعد إجراء الكشف وتحديد المناسب للحالة".

الرعب من العلاقة الحميمة

بالطبع، من حق أي امرأة أن تتجمل بالشكل الذي يروق لها، ولكن دون أن تتعرض للضغوط المجتمعية ومقاييس الجمال التي تروّجها الإعلانات، مما يضع المرأة تحت ضغط ضرورة الوصول إلى الشكل الأمثل حتى في مناطق الإثارة في جسدها، وهو ما يتضح من خلال انتشار العديد من الأسئلة على المجموعات النسائية المغلقة في موقع فيسبوك، من قبل العديد من الفتيات المقبلات على الزواج اللواتي يبدأن في طرح أسئلة تعبّر عن خوفهنّ الذي يصل إلى حدّ الرعب من العلاقة الحميمية، وذلك لكون منطقة البكيني لديهنّ لونها أغمق من لون باقي أجسادهن.

أكدت سارة منير، أنها تعاني من وجود اسمرار في المنطقة الحساسة، لأنها كانت تعاني من زيادة في الوزن، وفق ما أخبرت رصيف22: "تحدثت مع خطيبي بكل صراحة بأن منطقة البكيني لونها يبدو أغمق من باقي أجزاء جسدي ولكنه طلب مني أن أقوم بعلاج ذلك قبل موعد الزفاف".

وأضافت: "برغم أنني سألت عدداً كبيراً من صديقاتي المتزوجات عن مدى تأثير لون أو شكل المنطقة الحساسة على الرجل في أثناء العلاقة الجنسية ومعظمهنّ أكدن أن الرجال لا ينتبهن إلى ذلك الأمر، إلا أن خطيبي طلب مني أن أعالج ذلك الاسمرار".

وختمت سارة حديثها قائلةً: "لن أتزوّج إلا بعد التغلب على أي عيب في جسدي حتى أشعر بالثقة بنفسي في أثناء ممارسة العلاقة الزوجية".

"تحدثت مع خطيبي بكل صراحة بأن منطقة البكيني لونها يبدو أغمق من باقي أجزاء جسدي ولكنه طلب مني أن أقوم بعلاج ذلك قبل موعد الزفاف"

من جهتها، بدأت هبة ابراهيم، وهي متزوجة منذ ستة أعوام ولديها طفلة، تلاحظ تغيّراً ملحوظاً في شكل ولون حلمات الثدي والمنطقة الحساسة خلال حملها: "في الحقيقة زوجي لم يتحدث معي بشأن ذلك التغيير ولكنني حين اقترحت عليه أن أقوم بإجراء تغيير لتجميل تلك المناطق وجدته يوافقني الرأي في ذلك، برغم أنه لم يطلب مني ذلك التغيير، ولكنني أشعر بفقدان الثقة بنفسي في أثناء ممارسة العلاقة الجنسية".

أكملت: "أشعر بأنني السبب في لفت نظر زوجي إلى عيوب جسدي، حيث بات يقارنني بالفنانات والمذيعات وهو ما يجعلني أكره شكل جسدي والتغيير الذي طرأ عليه بسبب الحمل والرضاعة".

هذا ما أكدت عليه أيضاً رقية طارق: "للأسف نحن النساء قد نقع في خطأ فادح وهو لفت أنظار أزواجنا إلى ما نراه نحن عيوباً في أجسادنا وتلك هي الأزمة الحقيقية، فالرجال أيضاً أجسادهم ليست مثاليةً أو خاليةً من العيوب، ولكننا كنساء ندقق في أنفسنا بشدة وهو ما يجعلنا نفقد الثقة بأنفسنا وتالياً ننقل ذلك القلق بشأن أجسادنا إلى أزواجنا".

لجأت رقية إلى حقن بعض المناطق الحساسة بالفيلر، كي تحسّن علاقتها الجنسية بزوجها، غير أنها وجدت أن هذه الخطوة غير ضرورية: "أنصح السيدات بأن يتقبلن أنفسهنّ كما هنّ، وأن يثقن بأجسادهنّ حتى يجدن الرضا الحقيقي".

أمر طبيعي

يبدو أن انتشار القلق بين النساء جعل عدداً من أطباء الجلدية والأطباء/ الطبيبات المتخصصين/ ات في أمراض النساء يقوموا/ ن بحملات من خلال توجيه معلومات طبية عبر مواقع السوشال ميديا، ليؤكدوا/ ن أن جسد الإنسان لا يكون مثالياً بنسبة 100%، مشددين/ ات على أن مرحلة البلوغ سواء للذكر أو الأنثى تتسبب في تغيير الهرمونات، مما يجعل لون المنطقة الحساسة للجنسين يبدو أغمق قليلاً من لون باقي الجسد.

هذه النقطة، تحدث عنها الدكتور أحمد عزت، أخصائي أمراض النساء والتوليد، من خلال سلسلة من الفيديوهات على موقع يوتيوب، أوضح من خلالها أن اسمرار المناطق الحساسة، سواء للنساء أو الرجال، هو أمر طبيعي له أسباب عدة أبرزها العوامل الوراثية وتغيّر الهرمونات في أثناء فترة البلوغ وحساسية الجلد، مشدداً على أن غمق لون المناطق الحساسة عن باقي الجسد هو أمر طبيعي. 

"أنصح السيدات بأن يتقبلن أنفسهنّ كما هنّ، وأن يثقن بأجسادهنّ حتى يجدن الرضا الحقيقي"

بدورها، شرحت الدكتورة داليا سالم، المتخصصة في الأمراض الجلدية والتجميل، من خلال فيديوهات على موقع يوتيوب، أن وجود تصبغات في لون المناطق التناسلية أو المنطقة الحساسة أمر طبيعي، وذلك بسبب تأثير الهرمونات في أثناء مرحلة البلوغ سواء للرجال أو للنساء، كما كشفت أن تلك التصبغات لدى النساء تزداد في أثناء فترة الحمل بسبب التغيّرات الهرمونية.

اسمرار المناطق الحساسة

أكدت الدكتورة هدى الشوربجي، وهي استشارية في الأمراض الجلدية وعلاج الجلد بالليزر في جامعة القاهرة، في تصريحات خاصة لرصيف22، أن الهوس بالكمال أصبح "تراند" يهيمن على تفكير عدد كبير من النساء، الأمر الذي يجعلهنّ يرفضن تقبّل أجسادهنّ.

وتابعت هدى: "هناك مناطق في جسد الإنسان بشكل عام يكون لونها أغمق من باقي الجسد، مثل المنطقة الحساسة، تحت الإبطين، الركب أو تحت الثدي للإناث، وحتى مفاصل الأصابع وهو أمر طبيعي لكلا الجنسين، ولكن معظم الفتيات المترددات على عيادات الجلدية يعانين من قلق يصل إلى حد الفوبيا بسبب اسمرار تلك المناطق".

ورأت الشوربجي أن انتشار ظاهرة البلوغرز والفنانات اللواتي يظهرن على شاشات التلفزيون مع معايير جمال معيّنة لها تأثير كبير على هؤلاء النساء، وعلى الرجال أيضاً: "عدد كبير من السيدات المترددات على عيادتي يطلبن أن أجري لهنّ جلسات لتفتيح المناطق الحساسة بسبب تهديد أزواجهنّ بتطليقهنّ أو الزواج من امرأة أخرى".

تابعت: "مهما حاولت أن أعزز ثقتهنّ بأنفسهنّ وإخبارهنّ بأن هذا أمر طبيعي وله أسباب علمية بسبب مرحلة البلوغ، الحمل أو الولادة، فإنهنّ يصممن على إجراء جلسات تفتيح".

وأضافت هدى أن حقن المناطق الحساسة بالفيلر والبوتوكس أصبح أمراً منتشراً في مصر وعدد من الدول العربية، مشددةً على ضرورة أن تحسن المرأة اختيار المراكز التجميلية، "لأن عدداً كبيراً منها غير خاضع للإشراف الطبي خاصةً تلك التي تعتمد تقنيات حقن المناطق الحساسة بالفيلر والبوتوكس لتغيير شكلها أو لونها"، على حدّ قولها.

ألم الجماع يتضاعف

لا شك في أن القلق وفقدان الثقة بالنفس يجعلان المرأة تفقد متعتها في أثناء ممارسة العلاقة الجنسية، وهو ما حذّر منه الدكتور جو كورت، معالج الضعف الجنسي في الرابطة الأميركية لمعلمي الجنس، مشدداً على أن الشعور بالقلق يؤثر على الصحة الجنسية للنساء، حيث يتسبب في إصابتهنّ باختلال وظيفي جنسي، يتمثل في ضعف الرغبة الجنسية والنفور من العلاقة الجنسية، إلى جانب صعوبة الوصول الى النشوة الجنسية، وأكد أن ألم الجماع يتضاعف 10 مرات لدى النساء المصابات بالقلق أو فقدان ثقتهنّ بأنفسهنّ. (لينك/ مصدر؟)

"عدد كبير من السيدات المترددات على عيادتي يطلبن أن أجري لهنّ جلسات لتفتيح المناطق الحساسة بسبب تهديد أزواجهنّ بتطليقهنّ أو الزواج من امرأة أخرى"

تعليقاً على هذه النقطة، قالت المعالجة النفسية، هالة حماد، لرصيف22: "إن القلق وفقدان الثقة بالنفس يؤديان بدورهما إلى شعور المرأة بالرفض والخجل من ممارسة العلاقة الحميمية، وهو ما يؤثر على العلاقة الجنسية ككل"، مضيفةً أن "عدداً كبيراً من النساء يفضّلن ممارسة العلاقة الجنسية في الظلام، وذلك نتيجةً لشعورهنّ برفض الشريك لأي عيوب أو علامات في جسدها".

وأشارت هالة إلى أن شعور المرأة برفض شريكها لجسدها قد ينمّي لديها ردة فعل عكسيةً، أي أنها ترفض الشريك وتخبره بأنها لا تجد متعتها معه، وتالياً يتحول الزواج إلى جحيم حيث يشعر كل فرد بأن الآخر يرفضه.

واختتمت هالة حديثها قائلةً إن الرجل الذي يضع المرأة في قالب المتعة الجنسية فقط، ويضغط على شريكته كي تصل إلى جسد "مثالي" بلا عيوب، لديه أزمة في نظرته إلى مفهوم الأنوثة والذكورة على حد السواء. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel

فعلاً، ماذا تريد النساء في بلادٍ تموج بالنزاعات؟

"هل هذا وقت الحقوق، والأمّة العربية مشتعلة؟"

نحن في رصيف22، نُدرك أنّ حقوق المرأة، في عالمنا العربي تحديداً، لا تزال منقوصةً. وعليه، نسعى بكلّ ما أوتينا من عزمٍ وإيمان، إلى تكريس هذه الحقوق التي لا تتجزّأ، تحت أيّ ظرفٍ كان.

ونقوم بذلك يداً بيدٍ مع مختلف منظمات المجتمع المدني، لإعلاء الصوت النسوي من خلال حناجر وأقلام كاتباتنا الحريصات على إرساء العدالة التي تعلو ولا يُعلى عليها.

Website by WhiteBeard