شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
عملية تجميل المهبل في إيران... رغبة في الجمال أم خضوع الإيرانيات لدعايات خاوية؟

عملية تجميل المهبل في إيران... رغبة في الجمال أم خضوع الإيرانيات لدعايات خاوية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 16 يناير 202205:33 م

عملية تجميل الشفرين (Labiaplasty) في ايران شائعة جداً. هل هذا يفاجئكم؟ لا يجب أن يكون كذلك، فإيران هي موطن أفضل المتخصصين الخبراء في المنطقة، ومئات الإيرانيات يدخلن إلى غرف العمليات من أجل إجراء عملية تجميل المهبل، وبالإضافة إلى ذلك فإن طبيبات النسائية وجراحات التجميل يستقبلن عدداً كبيراً من النساء من أنحاء العالم لإجراء هذه العملية.

يحب معظم الأشخاص التغييرَ، ويعتبر تنويع الحياة أحد طرق مواجهة الملل والركود وتداعياتهما. يغير بعض الأشخاص نمط حياتهم، والبعض وظائفهم، والبعض أجهزتهم المنزلية، والبعض أجسادهم. البعض يوسعون منازلهم، والبعض الآخر يصغرون أنوفهم، كما أن هناك نساء يجعلن أشفار مهابلهن أصغر!

في عالمنا اليوم، أصبح الجسد سلعة، وشاشة عرض، ولقبوله من جانب المجتمع، يجب عليه أن يكون مشعاً ورشيقاً.

يقول مثل فارسي ساخر: "اقتلْني واجعلني جميلة". الأشخاص على استعداد لوضع أنفسهم أمام العمليات الجراحية كي يبدوا أفضل وأكثر جمالاً، إما استجابة لرغباتهم الفردية، وإما لأسباب أخرى أبرزها القبول في المجتمع. لكن مقاييس الجمال نسبية تماماً، وفي عالمنا اليوم، تقف وراء هذه المقاييس، وسائل الإعلام والنظام الرأسمالي، والتي تروج لمثاليات ونماذج للمظهر والجسد، وتجعل الأشخاص في حالة عدم الرضا الأبدي عن الجسد، ما يؤدي إلى استمرار العمليات الجراحية التجميلية بعد أول عملية. وهكذا يصبح التحكم بالجسد والتغيير فيه ليست رغبة فردية فحسب، بل استجابة للتوجهات التي تظهرها وتروج لها وسائلُ الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

ماذا تقول الإحصاءات؟

وفقاً لإحصاءات الجمعية العالمية للجراحة التجميلية (ISAPS) في عام 2019، تقدم أكثر من 11 مليون شخص في العالم للجراحة التجميلية، بزيادة قدرها 7.1٪ مقارنة بعام 2018، وكان 86.5٪ منهم من النساء. والبرازيل والولايات المتحدة هما الدولتان اللتان لديهما أكبر عدد من الجراحات التجميلية.

مقاييس الجمال نسبية تماماً، وفي عالمنا اليوم، تقف وراء هذه المقاييس، وسائل الإعلام والنظام الرأسمالي، والتي تروج لمثاليات ونماذج للمظهر والجسد

في هذه الإحصائيات هناك جراحة تجميلية تسمى "تجميل الشفرين". ووفقاً للإحصاءات التي أجريت عام 2019، تم إجراء أكثر من 164 ألف عملية تجميل للشفرين في العالم، حيث شهدت البرازيل والولايات المتحدة وروسيا وألمانيا وإسبانيا، على التوالي، أكبر عدد من هذه الجراحات التجميلية.

جراحة تجميل الشفرين، وهواة المعايير العالمية المتعلقة بجمال المهبل

تجميل الشفرين هو نوع من الجراحة التجميلية النسائية على الحافة الصغيرة والحافة الكبيرة للمهبل والجلد المحيط به لـ"تحقيق المعايير العالمية"، وقد وجدت في السنوات الأخيرة العديد من الراغبات بها. عملية تجميل الشفرين هي عملية جراحية تجميلية في منطقة الأعضاء التناسلية الأنثوية، يتم ‏إجراؤها من أجل تجميل هذه المنطقة كما يقال.‏

غالباً ما يتم التوجه نحو هذه الجراحة من الناحية الجمالية، على الرغم من أنه يتم الترويج لها بوصفها جراحة علاجية. يرى منتقدو هذه الجراحة أنها نتيجة لسيطرة عالم المواد الإباحية والصورة المثالية الإعلامية، على المجتمع.

استطلعت مجلة "الجراحة التجميلية" في مقال لها في عام 2016 بعنوان "الدوافع والتوقعات والتجارب في عملية تجميل الشفرات: دراسة نوعية"، آراء 14 امرأة في أستراليا بمتوسط عمر 38.4 خضعن لعملية تجميل الشفرين، وقامت بدراسة دوافعهن. ووفقاً لهذه الدراسة، تعرضت 11 منهن لمواد إباحية خلال حياتهن، واثنتان منهن فقط ذكرتا أن دافع الرغبة في تشابه الأعضاء الجنسية للنجوم الإباحية كان وراء قيامهما بهذه الجراحة.

قارنت عشر نساء منهن شفراتهن بالصور التي اعتقدن أنها نماذج حقيقية. وبالنسبة لعشر منهن، كانت الآراء السلبية للشركاء الجنسيين والتجارب الجنسية المريرة هي الدوافع لهذه الجراحة التجميلية.

لكن أهم ما كان في هذه الدراسة هو عدم الإشارة إلى الدوافع الجمالية البحتة لدى معظم النساء اللواتي شملهن استطلاع الرأي. ثلاث نساء منهن فقط اعتبرن الجمال هدفهن الوحيد للجراحة. واعترفت إحداهن بأنها لم تكن تعاني من أي مشاكل جسدية، وقامت بالجراحة للجمال فقط، لكنها لم تعبر عن دافعها كيلا تتعرض لآراء سلبية. كما قامت العديد منهن بتضخيم الأسباب الطبية للطبيب/الطبيبة حتى لا يتم توبيخهن بسبب دافع الجمال.

يقول مثل فارسي ساخر: "اقتلْني واجعلني جميلة"

توصلت دراسات أخرى أجريت في هذا المجال إلى نتائج مماثلة، حيث أكدت أنه على الرغم من أن عملية تجميل الشفرين تؤدي إلى إزالة القلق لدى النساء بشأن مظهر أعضائهن الجنسية، إلا أنها لم تؤدّ إلى تغيير مواقفهن تجاه أنفسهن وتجاه علاقاتهن الجنسية بشكل جذري.

انخفاض أو زيادة المتقدمين؟

وفقًا لبيانات ISAPS، في عام 2016، شهد تجميل الشفرين نمواً بنسبة 39٪ في الولايات المتحدة، مما جذب انتباه العديد من جمعيات الجراحة التجميلية في مختلف الدول، بما في ذلك إيران. وفي الموقع الرسمي لجمعية ISAPS ذُكرت هذه الإحصائية كنقطة إيجابية لجراحة تجميل الشفرين، لكن لم يتم في أي من المواقع الإعلانية وحتى موقع الجمعية الإيرانية لجراحة التجميل ذكر الانخفاض السنوي لهذه الجراحة منذ عام 2017 في الولايات المتحدة، حيث يمكن اعتباره ضد الدعاية.

مكانة إيران في الجراحات التجميلية

في عام 2020، كشف بابَك نيكومَرام، نائب رئيس الجمعية الإيرانية لجراحي التجميل، بأن إيران تحتل المرتبة الثانية في المنطقة من حيث عدد عمليات التجميل بعد تركيا. ولكن في الإحصائيات العالمية، لم تتم الإشارة كثيراً إلى إيران. وفي تقرير ISAPS لعام 2013 فقط اعتُبرت إيران من بين الدول العشر الأولى من حيث عدد الجراحات التجميلية. ووفقاً لهذه البيانات، من خلال 317 عملية، استحوذت إيران على 0.28٪ من جميع عمليات تجميل الشفرين في عام 2013.

على الرغم من عدم توفر العدد المحدد لعمليات تجميل الشفرين في إيران، إلا أنه لا يمكن إنكار وجود عدد كبير من المتقدمات الإيرانيات للتغيير في الأعضاء الجنسية. نمو الدعاية عبر الإنترنت في مجال تجميل الشفرين خلال السنوات الثماني الماضية، وبالطبع المناقشة حول عملية تجميل الشفرين في الجلسات والتجمعات النسائية، يمكن اعتبارها معاييرَ لزيادة الاهتمام بعملية تجميل الشفرين بين الإيرانيات.

عند البحث باللغة الفارسية  في "غوغل حول أي مشكلة مهبلية، سنواجه بلا شك موادّ حول عملية تجميل الشفرين، والتي غالباً ما تبرز الأسباب الطبية لهذه العملية. بعض هذه المواقع تسمي المهبل "الوجه الثاني للمرأة"، والذي من الواجب العناية بجماله، فتؤكد كثير من المواقع الداعية لهذه الجراحة أنه بقدر ما يحاول الإنسان أن يجعل وجهه أجمل، عليه أن يحاول أن يجعل أعضاءه الجنسية أكثر جمالاً، كما أن يحاول لحلّ المشاكل المتعلقة بهذه الناحية الجسدية.

في هذا السياق، سألنا الدكتورة طاهرة أشرف كنجوئي، أخصائية أمراض النساء ما إذا كانت عملية تجميل الشفرين هي عملية علاجية أم لا. فقالت كنجوئي: "في حالات نادرة جداً، يمكن أن تكون جراحة الشفرين علاجية"، معربة عن معارضتها الشديدة لهذه العملية.

وقالت الطبيبة: "من الممكن ألّا تستطيع المرأة ارتداء البنطال بسبب انفتاح الشفرين أكثر من اللازم وأكثر من المستوى الطبيعي، أو عندما يكون الشفران قريبين، يسبب إزعاجاً للمرأة. "ولكن أؤكد مرة أخرى، هذه الأمور نادرة جداً، والإعلانات والدعايات المتعلقة بتجميل الشفرين لحل مشاكل المهبل مبالغ فيها كثيراً، ليس إلا".

وحول سبب اكتساب عملية تجميل الشفرين الكثير من المعجبات قالت: "شكل الشفرين مختلف لدى كل امرأة. إنها رغبة ومصلحة السوق أن تخضع النساء للإعلانات والدعايات، وأن تعتبر المرأة نفسها أنها غير كاملة. في السنوات الأخيرة، كانت جراحات الشفرين مجرد عملية تجميل ولا أكثر. تم غزو المجتمع بمعايير الجمال التي يحددها السوق".

على الرغم من عدم توفر العدد الدقيق لعمليات تجميل الشفرين في إيران، إلا أنه لا يمكن إنكار وجود عدد كبير من الإيرانيات اللواتي تقدمن للتغيير في أعضائهن الجنسية

وقالت الطبيبة عن الآثار الجانبية لهذه الجراحة: "على عكس ما تقوله الإعلانات والدعايات، فإن عملية تجميل الشفرين لا تزيد من الرغبة الجنسية، بل قد تقلل منها. التغيير في الأعضاء وإزالة الطبقات من البشرة ومن الجسد لهما أضرار لا يمكن التعويض عنها. في الحالة الطبيعية يكون الشفران قريبين من بعضهما البعض لمنع دخول الجراثيم للمهبل، مثل الفم الذي تحميه الشفتان. وبعملية تجميل الشفرين، تزداد نسبة الالتهابات المهبلية بشكل كبير".

نتائج الأبحاث وتجارب الأفراد

تم إجراء العديد من الأبحاث الاجتماعية في إيران حول أسباب رغبة الإيرانيين/الإيرانيات بالقيام بالجراحات التجميلية التي تتعلق بالوجه. وقد أشارت هذه الأبحاث إلى ثلاثة مستويات رئيسية لدوافع الجراحة التجميلية: 1) المستوى الصغير: الدوافع الفردية، مثل الجمال والتنوع والتغيير وما إلى ذلك. 2) المستوى المتوسط (الأسرة والأقرباء والدوافع غير الشخصية مثل ضغوط الأسرة وكسب رضا الزوج. 3) المستوى العالي: الظروف الاجتماعية مثل إظهار مستوى اجتماعي أعلى، ورفع المكانة الاجتماعية.

رغم الأبحاث العديدة حول عمليات تجميل الوجه، لكن لم يُنشر أي بحث عن تجميل الشفرين في إيران حتى الآن. لهذا السبب، ومن أجل الاطلاع على آراء المتقدمين لهذه الجراحات، تورقنا المواقع الفارسية لإعلانات تجميل الشفرات ووجدنا آراء مختلفة؛ منها أن بعض النساء غير راضيات تماماً من العملية، وتوصي هذه المجموعة النساءَ الأخريات بعدم القيام بهذه العملية. وكتبت بعض النساء عن الألم طويل الأمد بعد العملية. كما اعتقدت بعض النساء أن نتيجة العملية ألم لمدة شهرين". البعض غير راضيات عن عدم التناسق بعد الجراحة، وتقول البعض إن الأمر يستغرق عدة أشهر حتى يتم تحديد الشكل النهائي.

بعض النساء نادمات على تكاليف العملية، فهکذا تقول إحداهن في تعليق على أحد المواقع: "أخبرتني الطبيبة أن أفضل ما أفعله من أجل التخلص من التجاعيد واسوداد الشفرين هو إجراء عملية تجميل الشفرين وحقن الدهون. في البداية كان الأمر جيداً جداً ، ولكن الآن، وبعد مرور عام، اختفت كل الدهون وتجعد الشفران وعادا أسودين، وذهب مبلغ 15 مليون تومان (ما يعادل 500 دولار) الذي دفعته سدىً."

مدة العملية وتكلفتها

حسب المعلومات المتواجدة على مواقع المراكز الطبية والتجميلية، المتعلقة بأنواع العمليات، عادةً ما تستغرق عملية تجميل الشفرين بين ساعة واحدة وساعتين، وقد يتم استخدام التخدير الموضعي أو العام.

تختلف تكلفة عملية تجميل المهبل في البلدان المختلفة ، كما هو الحال في الإجراءات التجميلية الأخرى، تكلفة تجميل المهبل في الولايات المتحدة تبلغ حوالى 5000 إلى 8000 دولار، وفي أوروبا حواليى4000 إلى 6000 يورو. ويبلغ متوسط تكلفة عملية تجميل المهبل أو تجميل الشفرين في إيران 700 دولار؛ الحد الأدنى هو 600 دولار (في شيراز)،، والحد الأقصى هو 800 دولار (في طهران).


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard