يقدم جابر (45 عاماً) من مدينة مصياف في محافظة حماة، وصفته السحرية للتخلص من الهانغ أوفر أو آثار الشرب، والتي تساعده عليها زوجته "مشكورة" كما يقول.
فقد اعتاد جابر أن لا يرفض طلب أصدقائه للسهر واحتساء المشروب حتى الفجر، لتبدأ المعاناة في اليوم التالي نتيجة الإفراط بالشرب، فيأكل الصداع رأسه حتى يشرب "برميل ماء" كما يقول دون أن يفلح بإزالة الجفاف من فمه، إضافة للشعور الدائم بالغثيان.
يكفي وجود زوجة جابر ليكابر على أعراضه وينكرها، ويفتح فمه مبتسماً في وجهها، يقول لرصيف22: "أكاد أموت كي أكابر، فأنا لا أريد سماع محاضرة من نمط، ألم أقل لك ألا تثقل بالشرب بعد اليوم".
ولمن لا يمتلك وسيلة مساعدة مثل جابر، فإنه يستطيع الركض لمسافة طويلة حتى تتقطع أنفاسه، وهي الحيلة التي يلجأ إليها خفية عن زوجته، وغالباً ما تكون ناجحة.
الويسكي المضروب
يحذّر عبد الرحمن (33 عاماً) من شرب القهوة لعلاج آثار الشرب، ويقول إنها تؤدي إلى "دماغ تاني"، ويضيف أن الحل الأمثل لإزالة آثار الكحول والصداع، هو غسل الوجه والرأس بالمياه الباردة بشرط أن تصل إلى الرقبة، ثم تناول كميات صغيرة من الطعام المالح مثل الجبنة.للتخلص من آثار الشرب في صباح اليوم التالي يركض جابر لمسافة طويلة حتى تنقطع أنفاسه، وهي حيلة قديمة متوارثة للتخلص من صداع الشرب، ومثله يفعل أيهمتحدث حالة الـ"هانغ أوفر" لدى عبد الرحمن الذي ينحدر من مدينة حلب، حين يتناول "الويسكي المضروب" ويقصد به النوع المصنع محلياً، أو حين يشرب فوق حاجته تفاعلاً مع السهرة.
"ربما هناك وسائل مساعدة للتخلص من الهانج أوفر، لكن الحل الأمثل للعلاج يكمن بعدم تناول الكحول المضروب أو الزائد عن الحد المعتاد شربه من الأصل"، يقول الشاب الذي ترك الكحول قبل حوالي الشهرين نتيجة مرضه وخشيته من أن يدرك أهله أن وضعه الصحي تدهور بسبب الشرب، فهو يعيش في مجتمع محافظ لا يسمح بشرب الكحول، لذا استبدل العرق والويسكي بالبيرة، التي "لا بتعمل هانغ أوفر، ولا سُكر" على حد قوله.
الركض... نعم الركض
يفشل أيهم (44 عاماً) في خطته لتجنب تناول كميات كبيرة من الكحول كل مرة، بهدف تفادي الآثار في اليوم التالي ، ما دفعه للبحث عن طرق للتخلص من تلك الحالة المزعجة، التي توازي بإزعاجها السعادة التي يمنحها الشرب.جرّب المهندس المدني الذي يعيش في مدينة اللاذقية طرقاً كثيرة، إلى أن تلقّى نصيحة بالركض والاستحمام بالمياه الباردة، وبعد أن جربها شعر بالفرق إلى حد كبير، لكن ذلك الأمر أنهكه جداً للدرجة التي بات يخفف بها من الشرب كي لا يضطر للركض.
يقول: "وجدت أن أفضل طريقة لتخفيف الشرب، هي بإلزام أنفسنا بفعل شيء قاسي أو متعب بعده".
اللبن... مع الثوم
تعرفت سهير (35 عاماً) التي تعيش في دمشق على الكحول بعد زواجها، ولرغبتها بمشاركة زوجها الشرب قبل قضاء ليلة حميمة سوياً، فكانت تستيقظ في اليوم التالي مرهقة بمعدة متلبّكة وصداع شديد، يزيد منه صوت صراخ طفلها وطلباته المتكررة، فإذا كانت لا تجد وقتاً للتفكير بالراحة أو كيف ستتخلص من الهانج أوفر.اللبن مع الثوم المهروس ليس إفطاراً مثالياً، لكن تناوله في صباح اليوم التالي للشرب مفيد للتخلص من الغثيان والصداعكان كل ذلك كفيلاً لأن تحسب كميات شربها بدقة "لكن لا يخلُ الأمر من لحظة استسلام للكأس"، كما تقول.
وتضيف أنّ زوجها نصحها بتناول اللبن والثوم، إلا أنها لم تتقبله، وحين اكتفت باللبن نجح الأمر وباتت الأعراض أقل حدة.
تناول الكثير من المازة
رغم أن ليا (23 عاماً) لا تشرب بشكل متكرر، إلا أنها حين تبدأ الشرب غالباً ما ينتهي بها الأمر بالمعاناة من آثاره، مثل الغثيان والصداع إضافة إلى جفاف الحلق، فهي لا تعرف متى يجب أن تتوقف.تعلمت ليا الشرب حين استقلت عن عائلتها وعاشت في مدينة حمص للدراسة، حيث تتقاسم مع عدة فتيات شقة سكنية مستأجرة، جرّبت الفتاة العشرينية الأمر بدعوة من شريكاتها في السكن، وتعتبره فرصة جيدة للسفر من واقع الحياة، قبل أن ينتهي بها المطاف في جحيم الصداع ومعاناة آثار الشرب على حد تعبيرها.
لم يكن من السهل على الشابة السؤال عن طريقة تخفيف أعراض الشرب الزائد في اليوم التالي، فالشرب في مجتمعها محرم حتى على الرجال فكيف بشابة عشرينية صغيرة تدرس في الجامعة.
لكنها استعانت بصديقها الذي سأل طبيباً عن أفضل طريقة للتخفيف من آثار الشرب، فنصحه بتناول الكثير من المازة أو الطعام مع الشرب، ويفضل أن تكون عبارة عن خضروات أو فواكه دون طهي، إضافة لشرب كميات كبيرة من المياه خلال الشرب.
وهكذا باتت ليا فنانة في تحضير طاولة المازة، تضع عليها الزيتون والخضار والفواكه المقطعة، إضافة إلى القريشة واللبنة، إلا أنها لم تتخلص من المعاناة من آثار الشرب إلا بعد أن صارت تتناول الخبز أيضاً مع المازة خلال شربها الكحول، فصارت تعاني من آثاره بالحدود الدنيا جداً، كما تقول.
شمّ القهوة... لا شربها
في كل مرة يعاني أحمد (46 عاماً) من الهانغ أوفر، يقسم لنفسه أنه لن يضع المشروب في فمه مرة أخرى، بينما يعصب رأسه في محاولة لإيقاف الصداع الذي لا يتوقف أبداً.الأربعيني الذي يعيش في دمشق يدرك أن قسمه هذا "شغل ساعته"، بمعنى أنه نابع من ظرف استثنائي، وبالتالي فإن العودة عنه أمر واجب وضروري.
جرّب أحمد الكثير من الطرق، قبل أن يأخذ بنصيحة صديق مغترب، بأن يشم القهوة المطحونة مع حبات الهال، ووجد أنها طريقة ناجحة إلى حد ما، إضافة للاستحمام، حيث ينصح كل من يعاني هذه الحالة بملء حوض الاستحمام بالمياه الباردة وحتى إضافة مكعبات الثلج بها، ومن ثم الاسترخاء حتى زوال الصداع.
اللي بدو الدح ما يقول أح
هو مثل قديم ملخّصه أن من يسعى للمتعة عليه أن يدفع ثمنها، يؤكد جبر (29 عاماً) وهو بارمان في أحد بارات باب توما في دمشق، أنه لا يوجد حل سحري لعلاج الهانج أوفر، والوقت هو الحل الوحيد الناجح، وعلى من يعاني الصبر قليلاً والنوم حتى يتخلص من الكحول في دمه.
الاستحمام في الماء البارد المثلج، أو سكبه على الرأس مع ضرورة الوصول إلى العنق من الخلف هي النصيحة التي اتفق المعظم أنها مفيدة، لكن الأهم هو المباعدة بين الكؤوس وشرب الماء خلال السهرةينصح البارمان زبائنه أن "لا يشربوا على معدة فاضية"، والأفضل تناول الطعام قبل البدء، كما يجب ألا يتم تناول الكحول دفعة واحدة، وإنما عبر رشفات صغيرة ومباعدة الوقت فيما بينها.
كما لا يحبذ تناول الحلويات قبل الشرب أو أثناءه فهذا سيزيد من مخاطر التعرض لآثاره. ولكن "إن وقع الفأس بالرأس"، وعانى أي شخص من آثار الشرب، فبإمكانه التقليل منها بعدة طرق، هي وفق جبر، شرب الشاي الأخضر غير المحلى، وتناول كميات صغيرة من الطعام المالح، إضافة إلى الاستحمام، وشرب قرص من فوار فيتامين سي مذاب بمياه مثلجة.
تناول الألياف
تقول طبيبة التغذية خنساء العاصي إن الحل الوحيد لتجنب آثار الكحول، هو في التخفيف منه قدر الإمكان، وحتى محاولة التخلي عنه.تؤكد الطبيبة أنه لا يوجد وصفة سحرية للتوقف عن الشرب، لكن هناك الكثير من الأطعمة التي تساعد الشخص على كبح الرغبة في الشرب، مثل الحبوب الكاملة التي تساعد على رفع نسبة السكر بالدم، ما يؤدي لتخفيف الرغبة بالشرب. كذلك تناول الأطعمة الغنية بفيتامين (ب) مثل الكبدة والتونة ولحم البقر والشوفان.
طبيبة: "مغلي الزعتر ومغلي إكليل الجبل مفيدان للتخلص من آثار الشرب، مع التركيز على الألياف والماءوتنصح الطبيبة الذين يعانون من آثار الشرب، بتناول الأطعمة الغنية بالألياف مثل الخضار والفواكه، كونها تساعد الجسم على التخلص من السموم، مع تناول كميات كبيرة من الماء.
كما تنصح بتناول مشروب مغلي الزعتر البري، وشرب أكثر من كأس منه للتخفيف من الإدمان من جهة، وإزالة آثار الشرب من جهة ثانية، وتضيف أن مغلي إكليل الجبل يساعد أيضاً، وبالإمكان تناول حتى 4 أكواب يومياً منه.
أما للباحثين عن الوصفات غير الشعبية فالحل السحري يكمن في تناول حبة اسبرين أو باراسيتامول مع كأس ماء كبيرة قبل النوم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...