ما زلتُ أذكر كل شيء بوضوح، كما لو حدث بالأمس. أنا طفلة في الثامنة أو التاسعة، عائدة من المدرسة، أصعد الدرج المؤدي إلى بيتنا في الطابق الخامس. جارنا المسنّ ينتظر مروري واقفاً خلف باب شقته المفتوح، بنظاراته السوداء التي لم أره يوماً من دونها في الليل والنهار، يرتدي روباً رثّاً بيج اللون، تتناثر عليه بقع وسخٍ غامقة، مربوطاً على خصره بزنار يشبه حبل الغسيل. أمرّ من أمامه فيفكّ الزنار بسرعة ويفتح الروب.
كان العجوز، بطبيعة الحال، عارياً، وكانت أول مرة أرى قضيباً. غنيّ عن القول إن المشهد لم يكن جميلاً، وأن بداية تعرّفي على تكوين جسم الرجال لم تكن الأكثر سلاسة. غنيّ عن القول أيضاً إن لا شيء في حياتي، أو في أحاديث أهلي معي في تلك المرحلة العمرية – وحتى، على فكرة، في أحاديثهم معي خلال المراحل العمرية اللاحقة- حضّرني لاحتمال حدوث شيء مماثل لي، أو لكيفية استيعابه ومعالجته.
ما زلتُ أذكر كيف صعدتُ يومذاك الطوابق المتبقية راكضةً، بينما كان يغمرني شعور خانق هو مزيج من الخوف والصدمة والقرف والخجل. دخلتُ إلى المنزل، وضعت حقيبتي المدرسية على الأرض، خلعت مريولي وغسلت يديّ وجلست لتناول طعام الغداء. لم أخبر أمي شيئاً. طبعاً لم أخبرها شيئاً.
تكرّرت الحادثة مراراً تلك السنة كما لو كنا على موعد ثابت أنا وهو، حتى أصبح المنظر عادياً بالنسبة لي. تحوّلت مشاعر الخوف والقرف والخجل تدريجاً إلى جبل من الغضب والحقد، فوضعتُ خطة للانتقام منه وإيقافه عند حدّه.
طلبتُ في أحد الأيام من أخي ورفيقه، من دون أن أطلعهما على السبب، أن يتسللا ورائي وأنا أصعد الدرج (كانا في العادة يسبقانني)، وأن ينتظرا إشارة مني. ها أنا على السلالم من جديد، ها هو الروب المبقّع ينفتح، ها أنا أشير إلى أخي ورفيقه، فيقفزان ويظهران فجأة أمام الرجل المقزّز. يراهما فيجفل ويغلق الباب بسرعة. لم أر العضو القبيح منذ تلك اللحظة، ولم أفتقده.
أنا طفلة في الثامنة أو التاسعة، أصعد الدرج المؤدي إلى بيتنا في الطابق الخامس. جارنا المسنّ ينتظر مروري واقفاً خلف باب شقته المفتوح، يرتدي روباً رثّاً بيج اللون، أمرّ من أمامه فيفكّ الزنار بسرعة ويفتح الروب
بين "المحترَم" و"المتفاني"
ما زلتُ أذكر كل شيء بوضوح كما لو حدث بالأمس. أنا مراهقة في الخامسة عشرة، في رحلة إلى البحر مع ثلاث صديقات من المدرسة. يُقنِعْنَني بأن نذهب "أوتوستوب" بدلاً من أن نستقلّ الباص كما كنّا وعدنا أهلنا. "أسرع وأريح وببلاش"، يقلن لي. أتوجّس وأحتجّ ثم أوافق على مضض. بعد ثلاثة عروض بدت غير مُطَمْئِنَة فرفضناها، تتوقّف بيجو بيضاء يقودها رجل خمسيني أشيب. خيارٌ آمن، فكّرنا. تسارع الصديقات الثلاث الماكرات إلى الجلوس في الوراء، فلا يبقى لي سوى المقعد الأمامي. يشرع السائق في مونولوغ غريب عجيب عن الفاكهة الفجة والفاكهة "المِسْتويّة". أيهما أطيب، يسألنا: الموزة الخضراء، القاسية، أم تلك الناضجة، الجاهزة للأكل؟ نفهم جميعاً قصده. لا تمضي بضع دقائق حتى يبدأ في ملامسة فخذي الأيسر. أزيح يده الدبقة عني وألتفتُ إليه لأوبّخه رغم وجلي. "ولو! إنتَ من عمر بيي"، أوشكتُ على القول له. أكتشف، يا للصدمة، أنه صديق قديم لوالدي، ومن أقاربه، ومن جيله فعلاً، ورب عائلة "محترم"، ومدرّس أدب إنكليزي. هو لم يكن قد رآني منذ سنوات، فلم يتعرّف علي. نطلب منه بإصرار أن ينزلنا، ونهدّده برمي أنفسنا من السيارة إن لم يفعل على الفور، فيرضخ. بعد تلك الحادثة بعقدٍ على الأقلّ، استجمعتُ شجاعتي وأخبرتُ والدي بما حصل، لكنّه لم يصدّقني: "لا بدّ التبس عليك الأمر. يستحيل أن يفعل (ف) أمراً مماثلاً". طبعاً لم يصدقني والدي: إذ كيف يمكن لرجل بأخلاقياته أن يستوعب وجود وجهٍ آخر، مخبوء، بهذه السفالة، لدى أحد أصدقائه؟ كم طويلاً تمنّيتُ لو عدتُ والتقيتُ بالرجل لأقول له: "باي ذو واي: الموزة الفجّة، يا عمّو ف، أطيب حتماً من المِستويّة. فاك يو". لكنه مات، اللعين، قبل أن يتسنّى لي فعل ذلك.
ما زلتُ أذكر كل شيء بوضوح، كما لو حدث بالأمس. أنا شابة في أوائل عشريناتي، طالبة في الجامعة. أحد الأساتذة يستدعيني إلى مكتبه ليخبرني أني ضعيفة في مادته. لم تكن الرياضيات يوماً من نقاط قوتي، لكنها كانت إلزامية في دروس البيولوجيا التي كنتُ أتابعها يومذاك رغماً عني (يقتضي التوضيح، لأنّ حلم أهلي لي كان أن أصير طبيبة). "لا تحملي أي همّ: أستطيع أن أساعدك"، يضيف. يا لهذا الأستاذ المتفاني، أفكّر، سيخصّص بعضاً من وقته ليشرح لي ما لم أفهم.
ثم يردف: "ولكن عليكِ أنتِ أيضاً أن تساعديني"، ثم: "سنساعد بعضنا بعضاً، ما هيك؟"، يختم مبتسماً مع غمزة، بينما يبحلق في ثديي تحت التي-شيرت الضيّقة. يا لهذا الأستاذ السافل، أفكّر. أخرجُ من مكتبه، أطبش الباب ولا أنظر ورائي. لا أشكوه إلى إدارة الجامعة. طبعاً لا أشكوه. (في المناسبة، نجحتُ في المادة بلا جميلتو. في المناسبة أيضاً، لم أكمل دراسة الطب، لحسن حظي وحظ مرضى هذه البلاد).
شبهة حواء
هذه عينة صغيرة جداً جداً من سلسلة تحرّشات ذكورية تعرّضتُ لها في حياتي، منذ الطفولة حتى اليوم. تلك التي رويتها في ما سبق ليست فقط نقطة في بحر، بل هي ليست الأسوأ بين ما شهدت وعشت. هل أنا استثناء؟ أجزم بكل ثقة أن لا. صدقاً، لم أعرف امرأة واحدة لم تواجه شكلاً ما، في أقل تقدير، من أشكال هذه الانتهاكات وتدرجّاتها، أكان ذلك في حياتها الشخصية أو العملية، مهما كانت بيئتها، أو عمرها، أو شكلها، أو دينها، أو مركزها، وهلمّ.
هذه عينة صغيرة جداً جداً من سلسلة تحرّشات ذكورية تعرّضتُ لها في حياتي، منذ الطفولة حتى اليوم.
قد تكون الانتهاكات المذكورة أكثر رعباً وإجراماً، كالاغتصاب، أو أقل خطورة ومفعولاً، كـ"التلطيشات" وعبارات الغزل البذيئة والمعلوكة، لكنها في كل أحوالها، هذه المضايقات والاعتداءات، تحفر لنفسها مكاناً خاصاً في ذاكرتنا الفردية والجماعية، نحن النساء. هي تتكدّس في زاوية ناتئة، جاهزة للظهور وتعذيبنا من جديد عند أقلّ فرصة، وتظلّ، مهما اشتغلنا على أنفسنا أو خضعنا للعلاج، مجبولة بالغثيان عموماً، وبالإحساس بالعار والذنب خصوصاً. بالعار والذنب، نعم، كما لو أن الحق علينا، كما لو أننا نحن اللواتي تسبّبنا ونتسبّب بالفظاعات التي تحدث لنا. أليس هكذا تتربّى غالبيتنا؟ على فكرة أننا آثمات سلفاً؟ أننا أصل البلاء والخطيئة؟
لأجل ذلك، ونتيجة شبهة أسطورة حواء الملصقة بنا، وتلك السقطة المشؤومة التي صارت استعارة لجندرنا، نادراً ما نشتكي، أو نحتجّ، أو نردّ، أو نصدّ. أصلاً، ما نفع أن نشتكي، ونحن، إذا ما تجرأنا وبحنا بما حصل لأحد من محيطنا، فسنسمع على الأغلب عبارات من مثل: "كبّري عقلك" و"طوّلي بالك" و"ما بدّا هلقد" أو "ما بتحرز". أو الأنكى منها: "شو كنتي لابسة؟ شو قلتي؟ شو عملتي؟"، وهكذا دواليك، ولكن، هل حقاً "ما بتحرز"؟
استراتيجية القوقعة
كبرتُ في حيّ بيروتي شعبي، تشكّل فيه المعاكسات جزءاً من نسيج الشارع الطبيعي. علّمتني أمّي، بالمثل لا بالكلام، أنّ أفضل طريقة للتعامل مع التحرّش اللفظي والصفير والنظرات الملحّة والزمامير وسواها من تعبيرات الوقاحة الذكورية، هي تجاهلها تماماً. هكذا كانت تفعل هي، وكثيراً ما كانت تتعرّض لمثل هذه الأمور كلما خرجنا. جمالها وجاذبيتها الاستثنائيان كانا يستقطبان الأنظار – والتعليقات – إليها، أينما حلّت. لكنها كانت دائماً لا تلتفت، دائماً لا تجاوب، دائماً لا تُظهر أي انفعال. قد يكون هذا الدرس الوحيد المتعلّق بالتعامل مع الجنس الآخر الذي علّمتني إياه الوالدة، وقد ظللتُ أطبّق هذا الدرس طوال عقود، حتى صرتُ أتجاهل، في جملة ما أتجاهل، أصدقاء يلمحونني في الطريق من بعيد، فينادونني ولا أردّ، ثم يعاتبونني لاحقاً على إغفالي لهم، لكنّه لم يكن إغفالاً حقاً، بل رد فعل أصبح لديّ طبيعة ثانية: عندما أمشي في مكان عام أنغلق على نفسي كالقوقعة، وأرفض أن أسمع أو أرى شيئاً. حتى مشيتي تكون سريعة، لا بل صاروخية، فأنا لا أتهادى على غرار غالبية النساء، ولا أستطيع أن أتهادى حتى لو قصدت، بل أسير بإيقاع السهم إلى المرمى، أي كمَن يذهب بتصميم نحو هدف محدّد. كل هذا لكي أتفادى المتطفلين المحتملين.
قد تكون الانتهاكات الجنسية أكثر رعباً وإجراماً، كالاغتصاب، أو أقل خطورة ومفعولاً، كـ"التلطيشات" وعبارات الغزل البذيئة والمعلوكة، لكنها في كل أحوالها، تحفر لنفسها مكاناً خاصاً في ذاكرتنا الفردية والجماعية، نحن النساء
كفى نديره، هذا الخد الأيسر
ظللتُ على هذه السجية حتى بضع سنوات خلت. آنذاك، لسببٍ ما ليس جلياً لي بعد، طفح كيلي، وبتُّ أفعل نقيض ذلك تماماً. فإذا ما همس أحدهم كلمة سوقية لدى مروري به، أقف في أرضي وأنظر في عينيه وأبادره بعدائية: "ماذا قلت؟!". إذا ما نظر أحدهم إليّ أو حدّق في أعضاء جسدي بإلحاح مزعج، أحدّق فيه بدوري بإصرار، ولا أكفّ حتى يخفض نظرته. والحق أن هذا التكتيك الهجومي منحني متعة وسروراً لم أكن أتوقّعهما، فالصدمة التي أرصدها لدى المتحرّش بسبب عنصر المفاجأة وعدم ترقّبه ردّ فعل مماثلاً مني، وأحياناً التلعثم في جوابه أو الخوف في عينيه، هي بمثابة انتقام يكاد يكون مثالياً (أما الانتقام المثالي حقاً، فهو أن تتضافر هذه القدرة الفردية على المواجهة، مع نظام قانوني عام يتيح لنا رفع شكوى والاقتصاص من المرتكب، بدلاً من الاستخفاف بنا أو عدم تصديقنا كما يحصل غالباً الآن).
من دون مبالغة، كنتُ أشعر في بعض الأيام والظروف أني بطلة خارقة، مهمتها ردع المتحرّشين وتلقينهم درساً لن ينسوه: درس قد يدفعهم إلى التفكير مرتين قبل فعل الأمر نفسه مع أخريات.
طبعاً، ليست لديّ أوهام حول سذاجة هذا التفكير، لكنه، في ساعته، مُرْضٍ للغاية: تشفٍّ من سنوات تراكمت فيها مفاعيل السكوت والغيظ و"التطنيش" الإجبارية. طبعاً أيضاً، وطبعاً خصوصاً، أعرف تمام المعرفة أن اعتماد سلوك مماثل قد يؤدي في بعض المواقف إلى مشاكل لا تحمد عقباها، إذا كان الشخص الذي نواجهه ذا طبع عنيف، وهذا ما لا يمكن تخمينه سلفاً. لكني لطالما كنتُ مقتنعة في قرارة نفسي، بأن المتحرّش جبانٌ حكماً، وبأني تالياً لا أخاطر بالكثير إذ أواجه. وحتى إذا كنتُ أخاطر، فالنتيجة تستحق المجازفة المُفْضِية إليها. بربّكنّ، ألم نشبع تعالياً وتجاهلاً وغضّاً للطرف وإدارة للخد الأيسر؟
"إنْ هو مارس الجنس بكثرة، فهو فحل. إنْ هي مارسته، فهي عاهرة"
ليست مديحاً
لماذا يتحرّش غالبية الرجال بالنساء، نظراً أو حكياً أو غمزاً أو لمساً أو قَرْصاً أو تقبيلاً أو تلصّصاً أو تعرّياً أو، في الحالات المتطرفة، ابتزازاً أو اعتداءً جنسياً؟ ما الذي يجعلهم يشعرون أنهم يملكون ذلك الحق "البديهي"، أكاد أقول "الرباني"، في انتهاك مساحاتنا وأجسادنا وآذاننا وعيوننا وذاكراتنا وخصوصياتنا وأحوالنا النفسية؟ هل هي الغريزة البيولوجية، أم التربية المنزلية، أم المنظومة الاجتماعية، أم ليونتنا وتسامحنا حيال الأمر، أم إدراكهم لسهولة إفلاتهم من أي عقاب؟ لا أعرف.
قد تكون كل الأسباب الآنفة مجتمعة ومتضافرة معاً وفي آن واحد. لكنّ الذي أعرفه بالتأكيد أننا، ما عدا بعض الاستثناءات من اللواتي هنّ مقتنعات بأن التحرّش شكل من أشكال المديح، نتيجة غسل أدمغتهنّ (وهنّ ضحايا النظام البطريركي)، أو اللواتي قد يكنّ مستميتات في سبيل أي علامة اهتمام، مهما كانت هذه العلامة تطفلية أو مزعجة أو حتى عنيفة (وهؤلاء النساء أيضاً ضحايا النظام نفسه)، ما أعرفه يقيناً، أقول، إننا نتضايق للغاية، ونغضب للغاية، ونتأذّى للغاية، ونُهان للغاية، من هذه السلوكيات، حتى تلك التي يعتبرها هذا النوع من الرجال "بريئة".
توضيح ضروري هنا: لا أعمّم. لا أقول إن كل الرجال "هكذا"، ولا أيضاً أقول إنه ممنوع على الرجال أن ينظروا إلى النساء أو يمدحوهنّ، وأن كل نظرة أو مديح هما حكماً فعل تحرّش. قطعاً لا. الفرق، كل الفرق، يكمن في الأسلوب والإيحاءات التي ترافقه. فقد عرفتُ في حياتي رجالاً في غاية النبل واللياقة والسمو، نظراتهم وكلماتهم كالنسيم على زهرة. يرنون نعم، وحتى يتفوّهون بعبارات الإطراء والغزل، لكنهم يفعلون ذلك باحترام وتهذيب ودماثة تُشعِر المنظور إليها أو المتغزَّل بها بأنها مكرَّمة ومقدَّرة، لا مهانة ومحتقَرة.
عودةٌ إلى الأوغاد: هل يتوقّف الأمر على اللواتي يرتدين ملابس مثيرة؟ يعني، هل "العلّة فينا"؟ أحسب أنكم وأنكنّ تعرفون الجواب جيداً: المتحرّش سيتحرّش حتى لو كانت المرأة ملتحفة بـ"كيس جنفيص". الحقير حقيرٌ، والجائع جائعٌ، والحيوان حيوانٌ يا عزيزتي، أكنتِ بالمايوه أو بالعباءة، بتنورة قصيرة ضيّقة أو بفستان طويل فضفاض، بشعر منسدل أو محجّبة، بوجهٍ سافر أو منقّبة. فالبسي ما ترغبين في لبسه، لا ما يفرضه عليكِ هذا المجتمع الأبوي ومعاييره المعوجة. العلّة في الناظر إليكِ، لا في جسمكِ. فيه، لا في شعركِ. فيه، لا في وجهكِ وشفتيكِ ورقبتكِ وساقيكِ... الخ.
توضيح ضروري هنا: لا أعمّم. لا أقول إن كل الرجال "هكذا"، ولا أيضاً أقول إنه ممنوع على الرجال أن ينظروا إلى النساء أو يمدحوهنّ، وأن كل نظرة أو مديح هما حكماً فعل تحرّش
ثروتنا الرخيصة
مناسبة هذه التأمّلات اليوم، حادثة من نوع مشابه عشتُها مؤخراً، وإن ليس في الشارع، بل على وسائل التواصل الاجتماعي. فمن هدايا عصر التكنولوجيا المفخّخة إلينا، في الأعوام العشرين الأخيرة، تحرّشٌ من نوع جديد، لا يقلّ إزعاجاً عن شقيقه الأكبر التقليدي، هو التحرّش (ومعه التنمّر) الإلكتروني (لن أسمّيه افتراضياً لأنه واقعي جداً). ولد هذا النوع من التحرّش مع الـ MSN مسنجر في أوائل القرن الحادي والعشرين، ثم انتقل إلى فيسبوك، ومنه تفشّت عدواه إلى كل المنصّات التي ظهرت لاحقاً. لكني لا أريد هنا الحديث عن المضايقات بذاتها- أي التعليقات والرسائل والإيموجي وعروضات الجنس والجُمَل الجاهزة التي تثير الشفقة لفرط ما هي كليشيهات- بل عن أحد منتجاتها الجانبية، ألا وهو... النفاق.
لماذا يتحرّش غالبية الرجال بالنساء، نظراً أو حكياً أو غمزاً أو لمساً أو قَرْصاً أو تقبيلاً أو تلصّصاً أو تعرّياً أو ابتزازاً أو اعتداءً جنسياً؟ ما الذي يجعلهم يشعرون أنهم يملكون ذلك الحق "البديهي"، في انتهاك مساحاتنا وأجسادنا وآذاننا وعيوننا وذاكراتنا وخصوصياتنا وأحوالنا النفسية؟
النفاق، نعم، ولدينا منه، نحن العرب، كميات يمكن أن تجعله من صادراتنا الرئيسية لو كان عليه طلب من بلدان العالم، كالبترول والغاز، لكنه، وأسفاه، ثروتنا الرخيصة. أما الحادثة المذكورة، فتبدأ مع فيديو قديم لي أتحدّث فيه عن المعايير المزدوجة في العالم العربي في ما يتعلق بالجنس، وفيه أقول فيما أقول: "إنْ هو مارس الجنس بكثرة، فهو فحل. إنْ هي مارسته، فهي عاهرة". يعود هذا الفيديو إلى سنة 2019، لكنه رجع إلى السطح بعدما علّق عليه أحدهم مؤخراً، ما جعله، بسبب إعدادات فيسبوك وطبيعة برمجياته، ظاهراً من جديد للجميع.
فجأة، عادت وانهالت عليه التعليقات من كل حدب وصوب. أقول تعليقات، والأحرى بي أن أقول شتائم ومسبّات وإهانات، تستهدفني أنا خصوصاً، والنسويات عموماً. إلى الآن، لا مشكلة البتة، فأنا متدرّبة منذ زمن طويل على هذه الأمور، وتحديداً على احتقارها وازدرائها وعدم إعطائها أي اهتمام، لأن الردّ عليها هدرٌ للوقت والطاقة، وحرقٌ لخلايا الدماغ وأدوات اللغة، على ما ومَن لا يستحق. كيف يستحقّ وهو، النذل، يتخفّى وراء شاشة، وغالباً أيضاً وراء اسم مستعار، أي لا يمكنني أن أجني من الأمر متعة المواجهة الحقيقية التي أجنيها في الشارع؟
"تفو عليكي وبدي ياكي"
لا مشكلة في التعليقات المتخلّفة إذاً، فلا يهمني إقناع العالم بوجهة نظري. يهمّني حقي في قولها وتطبيقها فقط، ولينعم كلٌّ بظلمته. لكنّ مراجعة سريعة لعلبة الرسائل هي التي جعلت من الموضوع قصّة طريفة جديرة بأن تُروى. إذ هناك وجدتُ أن هذا الذي "صرخ" في ساحات فيسبوك أني من "أسباب الخراب في هذه المنطقة"، يرجوني سرّاً لكي يكون "خادماً تحت قدميّ"، وهناك اكتشفتُ أن ذاك الذي أكّد أننا نحن النسويات "عاهرات، كافرات، ذاهبات إلى الجحيم"، يصفني في الخاص بأني "إلهته"، وبينهما عشرات الخطابات المماثلة الطافحة بالغزل والمديح والتماسات التعارف، والتي يتناقض مضمونها مئة وثمانين درجة مع ما كان قد أعلنه أصحابها على الملأ: "تفو عليكي" في الكومنتس، و"بدي ياكي" في الإنبوكس. "انشالله تموتي" هناك، و"بليز فينا نتعرّف؟" هنا. إذا لم يكن هذا نفاقاً وجبناً، فلا أعرف ما النفاق والجبن.
ما المطلوب فعله لكي يفهم الرجال مثلاً أن التلطيش ليس مديحاً، والصفير ليس غزلاً، والكلام البذيء ليس تقريظاً، والتحديق الطويل، الدبق ليس تودّداً؟
لم أعد أسأل نفسي: "لماذا هذا الانفصام؟"، فأسبابه (أشدّد: أسبابه، لا مبرّراته وأعذاره، إذ لا مبرّرات ولا أعذار) معروفة: كبتٌ ومراهقة جنسيان، وغسيل دماغ ديني، وفقر ثقافي وأخلاقي وتوعوي، وخيبات سياسية واقتصادية واجتماعية، وتربية تقنع الذكر منذ طراوة عوده بأنه إمبراطور ويحق له كل شيء، وبأنه الصياد ونحن الطرائد. كل هذا يشوّه حكماً النظرة إلى الحياة عموماً، والمرأة خصوصاً، ويرسّخ مقاييس النظام البطريركي وأدواته وتجلياته وطروحاته: المرأة "بضاعة"، وتحديداً بضاعة "سائبة". لا يمكن أن نجهر بما نضمر. يجب أن نقاصص أنفسنا هنا لكي نكافَأ "هناك" (يا حرام على هذا المتكّل على الـ"هناك")؛ الحرية خلاعة، والاختلاف شذوذ، والجنس قبل الزواج زنى وانفلات، وسواها من الأحكام الممسوخة التي لا تجعل حياة المرأة بائسة فحسب، بل تسمّم حياة الرجل أيضاً وتعذّبه و"تشرشحه"، بينما يتوهّم، المسكين، أنه هو البطل وصاحب القرار.
لعاب العينين
لا أزعم أن الأمراض التي عددتها آنفاً حكر علينا نحن العرب. أعلم تمام العلم أن النفاق موجود في العالم كله، ومثله الذكورية، والسلوكيات المنحطة، كالتحرّش والاعتداء والاغتصاب والهوموفوبيا. لكنّ الفرق بيننا وبينهم، وإن من دون تعميم، أننا طبّعنا مع هذه الأمراض حتى صارت هي العرف، والفطرة، والعادة، و"الصحّ"، فلا نكاد نستغربها، ولا نستهجنها، ولا نستحي بها، ولا نقاومها، وأيضاً وخصوصاً- وهنا تكمن الخطورة العظمى- لا نعاقب عليها إلا في ما ندر.
لا أسأل لماذا إذن، لكني لا أستطيع أن أمنع نفسي من أن أسأل: حتّام؟ وتحديداً: ما المطلوب فعله لكي تخرج مجتمعاتنا من هذه الحلقة المفرغة والتافهة والمسمومة والمؤذية، ولكي يفهم الرجال مثلاً أن التلطيش ليس مديحاً، والصفير ليس غزلاً، والكلام البذيء ليس تقريظاً، والتحديق الطويل، الدبق - الذي أشبّهه بـ"سيلان لعاب العينين" - ليس تودّداً؟ كيف نجعلهم يدركون أن هذه التحرّشات غير مستلطَفة، ولا محبَّذة، ولا مرحّب بها، بل إنها شكل من أشكال الاعتداء علينا وعلى كراماتنا؟ وأيضاً وفي الدرجة الأولى: كيف نجعلهم يستوعبون أننا لسنا "بضاعة سائبة"، وأن أجسادنا ليست موضوعة في تصرّفهم، يتحكّمون بها على هوى شهواتهم وألسنتهم وأيديهم وقضبانهم؟
الأميرة النائمة والمتحرّش الذي أيقظها بقبلة
المطلوب أمور كثيرة، بالطبع. وبعضها، هذه الأمور، خارج على سيطرتنا كأفراد، لأنه مرتبط بعوامل جيو-سياسية وسوسيو-دينية لا نستطيع التحكّم بها، أو أقلّه، ليس بعد. لكني سأورد في ما يلي ثلاثة حلول/اقتراحات تقع من دون شك في نطاق قدرتنا، ويمكنها، في رأيي، أن تغيّر الكثير:
أولاً: كنتُ ذكرتُ في بداية هذا المقال أن لا شيء، إبّان نشأتي، حضّرني لحادثة التحرّش الأولى التي تعرّضتُ لها. وبينما قد أتفهم أن جيل والديّ لم يكن مجهّزاً، لا نفسياً ولا ثقافياً، لمناقشة مثل هذه الأمور مع أولاده، يروّعني جداً ويغضبني للغاية، ويؤلمني إلى أقصى الحدود، أن الكثير من الأهل حتى اليوم، في زمن الانفتاح المتزايد هذا، حيث تكاثرت الفخاخ المرعبة التي يمكن أن يقع فيها الصغار، ما زالوا يتفادون إثارة هذه المواضيع مع أطفالهم، إما خجلاً أو جهلاً أو لامبالاة أو استهتاراً أو توهّماً أن "لا حاجة لذلك".
من غير المسموح، لا بل إنه لتواطؤ في الجريمة، ألا يقول الأب، أو الأم، أو الاثنان معاً، لبناتهم وأبنائهم، في سنّ مبكرة: "في هذا العالم كواسر متوحّشون يتربّصون بكم، وهم موجودون حتى في الأماكن التي يُفترض بها أن تكون آمنة، كالمدرسة أو العائلة أو محيط الأصدقاء. هؤلاء قد يحاولون الاستفراد بكم وإيذاءكم. قد يمّدون أيديهم الوسخة إلى أجسادكم. قد يجربون أن يفعلوا بها أموراً خاطئة ومرفوضة وليست من حقّهم. قولوا لهم لا، ولا تخافوا. أخبرونا على الفور إذا ما حصل ذلك، ولا تخافوا. سوف نصدّقكم، ونحميكم، ونعاقب المسؤول. واعرفوا أنه مهما حصل، الغلطة ليست غلطتكم، ولا الذنب ذنبكم".
أليست هذه التحذيرات أكثر جدوى، وضرورة، من قصص الأميرة النائمة وبيضاء الثلج وبيتر الأرنب وشبيهاتها؟ أليس من الملحّ أن نخبر أطفالنا أن الأمير الجميل قد يكون مغتصباً، والأقزام السبعة قد يكونون متحرّشين، والأرنب متلصصاً؟ يخاف بعض الأهل من مفعول هذه التحذيرات، متحجّجين بأنه من شأنها أن تزرع خوفاً لا لزوم له في قلوب أطفالهم، لكنهم لا يتردّدون، في المقابل، في سرد قصة "هانسيل وغريتل" عليهم مثلاً، حيث ساحرة تسمّن طفلين لكي تأكلهما! ولا قصة "ذات الرداء الأحمر"، حيث ذئب يلتهم الجدّة! ولا قصة "عقلة الإصبع"، حيث يتخلّى أهل عن أولادهم في الغابة! بين الرعب الخيالي الذي تبثّه هذه القصص، والرعب الواقعي الكامن في الحياة الحقيقية، أيهما أكثر فائدة؟
هل نطمح إلى عالم أكثر يحمينا فيه القانون ويضمن لنا كل حقوقنا؟ طبعاً. هل نعمل بكل ما أوتينا من طاقات وأدوات على تحقيقه؟ بالتأكيد. ولكن، إلى أن يتحقق، هذا العالم المَحْلوم، لن نسكت، نحن النسويات، بل سنفضح. لن نذعن، بل سنواجه. لن نسامح، بل سنردّ الصاع صاعين
"أنا كمان"
ثانياً: وهي نقطة مرتبطة بالأولى، لأننا مثلما نتربّى صغاراً، سنكون كباراً، والصغار ما زالوا يتربّون للأسف على فكرة العيب، وعلى مفهومٍ ملتوٍ لمعنيَيْ العار والشرف، وعلى الإخفاء والتستّر والسكوت، وكنس كل الوسخ تحت السجادة. تالياً، من غير المفاجئ أن تتردّد الفتاة او المرأة المتحرَّش بها في فضح المتحرِّش. فهي، في أحسن الأحوال، ستجني بعضاً من الشفقة، أو النذر القليل من التعاطف، وفي أسوأها، ستواجه التشكيك في صدق كلامها أو في سلوكياتها (أحياناً حتى من جانب المتعاطفين، وغالباً، وهذا الأكثر قسوة، من جانب أهلها وعائلتها)، بالإضافة إلى إرهاب "الجرصة" والفضيحة وكلام الناس ووو... الذي لم تتحرّر منه الغالبية حتى الآن. كيف لا، ومجتمعنا متفوّق في لوم الضحية وتكذيب الناجية وتعييرها بأنها لا بدّ ساقطة، أي أنها جنت ما كانت تسعى إليه؟
عندما انطلقت حركة Me Too في الولايات المتحدة وانتشرت منها إلى العالم، كانت هناك بعض المحاولات الخجولة في غير بلد عربي لحذو حذوها، تحت وسم #أنا_كمان، لكنها لم تحصد الرواج والمفعول اللذين حققتهما الحركة الأصلية، تحديداً بسبب المحرّمات السائدة في العالم العربي، وتلكؤ أنظمته القانونية في محاسبة المرتكبين. ولكن، ما ينبغي أن تفهمه كل امرأة هو أن فضح المتحرّشين والمعتدين واجب إنساني (طبعاً شرط ألا يتمّ الأمر على حساب صحتها النفسية)، ليس فقط لأنه يشجّع الأخريات على النهوض والفضح بدورهنّ، ولكن أيضاً لأنه قد يشكّل رادعاً للمتحرّشين في بعض الحالات.
لقد شهدتُ بأمّ عينيّ كيف تغيّر سلوك غالبية الرجال حيال النساء في الدول التي حققت فيها Me Too حضوراً ومفعولاً. لأجل ذلك، أكنّ الكثير من الاعجاب والاحترام للنساء العربيات اللواتي يخرجن إلى العلن بتجارب مماثلة تعرّضن لها، وقد رأينا عدداً لا بأس به منهنّ على السوشال ميديا مؤخّراً، على الرغم من التنمّر الذي يواجهنه جرّاء ما يكشفنه ومَن يفضحنه، وتهم "الاختراع" و"الافتراء" و"لفت الأنظار" و"الفجور" التي تلصق بهنّ. هؤلاء لسن ضحايا في نظري، بل بطلات شجاعات بكل ما في الكلمة من معنى.
نعم، نحن النسويات "الذاهبات إلى جهنم"، لن نذهب إليها وحدنا. ثقوا أننا سنصطحب معنا كل متحرّش ومغتصب ومعتدٍ وذكوري وخسيس.
ركلة في الخصيتين
ثالثاً وأخيراً: لماذا لا نمنح فتياتنا (وفتياننا أيضاً، فهم معرّضون للفظاعات نفسها في صغرهم) مناعة، ليست فقط معنوية كتلك التي شرحتُها في النقطة الأولى، بل أيضاً جسدية؟ أعني، لم لا نعطيهن فرصة حماية أنفسهم، عبر تدريبهن منذ الطفولة على أحد الفنون القتالية؟ في رأيي يجب أن تكون هذه الصفوف إلزامية لا اختيارية، وجزءاً لا يتجزّأ من المنهاج الدراسي الرسمي، كاللغات والرياضيات والعلوم، وهذا قرار سهل من وزارات التربية. ما زلت أذكر كم كانت حصّة الرياضة الأسبوعية في المدرسة رتيبة ومملّة (وأحياناً، ما يتناسب تماماً مع موضوع هذا المقال، محض فرصة لكي يتفرّج أستاذ الرياضة على نهودنا، إذ كان يطلب منّا أن نقفز في أرضنا بلا هدف). طيّب، لم لا تكون هذه الحصّة، الموجودة في كل المدارس، مخصّصة لتعليم البنات والصبيان الكاراتيه أو الجودو أو المصارعة، أو أي فن من فنون الدفاع عن النفس؟ لا أزعم أن هذه التمارين ستحمينا حكماً في كل الظروف، لكنّها أفضل (بكثير) من لا شيء. أحياناً لا يتطلب الأمر أكثر من ركلة في الخصيتين لكي ننجو، أليس كذلك؟ ثم إن أهم ما يقدّمه هذا النوع من التهيئة الجسدية في رأيي، هو الثقة بالنفس التي يرسّخها فينا، والشعور بأننا لسنا لقمة سائغة، بل على العكس أننا ممكّنات وممكنّون، قادرات وقادرون، والثقة والتمكين هما اللذان يعطياننا القدرة على المواجهة والمقاومة، فضلاً عن تحفيز سرعة تفاعلنا مع الموقف.
النقطة الأخيرة مهمّة لأن ناجيات كثيرات يقلن أنهنّ تجمّدن وشعرن بالخدر والتنميل والشلل من شدّة الخوف، وفقدن حتى القدرة على الصراخ وطلب النجدة نتيجة التروما.
كونوا جاهزين
ختاماً، مما لا شك فيه أننا نعيش في عالم خطير، مبتذل، ومؤذ، بعض ناسه بشر أوادم ولائقون، وبعضهم الآخر أوباش مجرمون وخاسئون. هل نطمح إلى عالم أكثر رقياً وعدلاً ومساواةً وأماناً وإنسانيةً للجميع، يحمينا فيه القانون ويضمن لنا كل حقوقنا؟ طبعاً. هل نعمل بكل ما أوتينا من طاقات وأدوات على تحقيقه؟ بالتأكيد. ولكن، إلى أن يتحقق، هذا العالم المَحْلوم، لن نسكت، نحن النسويات، بل سنفضح. لن نذعن، بل سنواجه. لن نسامح، بل سنردّ الصاع صاعين. نعم، نحن، "الذاهبات إلى جهنم"، لن نذهب إليها وحدنا. ثقوا أننا سنصطحب معنا كل متحرّش ومغتصب ومعتدٍ وذكوري وخسيس.
أنتم الذين تنعركم هذه المسلّة: حضّروا حالكم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه