شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
وقف ابتعاث الكويتيين لمصر والأردن في التخصصات الطبية… لماذا يثير اتهامات بالفساد والعنصرية؟

وقف ابتعاث الكويتيين لمصر والأردن في التخصصات الطبية… لماذا يثير اتهامات بالفساد والعنصرية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن وحرية التعبير

السبت 10 يونيو 202303:28 م

جدلاً واسعاً أثاره قرار وزير التربية وزير التعليم العالي في الكويت، د. حمد العدواني، وقف الابتعاث الحكومي للتخصصات الطبية في كل من مصر والأردن، اعتباراً من العام الدراسي 2023/ 2024، بذريعة "ضبط جودة التعليم واستمرار الجهود الوزارية الرامية لضمان صحة وسلامة الشهادات العلمية، والتعليم الجيد".

القرار الذي قالت صحف محلية إنه استند إلى "تقارير أكاديمية متخصصة قيّمت جودة التعليم في هذه الجامعات للطلبة الكويتيين تحديداً"، يشمل التخصصات الطبية الأربعة:.طب بشري، وطب أسنان، ودكتور صيدلة، والصيدلة، والتي يرى كويتيون أن بلدهم يعاني فقراً في كوادرها من ناحية، وعدم كفاية في المقاعد المخصصة لدارسيها في جامعة الكويت وفي الابتعاث في الغرب من ناحية أخرى.

وبيّنت الصحف المحلية أن القرار لا يعني سحب الاعتماد وإنما فقط "وقف الإيفاد المباشر وبعثات أبناء الدبلوماسيين وضم البعثة، ونقل مقر البعثة" إلى البلدين. ونوّهت جريدة القبس الكويتية، نقلاً عما وصفتها "مصادر مطلعة"، بأن "لا يشمل الراغبين في دراسة هذه التخصصات على نفقتهم الخاصة".

أحدث القرار سجالاً واسع النطاق بين مؤيدين ومعارضين له على الصعيدين السياسي والأكاديمي وفق ما أظهرته المواقع الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي في البلاد. دافع الداعمون للقرار عما وصفوه بـ"إعادة توجيه الإنفاق الحكومي لجامعات أفضل" وتشكك منتقدون من أن القرار "شعبوي" هدفه "إرضاء أصحاب خطاب الكراهية والفوقية".

"تنفيع الجامعات الخاصة على حساب طموحات الطلبة الكويتيين"... قرار وزارة #التعليم_العالي في #الكويت وقف الابتعاث بالتخصصات الطبية في #مصر و#الأردن يثير جدلاً واتهامات بالفساد والعنصرية والعشوائية. لماذا؟  

"قرار مدروس يصب في مصلحة جودة التعليم"

على الجانب المؤيد للقرار، كان النائب في مجلس الأمة الكويتي حمد العليان الذي اعتبر  "كمختص في ملف التعليم، وبعد الفحص والبحث وعدم التعجل والاستعجال وبحثاً عن الحقيقة الكاملة والمصلحة العامة" أن قرار إيقاف الابتعاث للتخصصات الطبية في مصر والأردن "قرار مدروس يصب في مصلحة جودة التعليم".

قالت عضوة هيئة التدريس في جامعة الكويت، د. إسراء العيسى، إن القرار يأتي في سياق "وقف هدر موارد الدولة لأهم استثماراتها... جودة التعليم"، مؤكدةً "القرار مبني على زيارات لوفود ميدانية متخصصة ولجان تقيس جودة مخرجات هذه الجامعات".

وتابعت: "تعاني الكويت من ارتفاع الإنفاق على التعليم المقترن بضعف المخرجات. وهذا مثبت في تقارير التنافسية العالمية. ومن أهم الخطوات (لمعالجة ذلك) الحوكمة - توجيه الإنفاق لمخرجات تعليمية أفضل، سواء كان ذلك في التعليم العام أو الخاص أو العالي أو الابتعاث الداخلي أو الخارجي"، مشددةً على أن "توجيه الإنفاق أهم من حجم الإنفاق، وتوجيهه نحو جامعات أفضل خطوة جيدة".

اتفق معها المحامي عبد الحميد المضاحكة الذي وصف القرار بأنه "خطوة في الاتجاه الصحيح"، مضيفاً "مع الاحترام والتقدير، نريد أن يحظى أبناؤنا بالتعليم في أفضل الجامعات في العالم المتطور. أرجو ألا تتراجع الوزارة عن هذا القرار".

د. سليمان الخضاري: "يُفهم من القرار أن هذه الجامعات سيئة، لماذا تسمح إذاً بدراسة الكويتيين فيها على حسابهم الخاص؟ لماذا لم تسحب الاعتماد الأكاديمي لها؟ ولماذا تستقدم خريجيها لدعم قطاعك الصحي؟" #التعليم_العالي #الكويت

"تنفيع التجار" وهدم مستقبل "أبناء الفقراء"؟

في المقابل، عارض ما لا يقل عن 12 نائباً في مجلس الأمة الكويتي القرار. ودعوا الوزير العدواني إلى سحبه والتراجع عنه فوراً. وفي مقدمتهم النائب متعب الرثعان العنزي الذي حذّر  الوزير من أن "الثمن سيكون غالياً" في حالة عدم الرجوع عن هذا القرار، مشدداً "وزارة التعليم العالي تعاني من عقليات سقيمة وفكر رجعي، يزعجهم ويخيفهم تعلم ودراسة أبناء الكويت".

بدوره، شكّك النائب بدر سيار الشمري في تزامن القرار مع "فتح جامعة طبية خاصة في البلاد رغم الملاحظات الواردة عليها". وتعجّب: "هل تنفيع التجار أهم من مستقبل أبنائنا الطلبة، خاصة مع الحاجة الماسة للكوادر الطبية في سوق العمل؟". وقال النائب محمد هايف المطيري إن القرار "متخبط ويضر بالتعليم والمتعلمين ويخالف ما اعتمده جهاز الاعتماد الأكاديمي في الكويت لهذه التخصصات في العام الماضي".

وأظهر عدد من الأكاديميين والشخصيات العامة معارضةً للقرار الذي رأوا فيه "هدماً لمستقبل آلاف الطلبة" تحديداً "لكي لا يصير أبناء الفقراء أطباء"، مشددين على أن خريجي المدارس الحكومية من غير القادرين على الابتعاث على نفقتهم الخاصة هم الأكثر تضرراً من القرار.

من أصحاب هذا الرأي د. سليمان الخضاري، رئيس قسم الطب النفسي في كلية الطب في جامعة الكويت، الذي نشر مجموعة تغريدات ومقاطع مصورة نشرها عبر حسابه الموثق في تويتر وصف خلالها القرار بأنه "خاطئ جداً".

"توجيه الإنفاق أهم من حجم الإنفاق، وتوجيهه نحو جامعات أفضل خطوة جيدة" vs "قرار متخبط كشف الغطاء عن ضحالة وضعف هذه المؤسسة المحورية في الدولة"... سجال حاد حول وقف ابتعاث الطلاب الكويتيين إلى مصر والأردن في التخصصات الطبية

من أوجه عوار القرار في رأي د. سليمان، أنه "شعبوي" ويأتي متزامناً مع ارتفاع نبرة خطاب الكراهية والشعور بالفوقية ضد مواطني بعض البلدان والأفكار المغلوطة عن مستوى جامعاتها ومنها مصر، معتبراً أن دعم بعض النواب لهذا القرار نابع من رغبتهم في إرضاء ناخبيهم "حتى لو على حساب جودة التعليم والنظام الصحي وصحة البشر".

ورأى الأكاديمي الكويتي أن حالة "التكتم الشديد" حول القرار حتى إعلانه، وسرعة اتخاذه (في غضون شهرين)، تُثيران الريبة، منتقداً أن القرار ساوى بين جميع الجامعات في مصر والأردن من حيث الحكم بعدم جودتها على الرغم من أن بعض الجامعات في البلدين أفضل في التصنيفات العالمية للجامعات من جامعة الكويت.

واستدرك: "كنت تقدر تحط اشتراطات للقبول. سوّي اتفاقات مع الجامعات"، عبراً عن دهشته من أنه "يُفهم من القرار أن هذه الجامعات سيئة، لماذا تسمح بدراسة الكويتيين فيها على حسابهم الخاص؟ لماذا لم تسحب الاعتماد الأكاديمي لها؟ ولماذا تستقدم خريجيها لدعم قطاعك الصحي؟ إذا كنت غير مقتنع بالمستوى التعليمي لها، وهدفك تطوير العملية التعليمية!".

جادل د. سليمان من يعتبرون القرار أحد خطوات إعادة توجيه الإنفاق الحكومي للأفضل، قائلاً: "توجيه الإنفاق لجامعات أفضل أمر لا غبار عليه بشرط وجود هذا الخيار حالياً. وباعتبار عدم وجوده، وهو الواقع نظراً لمحدودية المقاعد التي استطاعت الكويت توفيرها وكونها ‘شبه محجوزة‘ لمخرجات ‘بعض‘ المدارس ‘الخاصة‘ من العباقرة الحاصلين على 100% وهم بالعشرات ومرشحون للزيادة، فإن وقف الإنفاق على التعليم الطبي في بعض الجامعات المصرية والأردنية مع إمكانية مناقشة تحسين شروط القبول والابتعاث وشؤون طلبتنا عندهم هو أمر خاطئ... أوجد المقاعد والبدائل ثم وجه الإنفاق إليها. غير ذلك هو وضع العربة قبل الحصان".

وانتقد أستاذ التاريخ في جامعة الكويت، د. عبد الهادي العجمي "منع وتعطيل تطوير الكليات الطبية في جامعة الكويت ومن ثم رفع نسب قبول الطلبة في الكليات الطبية وتعجيزهم ومن ثم اليوم قرار منع الابتعاث في التخصصات الطبية، وفي ذات الوقت فتح تخصصات طبية في جامعة خاصة في الكويت"، متهماً الوزير بـ"تدمير التعليم بهذه الطريقة" و"تنفيع الجامعات الخاصة على حساب طموحات الطلبة الكويتيين".

في الأثناء، حثّ استشاري جراحة التجميل والحروق، د. عبد العزيز الرشيد: "باختصار، إن كان هناك نوايا لتقليص عدد الطلبة المستحقين لمقاعد الطب، لا بد من وضع اختبار قبل القبول في البعثات كل من حصل على 90% فما فوق علمي له الحق في التقديم عليه قبل قبوله بالبعثة ليكون جميع طلبتنا على مسطرة واحدة سواء من تخرج من المدارس الخاصة أو من الحكومة أو المدارس الإنجليزية كما هو المتبع داخل كلية الطب بجامعة الكويت" لـ"قطع الشك باليقين بمعدلات مخرجات المدارس الخاصة والحكومية".

وبوجه عام، اعتبر استشاري أمراض القلب، د. محمد الرشيدي، أن القرار "كشف الغطاء عن ضحالة وضعف هذه المؤسسة المحورية في الدولة"، لافتاً "كم طالباً وطالبة في الحكومة ضاع مستقبلهم في السنوات الماضية في سيرك القرارات العشوائية؟ وما ازدحام أورقة المحاكم بالقضايا ضدها سوى دليل آخر على ذلك. قال جودة التعليم… قال".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

نرفض تحويلنا إلى كائنات خائفة يسهل حكمها. لذلك كنّا وسنبقى موقعاً يرفع الصوت ضد كل قمع لحرية التعبير ويحتضن كل الأفكار "الممنوعة" و"المحرّمة". لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا مسيرتنا!/ رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا.

Website by WhiteBeard