على مر السنوات، شكّل أيار/ مايو من كل عام الموعد السنوي الذي ينتظره محبو ومتابعو شمس الأغنية اللبنانية نجوى كرم بفارغ الصبر، ليعلنوا من خلال ألبوماتها افتتاح صيفهم وأجواء فرحهم واستمتاعهم بما تقدمه من أغنيات.
لكن مع دخولنا في عصر الـ"سوشال ميديا" والتخبط والاضطرابات التي ضربت الساحة الفنية، ومحاولات التأقلم المطلوب لمعايشة سرعة خطواتها، توقفت هذه العادة قسراً لدى العديد من النجوم ومن بينهم نجوى، فعايشنا التحول من عصر الألبوم إلى عصر الأغنية "اللي هات تضرب" وإن "ضربت" بالمفهوم الفني، فذاكرتنا تلفظها بعد أسابيع قليلة، كي لا نكون ظالمين ونقول بعد أيام.
أيار /مايو هذا العام جاء مختلفاً بطعم الـ"كاريزما" الذي أعاد إلى الساحة الفنية بريقها ولمحبي كرم من الجيل الأكبر ذكريات لا تنسى، عاشوا على أمجادها طوال فترة الغياب التي امتدت قرابة ست سنوات، تخللتها مجموعة اصدارت منفردة.
شغّل موسيقى
في الخامس من أيار/ مايو أنهت نجوى زمن الانتظار الذي طال، وأطلقت أغنية "شغّل موسيقى" كلمات عامر لاوند، ومن ألحان وتوزيع علي حسون، لتكون أولى أغنيات الألبوم الذي أنتجته شركة "روتانا" وحمل عنوان "كاريزما".هذا الإصدار جاء وقعه كالصاعقة في البداية، إذ تركت الأغنية تساؤلات عدة لدى المراقبين والنقاد في الوسط الفني، تساوت فيها تقريباً الإيجابيات والسلبيات وكادت أن تكون العنوان غير الموفق التي تٌقرأ رسالة العمل من مضمونها.
أطلت نجوى في الأغنية بفيديو كليب من إخراج دان حداد وبإطلالات مبهرة غطت فيها وفق رأي البعض على مضمون الأغنية نفسها، التي لم تكن برأيهم بحجم التوقعات المعقودة لهذه العودة، نظراً للغرابة التي تضمنتها ولصعوبة حفظها ولمدتها وخروجها عن المألوف. لكن ما لبثت هذه السلبية أن تبددت بعد مرور بضعة أيام على سماعها واعتيادها، وذلك باعتراف كثر مِن الذين لم يستسيغوها.
أثارت أغنية "شغّل موسيقى" وهي الإصدار الأوّل من ألبوم "كاريزما" من إنتاج "روتانا" بعض الانطباعات التي تساوت فيها الإيجابيات والسلبيات، نظراً لصعوبة حفظها ولمدتها وخروجها عن المألوف
كل يومين أغنية
الألبوم الذي تضمن سبع أغنيات، اعتُمدت فيه سياسة تسويق جديدة في مجال التوزيع الرقمي بحيث تصدر كل يومين أغنية جديدة على طريقة الـ"music Lyrics"، وقد اختتمت نجوى اصداراته بأغنية "وأني اشتقتلو" التي أتت أيضاً من كلمات عامر لاوند، لحن وتوزيع علي حسّون.الأغنية جاءت مسك الختام وبمثابة ضربة معلم، وشبيهة بمتعة استكشاف وتذوق الجرعة الأولى من النبيذ التي تغرقك في اختبار تأثيرها وطعمها، إذ جمعت الإحساس والصوت والشوق والشجن بالحماس، من خلال توليفة في اللحن والتوزيع، مضافاً إليها "لوك" من أجمل إطلالات نجوى، فكانت الإطلالة الغجرية المدمجة بالإغريقية على الطريقة الـ"نجوانية".
الألبوم تضمّن سبع أغنيات، اعتُمدت فيه سياسة تسويق جديدة في مجال التوزيع الرقمي بحيث تصدر كل يومين أغنية جديدة
"عشر دقايق"
رمت نجوى بأغنياتها السبع تباعاً، فقدمت رائعة "عشر دقايق" كلمات ولحن وسام الأمير وتوزيع فادي جيجي، التي حملت فيها بعضاً من نكهة الأغنيات القديمة في الزمن الجميل، من خلال صبغة الرومانسية ونغمات الطرب الشعبي المحاك برُقي وسلطنة من قبل الأمير.وأعادت تذكيرنا بشقاوة نجوى مع الرجل في الحب وطريقتها الخاصة في استمالته. فقد اعجبت بالـ"لذيذ والرايق" الذي صارحها بحبه وعشقه وولعه في أقل من 10 دقائق، ورغم إدراكها كذبته قررت برضاها أن تجاريه في اللعبة قائلة: "مع إني كمشتو والكذب مبين بعنيه، صار قلبي حاير وداير يسألني عليه" هو الذي حرّك إحساسه بحركاته، واستمال قلبها ودقاته وأجبرها أن تسال نفسها "شو عم بيصير".
ولا ننسى هنا أيضاً الإشارة إلى الإطلالة الجميلة التي أطلت بها ونالت إعجاب المعلقين مطلقين عليها مقولة الكاتبة أحلام مستغاني "الأسود يليق بك".
"مغرومة بحالي"
لتأتي بعدها أغنية "مغرومة بحالي"، كلمات إميل فهد ولحن وسام الأمير، تكملة للشقاوة والندية والسيطرة مع الحبيب الذي تتحداه لترضيه. أطلت هذه المرة في فيديو كليب وهي ترتدي الأبيض كالعروس، ورفعت أدرينالين الثقة لتطير بالحبيب ومعه إلى "السماء السابعة"، وهي تسرد له قصة غرامها لنفسها التي هو سببها وتقول:"مغرومة بحالي، لا مش كرمال تا ابقى حليانة بعينك برسم جمالي".لتكمل سرديتها وتخبره كيف تتجمل لترضي عينيه وتنتقي عطرها الفتان وقصة شعرها ولون ثيابها وشالها لتتطابق مع ذوقه غير العادي وتصل إلى مبتغاها بالسيطرة عليه، من الأغنية:
"أنا بدي طيرلك عقلك تشهق لما طل عليك
غيري مين اللي بيلبقلك روح اسأل اللي حواليك
بدي من نظراتي تولع ويجنو عينيك
إنت وحدي ما تطلع لا هيك ولا هيك"
"كاريزما"
في أغنية "10 دقايق" أعادت نجوى تذكيرنا بشقاوتها مع الرجل في الحب وطريقتها الخاصة في استمالته. فقد اعجبت بالـ"لذيذ والرايق" الذي صارحها بحبه وعشقه وولعه في دقائق قليلة
أما الأغنية السابعة والأخيرة فهي "زعلك صعب" من كلمات عامر لاوند ولحن علي حسون وتوزيع ستيف سلامة، لتختم نجوى بها رحلة الحب والأحلام والغرام والغزل والشجن التي صبغت الألبوم، فتحفز المستمع غير العاشق لخوض رحلة بحث عن حبيب قلّ وجوده يستحق أن يُقال له:
"تقبرني يا قلبي إنت
شو بعمل لولاك
زعلك صعب وقاتولي وعن ضحكاتك مسؤولة
وأنا لما بمرض يا حبي عيونك يوصفولي".
ملايين المشاهدات في فترة قياسية
تصدرت نجوى الـ"ترند" لأيام طويلة، واللافت أن هذه الأرقام كانن من خلال ثلاثة وحتّى أربعة وسوم في بعض الأيام
كما حافظ وسم "#نجوى_كرم" على تصدّره التراند منذ 3 أيّار/ مايو الجاري حتّى كتابة هذه السطور، وهي فترة قياسية لمطرب/ـة عربي/ـة.
لكن، وبعد الإشادة بالتحدي الكبير الذي خاضته نجوى وسط صعوبة إرضاء كافة الأذواق والفئات العمرية في عصرنا هذا، لا بد من الإشارة إلى ملاحظتين رافقتا الإصدار.
الأولى حول افتقار الألبوم لأغنية كلاسيكية دسمة عقدت عليها الآمال لكسر بعض من اللون الشعبي الذي اعتدناه مع نجوى، والثانية في تنوع المواضيع المطروحة، بحيث كادت جرعة الحب والغزل المتكررة أن تصل حد التخمة، علماً أن كرم قبل صدور الألبوم أعلنت أنها ستغني فيه للحب والفرح.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...