مثلما كانت حيواتهم مليئةً بالأضواء والأخبار التي وضعتهم في بؤرة الأحداث، جاء رحيلهم أيضاً ليعيدهم إلى البؤرة نفسها، وكأنها لعنة النجومية والشهرة، التي تأبى أن تترك من رحل منهم وشأنه.
صلاح قابيل... المدفون حياً
تعوّدنا في مصر، مع كل ذكرى للراحل صلاح قابيل، أن نُعيد الرواية التي تقول إنه دُفن بالخطأ بعد أن تصورت أسرته أنه مات، برغم أنه كان مصاباً بغيبوبة السكري، وأن نزيد عليها.
كيف تم اكتشاف الأمر؟ يقول أصحاب تلك الرواية إن أسرة الراحل كانت تجهز القبر لدفن شخص آخر، ويومها وجدوا صلاح قابيل قد تحرّك من المكان الذي وُضعت جثته فيه، ووصل إلى سلم المقبرة، وهو ما جعلهم يدركون أنه وقت دفنه لم يكن قد فارق الحياة، فيما زاد آخرون على تلك الرواية أنه بعد أن استفاق من غيبوبة السكري خرج بالفعل من القبر وتجول لفترة قصيرة قبل أن يقع ميتاً.
قبر آخر كانت له قصة مهمة في حياة المصريين، والمقصود هنا قبر ناهد شريف، التي بقيت لنحو 38 عاماً لا يعرف أحد أي شيء يخص قبرها، وقال البعض إن "قبرها اختفى نتيجة أفلامها الجريئة"
لا يعرف أحد على وجه الدقة متى بدأت تلك الرواية، أو من الذي يقف وراء إطلاقها، ولا كيف انتشرت، لكن ما نعرفه أن الحكايات كانت تُنسج بمرور الوقت لتضع المزيد من البهارات على القصة الأصلية لتحفظها طازجةً، وتجعلها صالحةً للتداول في كل عام.
وبرغم أن نجل الراحل كذّب تلك الروايات في أكثر من مناسبة، وقال إن والده لم يكن مريضاً أصلاً بالسكري، وإنهم لم يدفنوا أحداً من الأسرة بعده ليكشتفوا أنه كان يعاني من غيبوبة، إلا أن قصة "دفن صلاح قابيل حياً" ما زالت حاضرةً، يتناقلها البعض ممن يرفضون تصديق الحقيقة، ويعلنون قبره من بين القبور التي أثارت الجدل، وتسببت في حالة رعب لكثيرين.
معجزة فى قبر العندليب
منذ سنوات قليلة حرصت واحدة من الفضائيات المصرية المتخصصة، على استضافة أحد الشيوخ لسؤاله: هل يمكن لشخص ما ألا تتحلل جثته؟
كان الباعث الأساسي على السؤال، ما ردده محمد شبانة، نجل شقيق عبد الحليم حافظ، من أن جثة عمّه لم تتحلل، برغم أنه رحل عن عالمنا قبل أكثر من أربعين عاماً... وقال شبانة، في تصريحات تلفزيونية وقتها، إنه تلقّى اتصالاً يفيد بضرورة فتح قبر عمه ونقل الجثمان بسبب ازدياد المياه الجوفية في المنطقة، مضيفاً: ذهبت مع عدد من الرجال لنقل الجثمان، وحين تم فتح المقبرة وجدنا أن جثة عمي الوحيدة في المنطقة التي لم تتضرر من المياه الجوفية، كما أن الجثمان لم يتحلل وما زال يحتفظ بهيئته وشعره الأسود.
تصريحات شبانة، جعلت عبد الحليم يتصدر التراند، وحين انتقل الخبر إلى منصات السوشال ميديا، وجد البعض فيه فرصةً لا تُعوّض للتحليل والتفسير والحديث عن كرامات للنجم الراحل، الذي راح البعض يصفه بأنه "ولي من أولياء الله الصالحين"، وأن ما حدث في قبره معجزة يعجز العلم عن تصديقها.
علاء ولي الدين على خطى حليم
الحديث نفسه طال أيضاً، النجم الشاب علاء ولي الدين، الذي كان رحيله صادماً لكثيرين، خصوصاً أنه مات في سن صغيرة، وفي أول أيام العيد.
علاء الذي حظي بمحبة كثيرين من الجمهور المصري والعربي، والذي رحل من دون ضجة أو صخب، وجده جمهوره مادةً لأحاديث صاخبة تتناقلها الألسن، بعد أن فجّر شقيقه الخبر في وجه الجميع، وقال إنه اضطر إلى نقل جثمان شقيقه، وإنه حين ذهب لإنهاء إجراءات النقل وجد الجثة كما هي دون تحلل، لتنطلق من وقتها رحلة البحث عن ماهية تلك المقبرة التي تحافظ على جثث الموتى من دون تحللها.
قبر ناهد شريف الذي اختفى 38 عاماً
قبر آخر كانت له قصة مهمة في حياة المصريين، والمقصود هنا قبر ناهد شريف، التي بقيت لنحو 38 عاماً لا يعرف أحد أي شيء يخص قبرها، وقال البعض إن "قبرها اختفى نتيجة أفلامها الجريئة"، حتى جاء حل اللغز على يد رجل عادي اسمه العم درويش، والذي قرر أن يترك كل أعماله ويتفرغ لأمر واحد هو البحث عن كل ما يخص نجوم الزمن الجميل.
تعوّد درويش أن يمضي جزءاً من وقته بين المقابر، وفي أحد الأيام انطلق إلى "مقابر المجاورين" يبحث عن قبر النجمة الراحلة مديحة كامل، ليصادف في رحلة البحث تلك أحد المسؤولين عن المدافن، والذي أخبره بأنه لا يعرف قبر "مديحة"، ولكنه سمع من قبل أن المنطقة فيها قبر لفنانة مشهورة اسمها ناهد شريف.
قبور أخرى كانت مثيرةً للجدل لاعتبارات بعيدة عن الحلال والحرام هذه المرة، وإنما لفرط غرابة ما طلبه أصحابها. فنجد مثلاً قبر رشدي أباظة.
انطلق درويش، إلى المكان الذي حدده له المسؤول عن المدافن، وهناك فوجئ بالقبر الذي لم يعرف أحد مكانه لمدة 38 عاماً، وأدرك درويش يومها أن السبب وراء الاختفاء يعود لشاهدة القبر، المدوّن عليها اسم ناهد شريف الحقيقي "سميحة النيال"، وأن أحداً من العامة لم يعرف طوال تلك السنوات أن "سميحة" هي نفسها "ناهد".
في تلك الأثناء، تذكّر العم درويش، أن سيدةً لبنانيةً كانت قد طلبت منه البحث عن قبر ناهد، لتخبر به ابنتها الوحيدة باتريسيا، فاتصل بها وبدورها نقلت الخبر إلى باتريسيا التي طارت إلى القاهرة فوراً بحثاً عن لقاء تأخّر لنحو 4 عقود.
أصوات تعذيب في قبر أم كلثوم
عاشت أم كلثوم حياتها منذ الصغر وحتى الرحيل في بؤرة الأحداث، سواء بأعمالها أو حتى بالأخبار التي ربطت بينها وبين نجوم آخرين، وحين جاء يوم الوفاة، توقع كثيرون أن يكون خبر الرحيل هو الأخير الذي يلتصق بأم كلثوم، لكن ما جرى خالف تلك الفرضية.
فبعد رحيل "الست"، انتشرت أخبار كثيرة تحدثت عن "وصية" -لم يتم التأكد من صحتها- وصفها البعض بأنها مثيرة للجدل، جاء فيها أنها طلبت من عامل المدفن أن يدفنها في القبر إلى جوار أمها التي سبقتها، وألا يُفتح القبر عليهما مرةً أخرى، ما يعني أنها ترفض أن يتم دفن أي شخص آخر في القبر معها ومع أمها.
كما انتشر على السوشال ميديا فيديو أكد صاحبه أنه سمع صوت أم كلثوم وهو يخرج من القبر نتيجة تعذيبها، وبرغم أن كثيرين كذّبوا هذا الشخص إلا أنه أكد أنه مسؤول عما جاء في الفيديو المزعوم، فيما وجد البعض في ما قاله فرصةً لتأكيد رواياته، وترديدها بين حين وآخر، لينضم قبر أم كلثوم إلى قائمة قبور النجوم المثيرة للجدل.
قبر الشحرورة... غرفة نوم
الرواية نفسها حاول البعض لصقها بقبر الشحرورة صباح، غير أنهم أضافوا إليها تفاصيل جديدةً، مفادها أن هناك دخاناً يخرج من القبر، إلى جانب ثعابين كثيرة، وهو ما جعل البعض يجتهد ليحلل تلك الفرضية مؤكداً أنها تتعذب في قبرها بسبب ما قدّمته من أغانٍ وأفلام، كما انتشرت أكثر من صورة لقبر يضمّ سريراً وشاشة تلفزيون ومرآةً وغيرها من الأدوات التي تُوضع في غرف النوم، مؤكدين أن صباح التي عاشت حياتها ترفض الأحزان، أصرّت على وضع تلك الأشياء في قبرها لتبقى في مسارها الصحيح الذي تعودت خلاله على إثارة الجدل.
بالطبع لم ينتظر هواة تصديق تلك النظرية ليبحثوا في حقيقة الصورة، وراحوا يكيلون الاتهامات لفنانة رحلت ولا تملك حق الرد، وحتى حين كذّبت أسرتها تلك الأنباء، وقالت إن تلك المقبرة لا تخص الصبّوحة، رفضوا تصديق الحقيقة وراحوا يحتفلون بالرواية "المضروبة" و"المغشوشة" في مناسبات عدة.
حنّاء في قبر رشدي ومياه البحر في قبر الساحر
قبور أخرى كانت مثيرةً للجدل لاعتبارات بعيدة عن الحلال والحرام هذه المرة، وإنما لفرط غرابة ما طلبه أصحابها. فنجد مثلاً قبر رشدي أباظة، الذي أصرّ بحسب رواية الماكيير الشهير محمد عشوب، أحد المقربين منه في أيامه الأخيرة، على أن يرشّ قبره بالحنّاء قبل دفنه.
وقد سعى كثيرون إلى فكّ هذا اللغز في محاولة لمعرفة السبب الرئيس الذي أجبر رشدي على أن يُوصي بطلب كهذا، لتتفق الأغلبية في النهاية على أن الحنّاء يساعد على أن يتحلل الجسد سريعاً، وأن رشدي الذي عاش فتياً، أراد أن يتحلل جسده بسرعة بدلاً من أن يتآكل ببطء.
بعد رحيل "الست"، انتشرت أخبار كثيرة تحدثت عن "وصية" -لم يتم التأكد من صحتها- وصفها البعض بأنها مثيرة للجدل، جاء فيها أنها طلبت من عامل المدفن أن يدفنها في القبر إلى جوار أمها التي سبقتها
أما قبر النجم الكبير محمود عبد العزيز، فقد أثار البعض الجدل حوله بعد أن أعلن الفنان الراحل سمير صبري، أن عبد العزيز كان قد أوصى بأن يتم رش القبر بمياه بحر الإسكندرية الذي عشقه.
قبر كامي المرصّع بالذهب
تداول كثيرون أكثر من صورة لقبر الفنان الراحل حسن كامي، الذي ربما لم يحظَ في حياته بالشهرة نفسها التي حظي بها قبره، خصوصاً بعد أن أشعل ضجةً واسعةً على السوشال ميديا بسبب تصميمه المرصع بالذهب وضخامته، بالإضافة إلى وجود صالون استقبال داخل المدفن، ما جعل البعض يترك كل ما قدّمه الراحل، ويتناول فقط القبر الذي بات مادةً خاماً لمحاكمة صاحبه.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...