وسط صراع سياسي وعسكري، وبعد 12 عاماً على إسقاط نظام حكم العقيد معمر القذافي، عام 2011، ومقتله، لا تزال ليبيا تبحث عن كنز القذافي في الخارج، دون جدوى.
وعبر ما يُسمى بمكتب استرداد أموال الدولة الليبية وإدارة الأصول المستردة، تسعى حكومة الوحدة الليبية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إلى إدارة الملف بطريقة دعائية لا تكشف كل الحقيقة عن الكنز المفقود من أموال ليبيا الموجودة في الخارج.
ليبيا تخسر الملايين بسبب الصراع على إدارة 'مكتب استرداد الأصول الليبية وإدارتها'
تعهدات أمريكية
وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، فقد طلبت حكومة الدبيبة من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، المساعدة في العثور على مليارات الدولارات من أصول الدولة، التي تزعم قيام القذافي ومقربين منه بسرقتها وتخبئتها في جميع أنحاء العالم.
وطالب المسؤول الليبي المكلف بتعقب الأصول الليبية المسروقة واستعادتها، محمد رمضان منسلي، مسؤولين أمريكيين التقاهم في واشنطن بالدعم، بينما حذّر متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية من أن البلاد لا تزال في خضم انتقال سياسي، وكرر الموقف الأمريكي المعتاد بشأن ضرورة أن تتضمن العمليات تدابير رقابيةً وشفافيةً قويةً لمنع أي تلاعب إضافي بأصول الشعب الليبي.
واعترف منسلي، بتحفظ بعض الحكومات بشأن مدى قدرة الحكومة الليبية على إدارة مبالغ كبيرة من المال، لكنه قال في المقابل إن أي أموال مستردة ستبقى في مكان آمن في الخارج، قبل إعادتها على دفعات لتمويل مشاريع محددة، مثل بناء المدارس والمستشفيات.
وكان منسلي، قد انتقد الأسبوع الماضي، في كلمة في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، ما وصفه بـ"الإجحاف الذي يعاني منه الليبيون نتيجة عمليات النهب التي طالت أصول الدولة الليبية".
وقال إن "بعض الدول عدّت ليبيا أرضاً خصبةً لممارسة نفوذها، وحتى أولئك الذين نعدّهم أصدقاءنا من الشركاء الدوليين لم يبذلوا جهوداً كافيةً للكشف عن عمليات سرقة الأصول الليبية ووقفها والمساهمة في استرداد الأموال المنهوبة"، موضحاً أن ذلك "منع ليبيا من الاستفادة من أصولها المجمدة في النهوض باقتصادها".
انتصارات هزيلة
ومع ذلك، فقد تسبب الصراع على الملف في إيقاف مكتبَين للمحاماة في أمريكا تحقيقاتهما المتقدمة لتتبع الأموال الليبية في نيويورك، بسبب ادّعاء أنور عارف بأنه مدير "مكتب استرداد الأصول الليبية وإدارتها"، فيما عيّن الدبيبة، منسلي بدلاً منه في حزيران/ يونيو 2021.
وحتى الآن حقق المكتب بفروعه المنتشرة في 16 دولةً، بما في ذلك مصر وتونس والولايات المتحدة وتركيا ومعظم دول الاتحاد الأوروبي، انتصارات هزيلةً يتباهى بها عبر موقعه الإلكتروني الرسمي، أبرزها استرجاع قطع أثرية من أمريكا واسترداد مبلغ تأمين طائرات هليكوبتر ليبية دُمّرت عام 2014، بقيمة إجمالية تبلغ نحو 56 مليون يورو.
ويتمتع مكتب استرداد الأموال بشخصية اعتبارية ذات استقلال مالي، وهو يتبع حكومة الوحدة، ويمثّل الهيئة الوحيدة للحكومة الليبية المعنية بالبحث والتقصي عن الأموال الليبية أينما كانت، واستردادها وإدارتها.
أُنشئ المكتب عام 2017، وتمت إعادة تسميته عام 2019، ثم نُقلت تبعيته إلى رئاسة مجلس الوزراء وتمت تسمية مديرٍ عام له عام 2021.
ويصف المكتب نفسه بأنه جهة فنية، في محاولة للنأي عن أي تجاذبات سياسية في البلاد المنقسمة على نفسها منذ 12 عاماً على التوالي.
ما حجم ثروات معمر القذافي المهربة إلى الخارج؟
حجم الأموال
قبل نحو عامين، طالبت الحكومة الليبية رسمياً القضاء الأمريكي، بالتحقيق في امتلاك بنوك عدة معلومات عن مليارات الدولارات من أموال القذافي.
وبحسب وكالة بلومبرغ الأمريكية، فقد أبلغ مكتب استرداد أموال الدولة الليبية وإدارة الأصول المستردة، في طلب استدعاء محكمة "مانهاتن" الفيدرالية الأمريكية، أن الأموال التي سرقها القذافي وعائلته وشركاؤه، والتي تُقدَّر بـ100 مليار دولار، قد تم تحويلها من خلال 6 بنوك كبيرة".
وأوضح المكتب أن عشرات المليارات من الدولارات على الأقل، من الأصول المملوكة للشعب، والتي "سرقها" القذافي وعملاؤه، لا تزال مفقودةً إلى الآن.
وفي شهر تموز/ يوليو من العام الماضي، طعنت أرملة القذافي في قرار أصدرته محكمة في مالطا، يقضي بإعادة بنك فاليتا 95 مليون يورو (100 مليون دولار)، إلى ليبيا برغم أن من أودعها هو المعتصم نجل القذافي الراحل.
وجمّدت حكومات أجنبية أموالاً سياديةً تُقدّر بنحو 150 مليار دولار كان القذافي والدائرة المقربة منه يسيطرون عليها، بينما كانت لدى البنك المركزي الليبي 144 طنّاً من الذهب.
وأظهرت برقية دبلوماسية سرّية عام 2011، أن حجم الأموال السائلة لهيئة الاستثمار، بلغ 32 مليار دولار، في عدد من البنوك الأمريكية كل منها يدير ما يصل إلى 500 مليون دولار.
اتهامات بالسرقة
واتهمت حكومة الوحدة الليبية، العام الماضي، دولاً بمحاولة الاستيلاء على الأموال الليبية المجمدة في الخارج منذ عام 2011.
وحذّر مندوبها لدى الأمم المتحدة، من محاولة بعض الدول التي لم يحددها، وضع يدها والحجز أو الاستيلاء على أموال الليبيين وأصولهم المجمدة.
ولم يلتزم مجلس الأمن الدولي حتى الآن، بقراره في 2011، بشأن رفع التجميد عن تلك الأموال وتسليمها للسلطات الليبية، مستنداً في ذلك إلى الوضع الراهن في البلاد.
وبينما تقدّر دراسة أجرتها منظمة الشفافية الدولية في العام 2016، أن ما يصل إلى 120 مليار دولار من أصول الدولة الليبية قد نُهبت، اكتشف تحقيق تلاعباً في نحو 16 مليار يورو من أصول القذافي المحتفظ بها في بلجيكا.
وهكذا تعطلت مهمة استرداد أموال ليبيا المُجمّدة أو المنهوبة، بسبب الحرب الداخلية والصراع على السلطة بين الأطراف الليبية، وغياب التشريعات والشفافية والفساد، واستغلال المؤسسات المالية الخارجية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
HA NA -
منذ 3 أياممع الأسف
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ أسبوعحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ أسبوععظيم