بين الاستثارة الجنسيّة وجفاف المهبل... كيف تؤثر الإفرازات المهبليّة على العلاقة الحميمة؟

تُعدّ الإفرازات المهبليّة شكوى شائعةً في عيادات أمراض النساء والتّوليد، برغم أنها حالة طبيعيّة فيزيولوجيّة تحدث لمعظم السّيدات قبل فترة التّبويض وبعدها، كما أنها أمر شائع أيضاً بعد العملية الجنسيّة، فهي تحدث نتيجة المزج بين السّائل المنويّ للرجل وحدوث الأورغازم للمرأة.

تُعدّ الإفرازات المهبلية درعاً واقياً للمهبل، بحيث تُدعّم درجة حموضة المهبل pH وتمنع حدوث الكثير من عدوى الأمراض التّناسليّة والمهبليّة.

لكن هل من الممكن أن تؤثر كمية الإفرازات المهبلية على المتعة والاستثارة الجنسيّة؟

أنثى باردة؟

"أنتِ ستّ باردة"؛ بهذه الكلمات كشفت زهراء محمد (اسم مستعار)، لرصيف22، عن طبيعة العلاقة الجنسيّة بينها وبين زوجها السابق.

وتابعت قائلةً: "كان دائماً يصفني بأنّني أنثى باردة، مُتبلّدة المشاعر، عديمة الإحساس، وكل ذلك لعدم نزول الكثير من الإفرازات المهبليّة في أثناء العلاقة الحميميَّة، وكان ذلك من الأسباب التي دفعتنا إلى الانفصال".

غير أن زهراء شكت من عدم قدرة زوجها على تلبية رغباتها الجنسية: "لم يُشبع هو الآخر احتياجاتي الجنسيّة، ولم يُثِرني جنسيّاً بشكلٍ كامل أيضاً".

في هذا السياق، أوضح موقع Healthline، أنّ الاستثارة الجنسيّة أو المتعة الجنسيّة، سببٌ شائعٌ لحدوث الإفرازات المهبليّة؛ وهي عبارة عن سائل أبيض شفاف يحمي توازن درجة حموضة المهبل ويعززه.

"كان دائماً يصفني بأنّني أنثى باردة، مُتبلّدة المشاعر، عديمة الإحساس، وكل ذلك لعدم نزول الكثير من الإفرازات المهبليّة في أثناء العلاقة الحميميَّة، وكان ذلك من الأسباب التي دفعتنا إلى الانفصال"

وعندما تحدث الاستثارة الجنسيّة، تصبح الإفرازات المهبليّة أكثر كثافةً وازدياداً.

ولكن من ناحية أخرى، تسبب الإفرازات مشكلةً عندما تكون ذات رائحةٍ نفّاذة، أو ذات سمكٍ مختلف عن الحالة الطبيعيّة التي من المُفترض أن تكون عليها.

تعاني ندى أحمد (اسم مستعار)، من كثرة الإفرازات المهبلية، وفق ما كشفت لرصيف22: "لا أُعاني من جفاف المهبل في أثناء العلاقة الحميميَّة، بل من كثرة الإفرازات".

وأضافت: "كنتُ أشعر بخوفٍ من الموضوع مما دفعني إلى استشارة طبيب النّساء والتّوليد الذي جزم لي بأن الإفرازات المهبليّة أمر طبيعيّ في أثناء العلاقة الحميميَّة نتيجة حدوث استثارة جنسيّة، خاصةً أنني أستخدم اللولب كوسيلة لمنع الحمل"، مشيرةً إلى أن الطبيب أخبرها بضرورة الحصول على استشارة طبية عندما تكون هذه الإفرازات ذات سمكٍ، وشبيهة بقطع الجبن ولديها رائحة كريهة نفَّاذة؛ لأنّ هاتين الحالتين دليلٌ على حدوث عدوى تناسليّة ومِهبليّة.

الإفرازات و"الإياس"

تحدثت مها محمود، عن الفارق بين الإفرازات المهبليّة قبل الإياس وبعده: "عانيتُ من جفاف المهبل بدرجةٍ كبيرةٍ بعد انقطاع الطمث وعدم نزول الكثير من الإفرازات المهبليّة في أثناء العلاقة الحميميّة".

تعليقاً على هذه النقطة، قال استشاريّ أمراض النّساء والتّوليد وعلاج تأخّر الإنجاب، الدكتور معتزّ المطيلي، لرصيف22: "الإفرازات المهبليّة طبيعيّة الحدوث عند كل سيدة على مدار الشهر، سواء قبل الجماع أو في أثنائه، قبل فترة التّبويض أو بعدها؛ لأنها تحافظ على درجة حموضة المهبل وتوازنه، وتمنع دخول الأجسام الغريبة من بقايا السائل المنويّ إليه".

وأضاف المطيلي: "إنّ الإفرازات المهبليّة تصبح ذات خطورةٍ؛ إذا لاحظتْ السّيدة تحوّل اللون الأبيض الشفاف الطبيعي للإفرازات المهبليّة إلى الأصفر أو الأخضر، وإذا كانت الإفرازات ذات رائحةٍ كريهةٍ أو مصاحبةً بحكّة أو حرقان البول، ففي هذه الحالة تجب استشارة الطبيب فوراً؛ لأن ذلك يدلّ على حدوث عدوى مهبليّة وتناسليّة".

وتابع: "إذا وصلت هذه العدوى إلى منطقة الحوض، فسوف تسبب التهاب الحوض عند المرأة ما يُؤثّر لاحقاً على الصحة الإنجابيّة بشكل عام".

وعن تأثير الإفرازات المهبليّة على العلاقة الحميميّة، من حيث زيادة الاستثارة الجنسيّة أو قلّتها، كشف المطيلي، أنّ كثرة الإفرازات المهبليّة أو قلّتها ليستا عاملاً أساسياً في حدوث استثارة جنسيّة، لكنّ وجودها ضروري وفعّال لترطيب المهبل في أثناء العلاقة الحميميَّة وتسهيل عملية الإيلاج، مشدداً على أن قلّتها لا تعني عدم الحصول على استثارة جنسيّة أفضل.

وختم حديثه بالقول: "هناك الكثير من الحلول البديلة لعلاج جفاف المهبل، منها: استخدام المزلّقات والمرطبات الجنسية لتسهيل العلاقة الجنسيّة، وترطيب المهبل في أثناء الجماع وعدم شعور المرأة بآلام في أثناء العلاقة الحميميَّة".

جفاف المهبل

أوضح موقع  cleveland clinic أن 17% من السيدات اللواتي تتراوح أعمارهنّ بين 18 و50 عاماً، تحدث لديهنّ مشكلة جفاف المهبل في أثناء العلاقة الجنسيّة، وذلك حتى قبل حدوث انقطاع الطمث، لعدم حدوث استثارة جنسيّة كاملة، بالإضافة إلى عوامل أخرى كالتوتر واستخدام منتجات النظافة الشخصيّة بكثرة، مثل الغسول المهبليّ ومعطرات المهبل.

واللافت أن جفاف المهبل يزداد أيضاً بعد "الإياس"، مما يُسبّب لدى البعض نقصاً في الرغبة الجنسيّة.

كما أوضح الموقع أنّ جفاف المهبل قد يُؤثّر على جودة الحياة الجنسيّة لبعض السّيدات خلال فترة من فترات حياتهنّ، حتى لو كنّ نشيطات جنسيّاً؛ وذلك لاعتبارات فيزيولوجيّة أخرى كالتغيّرات الهرمونيّة التي تحدث عند زيادة هرمونَي البروجيسترون الإستروجين أو قلّتهما.

في الواقع، تنطوي الاستثارة الجنسيّة عند المرأة على عنصرين أساسيين، هما: إثارة الأعضاء التناسلية في أثناء العلاقة الحميميَّة والإثارة الذاتية، والإفرازات المهبليّة أو عملية "تزييت المهبل" تندرج ضمن النوع الأول، وهو إثارة الأعضاء التناسلية في أثناء العلاقة الجنسيّة، لذلك كلما ازدادت استثارة الأعضاء التناسلية، كلما ازدادت الإفرازات المهبليّة، والعكس صحيح. وقد تم التوصل إلى ذلك عن طريق بحث المقاييس الفيزيولوجيّة والنفسيّة للوظيفة الجنسيّة لدى المرأة.

"إنّ الإفرازات المهبليّة تصبح ذات خطورةٍ؛ إذا لاحظتْ السّيدة تحوّل اللون الأبيض الشفاف الطبيعي للإفرازات المهبليّة إلى الأصفر أو الأخضر، وإذا كانت الإفرازات ذات رائحةٍ كريهةٍ أو مصاحبةً بحكّة أو حرقان البول"

وأشارت دراسات أخرى إلى أنّ الاستثارة الجنسيّة لدى المرأة، لها علاقة وثيقة بالحالة النفسيّة. فكلما تحسّنت الحالة النفسيّة لديها، ازدادت حيوية الجسم وطاقته، مما يُحفّز الأعضاء التناسليّة لمزيدٍ من الإفرازات المهبليّة، وتالياً استثارة جنسيّة ممتعة.

وتوصلت دراسة أخرى إلى أن فصلَي الشتاء والخريف يسببان "جفاف المهبل" للسيّدات، مما يؤثر على الرغبة الجنسيّة والعلاقة الحميميّة بشكل عام، وذلك على عكس فصل الصيف الذي تتحسّن فيه الطبيعة الفيزيولوجيّة للمهبل من حيث الرطوبة الكثيرة وتزداد فيه الرغبة والاستثارة الجنسيّة.

وبذلك، تكون الاستثارة الجنسيّة الفعالة هي المُتحكّمة في كميّة الإفرازات المهبليّة من حيث الكثرة أو القلة وليس العكس. فكلما ازدادت الاستثارة الجنسية للمرأة في أثناء العلاقة الحميمية، ازدادت كميّة الإفرازات المهبليّة لديها، أي أنها علاقة طردية بحتة.

كما بات من السهل التّحكم في قلّة الإفرازات المهبليّة للنساء اللواتي يرغبن في ذلك عن طريق العديد من الوسائل التي تهدف إلى ترطيب المهبل من أجل الحصول على متعة جنسيّة وعلاقة زوجيّة أفضل.