سواء كان ذلك في السرير أو في السيارة أو في أي مكانٍ آخر، في وضعية عموديةٍ أم أفقيةٍ، مع ملابس أو من دونها، لا شيء من هذا كله يهم، لأن النتيجة في معظم الأحيان هي نفسها: في غضون دقائق قليلة وطويلة، سيختبران هزة جماعٍ مذهلة، قد تتكرر مراراً. هل عملية البحث عن النشوة الجنسية المتعددة موجودة بالفعل أم أنها وهم كاذب يغرق البعض به؟ ولماذا تبدو هزات الجماع المتكررة مسألة "تعجيزية" بالنسبة إلى الرجال؟
لغز النشوة الجنسية
تعتبر النشوة الجنسية متعة عظيمة بالنسبة إلى البعض، في حين أن البعض الآخر يجدها لغزًا محبطاً. في الواقع إن النشوة الجنسية هي التفريغ الكامل للإثارة الجنسية التي تراكمت خلال مراحل الجماع، بمعنى آخر أنها اللذة الجنسية الشديدة التي تحدث أثناء النشاط الجنسي، وفق تعريف خدمة الصحة البريطانية. غير أن الغوص بعمق في علم الأعضاء التناسلية للأنثى ووظائفها يحمل الكثير من المفاجآت خاصةً أن هناك بعض النقاط التي لا يزال العلماء والأكاديميون يتناقشون بشأنها، على غرار مسألة كيف تتم إثارة اللذة الجنسية لدى المرأة؟ ما الهدف الكامن وراء النشوة الجنسية للإناث؟ هل تخدم غرضاً معيناً أم أنها مجرد حادثة تطورية؟".هناك العديد من النظريات التي تدور حول سبب وجود النشوة الجنسية، وفي حين أن السبب قد يكون واضحاً لدى الرجال: يعتبر بعض العلماء أن الذكور يختبرون النشوة الجنسية عندما يقذفون، ولأن القذف قد يؤدي لحدوث الحمل، فالبعض يعتقد أن السبب الوحيد لوجود النشوة الجنسية عند الرجل هو التكاثر، إلا أن سبب وجود النشوة الجنسية لدى الإناث تبقى مسألة محيّرة. فتزعم إحدى النظريات أن تقلصات الرحم خلال النشوة الجنسية تجذب الحيوانات المنويّة إلى الرحم ممّا يساعد على التكاثر، غير أن النساء لسن بحاجة إلى الوصول إلى النشوة الجنسية كي يختبرن الحمل، وهو الأمر الذي يدفع بعض العلماء إلى القول: "إن النشوة الجنسية عند الأنثى هي إحدى الصفات المتبقية التي تملكها النساء، تماماً كصفة امتلاك الرجال لحلمات الثدي رغم أنهم ليسوا بحاجة إليها".
مسألة النشوة المتكررة غالباً ما تكون مرتبطة بطبيعة كل شخص، ففي حين أن بعض النساء يصبحن حساسات ومتحمسات لفكرة ما بعد النشوة، فإن البعض الآخر يختبرن هزة جماعٍ واحدة ويعتبرن أن هذا كافٍ.
في حال كان الرجل قادراً على اختبار هزات جماعٍ متكررةٍ فإن هذا يفتقر إلى أي منطقٍ بيولوجي.وبمعزل عن النقاط المبهمة التي لا تزال عالقة في مسألة النشوة الجنسية، إلا أن صحيفة "الغادريان" أكدت أن الوضع الآن أفضل بكثير مما كان عليه في القرن التاسع عشر، أي في الفترة التي كان فيها الأطباء يقومون بفحص النساء من وراء الستار.
هزات جماع "نسائية" متعددة
في ستينات القرن العشرين، وجدت الدراسات التي أجراها فريق Masters and Johnson المتخصص في علم الجنس، أن 14 إلى 16% من النساء أكدن أنهنّ اختبرن هزات جماع متعددة، غير أن هذه النسبة لم تكن دقيقة لكونها تستند فقط إلى الأقاويل.أما التحليل الصحيح للنشوة فقد أصبح ممكناً مع ظهور أدوات التشخيص مثل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (FMRI) أو EEG ويمكن أن تكشف ما يحدث في الدماغ، بالإضافة إلى إمكانية تتبع تدفق الدم إلى الأعضاء التناسلية، وهي مسألة مهمة في موضوع النشوة الجنسية.
ومن خلال مراقبة أكثر من 30 منطقة في الدماغ، بما في ذلك تلك التي تتحكم بالعاطفة والفرح، والتي تعتبر مسؤولة عن إطلاق "الأوكسيتوسين" (هرمون الحب) أصبح بالإمكان الوقوف على العملية الفيسيولوجية للنشوة الجنسية: انقباض العضلات، وتسارع معدل ضربات القلب، وتدفق الدم إلى المنطقة التناسلية، ومن بعدها الشعور بالتحرر واللذة.
واللافت أن وتيرة هزات الجماع تختلف بحسب الهوية الجنسية. لقد كان "الفريد كينسي"، وهو أول باحثٍ يدرس عادات الجنس البشري، قد ذكر في كتابه " Sexual Behavior in the Human Female" الصادر في العام 1953، أن معظم الإناث لديهنّ القدرة على الوصول إلى هزات جماعٍ متكررة، الأمر الذي اعتبره المجتمع العلمي المؤلف حينها بمعظمه من الرجال على أنه "مجاهرة".
من الصعب جداً التفكير بالمتعة في حال كانت المرأة قلقة عوضاً عن التركيز على جسدهاغير أن "فيرجينا جونس" و"ويليام ماسترز" من جامعة واشنطن عمدا إلى تحويل استبيان "كينسي" إلى أدلةٍ دامغةٍ: تبيّن أن النساء اللواتي تم تحفيزهنّ بالهزاز في المختبر، قد اختبرن العديد من هزات الجماع خلال دقائق، ووصلت لدى البعض إلى حدود الـ50 هزة.
كما وجدت دراسة أجريت على أكثر من 1500 امرأة أن 47% من النساء تعرضن لهزات جماعٍ متعددة. إلا أن مسألة النشوة المتكررة غالباً ما تكون مرتبطة بطبيعة كل شخص، ففي حين أن بعض النساء يصبحن حساسات ومتحمسات لفكرة ما بعد النشوة، فإن البعض الآخر يختبرن هزة جماعٍ واحدة ويعتبرن أن هذا كافٍ.
واللافت أن وصول المرأة إلى هزات جماعٍ متكررة يعتمد بشكلٍ أساسي على تنويع التقنيات، فقد أوضحت الباحثة "ديبي هاربينيك" من جامعة إنديانا أنه بعد حصول النشوة الأولى، تلجأ بعض الإناث إلى تقنياتٍ مختلفةٍ من أجل الوصول إلى النشوة الثانية، "لأن الأمور تصبح حساسة بعد النشوة الأولى، وبالتالي يمكن أن تكون الحركة نفسها غير مريحة أو حتى مؤلمة"، ومع ذلك أكدت "ديبي" أنه من الخطأ اعتبار ذلك علامة على عجز الشخص عن الوصول إلى هزات جماع متعددة.
ومن أجل إختبار هزات جماعٍ أقوى، شددت "سارة مارتن"، المديرة التنفيذية للجمعية العالمية للمدربين الجنسيين، على ضرورة أن تسترخي المرأة إذ "قبل الوصول إلى النشوة، تتباطأ موجات ألفا في أدمغتنا"، وهو أمر كشفه بدوره الفيلم الوثائقي The Super Orgasm الذي أوضح أن النساء اللواتي اختبرن هزات جماع متكررة كانت لديهنّ موجات ألفا أبطأ من النساء الأخريات، بمعنى آخر إن الأدمغة أكثر هدوءًا، توفر مساحة أكبر للمتعة، وعليه أكدت "مارتن" أنه "من الصعب جداً التفكير بالمتعة في حال كانت المرأة قلقة عوضاً عن التركيز على جسدها".
لماذا لا يختبر الرجال هزات جماعٍ متكررةٍ على غرار ما يحصل مع النساء؟
via GIPHYليس هناك من شيء أكثر إحباطاً بالنسبة إلى الرجال من فكرة الاستمتاع بالعملية الجنسية والرغبة بالانخراط في جولةٍ جديدةٍ، من دون امكانية تحقيق ذلك نتيجة "فترة الجموح" التي تُعرف بـRefractory period اي "الفترة التي يقضيها الرجل بعد القذف ويكون فيها عاجزاً عن تحقيق الإنتصاب"، بحسب ما شرحته المتخصصة في علم الجنس "إميلي مورس".
هذا ليس قذفاً وظيفياً، بل قذف من الفخر والاعتزازفي حين أنه من الشائع أن تختبر المرأة هزات جماعٍ متعددة في غضون ثوانٍ أو دقائق وفق عدة عوامل من بينها: التحفيز الصحيح، الجو الملائم، مدى معرفتها بجسدها... فإن الرجل في المقابل يدخل مرحلة "الارتخاء" بحيث يهدأ الجسم كله ويصبح من غير الممكن أن يصل إلى النشوة الجنسية مجدداً، نتيجة التغييرات التي تطرأ على جسمه بعد الذروة الجنسية: يصبح العضو الذكري رخواً، تنخفض مستويات الدوبامين والتستوسترون في حين أن معدل البرولاكتين يرتفع..." مما يشكل ضربة مزدوجة تؤثر على النشاط الجنسي"، وفق "جايمين برامبات"، الطبيب المختص في أمراض المسالك البولية في "اورلاندو هيلث".
أما مدة عدم الاستجابة للتحفيز الجنسي فقد تراوح بين نصف ساعة ويومٍ كاملٍ إذ أنها تختلف من رجلٍ إلى اخر وفق العمر والهرمونات والصحة العامة. ومع ذلك، كشفت "ديبي هاربينيك" أن هناك "حفنةٍ من الرجال" الذين بوسعهم المحافظة على الانتصاب بعد القذف المتكرر رغم أن عدد الحيوانات المنوية في هذه الحالة ينخفض بشكلٍ ملحوظ: "هذا ليس قذفاً وظيفياً، بل قذف من الفخر والاعتزاز"، بحسب قول "ديبي"، مشيرةً إلى أنه في حال كان الرجل قادراً على اختبار هزات جماعٍ متكررةٍ فإن هذا يفتقر إلى أي منطقٍ بيولوجي، خاصة أن الجسم ليس بوسعه تخزين سوى عدد معيّنٍ من الحيوانات المنوية التي لا تعيش فترة طويلة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون