شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!

"ضغوط" لإسكاتها... صحافية مقدسيّة تشكو تعرضها لـ"اعتداء جنسي" في مستشفى خاص ببيت لحم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والنساء

السبت 15 أبريل 202306:02 م

أفصحت الصحافية الفلسطينية المقدسية ميرفت العزة، الجمعة 14 نيسان/ أبريل 2023، عن تعرضها لـ"اعتداء جنسي" بلمس ثدييّها نحو سبع مرات من قبل فني أشعة داخل أحد المستشفيات في مدينة بيت لحم، مشيرةً إلى تعرضها لـ"ضغوط" فردية وعشائرية للتنازل عن شكواها.

وفق ما ذكرته في مقطع فيديو عبر حسابها في فيسبوك، تعرضت العزة لحادث سيارة في بلدة بيت ساحور القريبة من بيت لحم، في الثاني من آذار/ مارس 2023، ونُقلت على إثره لأحد المستشفيات الخاصة في المنطقة الخاضعة لحكم السلطة الفلسطينية. علماً بأن تلك كانت المرة الأولى التي تُعالج فيها في مشفى فلسطيني إذ كانت دائماً تتعامل مع مستشفيات القدس لامتلاكها تأميناً طبياً.

أضافت العزة أنها كانت بمفردها حين وصلت المشفى الخاص حيث خضعت أولاً في غرفة الطوارئ لفحص "عادي" لتقييم آثار الحادث قبل أن يطلب الطبيب إجراء أشعة على يدها اليمنى وقدمها، وهما أشد تضرراً بالحادث، وكتفها نظراً لشكواها من ألم فيها.

"هون أدركت أن فيه اعتداء بيصير عليّ"

في غرفة الأشعة حيث تعرضت العزة للاعتداء الجنسي حسبما تقول، سأل فني الأشعة الممرض الذي اصطحبها للغرفة إذا كان برفقتها أحد، فقال له لا. وطلب الفني منها هويتها فأطلعته عليها. قبل أن يطلب منها الاستلقاء على سرير الأشعة وفرد ذراعها والتقاط صورتين لها. 

"هادا اللمس اللي انلمسته أكيد مش لمس طبيب. هون أدركت أن فيه تحرش، فيه اعتداء بيصير عليّ"... صحافية مقدسيّة تتحدث عن تعرضها لـ"اعتداء جنسي" في مستشفى خاص في بيت لحم وتشكو "الضغوط العشائرية" لسحب شكواها و"خذلان الأهل"

بعد ذلك، قالت العزة إنها فوجئت بفني الأشعة وهو يضع ماكينة الأشعة فوق صدرها و"بثواني، بلحظة، رفع البلوزة للآخر، والستيانة (حمالة الصدر) رفعها اللي فيش فيها أي قطعة حديد". أوضحت الصحافية الفلسطينية أنها حين حاولت مقاومة ذلك أخبرها الفني أن ذلك إجراء ضروري لالتقاط الأشعة.

وتابعت: "رفعهم، وبعدين ما شفته إلا بيحط إيده الشمال على ثديي الشمال وبيهزه وبيقولي ‘بيوجعك‘. بعدين بيحط إيده اليمين على ثديي اليمين وبيقولي ‘بيوجعك‘. بعدين حط إيده في الوسط بين الاتنين وقالي ‘بيوجعك‘. وطلع أخد صورة ورجع… أنا شفته طلع، بعرفش أخد صورة ولا مخدش صورة".

وأردفت بأن الفني عاد إليها من جديد و"وضع إيده التنتين على ثدييّ اليمين والشمال، وحركهم بشكل دائري وقالي ‘بيوجعوكي‘. قلتله ‘لأ‘"، مستدركةً "لحد هلأ كنت بشك أنه بيشوف حاجة في صورة الأشعة وع أساسه بيلمس فيّي وبيفحص بصدري، بأثدائي. إلا أنه مسك بالأخير الثديين الاتنين وقال لي ‘لفّي‘" أي استديري. 

وقالت العزة إنها شكّت حينها في الفني لأنها تجري فحص الثدي والصدر بشكل دوري لوجود تاريخ إصابة بالسرطان في عائلتها، ومرضها بحساسية صدر، ولم يُطلب منها إجراء مماثل". أدركت حينها أيضاً أن "هادا اللمس اللي انلمسته أكيد مش لمس طبيب. هون أدركت أن فيه تحرش… فيه اعتداء بيصير عليّ".

كما أشارت إلى أنها حاولت في البداية السيطرة على أعصابها والتحكم برد فعلها لأن "أنا في المستشفى لحالي ومعييش أي أقارب وسيارتي مش معي وإيدي أصلاً مش راكبة على بعضها"، تابعت بأن الفني عقب تصوير رجلها، عاد وطلب منها إعادة تصوير صدرها. وعن ردة فعلها أضافت: "فأنا هون وقفت، قلت له: ‘لسّا بدّك تلمسني؟ لسّا بدّك تحط إيدك عليّ؟‘. وطلعت أصرّخ في ممر المستشفى. وأطلّع في وجوه الناس وأحاول أشرح. قلت بالزبط شو سوّى، قلت: ‘جيبولي الشرطة، مسك كذا‘"، لافتةً إلى أنها استخدمت المصطلح الفلسطيني العامّي للثدي.

وأضافت العزة أن وجال أمن المستشفى نهروها وحاولوا إسكاتها وطالبها أحدهم: "وطّي حسكي. وطّي صوتكي بجولكي"، لتتوجه إلى غرفة الطوارئ التي استُقبلت فيها أولاً وتواصل المطالبة بإحضار الشرطة. هناك توجّه إليها مدير المشفى و"صدمها" بـ"أكتر جواب مش مهني ممكن يتجاوب" وهو "أنا هحقق بس ما كان فيه بينك وبينه غير الله"، وهو ما اعتبرته إشارة لعدم جديّة المشفى في اتخاذ إجراء ضد الفني المتهم بالاعتداء.

وفق رواية العزة، وصل أهلها للمشفى بعد ذلك ليتعامل معهم مدير المشفى ويقنعهم بأنها "من الألم… اتهيّأ (خُيّل) إلها أنه لمسها فصارت تصرّخ في المستشفى"، فاستنكروا تصرفها دون الاستماع إليها. أما نجلها، ففور وصوله المشفى وعلمه بالحادثة، بادر بالذهاب إلى إدارة المشفى وحصل على اسم الفني المعتدي تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

في النيابة العامة سُئلت: "أهلك موافقين" على تقديم شكوى؟ وخلال تحقيق لجنة وزارة الصحة، اتهمها أحدهم صراحةً: "أنتي شكلك كنتي مبسوطة. كيف سبتيه يلمسك سبع مرات وأنتي مش معترضة؟"

"ضغوط" و"تجاهل"

فور مغادرة المستشفى، ليلة الحادثة، قالت العزة إنها قدّمت عدة شكاوى، بما في ذلك شكوى لوزارة الصحة الفلسطينية برام الله ضد المشفى، كـ"إنسانة واعية لحقي" وانطلاقاً من قناعتها بأن "المرة الوحيدة اللي دخلت فيها مستشفى في (مناطق سيطرة) السلطة الفلسطينية تمت استباحة جسدي بهذا الشكل، طب الستات اللي عايشين في هاي البلد بيروحوا المستشفيات، بيناموا وبيكونوا تحت التخدير الكامل، كيف بيتم فحصهم؟ كيف بيتعاملوا معهم؟". ونبّهت: "الحمد لله أن أنا كنت واعية. أنا بتخيّل لو مكنتش واعية وكان مغمي عليّ كان شو صار؟".

وأكدت العزة أنها تلقت رسائل من نساء وسيدات فلسطينيات أكدن لها تعرضهن لحوادث مماثلة في مشافٍ فلسطينية، وشجعنها على عدم التراجع عن شكواها التي أعربت عن اعتقادها بأنها ستكشف الكثير من الحوادث المشابهة.

 في المقابل، قالت إنها تعرضت لـ"ضغوط عشائرية" من قبل صاحب المشفى الخاص للتنازل عن الشكوى بذريعةً "متضيعيش مستقبل الشاب" و"الشاب مسكين وبدناش أهله يعرفوا" و"تعالي نرضيكي"، وكانت ترد بأنها لا تريد ترضيةً وإنما "اعترافاً بالأذى" الذي وقع عليها.

أضافت أن أهلها قالوا لها "الموضوع محرج، سكّري الشكوى". أما هي فشددت: "أنا مستحيل أسكّر الشكوى. لو كان هالشي آخر شي بدّي أعمله بهالبلد. حقي مش هسكت عليه. وكل طرق الضغط مش هتثنيني عن أني أكمل في قضيتي".

أقرت العزة بتشكيل لجنة تحقيق إدارية من وزارة الصحة الفلسطينية، لكنها وصفت التحقيق معها بأنه كان "قاسياً جداً وفيه ضغط حتى تنسحب ويضيع حقها". كما اتهمت بعض أفراد اللجنة بتهديدها بإنهاء التحقيق والسخرية من أنها "مش مخلية أحد ما شاكيتله". وأكدت أنها رغم ذلك افترضت حسن النية وظنت أنه ربما الضغط عليها من اللجنة لغرض التحقق من صدق اتهاماتها. 

غير أن اللجنة انتهت إلى عدم إثبات أي مخالفة ضد الفني، و"تجاهلت" العزة وامتنعت عن مشاركة القرار معها أو الرد على رسائلها واتصالاتها "وكأني مش صاحبة القضية"، على حد قولها، ما جعلها تتعجب: "ما بفهم مصلحة وزارة الصحة أنو تحمي المستشفى".

تقدمت العزة بشكوى للنيابة أيضاً بعد مرور 13 يوماً على الحادثة نظراً لخضوعها لعملية في يدها. وهناك، وجّه إليها سؤال "غريب جداً" وهو "أهلك موافقين؟". لترد "أنا عمري 45 عاماً. إذا أهلي بدهم يتدخلوا فيّي بعرضي وبحدا بيهتك عرضي، معناته أنا مليش أهل. أهلنا بيحمونا. أهلنا مش مفروض يضيعوا حقنا".

كذلك استنكرت أنها "محتاجة طول الوقت أشرح وأبرر وأفهّم إيش اللي صار معي وحجم الضرر… مش بكفيني وجع إيدي. مش بكفيني الحادث. مش بكفيني الألم المعنوي. كمان عمالة بجاهد أشرح وأقول إيش صار معي".

"هل المتحرش بيكون أقوى كل مرة لأن النساء ما بيشكوا؟ وإن شكوا أهلهم يجبروهم يسحبوا الشكوى؟ وإذا ما سحبوا الشكوى العشائر هتسكّر القضية بفنجان قهوة؟ هيك قضايانا بتتسكّر؟ هيك أعراضنا مستباحة؟"

"لو أن أهلي اصطفوا معي…"

في تصريح خاص لرصيف22، قررت الصحافية الفلسطينية "طواعيةً" الإجابة عن سؤال لماذا لم تتخذ رد فعل إلا بعد أن لمسها الفني سبع مرات. قالت: "وجودي على سرير مستشفى جعلني أفكر طويلاً قبل أن أُدرك أن هذا تحرّش. هذا الرجل لمسني بسلطته الطبية في مكان طبي وأنا مآمنة".

وأشادت العزة برد فعل نجلها الذي يدرس في السنة الثالثة بكلية الطب والذي قالت إنه "فاجأني بأنه كان في قمة الرجولة والهدوء"، على حد تعبيرها. "كنت بنهار نفسياً في لحظات بالبيت. فترة الشهر ونصف اللي مرّت من وقت الحادثة مكنتش عادية. كان يتحلى بالهدوء ويضلّ حواليّ بمسافة مش كتير قريبة حتى ما يضغط عليّ. كان يعرف أي وقت يقرّب وأي وقت يتركلي مساحتي الخاصة. لم يشك في روايتي لحظة. هو الذي يدعمني طول الوقت"، تابعت.

لكنها لا تُخفي شعورها بالخذلان من موقف أهلها. قالت: "لو أن أهلي اصطفوا معي منذ اللحظة الأولى بوجه المستشفى ومديرها كان كل شيء اختلف. المعتدي والمستشفى حين رآيا أن أهلي لا يقفون معي استهتروا بشكواي أكثر. لكن عدم وقوف أهلي معي وشعوري بالخذلان وشعوري الكامل بالضعف بدونهم لم يكن كافياً لدفعي للاستسلام بل جعلني أتحلى بالقوة وأحارب أكثر".

تنتظر العزة راهناً قراراً من النيابة أو تحقيقات جديّة في الحادثة، بما في ذلك تفريغ الكاميرات في المستشفى والأشعة التي التُقطت لها، بينما تأمل أن تحظى بمحام مؤمن بقضيتها لدعمها في المراحل القادمة بعد تراجع عدد من المحامين بسبب الضغوط. 

وتختم بالتعبير عن الانزعاج من أنها كصحافية تتعرض لكل هذا بينما تتساءل "كيف لو بنت عمرها 22 سنة أو سيدة صار معها هذا الحادث، كيف كانت هتتصرف؟ هل المتحرش بيكون أقوى كل مرة لأن النساء ما بيشكوا؟ وإن شكوا أهلهم يجبروهم يسحبوا الشكوى؟ وإذا ما سحبوا الشكوى العشائر هتسكّر القضية بفنجان قهوة؟ هيك قضايانا بتتسكّر؟ هيك أعراضنا مستباحة؟".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard