شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"الحلق في أذنه والمسبحة في يده"… "توبة" أحمد الفيشاوي محل نقاش إلكتروني

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن وحرية التعبير

الثلاثاء 4 أبريل 202301:30 م

منذ بداية شهر رمضان، عادت أخبار الفنان المصري أحمد الفيشاوي إلى الواجهة مع تكثيفه النشر عن مظاهر وطقوس تعبده، وهو ما تسبب في نقاش إلكتروني واسع بين فريق سعيد بـ"توبته" يدعو له بـ"الثبات"، وفريق يتهمه باستغلال الدين للعودة إلى الأضواء. 

وطالما كان الفيشاوي (43 عاماً)، نجل النجم الراحل فاروق الفيشاوي والنجمة سمية الألفي، مثيراً للجدل بأخباره الشخصية لا الفنية. 

بين عامي 2004 و2006، أثار غضب الجمهور لرفضه الاعتراف بنسب ابنته الأولى من زواج عرفي "لينا"، وهو ما أقرته محكمة مصرية واعترف به الفنان وأسرته لاحقاً. تكرر الأمر نفسه قبل بضعة أشهر حين ظهرت سيدة ألمانية واتهمت الفيشاوي الابن بالتنصل من نسب ابنهما "تيتوس" وأعلنت عزمها رفع دعوى إثبات نسب ضده، قبل أن يعود الفيشاوي ويعترف بابنه علناً ويتباهى بإنجاز رياضي حققه عبر حسابه في انستغرام مطلع هذا العام.

وكان نمط حياة أحمد الفيشاوي المتقلب محل ضجّة وانتقاد دائماً. وهو الذي تأرجح بين التدين الشديد بعض الوقت، قبل أن ينخرط في الحياة الصاخبة وتكثر زيجاته وتغطي الوشوم جسده، ويرتدي أقراطاً وهو أمر غير شائع أو مقبول بالنسبة للرجال في مصر.

"إنسان نظيف جداً من جواه بس مشتت وعاوز إللي يقف جنبه"... سجال إلكتروني واسع حول طقوس الفنان أحمد الفيشاوي الرمضانية. لماذا اعتبره البعض "ضحيّة"؟ 

"باب ربنا عمره ما بيتقفل"

وفي 24 آذار/ مارس 2023، نشر أحمد صورته وهو يجلس على سريره ممسكاً بمسبحة وأمامه مصحف، وعلق عليها: "أعتقد أن باب ربنا عمره ما بيتقفل علي أي حد في أي وقت... مع سبحة الفنان الأستاذ الكبير فاروق الفيشاوي التي لم تفارقه آخر ثلاث سنوات في حياته... أرجو الفاتحة والدعاء لأبي... رمضان كريم".

بعد ذلك ببضعة أيام، نشر صورته وهو يجلس على سجادة الصلاة، وأمامه مسبحة والده، معلقاً "ليلة سعيدة". وجاءت غالبية التعليقات على الصورة سلبية أو ساخرة لارتدائه قرطاً/ حلقاً في أذنه.

لاحقاً نشر صورته وهو يسبّح على سجادة الصلاة، وقد أخفى أذنيه، معلقاً: "الله لا يستسلم أبداً. فلنحاول فعل الأمر نفسه. ليلة سعيدة".

وقبل يومين، نشر صورة جديدة وهو يُسبّح على سجادة الصلاة أيضاً وقد تخلى عن قرط الأذن. كتب عليها: "20 يوماً على الانطلاق. ليلة سعيدة للجميع".

وظهر في آخر صورة منشورة له وهو يُسبّح بمسبحة والده، وإلى جواره لوحة يتوسطها حرف "F" ومن حوله فراشات. وأوضح في التعليق المرفق: "F من ‘فاروق‘. ليلة رائعة للجميع. الصلاة من المنزل".

"أحمد الفيشاوي إنسان، وكلنا بشر، بنغلط وبنتوب وبنمر بمراحل كتير وتغييرات كتير وقناعات في يوم وليلة بتتغير. عموماً، لما نلاقي حد بيعمل حاجة حلوة ومرتاح فيها عيب نتريق عليه، لأن ببساطة ماحدش ضامن نفسه ولا قناعاته أبداً"

"ضحيّة" و"نسخة كل واحد فينا"

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، تباينت التعليقات على طقوس أحمد الفيشاوي الرمضانية. البعض تمنّى أن تكون "التوبة الصادقة" ودعا له بـ"الثبات" فيما آخرون شككوا في نياته بالإشارة إلى نشره صوراً و"الحلق في أذنه، والمسبحة في يده، على سجادة الصلاة!".

أما الفريق الأول، فتعاطف معه واعتبر أنه "نسخة كل واحد فينا بيفقد بوصلته أوقات وبيرجع تاني"، لافتاً إلى أنه "إنسان نظيف جداً من جواه بس مشتت وعاوز إللي يقف جنبه".

من هذا الفريق صانعة المحتوى الليبية إيناس وحيدة التي كتبت عبر فيسبوك: "هلبا (كثير) ناس هاجمت #أحمد_الفيشاوي كيف ينشر صورة وهو يصلي بمنظره اللي معبي وشوم وتاريخه اللي معبي معاصي. متخيلين أنه الشياطين مش موجودة في الشهر الفضيل، لكن فيه ناس حرفياً مستلمين شغلهم. ربي يدعونا مهما تكون ذنوبنا إننا ندعوه سبحانه وتعالى وحيغفر لمن يشاء، وهو يهدي من يشاء".

واعتبرت المصرية إسراء جاد أن "أحمد الفيشاوي ده ضحية لأب مدمن بهدل معاه أسرة كاملة. مبررات من الأم زي إنها بتحبه، البيت هيتهد، ما ينفعش عيالي يتربوا بعيد عن أبوهم… إلخ (ده حسب كلامها) وصّلتها هي وابنها لحتة نفسية مش ولابد".

"أنا بحب نسخة أحمد الفيشاوي ‘غير التائبة‘ زي ما بيسموها، نسخة التاتو والخمور، ومضايق أنه بيرجع تاني لسكة الاستعراض الديني اللي مطلوقة علينا في كل مكان"

وزادت إسراء: "أنا بحبه كممثل جداً، وبحبه كشخص عشان مش بيقاوح وفي نفس الوقت مش عامل حساب لأي حد، مش بيتكسف يقول أنا بصلي، ولا أنه فاكر حاجة حلوة لأبوه رغم كل ده. أحمد الفيشاوي إنسان، وكلنا بشر، بنغلط وبنتوب وبنمر بمراحل كتير وتغييرات كتير وقناعات في يوم وليلة بتتغير. عموماً، لما نلاقي حد بيعمل حاجة حلوة ومرتاح فيها عيب نتريق عليه، لأن ببساطة ماحدش ضامن نفسه ولا قناعاته أبداً".

اتفق معها نسبياً منشىء المحتوى هاني شادي الذي قال عبر فيسبوك: "على فكرة أحمد الفيشاوي إنسان كويس بس هو اتخذل وهو فى بداية حياته واتعرّض لصدمة شديدة تسببت في انقلاب موازينه و فقدان الثقة فى القدوة... الصدمة دى كانت فى شخصية الأرجح أنها شخصية كانت تبدو دينية وملتزمة ولكن تبيّن لأحمد أن تدينها والتزامها مجرد سبّوبة شغل مش أكتر".

وأكد محمد عارف: "أنا بحب أحمد الفيشاوي جداً رغم أي حاجة هو مر بيها أو أي طريق اضطر يمشي فيه. الفيشاوي جواه حاجة لسه وأي إنسان جواه أي صراع بالنسبالي هو نسخة متطورة عن أي إنسان تاني متعرضش لاختبارات"، مضيفاً "مشكلتنا في التصنيف. مشكلتنا إزاي نقدر ننحي حاجة زي الروح ونحكم ع الأفراد من مجرد أفعال صابت وخابت. الروح والنفس هما عنصر غير قابل للتصنيف".

قال الشاعر محمود موسى: "إلى أحمد الفيشاوي… انشر كما تحب، وتقرّب إلى الله كما تحب. وعلى من زايد عليك أن يرفع لنا صورة مقعده في الجنة". كما غرّد الداعية المثير للجدل عبد الله رشدي مخاطباً الفيشاوي: "ثبتَّكَ اللهُ؛ كلُّنا عُصاةٌ؛ كلُّنا مذنبون وخيرُنا من يتوبُ ولعلَّك من خيرِنا".

"أنا بحب أحمد الفيشاوي جداً رغم أي حاجة هو مر بيها أو أي طريق اضطر يمشي فيه… جواه حاجة لسه وأي إنسان جواه أي صراع بالنسبالي هو نسخة متطورة عن أي إنسان تاني متعرضش لاختبارات".

وفي رسالة مطولة عبر فيسبوك حظيت بإعجاب نحو 25 ألف شخص، وأعاد العشرات تداولها عبر حساباتهم، كتب صانع المحتوى يوسف الدموكي للفيشاوي: "أخانا في الإسلام أحمد الفيشاوي، تحية طيبة وبعد… هذه رسالةٌ من عاصٍ إلى عاصٍ، ومن مذنب إلى مُذنب، ومن تائب إلى تائب، من رجل لا يعلم أيّاً منا أعلى عند الله درجة، ولا أفضل ثواباً وأجراً، ولا أحسن مكاناً وأملاً، إلى رجل يجهر بمحاولات العودة، كما وقع -مثل كثيرين منا- في الجهر بالمعصية، نتخيل صدره شفافاً صافياً، يعكس لنا ما خلفه، ولا يعنيه في ذلك أن يراه الناس وإنما أن يراه رب الناس، مقبلاً عليه، مهرولاً إليه، مخلصاً له، داعياً إياه، متوسلاً ببابه، يرجو رحمته ويخشى عذابه".

وتابع: "هذه الدنيا لا خير فيها إلا رضا خالقها، فأقبِل عليه يُقبل عليك، وهو الذي إن خطوت إليه شبراً أتاك ذراعاً، ويغفر كل ما دون الشرك، حتى الشرك فإنه يتحول وما قبله إلى ثواب إذا ما أسلمت لله خاشعاً، فحسبك من قلبك الصدق، ومن عملك التصديق، ومن مالك الصدقة، وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون".

وحذّره من أن "زوال الدنيا كلها أهون من أن تأتي الله وهو عليك غضبان، ولزوال الدنيا كلها أهون عليك حين تأتيه الله وهو عنك راضٍ"، قبل أن يناشده في الختام: "أخي أحمد، ألم يأنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق؟".

"استعراض ديني"؟

على الجانب الآخر، سخر أشخاص نشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أسلوب "صورني وأنا بصلي". من بينهم مروة ناصر التي تعجبت: "أحمد الفيشاوي منزل صور ليه وهو بيصلي، عادي. شيوخ ومثقفين مبسوطين ومنزلين بوستات بيدعوا له بالهداية والثبات. أنا: هو كان خرج عن الملة أصلاً؟ وبعدين هو اللي بيصلي بيصور نفسه وينزل على السوشيال ميديا ليه؟".

عاب آخرون على الفيشاوي أيضاً ما اعتبروه "شو" أو "استعراض بالدين" لكن من منطلق حبهم لشخصيته الأخرى التي اعتاد إظهارها والضرب بآراء الناس وانتقاداتهم لها عرض الحائط. 

من هؤلاء المغرد المصري أحمد صبري الذي كتب في تويتر: "أنا بحب نسخة أحمد الفيشاوي ‘غير التائبة‘ زي ما بيسموها، نسخة التاتو والخمور، ومضايق أنه بيرجع تاني لسكة الـshow بالدين زي ما كان عليه الحال زمان"، مردفاً "حقيقي حزين جداً أن الفيشاوي اللي فهم التيتة (يقصد حقيقة الأمر) بدري بدري وخرج من وسطهم بيحاول يرجع تاني، واللي بعد ما كان بيعامل ربه بنيته واللي سبحانه عارف اللي جواه بقى عايز يرجع لمعاملة الاستعراض الديني اللي مطلوقة علينا في كل مكان".

وختم صبري: "حاجة تحزّن أن الواحد يرجع يشوف البني آدم دا بالصور الهزلية دي اللي معودينّنا عليها متدينين وشيوخ اليومين دول".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ذرّ الرماد في عيون الحقيقة

ليس نبأً جديداً أنّ معظم الأخبار التي تصلنا من كلّ حدبٍ وصوبٍ في عالمنا العربي، تشوبها نفحةٌ مُسيّسة، هدفها أن تعمينا عن الحقيقة المُجرّدة من المصالح. وهذا لأنّ مختلف وكالات الأنباء في منطقتنا، هي الذراع الأقوى في تضليلنا نحن الشعوب المنكوبة، ومصادرة إرادتنا وقرارنا في التغيير.

Website by WhiteBeard
Popup Image