شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"تناولتُ الديدان دون أن أدري"... الحشرات إلى المائدة الأوروبية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والمهاجرون العرب

الأحد 2 أبريل 202312:26 م

أضافت المفوضية الأوروبية في كانون الثاني/يناير الماضي بعض أنواع الحشرات والديدان كالصراصير المنزلية ويرقات الدودة القشرية للمائدة الأوروبية كمصدر بديل للبروتين، سواء كان ذلك عبر استخدام الحشرات المجففة أو المجمدة أو مسحوق هذه الحشرات. على أن يكون واضحاً في غلاف المنتج الغذائي احتواؤه على الحشرات، مع الإشارة إلى إمكان حدوث أعراض تحسسية لدى الأشخاص الذين يعانون من حساسية من القشريات والرخويات.

لكن كيف استقبل العرب الذين يقيمون في أوروبا هذا الأمر، وهم لم يعتادوا تناول مثل هذه الأطعمة؟ وهل سيؤثر ذلك على حياتهم؟

تجد أنسام، فلسطينية، 31 عاماً، التي تقيم في ألمانيا منذ العام 2015، هذا الأمر مقززاً لا يمكنها تقبله نفسياً. وبحسب قولها، يجب أن لا يتعوده المرء، حتى لا يصل به الأمر لتناول أشياء أفظع. وهي تفضل أن نحافظ على نفس مصادر البروتين الحيوانية التي اعتدناها لكي لا تنقل إلينا أمراضاً جديدة لأن أجسادنا لم تعتد مثل هذه الأطعمة.

"أول ما فكرت فيه حين قرأت الخبر هو القرف عندما تخيلت نفسي أعجن باستخدام دقيق الحشرات والديدان". أنسام، فلسطينية مقيمة في ألمانيا

وتضيف: "أول ما فكرت فيه حين قرأت الخبر هو القرف عندما تخيلت نفسي أعجن باستخدام دقيق الحشرات والديدان".

وتوضح أنها جربت هذا النوع من الطعام دون معرفتها، إذ كانت تشتري في السابق أحد أنواع الشوكولاتة المشهورة، والتي عرفت لاحقاً عن طريق الصدفة احتواءها على أحد أنواع الحشرات، فلم تعد تشتريها قط.

 أما بالنسبة لديمة، سورية، 43 عاماً، انتقلت إلى ألمانيا قبل عام، فالأمر يعتبر حرية شخصية، فكما هنالك بعض الناس التي تتقبل أكل الحشرات والأفاعي أو الجراد فإنها وعائلتها لا تتقبل مثل هذا الطعام.

وهي ترفض تجربة تناول الحشرات، وتقول إنها تأمل ألا تجربه دون أن تدري لأن ذلك قد يسبب لها تروما حقيقية بحسب قولها.

أما بالنسبة لأندرو، مصري، 35 عاماً، الذي انتقل إلى ألمانيا عام 2015 فلا مانع لديه يحول دون تناوله مثل هذا الطعام: "تناولت طعاماً يحتوي نوعاً من الديدان دون أن أدري لأنني أعرف أن بعض الأصباغ الطبيعية الحمراء التي تستخدم في المأكولات حتى في البلاد العربية تستخرج من نوع من الديدان".

وهو يرى أن الكثير من سكان دول العالم تتناول الحشرات كمصدر للبروتين الذي له فوائد غذائية كثيرة، فما المانع من تجريبها، يعتقد أن الأمر سيكون غريباً في البداية لكنه يحب تجربته.

ويوضح: "أثق بالنظام الصحي والرقابة على الغذاء في أوروبا، وأدرك أن التصريح بالسماح بتناول بعض أنواع الحشرات في الغذاء احتاج الكثير من الوقت والدراسة والبحث، لذا لا أعتقد أنها تضر بصحة الإنسان، فهي آمنة جداً".

"أثق بالنظام الصحي في أوروبا، وأدرك أن التصريح بإدخال بعض أنواع الحشرات في الغذاء احتاج الكثير من البحث، لذا لا أعتقد أنها تضر بصحة الإنسان". أندرو، مصري، مقيم في ألمانيا

وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، يأكل حوالى ملياري شخص حول العالم الحشرات لتكملة نظامهم الغذائي. وترى الأمم المتحدة أن تناول الحشرات المناسبة يساعد في معالجة القضايا الملحة للأمن الغذائي مع توقع نمو عدد سكان العالم إلى 9.8 مليار عام 2050.

واعتبرت دراسة نشرت في مجلة Critical Reviews in Food Science Nutrition، وهي مجلة متخصصة في علوم الغذاء، أن للحشرات فوائد صحية كبيرة، لاحتوائها على كميات عالية من الحديد والألياف والأحماض الأمينية الأساسية وفيتامين ب 12 وأوميغا 3 وغيرها من المواد الغذائية المفيدة، علماً بأن الصراصير على وجه الخصوص تحتوي على كميات كبيرة من البروتين.

ولكن ماذا عن البيئة، وهل تناول الحشرات كمصدر للبروتين يساهم في تقليل التغير المناخي فعلاً؟

في نظر منظمة The World Economic Forum فإن هنالك العديد من الأسباب التي تجعل أكل الحشرات يقلل من التغير المناخي، أهمها أن بعض أنواعها تنتج كميات كبيرة من البروتين، حتى أكبر من تلك الكميات التي تنتجها اللحوم البقرية مثلاً.

وتضيف المنظمة أن الحشرات تحتاج لعناية واهتمام أقل من الماشية. تفيد دراساتها بأن تربية الحشرات تحتاج إلى موارد أقل من الأرض والأعلاف والمياه والوقود واليد العاملة وتنتج كميات أقل بكثير من الكربون.

الحشرات تحتاج إلى موارد أقل من الأرض والأعلاف والمياه والوقود واليد العاملة وتنتج كميات أقل بكثير من الكربون.

وبالإضافة لكوننا نواجه نفاد مصادر البروتين، أشارت المنظمة إلى أن الحشرات تتغذى من المواد العضوية الناتجة عن عمليات أخرى، كالعمليات التي تحدث في مصانع الجعة، وهو يجعل تربية الحشرات تقلل من النفايات، وهذا بدوره سيقلل من انبعاث غاز الميثان، أحد أهم الغازات التي تسبب الانبعاث الحراري.

رغم الفوائد الصحية والبيئية لأكل الحشرات هناك الكثير من الجاليات العربية في أوروبا غير معتادين أكلها، ولن يكون من السهل عليهم السماح لأولادهم بتناول طعام يحتوي على الحشرات. تقول مي التي تقيم في باريس منذ نحو عام إنها لا تقبل أن يتناول ابنها البالغ أربعة أعوام أي منتجات أو وجبات تحتوي على الحشرات. 

وتعقب: "ترسل لي مدرسة ابني قائمة شهرية بالطعام الذي سيُقدّم للأطفال، ولو عرفت أنه سيتم تقديم مثل تلك المأكولات في يوم ما فسوف أطعم طفلي بالبيت في ذلك اليوم".

وتشير أنسام إلى أن المدارس الأوروبية لا تجبر الأطفال على تناول أطعمة معينة، فهي طلبت من مدرسة ابنها على سبيل المثال ألا يتناول وجبات تحتوي على لحم الخنزير، وهو ما تحترمه المدرسة وتلتزم به، لذا فإنها تنوي أن تطلب من المدرسة أيضاً ألا يتناول ابنها وجبات تحتوي على الحشرات.

وتعلق على القرار الذي أصدرته المفوضية الأوروبية: "يشكل ذلك المزيد من الضغوط والمجهود، إذ صار علينا البحث عن حلول تجعلنا نتأكد قبل شراء المنتجات من السوبرماركت أنها لا تحتوي على الحشرات".

رغم الفوائد الصحية والبيئية لأكل الحشرات هناك الكثير من الجاليات العربية في أوروبا غير معتادين أكلها، ولن يكون من السهل عليهم السماح لأولادهم بتناولها.

يذكر أن قرار المفوضية الأوروبية هذا، لم يكن الأول من نوعه، فعام 2021 تمت إضافة يرقات خنفساء (تينبريو مولتور) والجراد إلى المائدة الأوروبية. 

ورغم أنّ المفوضية الأوروبية تؤكد على الفوائد الصحية والبيئية لأكل الحشرات لا تجبر أحداً على تناولها. 

من حق كل إنسان تناول الطعام الذي يناسبه وفقاً لمعتقداته وآرائه، ومثلما هناك من يحبون تجربة الأشياء الجديدة هناك من يفضل المعتاد عليه، وعلى كل شخص احترام حرية الآخر في ما يريد تناوله. 

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بين دروب المنفى وذكريات الوطن

خلف كلّ مُهاجرٍ ولاجئ، حياة دُمِّرت وطموحاتٌ أصبحت ذكرياتٍ غابرةً، نُشرت في شتات الأرض قسراً. لكن لكلّ مهاجرٍ ولاجئ التمس السلامة في أرضٍ غريبة، الحقّ أيضاً في العيش بكرامةٍ بعد كلّ ما قاساه.

لذلك هنا، في رصيف22، نسعى إلى تسليط الضوء على نضالات المهاجرين/ ات واللاجئين/ ات والتنويه بحقوقهم/ نّ الإنسانية، فالتغاضي عن هذا الحق قد يؤدّي طرديّاً إلى مفاقمة أزمتهم والإمعان في نكبتهم. 

Website by WhiteBeard