شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
ملائكة الخلاص أم متعاطو المخدرات؟... شباب إيران في عيون مفكريها

ملائكة الخلاص أم متعاطو المخدرات؟... شباب إيران في عيون مفكريها

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 17 فبراير 202301:57 م

خروج الشباب والفتيات وحتى تلامذة الثانويات والإعداديات في الشوارع الإيرانية في الفترة الأخيرة احتجاجاً على وفاة الشابة مهسا أميني في مركز شرطة الحجاب أدهش المجتمع الدولي، حتى ظل صداهم يتردد في أروقة القرار الدولي وتمت مناقشته من قبل الكثير من الخبراء والباحثين والأكاديميين والمفكرين لفهم هذه الظاهرة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهي التي طبقت أفكارها وأسلوب حياتها في المناهج الدراسية والإعلام الرسمي والجو العام طيلة 44 عاماً من عمرها حتى الآن.

حمل الشباب الإيراني في الاحتجاجات الأخيرة مطالب عديدة أبرزها إلغاء شرطة الحجاب والحجاب القسري والقيود المفروضة في البلاد على الحريات الفردية. كما طالب جزء منه بإصلاح سياسات النظام وهناك أيضاً من يطالب بتغيير النظام. 

أدهش خروج الشباب والفتيات وحتى تلامذة الثانويات والإعداديات في الشوارع في إيران في الفترة الأخيرة احتجاجاً على وفاة الشابة مهسا أميني المجتمعَ الدولي حتى ظل صداهم يتردد في جميع أروقة القرار الدولي 

وفي هذه المادة وبهدف التعرف على الواقع الإيراني، جمعنا آراء أشهر الفلاسفة والمفكرين وعلماء علم الاجتماع الإيرانيين من تيارات مختلفة في الداخل والخارج، ممن شاركوا في تحليل الأحداث الأخيرة في إيران، ونظرتهم تجاه جيل Z في إيران والذي استطاع أن يكسب نظرة عالمية حول وجوده واهتماماته.

ملائكة الخلاص

الأكاديمي الإصلاحي والفيلسوف بِيْجَن عبد الكريمي (59 عاماً)، الحاصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة عليكرة الإسلامية في الهند، والذي له كتب وأبحاث عديدة في مجال اختصاصه، عبّر عن رأيه تجاه الاحتجاجات قائلاً: "علينا أن نعتبر الشباب المتواجدين في الشوارع للاحتجاج، كملائكة الخلاص. تواجدهم في الشوارع يكشف العدوى في جسم خطاب الجمهورية الإسلامية وكشف المرض سيوصلنا إلى الوعي الذاتي".

وعن جيل Z الذي خرج للشوارع، أردف: "ما بين الجيل الجديد والأجيال الماضية، مسافة كبيرة جداً، إنهم يعيشون في عصر ما بعد الحداثة، ويبدون مطالبهم بصراحة وشفافية تامة. دخلت النساء اليوم الساحةَ وهذا يعني تطورات أنثروبولوجية، وعلى النظام أن يترقب من الآن فصاعداً احتجاجات باستمرار".

تحت سيطرة الشباب

قالت عالمة الاجتماع وأستاذة جامعة باريس مَهْنَاز شِيرَالي (58 عاماً)، الحاصلة على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع من المدرسة الفرنسية العليا للعلوم الإنسانية بعد تقديمها رسالة عن أزمات الشباب في إيران: "لم تتغير القيود والعقوبات التي تتحملها المرأة في إيران، الموضوع الذي تقدمنا فيه بعد الاحتجاجات، هو أن جيل الشباب يستثمر في الجو العام. نحن أمام شباب إيراني شجاع، ونساء يخترقن القوانين بشكل جماعي، وقوات شرطة لم تستطع مواجهة ذلك".


وأضافت مهناز المقيمة في فرنسا وهي إحدى أبرز الشخصيات الإيرانية حضوراً في الإعلام الغربي والمؤسسات البحثية والجامعات والمعاهد لشرح وتحليل الاحتجاجات الإيرانية الأخيرة: "يمكن لهم أن يعاقبوا فرداً واحداً إذا تخلف عن القوانين، ولكن عندما ينتفض المجتمع ويعارض كل القيود التي فرضت عليه، لا يمكن للشرطة فعل أي شيء حيال ذلك".

وحول الحضور اللافت للفتيات في الاحتجاجات الأخيرة، قالت: "عانت النساء كثيراً وما زلن يعانين، وتعرضن للإذلال خلال سنوات طويلة، فمن المنطقي تماماً أن يكنّ في طليعة النضال من أجل الحرية".

فتيات تمثّل المجتمع

وهكذا أبدى عالم الاجتماع وأستاذ جامعة طهران، تقي آزاد أرمكي (65 عاماً)، المتخرج من جامعة ميريلاند تحت إشراف عالم الاجتماع الأمريكي جورج ريتزر بدرجة دكتوراه ورئيس كلية علم الاجتماع السابق في جامعة طهران، رأيَه عن الأحداث الإيرانية الأخيرة: "من يقول هؤلاء مشاغبين؟ أي دراسة وبحث تثبت لنا أن من خرجوا في الشوارع هم مشاغبون أو ممثلو للغرب أو جواسيس الموساد؟ لا تخطئوا، إنهم أبناء الوطن، فنحن حوّلنا جميع المثل العليا الأخلاقية والدينية والثقافية والاجتماعية إلى أمر سياسي، وعلينا أن نتحمل عواقبه السيئة".

وأكمل: "خرج الطلاب في معظم الجامعات خلال الاحتجاجات الأخيرة كشخصية ناشطة ومنتقدة ومحتجة، وساهموا في توسيع أبعاد ظاهرة حركة الحياة أي الاحتجاجات، وهمّهم وسؤالهم هو: ما هي مكانة المواطنين في النظام الاجتماعي الإيراني؟ ما هو وضع المرأة؟ كيف هي العلاقات الإنسانية في المجتمع الإيراني؟".

ويصف أرمكي في آرائه الاحتجاجات الأخيرة بأنها ليست حركة شبابية أو حركة نسائية فحسب، بل حركة اجتماعية من المجتمع الإيراني، منحت تمثيلها للطلاب والشباب والفتيات.

الإرشاد الاستبدادي

المفكر والفيلسوف عبد الكريم سُروش (78 عاماً) الذي تم منعه من ممارسة نشاطه العلمي في إيران، فلجأ إلى الولايات المتحدة، وقبل ذلك درس الدراسات الدينية في المدرسة الدينية في إيران وعكف على الدراسات الأكاديمية فدرس الصيدلة في طهران، ثم الكيمياء التحليلية في لندن، وبعدها اتجه إلى دراسة فلسفة العلم وتياراتها النقدية الحديثة، يُعدّ من أكثر الباحثين الإسلاميين المُجدّدين إثارةً للجدل والخلافات. وسبب ذلك هو طرحه في كتاباته قضايا وإشكاليات ظلّ صداها يتردد في إيران والدول الإسلامية الأخرى.

هكذا وصف سروش الأحداث التي عصفت بإيران: "نشاهد أن الناس من المحتجین، يهربون من الإرشاد الاستبدادي شيئاً فشيئاً، ولا يمكنهم قبول قلة من الأفراد يفرضون أفكارهم البائدة عبر أدوات متخلفة ورجعية من القرون الوسطى تصل إلى حدود قتلهم"، تلميحاً منه إلى وفاة مهسا أميني في مخفر شرطة الحجاب.

وشدد: "لم تحدث هذه الاحتجاجات عبثاً، فعندما ننظر إلى استمرار العنف والقمع والاعتداء والقتل والدماء التي سُفكت على مدى 44 عاماً من تاريخ الجمهورية الإسلامية، عند ذلك نعذر الشباب الذين خرجوا في احتجاجات شديدة وعنيفة".

وقال أيضاً: "الطلاب الذين خرجوا في الجامعات متحمسين ووقفوا بحسم ضد ظلم الظالمين، وإذا ما توقفت احتجاجاتهم في نقطة، خرجت معوضةً في نقطة أخرى، لم يكن حضورهم عبثاً، بل إنهم لم ينسوا قمع الجامعة والجامعيين طيلة السنوات، خاصة اقتحام الحي الجامعي في عام 1999 وارتكاب مجزرة ضد الطلاب".

فتيات بمطالب جنسية

وأكد الباحث في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا إبراهيم فياض (59 عاماً) التابع للتيار المحافظ والحاصل على شهادة الدكتوراه في فرع الثقافة والتواصل الاجتماعي من جامعة طهران  والمدرس السابق فيها: "في الوقت الراهن، هذه حركة مع أفكار نسائية، لكنها لا تقتصر على النساء، ولا شك في أنها ستحدث تغييرات".


وأضاف: "شاركت جميع الطبقات الاجتماعية في الحركة الأخيرة تقريباً، وأما محورها الرئيسي فكان الفتيات، وكان لهن مطالب جنسية. الرجل كائن اقتصادي والمرأة كائن جنسي، ولذلك عندما دخلت النساء مشهد التظاهر، زادت المطالب الجنسية، وعلی الحكومة أن توفر أرضية العلاقات الشرعية إذا ما أرادت أن تنشئ رأس مال اجتماعياً". ويقصد بذلك أن المتظاهرين يبحثون عن التحرر في التواصل مع الجنس الآخر الذي ما زالت الحكومة لم تعترف به رسمياً خارج دائرة الزواج.

"عندما ننظر إلى استمرار العنف والقمع والاعتداء والقتل والدماء التي سُفكت على مدى 44 عاماً من تاريخ الجمهورية الإسلامية، نعذر الشباب الذين خرجوا في احتجاجات شديدة وعنيفة"... المفكر الإيراني عبد الكريم سُرُوش

وأردف: "تبحث الفتيات وفق ما شاهدته أنا عن تكوين أسرة لهن، ولكن آلياتهن مختلفة؛ فمنهن من تجلس في المنزل كي يأتي الشاب لخطوبتها بشكل تقليدي، ومنهن من تبحث عن صداقة ما قبل الزواج، ولكن الحقيقة واحدة وهي أنهن يبحثن عن الزواج".

أطفال يتعاطون ماريجوانا

المنظِّر المحافظ والذي نظّر من قبل لنظرية المؤامرة، حسن رحيم بور أَزغَدي (59 عاماً)، الحاصل على درجة الاجتهاد في الفقه الجعفري من المدرسة الدينية في مدينة قم الإيرانية، وهو عضو في المجلس الأعلى للثورة الثقافية في إيران، أشار إلى المعتقلين والتحقيقات معهم: "جل من شارك في الاحتجاجات هم أطفال، ووفقاً للتقارير الأمنية تم العثور على ماريجوانا في جیوب ثُلث المعتقلين، وقد أبدى 98 بالمئة من المحتجزين ندمهم عند اعتقالهم".

وأضاف: "سمعت أن في جامعة شريف الصناعية كان الطلاب يطلقون شتائم جنسية، وهذا كان غير مسبوق في التاريخ. كما حدثت مشاهد أثناء الاحتجاج في الجامعات سابقة في أوانها في إيران والعالم، من الواضح أن القضية ليست قضية طلابية وعلمية وسياسية، بل هي أعمال شغب".

محجبات وسافرات معاً

اشتهر المفكر الإسلامي والفيلسوف البروفیسور محسن كَديوَر (63 عاماً)، وهو رجل دين وصاحب درجة الاجتهاد في الفقه الجعفري، وحاصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية من طهران، ومقيم في أمريكا ومدرس في جامعة ديوك، بدعوته للإصلاح السياسي والتصحيح الديني حتى مُنعت كتاباته من الطباعة والنشر في إيران.

شدد هذا المفكر الإيراني على أن "الجمهورية الإسلامية تفرض نمط حياتها الخاص، وهو بدوره رؤية ضيقة من الإسلام التقليدي على المواطنين وخاصة جيل الشباب. وفرض أسلوب حياة ولباس خاص بالإكراه سيأتي بنتيجة عكسية، كما نشاهد حصيلته المُرّة".

وحول قتلى الاحتجاجات الأخيرة قال: "لقد قُتلت فتيات كثر ظلماً أثناء نضالهن الشجاع لنيل حقوقهن في الحرية باختيار نمط حياتهن، خاصة في مجال الملبس والمظهر".

وحول نتائج الاحتجاجات، قال كديور: "من الآن فصاعداً، وكما هو الحال في البلدان الأخرى ذات الأغلبية المسلمة، سنرى نساء محجبات وسافرات، والآن في منافسة سليمة يمكن للنساء أنفسهن الاختيار بين ارتداء الحجاب وعدم ارتدائه".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image