"كنت محبطةً والآن أنهض، رأسي مرفوع وعيني نحو الأعلى وأزداد حكمةً، ثم أدرك أن كل شيء سيكون على ما يرام"؛ قد تكون هذه الكلمات مألوفةً لدى البعض بحيث تستخدمها بعض الشابات بعد انتهاء علاقة عاطفية، أو ربما كمرفق لصورة تُنشر عبر تطبيق إنستغرام، ولكنها في الواقع مقطع من أغنية شاكيرا الأخيرة التي قيل إنها رسالة علنية إلى طليقها بيكيه، بعد أن خانها مع فتاة أخرى، وكانت قد عرفت بالأمر من خلال نفاد كمية مربّى الفريز في منزلهما، علماً أنهم كعائلة لا يحبّون مربّى الفريز.
عدّ البعض أن غناء شاكيرا عن حالة عاطفية واقعية مرت بها، أمر صحيّ، ومن الطبيعي أن تعبّر عن نفسها موسيقياً كونها مؤلفةً وعازفةً أيضاً وليست مغنيةً فحسب، بينما عدّ البعض أن المرأة حين تقول عن نفسها إنها قوية بشكلٍ مبالغ فيه، فهذا يعني أنها تحاول أن تقنع نفسها بعكس واقعها، لأن القوي ليس بحاجة إلى أن يكشف عن ذلك، كما قيل إن كل تفعله هو مجرد ترويج تجاري لصالح علامات تجارية معيّنة ذكرتها في أغنيتها، علماً أنها ليست الفنانة الأولى التي تغنّي عن قصة واقعية مرت بها.
فهل البوح وإيصال الرسائل عبر الأغاني، أسلوب خطأ؟
الحب والفراق في أغنية
تعيش النجمات قصص حب عاطفيةً وقد تكون جامحةً أحياناً، ويقررن أحياناً التعبير عن هذا الحب علانيةً من خلال أغنية، كما فعلت أصالة عند ارتباطها بطارق العريان، فغنّت "أكتر من اللي أنا بحلم بيه".
انفصلت أصالة لاحقاً عن العريان، وأهدته أغنية الانفصال "ولو شامخ وأنا شامخ"، بعد سنوات طويلة من الزواج، كما وثّقت أيضاً في أغنية أخرى إنجابها طفليها، وكأن أصالة سلسلت علاقتها مع طارق من خلال ثلاث أغنيات، وكانت قد طرحت أغنيتها "أسفة" عقب انفصالها عن زوجها الأول أيمن الذهبي، ولذلك نجد العديد من التعليقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تقول إنها يجب أن تحضّر مسبقاً أغنيةً في حال انفصلت عن زوجها الحالي فائق حسن.
تعيش النجمات قصص حب عاطفيةً وقد تكون جامحةً أحياناً، ويقررن أحياناً التعبير عن هذا الحب علانيةً من خلال أغنية، كما فعلت أصالة عند ارتباطها بطارق العريان، فغنّت "أكتر من اللي أنا بحلم بيه"
كما قيل إن شيرين عبد الوهاب، استغلت فترة طلاقها من زوجها المغنّي حسام حبيب، لتطرح العديد من أغنيات ألبومها التي جاءت معبّرةً عن حالتها، وكان تساؤل الجمهور: هل ما يحدث محض صدفة أم ترويج مقصود؟
حول فكرة الغناء عن حالة عاطفية أو واقعية، قالت الصحافية رحاب ضاهر، لرصيف22: "لا أعتقد أن هذه الأغنيات، أو لنقل وصلات تصفية الحسابات الزوجية، لها علاقة بمفهوم تسليع المرأة، لكنها تُظهر الفنانة كامرأة عادية تنسى هالة النجومية عند تعرضها للخيانة أو للخذلان أو للحب حتى، سواء كانت عربيةً أم أجنبيةً".
وأضافت: "قد تقصد الفنانات تجاوز الأزمات العاطفية، ولإظهار جوانب وردية من حياتهنّ يلجأن إلى مدح الذات أو التعالي، ومعظم هذه الأغنيات لركوب موجة التراند ليس أكثر، كونها تلقى رواجاً لدى شريحة واسعة من الجمهور".
لكسب التعاطف؟
خلال المعركة القضائية التي دارت بين نوال الزغبي وزوجها، حول حضانة الأطفال، طرحت الزغبي أغنية "فوق جروحي"، لتكون بمثابة صرخة في وجه زوجها ولتكسب تعاطفاً شعبياً واسعاً، وهذا ما فعلته ماريا كيري أيضاً، فلقد قالت نوال في أغنيتها: "بدك ترحل عادي بس تركلي ولادي"، بينما جاء على لسان كيري: "اللعنة على الساعات التي تقضيها في زيارة أطفالك".
بدورها، قررت إليسا، توثيق رحلتها مع العلاج من مرض السرطان من خلال أغنية "إلى كل اللي بحبوني"، بينما طرحت فلّة الجزائرية مؤخراً أغنية "بتأسف على التأخير"، وفيها تشرح سبب ابتعادها عن الساحة الفنية. أما شريفة فاضل، فطرحت أغنية "أم البطل"، كإهداء إلى روح ابنها الشهيد، في حين أن صباح ختمت مسيرتها الفنية بأغنية "شو فيها الدني؟"، وكأنها تترك وصيةً علنيةً لجمهورها.
قيل إن شيرين عبد الوهاب، استغلت فترة طلاقها من زوجها المغنّي حسام حبيب، لتطرح العديد من أغنيات ألبومها التي جاءت معبّرةً عن حالتها، وكان تساؤل الجمهور: هل ما يحدث محض صدفة أم ترويج مقصود؟
اللافت أن التعبير عن الحب قد يُظهر الفنانة بصورة ضعيفة، وكأنها تابعة للرجل لتظهر له مدى حبها، مثلما قالت يارا، في أغنية بيت حبيبي: "هسمع كلامه وتحت أمره باللي يقلي عليه"، بينما أنغام قالتها علناً: "مهزومة".
ولكن عند طرح مثل هذه الأغاني، تخرج بعض الآراء التي تعدّ أن الفنانات يقصدن كسب التعاطف، إما لربح معركة قضائية أو إعلامية أو حتى ليقال عن الفنانة إنها حقيقية وقريبة من الجمهور وتشاركه كل ما يحدث معها.
وقد تكون هذه النوعية من الأغاني مقصودةً من خلال طلب الفنانة من الشاعر أن يكتب عن مشكلة أو حالة تمر بها، أو ربما يقرر الفنان أن يكتب عن حالة معيّنة ويعرض الأغنية على فنانة. مثلاً، حين انفصلت ماجدة الرومي عن زوجها، قالت لملحم بركات: "اعتزلت الغرام"، فقرر أن يكتب لها أغنيةً تعبّر عن حالتها واستلهم المطلع من عبارتها.
في هذا الصدد، قالت الصحافية رحاب ضاهر: "بشكلٍ عام، يكون هناك نقاش بين الفنانة والمؤلف، وأحياناً الشاعر نفسه يستغل وضع الفنانة فيكتب أغنيةً ويعرضها عليها، وأحياناً تطلب الفنانة كتابة الأغاني وتطلب أن تُذكر فيها تفاصيل معيّنة، مثل أن الشريك الخائن خسر الكثير كما في أغنية ‘غلبان’ لأصالة، والتي تحمل بين سطورها رسائل مبطنةً إلى طليقها طارق العريان، أو كما في أغنية شيرين عبد الوهاب، ‘القماص’، التي كانت موجهةً إلى حسام حبيب خلال فترة الانفصال".
لماذا توصف المرأة العربية بـ"الردّاحة"؟
إذا راقبنا الأصداء حول أغنية شاكيرا، نجد أن المستمعين انقسموا في الغرب بين من تعاطف معها، وبين من رفض الأغنية، ولكن الرأي في العالم العربي جاء مختلفاً، إذ عُدّت شاكيرا "ردّاحةً"، وربما يكون أصل الكلمة من اللهجة المصرية، وتعني حين تبدأ المرأة أو أي شخص بإطلاق وابل من الشتائم أو الكلام التهكمي الساخر بأسلوب سريع وبصوت مرتفع، وذكروا أن أصلها العربي يبرّر لها ما وصفوه بالردح في أغنياتها.
لقد ساهمت بعض الأعمال الفنية في تكريس صورة نمطية حول المرأة العربية، مفادها أنها "ردّاحة"، عندما يحدث معها موقف معيّن كالخيانة مثلاً فتبدأ بالصراخ والشتائم على شاكلة "يا لهوي" و"يا الدلعدي".
كما أعاد الجمهور نشر مقاطع من أفلام سينمائية أو مسلسلات درامية لعبلة كامل أو فيفي عبده أو سلوى خطاب وغيرهنّ من الممثلات، وأضاف البعض مقاطع من أغنية شاكيرا كتعبير عن التشابه بين أسلوبهنّ وأسلوبها في مخاطبة الرجل عند الأزمات العاطفية.
حين انفصلت ماجدة الرومي عن زوجها، قالت لملحم بركات: "اعتزلت الغرام"، فقرر أن يكتب لها أغنيةً تعبّر عن حالتها واستلهم المطلع من عبارتها
حول هذا الموضوع، قالت رحاب ضاهر: "تلجأ بعض الفنانات إلى هذه النوعية من الأغنيات بسبب الخيانات أو المواقف التي يمررن بها، وبخصوص إظهار المرأة بصورة ضعيفة ومستجدية، ربما شاكيرا لم تقصد إظهار هذه الصورة (الردّاحة)، بقدر ما أرادت أن تحقّر حبيبها الخائن، ولكن إن تحدثنا بشكلٍ عام عن أغاني اللوعة والفراق بعيداً عن أغاني الردح الزوجي، فهي دائماً ما تظهر ضعف الحبيب وانكساره بسبب الفراق والخيانة".
لا تستطيع هذه النوعية من الأغاني أن تعيش طويلاً لأنها مرحلية تنتهي حين يأتي موضوع جديد يشغل بال الناس، خاصةً أن مواقع التواصل الاجتماعي لا تسلّط الضوء على موضوع ما أو أغنية ما إلا لأيام قليلة فقط، أو تكون النجمة قد كسبت الاستفادة أو الترويج وغيرهما من الغايات من هذا العمل، وربما تكون الغايات نبيلةً فعلاً، ولكن المهم في نهاية المطاف أن تتمكن شاكيرا وغيرها من الفنانات، أن يعشن حياةً أفضل ويفعلن ما يرغبن فيه، وليس الغناء بأسلوب معيّن لمجرد أن يُشعرن الرجل بفداحة ما ارتكب.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 19 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 5 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين