شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
تخيّلي... كان شرط

تخيّلي... كان شرط "العريس" الأساسي ألا أعمل!

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مدونة نحن والنساء

الثلاثاء 31 يناير 202311:52 ص
Read in English:

Egyptians latest prenuptial agreements: You can't work outside the house

- "مش أخته بعتتلك طلب صداقة على الفيس بوك؟"

= "أيوة"

- "عشان كدة تراجع عن أنه يجي".

كان هذا جزءاً من حوار دار بيني وبين أمي عن ابن صديقتها الذي حدثتني عنه عدة مرات، وأخبرتني أنه يريد أن يأتي ويتقدّم لخطبتي. بعد مرور بعض الوقت، لم تعد أمي تذكره في حديثنا أو تُلح عليَّ في مقابلته.

استوقفني ذلك، فسألتها عنه ودار بيننا الحوار السابق، فما أدركته من حديث أمي أثار تعجبي، فعندما رأى هذا الرجل صفحتي على فيسبوك من خلال أخته التي أرسلت لي طلب صداقة وقبلته، وعلم من خلالها أني فتاة مستقلة تعيش وحدها، تعمل، وتعبر عن نفسها بكل حرية على كل الأصعدة، صرف نظره تماماً عن التقدم لي، وتساءلت في داخلي: ماذا كان ينتظر إذن أن تكون عليه الفتاة التي يرغب في الارتباط بها، وهو الشاب المُتعلّم الذي يعمل مهندساً؟

لماذا اشترط من تقدما لي ولأختي عدم العمل؟

في وقتٍ لاحق، تقدم لي ولأختي رجلان مختلفان تماماً عن بعضهما، وقبل أن يأتيا إلى منزلنا ويتعرّفا علينا، كان شرطهما الأساسي ألا نعمل. ألا أعمل! وأنا بالفعل أعمل منذ 5 سنوات من بعد شهر واحد فقط من تخرجي، وألا تعمل أختي خريجة كلية العلاج الطبيعي والتي ظلت تدرس لمدة ست سنوات حتى تستطيع الحصول على شهادتها، وتصبح أخصائية علاج طبيعي.

هذا القدر من الاستحقاقية لم أفهمه قط: أن يأتي رجل وقبل أن يراني من الأساس، يقرّر أن يملي شروطه في البداية، التي ما إذا وافقت عليها، يستطيع عندها أن يأخذ الخطوة التالية ويأتي ليعاينني؟

هذا القدر من الاستحقاقية لم أفهمه قط: أن يأتي رجل وقبل أن يراني من الأساس، يقرّر أن يملي شروطه في البداية، التي ما إذا وافقت عليها، يستطيع عندها أن يأخذ الخطوة التالية ويأتي ليعاينني، رغم أنه من الجائز ألا يعجب بي عندما يراني، وأنا كذلك قد لا أنجذب إليه تماماً وينتهي الموضوع كله، ولا نحتاج وقتها أن يتشرّط أحدنا على الآخر.

كان لكل من الرجلين سببه في رفض عمل زوجته، فالذي كان يرغب في خطبتي رفض أن أعمل، معللاً ذلك: "لست في حاجة إلى عملها فراتبي سيكفينا". وصل إلينا هذا الحديث أنا وأمي عن طريق السيدة صديقة أمي التي كانت بمثابة وسيط بيننا وبينه، قبل أن يعرف هو ما هي طبيعة عملي من الأساس، أو أعرف أنا ما هو عمله الذي "سيكفينا راتبه"، واختصر أهمية أن يكون للإنسان عمل فيما يحققه من مادة فقط.

أما من تقدم لخطبة أختي فكان له سبب آخر، وهو أنه لا يحب أن تعمل زوجته وتختلط بالرجال في محيط العمل، فبالنسبة له المرأة مكانها المنزل فقط، ورغم أنه كان مازال في بداية حياته وراتبه ضعيف جداً، لكنه كان يرى عدم خروج زوجته للعمل وأن يعيشا بقليل من المال أفضل من أن تعمل وتختلط بالرجال، وتتكسب مالاً يساعدهما في حياتهما المقبلة، مثلما كان يرى أنه لا يصح أن تفتح أمه وأخواته الفتيات شبابيك المنزل، وكانت تتباهى أمه بهذه المعلومة أمامنا من باب أنه لديها شاب على خلق ودين، يأمر وينهي، رجل يخشونه في المنزل.

أسبابهما الحقيقية

يبدو من بعيد أن كلا الشابين له أسبابه لرفضه عمل زوجته، لكن في الواقع هو سبب واحد جعل الاثنين يرفضان عملي وعمل أختي، فمن تقدم لخطبتي، وبمعرفة بعض التفاصيل القليلة عنه، كان السبب هو ألا يكون لي مالي الخاص الذي يمكّنني من امتلاك حرية التصرف والتخلي عن وجودي معه إذا ما رغبتُ في ذلك، فلن أكون مضطرة للخضوع أو موافقته على كل كبيرة وصغيرة.

يذكرني ذلك بصديقة لي، ظلت تعمل لمدة خمس سنوات من المنزل دون علم زوجها لأنه كان يرفض عملها للسبب نفسه، وكانت تقول: "يتحكم في كل شيء أريده ويريده المنزل، ولا يعطيني جنيهاً واحداً في يدي".

والشاب الذي تقدم لأختي كان خريج كلية الآداب، وأختي خريجة كلية طبية، والتي تُنعت لدينا في مصر بكلية "قمة"، فكان يشعر بتفوقها عليه دراسياً، وأن هذا كفيل أن يبني لديها شخصية مستقلة بمعزل عنه، فقرّر من البداية أن يطالبها أن تتخلى عن وظيفتها المضمونة لها ولكل خريجي الكليات الطبية.

وإذا خطر على بال أحدهم وتساءل لماذا من البداية فكر هو أو أمه في فتاة تشعره بالنقص هكذا، فيمكنه أن يتقدم لخطبة فتاة تعليمها متوسط مثلاً؟ لكن في الواقع، وبالحديث مع والدته، كانت النتيجة التي وصلت لأذهاننا إجابةً على هذا التساؤل، هي أنه باتخاذه "دكتورة" تصلُح زوجة له، وفرضه إرادته عليها، وجعلها تترك عملها من أجله، فقد لغى بذلك شخصيتها، وأصبحت الكلمة الأولى والأخيرة في البيت دائماً له.

"أنا متجوز عشان أبقى راجل في بيتي"، وكأن الرجل لا يصبح رجلاً إلا إذا استطاع فرض سيطرته على أحد، وبما أننا هنا في هذا البلد نعيش جميعاً مقهورين، بالتالي لا يستطيع الرجل فرض سيطرته كرجل إلا على من هم أضعف منه: النساء

يخشى البعض الفتاة ذات الشخصية القوية

في جلسة سمر مع بعض الأصدقاء الرجال والنساء، كان هناك صديق لأصدقائنا عندما علم أني وصديقتي المقربة مازلنا غير مرتبطتين، قال: "كنت متأكداً"، وهذا لأننا طوال جلستنا معه ومع أصدقائنا كنا نجادل بخصوص الكثير من الأفكار التي تخص حياة الرجل مع المرأة، رغم شعوري أنا وصديقتي بإعجابه الشديد بها، لكن من مثلنا، كما تقول صديقتي، يعجب بها الرجال لكن لا يفضلون أبداً العيش معها.

يشبه كل ما ذكرته عن هؤلاء الجملة الكوميدية التي أتت على لسان أحد ممثلي الفيلم المصري الكوميدي "أمير البحار"، عندما ذهب أحدهم لخطبة أخت البطل، قائلاً بصورة متكرّرة: "أنا متجوز عشان أبقى راجل في بيتي"، وكأن الرجل لا يصبح رجلاً إلا إذا استطاع فرض سيطرته على أحد، وبما أننا هنا في هذا البلد نعيش جميعاً مقهورين، بالتالي لا يستطيع الرجل فرض سيطرته كرجل إلا على من هم أضعف منه، وبما أن المرأة هي من تكلّف بلعب هذا الدور دائماً، فما معناه أن يرتبط الرجل بفتاة ذات شخصية؟ والإجابة: هذا يعني هدم المعادلة.

كل ما يشغلني الآن بعض التساؤلات الخاصة بحياتي القادمة. فهل يجب أن أكون فتاة غير ما أنا عليها حتى أعثر على رجل؟ وهل فرض السيطرة على المرأة هو الإثبات الوحيد على الرجولة؟ وهل إذا بتُ كما أنا بهذه الشخصية التي لا أراها مُنفرة بالمرة، لن أستطيع أن نكمل أنا وأحدهم طريقنا معاً؟


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

رصيف22 من أكبر المؤسسات الإعلامية في المنطقة. كتبنا في العقد الماضي، وعلى نطاق واسع، عن قضايا المرأة من مختلف الزوايا، وعن حقوق لم تنلها، وعن قيود فُرضت عليها، وعن مشاعر يُمنَع البوح بها في مجتمعاتنا، وعن عنف نفسي وجسدي تتعرض له، لمجرد قولها "لا" أحياناً. عنفٌ يطالها في الشارع كما داخل المنزل، حيث الأمان المُفترض... ونؤمن بأن بلادنا لا يمكن أن تكون حرّةً إذا كانت النساء فيها مقموعات سياسياً واجتماعياً. ولهذا، فنحن مستمرون في نقل المسكوت عنه، والتذكير يومياً بما هو مكشوف ومتجاهَل، على أملٍ بواقع أكثر عدالةً ورضا! لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم، وأخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا!.

Website by WhiteBeard