على الرغم من استمرار الانهيار الاقتصادي والفشل الأمني وغيرها من الملفات الساخنة، انصب اهتمام عدد من قيادات جماعة الحوثي التي تصارع على السلطة في اليمن خلال الآونة الأخيرة على ملابس المرأة في مناطق سيطرتها لدرجة عقد اجتماع رفيع لأبرز القادة الأمنيين والمدنيين في العاصمة صنعاء من أجل "هندسة" العباءات النسائية وتحديد شكل ومواصفات المسموح بارتدائه منها.
ويوم الثلاثاء 10 كانون الثاني/ يناير 2023، أفاد مراسل وكالة رويترز في اليمن، محمد الغباري، في سلسلة تغريدات عبر حسابه في تويتر: "في اجتماع عقد اليوم في المركز الثقافي بصنعاء وجمع مالكي محلات بيع العبايات وأمين العاصمة ومدير أمن الأمانة ووكيل وزارة الثقافة والعديد من الضباط وبحضور نائب وزير الداخلية، تم إقرار ضوابط تفصيل وبيع العبايات النسائية".
وأضاف الغباري: "المسؤولون الحوثيون أبلغوا مالكي محلات الخياطة وبيع العبايات النسائية بالضوابط التي أُقرت من قبلهم في ما يخص شكل العباية وأبلغوهم أنه على الجميع الالتزام بتلك الضوابط". وختم: "أصحاب محلات بيع العبايات النسائية أُبلغوا بأنهم ملزمون ببيع العبايات الفضفاضة، ذات الخمار، وأن تكون ألوانها سادة (غير مزركشة)، والبراقع ذات الفتحة فقط. وأنه يُمنع خياطة أو بيع العبايات المزهنقة ذات الألوان أو المخصّرة أو القصيرة".
في مناطق سيطرة #الحوثيين بـ #اليمن… اجتماع لأرفع القيادات الأمنية والثقافية لـ"إقرار ضوابط تفصيل وبيع العباءات النسائية"!
وعقّبت الناشطة السياسية اليمنية نورا الجروي على هذه الخطوة بوصفها جماعة الحوثي بأنها "دواعش اليمن"، معربةً عن دهشتها من أن "الحوثيين يحللون لنسائهم كل شيء: السفر بدون محرم واللبس أخضر وأصفر بينما يحرمون على اليمنيات كل شيء، والأعجب أن هنالك يمنيين يؤيدون قرارات الحوثي ضد النساء بحجة الدين والستر والدين منهم براء". وأردفت: "كارثة. الشعب ميت جوع والجماعات الإرهابية والمتطرفين حاشرين أنفسهم في دواليب النساء".
وتعد هذه الخطوة الأحدث ضمن سلسلة إجراءات حوثية لتغييب المرأة عن الحيز العام وتقييد حريتها فيه. سبقتها قيود على السفر وفي المواصلات العامة وفي التعليم والعمل وغيرها.
فعاليات نسائية بلا حضور نسائي
قبل أيام، تداول يمنيون نشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بمزيج من السخرية والغضب، صوراً من فعاليات تتعلق بالمرأة أقيمت في مناطق تخضع للسيطرة الحوثية دون أن تظهر فيها أي سيدة.
من هذه الفعاليات، احتفالية "يوم المرأة المؤمنة" التي عقدتها جامعة إب. حتى أن بعض المعلقين تساءل: "فين المرأة من الموضوع؟ كافرة أو مؤمنة، هي فين بالصورة؟".
وقبل ذلك، جرى تداول صور من انعقاد اجتماع لـ"اتحاد نساء اليمن فرع ريمة" وأيضاً بلا حضور نسائي.
قيود على الحركة أيضاً
ونهاية العام الماضي، أثارت تعليمات شفوية بمنع سفر المرأة بدون "محرم" - أي وصي ذكر على صلة قرابة من الدرجة الأولى ولا يجوز للمرأة الزواج به كالأب والأخ والعم والخال - في المناطق الخاضعة للسيطرة الحوثية ضجةً وغضباً نظراً لعرقلة القرار عمل كثيرات من اليمنيات.
ودافع آنذاك نائب وزير الخارجية في حكومة صنعاء، حسين العزي، عبر حسابه في تويتر، قائلاً إن المحرم يتجاوز كونه تقليداً دينياً، إلى كونه حاجةً أمنيةً أيضاً، "فالاستهداف بات يطال رجالاً بأشنابهم".
في #اليمن… "الشعب ميت جوع والجماعات الإرهابية والمتطرفين حاشرين أنفسهم في دواليب النساء"
سياسة ممنهجة لـ"شيئنة المرأة"
من وجهة نظر الصحافية والأستاذة الجامعية اليمنية دولة الحصباني فإن هناك سياسة ممنهجة لدى جماعة الحوثي لـ"شيئنة المرأة والتعامل معها ككائن ناقص الأهلية".
وهي تعدد "أساليب التعنت والانتقاص" التي طبقتها الجماعة الأصولية حتى "يضيق الفضاء بالنساء" في مناطق سيطرتها أكثر فأكثر. تقول: "بدأ الأمر بفرض وصاية ولي الأمر على حق المرأة في الحصول على جواز سفر، ثم على سفرها، وصولاً إلى فرض قيود إضافية على ملابسها، وتعاملاتها عبر ما أصدرته الجماعة تحت مسمى 'مدونة السلوك الوظيفي' التي تدّعي الجماعة أنها تستند إلى 'الشريعة'".
وتتضمن المدونة نصوصاً تُلزم المرأة بـ"اللباس الشرعي"، والتعامل وفق "ضوابط شرعية"، على حد وصف الجماعة. "علاوة على تعسفات سابقة طالتهن في كل المرافق العامة، وفي مقدمتها الجامعات، والكافيهات، حيث تتم مضايقتهن بحجة عدم الاختلاط"، تضيف الحصباني في حديثها لرصيف22.
ثم تردف بالقول إن جماعة الحوثي "تبنّت خطاً مناهضاً لكل النظم والقوانين المدنية التي تتعامل مع النساء على قدم المساواة مع الرجال، بل وذهبت لأبعد من ذلك عبر إحداث تغييرات في المقررات والمناهج الدراسية تنمّط شكل ومهام المرأة في أذهان النشء والشباب".
جماعة الحوثي ماضية في "شيئنة المرأة والتعامل معها ككائن ناقص الأهلية" بتقييدها في الحيز العام و"تغيير المقررات والمناهج الدراسية لتنميط شكل المرأة ومهماتها في أذهان النشء والشباب"
وفي تصريح سابق لرصيف22، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي المساعد في جامعة تعز، ياسر الصلوي: "في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، ما تزال القبيلة هي التنظيم الاجتماعي السائد إلى حد كبير، وثقافة الأبوية هي جزء من الثقافة القبلية، وتالياً فهذه المناطق تنظر إلى المرأة بدونية مقارنةً بمناطق أخرى من اليمن".
واعتبر الصلوي أن جماعة الحوثي تعمل على تصوير تقييدها حرية المرأة في السفر، بين المحافظات اليمنية، وكأنه يتماشى مع ثقافة المجتمع اليمني وعاداته، و"كأن القرار سيحافظ على هوية الشعب اليمني!".
أما رئيسة منظمة "مواطنة لحقوق الإنسان"، رضية المتوكل، فقالت في تصريح سابق لرصيف22 إن قرار منع سفر المرأة بدون محرم "ليس سوى جزء صغير لتفاصيل من ممارسات عديدة تبيّن توجهاً خطيراً لتقويض وجود النساء في الحياة العامة، وإنهاء كل المكاسب التي كافحت من أجلها على مدار سنوات"، مؤكدةً عدم حاجة النساء إلى مَن أسمتهم "حراس الفضيلة"، ولا إلى مزيد من القيود، وإنما "هن في حاجة إلى احترام حقوقهن وحرياتهن الشخصية، ومُساءلة كل مَن ينتهك تلك الحقوق".
ونبّهت المتوكل إلى أن النساء من أكثر الحلقات تهميشاً في اليمن، وأنهن يخشين الحديث عن المضايقات والانتهاكات التي يتعرضن لها، "نتيجة الوصمة الاجتماعية التي غالباً ما تُلقي باللوم عليهن".
الهوية اليمنية
في غضون ذلك، قررت مجموعة من اليمنيات النشطات عبر مواقع التواصل الاجتماعي الرد على القرار الحوثي بطريقتهن الخاصة عبر تدشين حملة "الهوية اليمنية" والتي نشرن عبرها صورهن وصور الأمهات والجدات بأزياء يمنية تراثية مزركشة ومطرزة بألوان متنوعة.
عبر الوسم، نشرت رضية المتوكل صورتها بلباس تراثي وعلقت عليها: "لكل الألوان ننتمي ولن يحبسنا أحد في لون واحد".
وانضم بعض الشباب اليمني إلى الحملة الإلكترونية حيث نشروا صورهم وصور أطفالهم وهم يرتدون الزي التراثي أيضاً مع عبارات تشدد على أن "هويتنا متنوعة وعريقة وغنية جداً".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يوماوجدتي أدلة كثيرة للدفاع عن الشر وتبيانه على انه الوجه الاخر للخير لكن أين الأدلة انه فطري؟ في المثل الاخير الذي أوردته مثلا تم اختزال الشخصيات ببضع معايير اجتماعية تربط عادة بالخير أو بالشر من دون الولوج في الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والمستوى التعليمي والثقافي والخبرات الحياتية والأحداث المهمة المؤسسة للشخصيات المذكورة لذلك الحكم من خلال تلك المعايير سطحي ولا يبرهن النقطة الأساسية في المقال.
وبالنسبة ليهوذا هناك تناقض في الطرح. اذا كان شخصية في قصة خيالية فلماذا نأخذ تفصيل انتحاره كحقيقة. ربما كان ضحية وربما كان شريرا حتى العظم ولم ينتحر إنما جاء انتحاره لحثنا على نبذ الخيانة. لا ندري...
الفكرة المفضلة عندي من هذا المقال هي تعريف الخير كرفض للشر حتى لو تسنى للشخص فعل الشر من دون عقاب وسأزيد على ذلك، حتى لو كان فعل الشر هذا يصب في مصلحته.
Mazen Marraj -
منذ يوممبدعة رهام ❤️بالتوفيق دائماً ?
Emad Abu Esamen -
منذ يومينلقد أبدعت يا رؤى فقد قرأت للتو نصاً يمثل حالة ابداع وصفي وتحليل موضوعي عميق , يلامس القلب برفق ممزوج بسلاسة في الطرح , و ربما يراه اخرون كل من زاويته و ربما كان احساسي بالنص مرتبط بكوني عشت تجربة زواج فاشل , برغم وجود حب يصعب وصفه كماً ونوعاً, بإختصار ...... ابدعت يا رؤى حد إذهالي
تامر شاهين -
منذ 3 أيامهذا الابحار الحذر في الذاكرة عميق وأكثر من نستالجيا خفيفة؟
هذه المشاهد غزيرة لكن لا تروي ولا تغلق الباب . ممتع وممتنع هذا النص لكن احتاج كقارئ ان اعرف من أنت واين أنت وهل هذه المشاهد مجاز فعلا؟ ام حصلت؟ او مختلطة؟
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياممن المعيب نشر هذه الماده التي استطاعت فيها زيزي تزوير عدد كبير من اقتباسات الكتاب والسخرية من الشرف ،
كان عيسى يذهب إلى أي عمل "شريف"،
"أن عيسى الذي حصل على ليسانس الحقوق بمساعدة أخيه"
وبذلك قلبت معلومات وردت واضحة بالكتاب ان الشقيق الاصغر هو الذي تكفل بمساعدة اهله ومساعدة اخيه الذي اسكنه معه في غرفه مستأجره في دمشق وتكفل بمساعد ته .
.يدل ذلك ان زيزي لم تقرأ الكتاب وجاءتها المقاله جاهزه لترسلها لكم
غباءا منها أو جهات دفعتها لذلك
واذا افترضنا انها قرأت الكتاب فعدم فهمها ال لا محدود جعلها تنساق وراء تأويلات اغرقتها في مستنقع الثقافة التي تربت عليها ثقافة التهم والتوقيع على الاعترافات المنزوعه بالقوة والتعذيب
وهذه بالتأكيد مسؤولية الناشر موقع (رصيف 22) الذي عودنا على مهنية مشهودة
Kinan Ali -
منذ 3 أيامجميل جدا... كمية التفاصيل مرعبة...