شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
هل يمكن أن أكون جميلة بدون سبب؟

هل يمكن أن أكون جميلة بدون سبب؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مدونة نحن والنساء

الأربعاء 7 ديسمبر 202202:56 م

هل الجمال نتيجة؟

نضع أشياء قرب بعضها فينتج من تقاربها مستوى معين من الجمال.

نضع باقة ورود في المزهرية، ونضع المزهرية على طاولة عليها شرشف، ثم نضع الطاولة على مقربة من النافذة كي يتسلل الضوء إليها وإلى المزهرية والورود، فتكون النتيجة: لايك أو قلب كدليل إعجاب بخاصية الجمال التي نتجت عن اجتماع هذه الأشياء في لقطة.

ربما هذا ما يراه من التقط الصورة ومن يشاطرونه فكرته عن الجمال، فيضعون قلوبهم الحمراء على صورته: الضوء + الورود + المزهرية + الطاولة + الشرشف + نافذة = مشهد جميل.

ولو أراد ملتقط الصورة وصف هذه اللقطة بـ"جميلة" بدلاً من تصويرها، لكان ربما ذكر عناصرها التي هي مصدر جمالها برأيه: وردة في مزهرية على طاولة تحتها شرشف تحت ضوء الشمس المتسلل من النافذة.

هل الجمال نتيجة معادلة ما، معادلة يتطلب تحققها عنصراً أو أكثر، وبدونها يسقط الجمال؟ عناصر يتألف منها كل "شيء" أو كل "غرض"، أم عناصر تنشأ نتيجة علاقة الأشياء ببعضها أو عناصر الشي الواحد حتى ببعضه؟

هل الجمال نتيجة معادلة ما، معادلة يتطلب تحققها عنصراً أو أكثر، وبدونها يسقط الجمال؟ عناصر يتألف منها كل "شيء" أو كل "غرض"، أم عناصر تنشأ نتيجة علاقة الأشياء ببعضها أو عناصر الشي الواحد حتى ببعضه؟

أو ربما الجمال ينتج عن الحذف، والبساطة، والتخفّف والاكتفاء المرافق للحذف. الحذف قد يختزن قدرة على التكثيف، وفي التكثيف بلاغة وربما جمال؟

هل يكفي أن تكون "وردة" على "طاولة" قرب "نافذة" كي يكتسب المشهد خاصية الجمال؟ ماذا عن "الوردة" بحد ذاتها، أو "الطاولة" بحد ذاتها دون تجاورها مع "نافذة"؟

ألا يتمتع كل غرض من هذه الأغراض باحتمالية امتلاكه خاصية الجمال؟

لكن أي وردة؟ ما نوعها؟ هل للونها، وشكلها، وطول غصنها، ولونه، وأوراقه، والنبتة التي تنمو عليها، وملمس بتلاتها، دور في اكتسابها جمالها على الأقل؟ الشمس التي لفحتها، التربة التي نبتت فيها، البيت الذي تنمو في حديقته، المرأة التي شمتّها دون أن تقطفها بالضرورة؟

هل نضع في آلة تصنيف الجمال صفة "بشرة سمراء"، فتخرج من الآلة نتيجة: "بشرة جميلة"، فإذا أردت أن تدلل على جمال بشرتك، عليك التذكير بسمرتها التي تثبّت الأمر،

وإذا أدخلت صفة "بشرة صفراء" سيصدر عن الآلة صوت إنذار error: "لا جمال في هذه البشرة"؟

نحتاج عيوناً تمتلك مخزوناً لترى الجمال، وكمية وتنوع المخزون تحدد مستوى الجمال المرئي. وهذا ما يجعلنا ننظر إلى الأشياء بنظرات جمالية متفاوتة، وإلا كنا جميعنا اعتبرنا أن اللون الفستقي بشع

العيون وحدها لا يمكن أن ترى الجمال.

نحتاج عيوناً تمتلك مخزوناً لترى الجمال، وكمية وتنوع المخزون تحدد مستوى الجمال المرئي. وهذا ما يجعلنا ننظر إلى الأشياء بنظرات جمالية متفاوتة، وإلا كنا جميعنا اعتبرنا أن اللون الفستقي بشع. حتى مصنِّع اللون الفستقي كان سيجده بشعاً وسيتوقف عن تصنيعه، وربما كنا تعرفنا على اللون حصراً من حبة الفستق، وأجمعنا أنه لون بشع، فلم يتم تصنيع هذا اللون من الأساس؟

هل يمكن أن أكون جميلة بدون سبب؟

كيف أصف لك جمالي عندما أشعر به؟ هل أكتفي بالوصف فتستنج أنت النتيجة: جمالي؟

وماذا أصف: إحساسي أم شكلي؟

وهل إحساسي بجمالي ناتج عن عناصر ثابتة، أم طارئة؟

هل السبب فستاني أم ساقيّ، سمرتي أم نمشاتي، أم العلاقة بينهما؟

هل ما أضفت، أم ما حذفت، أم الميزان الذي تشكّل بناءً على تراكم المخزون؟

هل أكتفي بإرسال صورة لأوضح لك الصورة؟

عندما أكون جميلة أشعر بالأمر. لا ألحظ جمالي بل أشعر به أولاً.

عندما أكون جميلة أشعر بالأمر. لا ألحظ جمالي بل أشعر به أولاً.

أنظر إلى يدي أراها جميلة. ليس لأني أضع خواتماً في أصابعي، بل لأني أضع خاتماً رفيعاً جداً في إصبع، وآخر رفيعاً مع نقشة رقيقة في إصبع آخر. ولأن لون الخواتم ذهبي والذهبي يصنع مع لون يدي الأسمر تبايناً صرت أعرف أنه يعجبني، ولأن أصابع يدي طويلة بعض الشيء ومتناسقة مع عرضها، ولأني أحب اللون الأسمر بعد أن فضلته على اللون الأبيض، ومن المعادن أحب الذهب، ولأني أحب الخطوط رقيقة ورفيعة، ولأني أحب الدوائر التي تأخذ الخواتم شكلها، ولأني، وأنا أنظر إلى يدي، أرى فوق الخاتم الذهبي الرفيع خطوطاً صغيرة على الأصبع، شكّلها الجلد عند عقدة الأصبع، فحصلت عيني على نوعين من الخطوط: خط الخاتم وخط الجلد.

ولأني أحب تجاور الخطوط ذات السماكات المختلفة على سطح يدي الأملس، الذي غالباً ما يظهر عليه قرب النمشة الوحيدة، جرح صغير جداً يطلب قبلة، لأني غالباً ما أكون خرقاء أثناء قصّ وقطع أو فتح أي شيء، ولأن أصابعي تنتهي بأظافر قصيرة مقلمة ونظيفة، وقد يصدف أن تكون مطلية بلون يناسب مزاجي في تلك اللحظة التي شعرت ثم رأيت فيها يدي جميلة.

لكن ما أشعر به ليس بالضرورة ما ستراه. ربما لا تعنيك الخطوط ولا تعرف عنها إلا الذي يخطه القلم، فإذا نظرت إلى يدي سترى خواتم في أصابعها، وربما لا تعنيك الخواتم، فيضيع جمالي هباءً دون أن يتبدّد، لأن جهلك به لا يلغيه. سيحضر في أوقات أخرى ومزاج مختلف وقماش أو نمشات ونظرات أو حتى شرايين، وعلى الأرجح كلها مجتمعة معاً في مشهد واحد ولن تكون أنت من أشاركك به.

لكن ما أشعر به ليس بالضرورة ما ستراه. ربما لا تعنيك الخطوط ولا تعرف عنها إلا الذي يخطه القلم، فإذا نظرت إلى يدي سترى خواتم في أصابعها، وربما لا تعنيك الخواتم، فيضيع جمالي هباءً دون أن يتبدّد، لأن جهلك به لا يلغيه

عندما أشعر أنني جميلة أتمنى ألا اضطر لإثبات جمالي ووصفه أو وصف مسبباته.

عندما أشعر أنني جميلة، وأود أن أشارك هذا الشعور مع أحد، أودّ أن أثق أن هذا الأحد سيرى ما أشعر به، وأنه سيصدق جمالي قبل أن يراني، وسيراني كي يشاركني جمالي.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image