وسط "فيلّا عودة" (أو متحف الموزاييك)، في حيّ "سرسق" العريق المتفرّع من أشرفيّة العاصمة اللبنانيّة، احتفلت، كعادتها، "مؤسسة بوغوصيان"، يوم الجمعة 25 تشرين الثّاني/نوفمبر 2022، بتوزيع جوائزها على فنانين/ات لبنانيين/ات شباب تمّ انتقائهم/ن بعناية.
هكذا، قدّمت الاحتفال الإعلاميّة ماري لين جلاّد، بحضور عاملين/ات في الفنّ والإعلام أوّلاً، ثم رسميين هم: محمد جزّيني ممثلاً وزير الثّقافة محمد مرتضى، سفير بلجيكا في البلد كوين فيرفاكي مع عقيلته كريستيان وأيضاً مديرة المؤسسة المحليّة ماري بوغوصيان سلامة، ممثل سينما لبنان غابي شمعون، ورئيسة جمعيّة السّبيل للمكتبات العامة كاثي خطّار.
السّيدة شرحت للصّحافة حول الجائزة في أدب الأطفال والنّاشئة الّتي تُمنح للمرّة السّادسة على التّوالي بالشّراكة بين المؤسسة والجمعيّة، بقيمة $2000 لكل فائز/ة، فقالت: "إنّها تندرج تحت سلسلة الأهداف الّتي نعمل على تحقيقها والهموم الّتي نعمل على معالجتها منذ التّأسيس (أي حوالى 25 سنة)، مثل: دعم وتطوير المطالعة لا سيما بين الأطفال، تشجيع ونشر الإنتاج الأدبي، التّركيز على أهميّة اللّغة العربيّة والإضاءة على جمالياتها عبر تحريرها من القوالب الجامدة الّتي غالباً ما تُقدّم بها". وأضافت: "لقد تسلّمنا هذه السّنة 30 قصّة منشورة و 19 مخطوطاً للمشاركة في القسمين المحددين. أعتقد أن هذا دليل واضح على اهتمام الكتّاب بالجائزة كما على ثقتهم بالجمعيّة".
بهدف دعم وتطوير المطالعة لا سيما بين الأطفال، وتشجيع الإنتاج الأدبي، والتركيز على أهميّة اللّغة العربيّة والإضاءة على جمالياتها عبر تحريرها من القوالب الجامدة، جائزة مؤسسة بوغوصيان تُمنح لمجموعة متميزة من الفنانين اللبنانيين
تجدر الإشارة هنا إلى أنّ لجنة تحكيم جائزة أدب الأطفال والناشئة تألّفت من الأعضاء: نجلاء خوري، جورجيا مخلوف، وأنطوان بولاد، الّذي شرح بدوره: "نحن انطلقنا من معاييرنا العلميّة والنقديّة. إننا نبحث عن قصص مبتكرة، تحفّز النّاشئة على القراءة وتطرح معالجات أدبية عصرية". وتابع: "على الكتب أن تحمل دوماً قيماً إنسانية واجتماعية بنّاءة". وأكّد: "تهمنا اللّغة المتينة، المفهومة، السّهلة وغير المسجونة بأسلوب تقليدي".
الفائزون والفائزات
وهذه الجائزة نالها في الكتب المنشورة الطبيب النفسي أنطوان شرتوني، عن قصته "غيمة بيضاء صغيرة" الصّادرة عن دار النّديم/الفكر اللبناني، كما الحكواتيّة نسيم علوان عن مخطوطتها "هويّة على جناح الحلم". سأل رصيف22 أنطوان: "أين تكمن نقاط التميّز والاختلاف بعملك، وما هي الإضافة التّي يقدمها؟". فأجاب: "بأسلوب أدبي لا يخلو من التّشويق، يدعم الكتاب أوّلاً الطّفل/ة في التّخلص من التبوّل اللاإرادي ليلاً، إذا ما كان لديه/ا مشكلة عضويّة هي السّبب؛ يساعده/ا أسئلة مدرورسة وضعتها في الآخر. هو ثانيةً كتاب يدعم الأهل (مقدّمي الرّعاية) في متابعة أولادهم، كما يعرّف الصّغار الآخرين على الحالة، إذا ما شاهدوها لدى أحد أقاربهم أو أصحابهم". تابع: "إنّي أقدّم تقنيّة باتت رائدة مؤخراً، تُدعى العلاج بالكتب تلازم أحياناً العلاج السّيكيولوجي. أنا سعيد للغاية بهذه الجائزة وكلّي امتنان للقيمين عليها".
أمّا نسيم، فردّت بدورها: "أتناول في نصّي رحلة مراهق مكتوم القيد، يبحث عن وجوده القانوني-الورقي. يخوض الفتى لذلك رحلة مقسّمة إلى فصول، يحمل كلّ فصل تجربة مختلفة له ولرفاقه". وأخبرتنا: "تعمدّت إبعاد الهاتف المحمول عن السّرد، فجعلته خارج التغطيّة محاولةً توجيه المراهقين نحو خلق علاقات أكثر إنسانية في ما بينهم: كالصّداقة، الحبّ، احترام الآخر المختلف… إضافةً إلى خلق علاقات بعيدة عن العالم الافتراضي: كلمس الورق والأقلام، العودة للحواس الخمس من خلال الاستمتاع بمشاهد الطبيعة، موسيقاها، روائحها… بمعنى آخر، أردت إحياء العلاقة بين اليافعين والمكان من جديد".
وتابعت: "أروي فعليّاً رحلة بحث عن الوجود والحصول على اعتراف به. هي معضلة شائكة، يحلم جميع الخيّرون على الأرجح بزوالها". وختمت: "أشكر مؤسسة بوغوصيان وجمعيّة السّبيل على الدّعم والتّشجيع المستمران؛ هما نافذة أمل على التّبادل المعرفي بين لبنان الخارج".
ذهبت جائزة "الوقوع في حبّ السّينما" إلى المخرج بشّار خطّار، عن الوثائقي "أركض للحياة". بلغت قيمتها $10000 للمساهمة في توزيع الفيلم
وفي الفنون البصريّة، مُنحت الجائزة الأولى للتّشكيلي علاء عيتاني وقدرها $5000 مع إقامة داخل "فيلّا أمبان"، مقرّ المؤسسة ببروكسيل. رصيف22 كرر عليه السّؤال نفسه، فكلّمنا: "تدعو مؤسسة بوغوصيان إلى تقديم مجموعة غنيّة من الأعمال مرفقة بعنوان وتاريخ الإنتاج، فتشكّل ملفات مستقلّة للفنانين/ات (artist portfolio)".
وأردف: "بالتّالي، هذه ليست جائزةً عن عمل واحد ولا حتّى مشروع، بل عن كافة جوانب ممارستي الّتي تعالج طروحات مغايرة ضمن البيئة لكن متعايشة حواريّاً". فسّر بعد: "أمّا أبرز سلسلة لديّ، فهي 'La Plasticité des Hammams' أو (بلاستيكيّة الحمّام) الّتي تحاكي بسخريّة الأعمال الاستشراقيّة في القرن الـ XIX. وتمهّد لها عملياً لوحة 'The Turkish Bath after Ingres' أو (الحمّام التّركي بعد آنغرز)، في تأويل لمنتج جان أوغوست دومينيك آنغر الّذي لم يزر الشّرق أصلاً ليطرح أيّ تحوير". ثم حاجج: "ممارستي متنوّعة، لا تخشى التّنقل بين أسلوب وآخر." وختم: "اعتمدت في النّهاية طرق الرّسم على القماش، الطّباعة والحفر."
نلفت أنّ لجنة التّحكيم [المؤلّفة من: إيرين لوپ- خبيرة في المجال وصاحبة غالوري في العاصمة البلجيكيّة، وفيتوريو سانتارو-تشكيلي إيطالي-سويسري وهيلين بوسي، مسؤولة المعارض في المؤسسة، عبّرت عن إعجابها بخطاب علاء حول الثّقافة الشّعبية -الشرقيّة، بنظرته الثّاقبة ونبرته الفكاهيّة، واعتبرته شاباً موهوباً، ينتظره مستقبل واعد.
بالتّوازي نوّهت اللجنة نفسها بالمصوّرين الفوتوغرافيين ومتعددَيّ الوسائط، ليتيسيا الحكيم وطارق حدّاد، فمنحتهما علاوةً إقامة داخل "فيلّا أمبان" ولمدّة شهر سيخوّلهما الّتواصل مع زملاء عالميين، موضحة: "تجد تنوّعات الضّوء وتغيّراته مساحةً رحبةً في عمل هذا الثّنائي الموهوب، المفعم ببُعدٍ شعري مرهف وآخر جمالي بارز في تجهيزاتهما. تحاور إبداعاتهما الأصالة، تعكس توازن القوى وألعاب السّلطة بأسلوب عبثيّ بديع".
جائزة "الوقوع في حبّ السّينما"
وليس أخيراً، ذهبت جائزة "الوقوع في حبّ السّينما" (Cinéma Coup de Coeur) - والّتي تُمنح للسّنة الخامسة بالشّراكة مع مؤسسة "سينما لبنان" (Liban Cinéma)- إلى المخرج بشّار خطّار، عن الوثائقي "أركض للحياة" (Run for Life). بلغت قيمتها $10000 للمساهمة في توزيع الفيلم، فتواصل معه رصيف22 مهنّئاً وأرسل إلينا المانيفستو التّالي: "إنّه يروي قصّة حبّ بين 'علي' وابنته المصابة بداء الصّرع وتعاني من صعوبات في المشي. هو عدّاء معروف ويذهب ليركض في أنحاء العالم من أجل أنّ يحفزّها على المضيّ قدمّا في حياتها". وعن العقدة، حدّثنا: "لكن في 4 أغسطس/آب، يقع انفجار المرفأ وتتبدّل الأمور إلى مفارقات محزنة. يقرر الأبّ حينها مغادرة وطنه بعد توديعه بركض 450 كيلومتراً، على طريق الجبل وفي أقلّ من 6 أيّام فقط".
واستطرد: "لقد رافقته طوال عامين كي يحكي لي حكايته. وفي السياق المشهدي، تخلق صور الغرافيك للدّمار مقابل المناظر الطبيعيّة الآسرة، ازدواجيّة مجازيّة". واسترسل "هناك وجه شبه عميق بين سيرة البطل وكفاحه كيّ يتغلّب على الصّعوبات، وواقع البلد في إصراره على الوجود وعلى الرّغم من كلّ الصّعاب". كما نوّهت لجنة المتخصصين في الإخراج والإنتاج السينمائي، المكونة من كلّ من ميشال كمّون، كاثي بوغوصيان، فريديريك كورنيه وغابي شمعون، بالمخرج سليم مراد عن فيلمه "أربعة سيوف" (Four of Swords)، مما سيخوّله الإقامة في بروكسيل على غرار زملائه، للعمل على فيلمه الجديد.
نأمل أنّ تبقى جائزة مؤسسة بوغوصيان حدثاً جميلاً وإنّما ثابثاً على روزنامة "مدينة العالم".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...